الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التدريسي الجامعي ومستلزمات تجديد التعليم العالي وتجويده

تركي البيرماني

2009 / 10 / 5
التربية والتعليم والبحث العلمي


التدريسي الجامعي ومستلزمات تجديد التعليم العالي وتجويده

قبل الحديث عن مستلزمات التجديد والتجويد نجد أنفسنا إمام السؤال التالي ؛من هو التدريسي الجامعي؟
التدريسي الجامعي قائد ميداني وثروة الجامعات ومصدر عطاها الفكري والقيمي وأداتها في التثوير والتنوير والمواكبة و التجديد لإبل هو جر الأساس لوجودها علما إن وجودها على خارطة العالم يتوقف على جودة تعليمها وان هذه الجودة تعتمد على كفاءة تدريسيها في المجال الأكاديمي والمهني والقيمي خاصة إذا علمنا إن مهمة الجامعات لم تعد نقل المعرفة والبحث العلمي فحسب بل إن مهمتها الأساسية خلق العقل الناقد الذي يؤمن بالسببية(العلة والمعلول)العقل المفكر والمحلل والمبدع القادر على خلق الحراك الاجتماعي ويبدع الأدوات التي يمكن من خلالها مواجهة القوى التخلفية والظلامية ولكي يتمكن التدريسي الجامعي من الاضطلاع بهذه المهمة الصعبة والمعقدة لابد من تخليصه من كل ما يعق حرية حركته في التجديد والتجويد وفي مقدمة ذلك وعلى رأسه تجاوز الاتجاهات التخلفية والتقليدية في الفكر والممارسة سواء في فرض الإدارة لمقررات تدريسية أكل الدهر عليها وشرب أو نتيجة للثقافة التخلفية في إعداده التي لم يعد قادرا على تجاوزها والمتمثلة بإغراقه لطلبته بسيل من المعلومات الخامدة وغير المنظمة وإحاطتها بهالة من التخويف والامتحانات غير الهادفة إلا من الحفظ والتذكر اعتقادا منه إن عقول الطلبة مخازن يخزن فيها كل شيء وأي شيء ويستخرجه وقت الامتحانات ناسيا أو متناسيا إن شعار المناهج في القرن الحادي والعشرين الأقل هو الأكثر . LESS IS MORE إن وجود مثل هذه الظاهرة في الحرم الجامعي ليس مستغربا فالعديد منا اعد محاضرا وملقنا يقذف ما لديه من معلومات على سامعيه بغض النظر عن استعدادهم أو رغبتهم في سماعها .هذا الإعداد غير المواكب جعل العديد من تدريسينا ملقنا غير مفكر ومستهلكا غير منتج ومنظرا غير مطبق. ومن المؤكد إن لهذا السلوك تأثيره السيء على العملية التربوية ككل وعلى مخرجاتها واسهم في تنمية ثقافة الصمت وفي خلق الشخصية المطواعيه سريعة التصديق والوقطيعيه التي لا تمتلك القدرة على قول لا للمفسدين والفاسدين لا بل أنها لا تستطيع اتخاذ القرار المناسب وان اتخذته اتسم قرارها بالبطء وبالاختيار الخاطئ .
إن هذه الظاهرة لم تنتج من فراغ بل يمكن القول إن الحرم الجامعي تسوده بضاعة ثقافية تربوية خامدة وتقليدية يمكن إن نعزوا لها العديد من الظواهر السلبية فالمجتمع الجامعي مجتمع كلام ولفظية مفرطة تعد من أسباب ونتائج التخلف الثقافي .من الإنصاف إن لا نعزو هذا التخلف إلى التدريسي الجامعي فحسب على الرغم من انه يتحمل العبء الأكبر في ذلك باعتباره قائدا ميدانيا إلا إن للساسة خلال العقود المنصرمة ولحد ألان دورهم المتميز في دفع العمل الجامعي إلى الانزواء والتخلي عن دوره الريادي في قياده المجتمع وتطويره .التدريسي الجامعي مطالب أكثر من غيره إن يكون له موقف متميز من عملية التجديد والتجويد من خلال رفضه للظواهر المتخلفة ومن خلال تبنيه للحراك الاجتماعي الهادف إلى التجديد والتطوير ومحاربة القوى التخلفية والتكفيرية والطائفية ولكي يضطلع بهذه المهمة الصعبة والمعقدة عليه امتلاك مستلزمات التجديد والتجويد ومنها:
1- إعادة النظر بإعداد التدريسي الجامعي من خلال التأكيد على الثقافة الأكاديمية والمهنية والقيمة فهناك من يرى إن من أسباب تدني مستوى التدريسي الجامعي إن العديد من التدريسيين لم يعد إعدادا يؤهلهم للقيام بهذه المهمة على الوجه الأفضل لان المناهج المعتمدة في إعدادهم تتسم بالتقليدية وعدم المواكبة وتؤكد على المعرفة علما إن التدريس الجامعي في هذا القرن بحاجة إلى مناهج تؤكد على ما فوق META COGNITION THINKING مناهج تتسم بالدينامية و قادر على إعداد جيل يتمكن من مواجهة المعضلات وحل المشكلات التي يواجها الوطن المواطن.
2- لكي يستطيع التدريسي الجامعي الإسهام في عملية التجديد والتجويد لابد من إعادة النظر في برامج إعداده من خلال اعتماد النظرية الوظيفية(الإنمائية) في الفكر والممارسة وتمكينه من تطبيقها ميدانيا من خلال التعلم بالعمل LEARNING BY DOING وتجاوز النظرية الميتافيزيقية التي تتحدث عن شيء وتطبق نقيضه والتخلي عن أساليب التلقين المعتمدة في الإعداد والتي أسهمت في خلق أجيال من التدريسيين الملقنين والمنمطين .
3- اعتماد التربية الحوارية في الإعداد والتدريب : نتيجة للانفجار المعرفي وصيرورة الحياة والتغيرات الراديكالية في ثقافة المجتمع وحياته العملية والمهنية أصبحت معلومات وخبرات العديد من التدريسيين متخلفة وغير مواكبة إضافة لذلك فقد افرز الانفجار المعرفي سيل من المعلومات المتضاربة والمتعارضة فيها الغث والسمين والصالح والطالح والضروري والمستحب الأهم والمهم .العديد منا لا يجيد التعامل مع هذه الظاهرة المعقدة فبدلا من مواجهة ثورة المعلومات بعقل ناقد وفكر متحرر وتقنية مواكبة نجد العديد من التدريسيين من يتمسك بنظريات تقليدية متخلفة ويغرق طلبته بسيل من المعلومات الخامدة غير المنظمة ويحيطها بهالة من التخويف والتهديد والامتحانات التي تهدف إلى الحفظ والتذكر .إن تقنية التلقين المعتمدة من قبل العديد من تدريسينا تحولت إلى سلاح للوأد فهي تؤد كل عقل مبتكر وتسهم في اخصاء.عقول طلبتنا وتعمل على تنميطهم وتسهم في خلق الظاهرة القطيعية في الفكر والممارسة .
التربية الحوارية التي ندعو لها لا تقتصر على الحوار بين المدرس والطالب أو بين الطالب وزميله فحسب بل تشمل الحوار بين الإنسان والظاهرة وبين الإنسان واخية الإنسان ويؤكد العديد من التربويين على أهمية التربية الحوارية باعتبارها الأداة الأكثر فاعلية في تغيير ثقافة المجتمع وأنماط حياته وأساليب عمله ويعتقد بلو فريري Paulo Freire. إن الحوار أساس للتربية وان التدريسي الذي لا يحاور طلبته سجين تعصبه الأعمى الذي يدفعه إلى الاعتقاد بأنه العارف الوحيد ببواطن الأمور دون غيره وسيحرمه من دوره الريادي في التثوير والتجويد .
4- لكي نسهم في عملية التجديد والتجويد لابد من اعتماد معاير علمية في اختيار التدريسي الجامعي القادر على تجديد التعليم وتجويده منها إن يتسم بالمبدئية العلمية وان يؤمن إن التدريس مهنة مقدسة بمصاف العقيدة وان يمتلك المهارات الأكاديمية والمهنية والقيمية التي تمكنه من الاضطلاع بمهمته الصعبة والمعقدة والتخلي عن المفهوم السيئ ( التدريس الجامعي وظيفة لمن لا وظيفة له ). والذي اعتمد من قبل النظام المباد فعلى سبيل المثال فتح النظام المباد التدريسي الجامعي لكل من هب ودب من أزلام النظام وأبناءه ومريديه وكان التعليم الجامعي وظيفة لمن لا وظيفة له هذا الزرع الخبيث مازلنا نحصد نتائجه السيئة من التخلف الفكري والمهني والقيمي ومن المؤسف إن هذا الاتجاه مازال قائما بأساليب وطرق مختلفة .لإغراض لاتخدم تجديد التعليم الجامعي وتجويده على سبيل المثال أفواج المتقدمين للدراسات العليا مستمر دون وجود ضوابط حقيقية أكاديمية ومهنية ,ودون توفير ابسط المستلزمات الدراسية .خريجو هذه الدراسات مصدر العطاء العلمي والتقني إذا كانوا على مستوى المسؤولية وبعكسه فهم أداه للإعاقة والتخلف .
الجامعات العراقية بحاجة ماسة إلى تعليم عالي الجودة هذا النوع من التعليم يتطلب وجود تدريسيين على درجة عالية من الكفاءة الأكاديمية والمهنية والقيمية
إن رفد الجامعات بأفواج من غير المؤهلين سيؤدي إلى تغريب الجامعات ويسهم في عجزها عن القيام بدورها الريادي في بناء المجتمع وتثويره
5-تجاوز نظرية التدريسي الجيد (مطبوع و ليس مصنوع) هذا الفهم الخاطئ لدى العديد من أصحاب القرار يعد من أهم الأسباب وراء ضعف كفاءة التدريسي الجامعي وضعف مخرجاته العلمية لذلك نجد العديد من أصحاب القرار يضخون سيل من الإعداد غير المؤهلة للتدريس الجامعي علما إن عدم وجود تدريسي جامعي أفضل من وجود تدريس غير مؤهل يتولى مهمة التوجيه والتحديث .
6- تحرير التدريسي من كل ما يعيق إسهامه الفاعل في مجريات الإحداث داخل الجامعة وخارجها وفي مقدمة ذلك تحريرهم من المعلومات الخامدة والمتخلفة لان ثورة ما فوق التصنيع جعلت معلوماتنا عن التعليم وعن المعرفة والحياة والمستقبل متخلفة لهذا فالتدريس الجامعي مطالب أكثر من غيره بمواكبة مستجدات المعرفة .
7-إبعاد التدريسيين غير المواكبين ممن تجاوزتهم ثورة المعلوماتية وإيجاد مجال أخر يناسب إمكاناتهم وقدراتهم الذاتية .
من الظلم إن يبقى تعليمنا الجامعي مرهون بأيدي من ثبت إن زمن التعليم الحديث قد تجاوزهم.
8- تهيئة البنى التحتية التي يمكن من خلالها الإفادة من ثورة المعلوماتية . لأناتي بجديد حين نقول إن البنى التحتية لأغلب الجامعات غير مؤهلة للإفادة من الثورة المعلوماتية لا بل إن البعض منها غير مناسب حتى للتدريس التقليدي علما إن للبنية التحتية دور بارزا في تسهيل مهمة التدريسي أو إعاقة عمله.فهناك من يعتقد إن التقنيات الحديثة لا تغير الجامعات بل يجب إن تتغير البنية التحتية للجامعة لكي تتمكن من الإفادة من التقنية الحديثة.
9- تحسين الوضع الاقتصادي والاجتماعي للتدريسي الجامعي وحمايته من الضغوط الخارجية التي تحيط به من كل حدب وصوب من اجل جعل هذه المهنة جاذبة وقادرة على التجديد والتجويد .
10- التقليل من اكتظاظ إعداد الطلبة داخل الشعبة الواحدة التي تعد من الظواهر البغيضة التي تحد من عطاء التدريسي وتقلل من إسهامه الجاد في عملية التجديد وتدفع به إلى كره مهنته .
11-إشراك الاكاديمين والأساتذة في صنع القرار الذي يسهم في حل مشكلات المجتمع محليا وإقليميا ودوليا .
النجاح الوحيد والمتميز لبعض النخب السياسية في العراق الجديد تمكنها من تحجيم دور اساتذة الجامعات وإبعادهم عن المشاركة في صنع القرار في المقابل نجد الجامعات في الدول المتقدمة تعد من أهم المراكز الاستشارية لأصحاب القرار .
12- تشجيع التدريسي الجامعي على التأليف والترجمة وطبع نتاجاتهم على حساب الجامعة من اجل حفزهم على الإسهام في تطوير ثقافة المجتمع وبناء قيمة المهنية والثقافية .
13- إنشاء مراكز لتدريب وتطوير الكوادر التدريسية وتحديث وتطوير المراكز القائمة .
14-تحسين الظرف الفيزيقي المحيط بعملية التعليم والتعلم من خلال توافر أبنية جامعية قادرة على الإيفاء بمتطلبات التجديد والتجويد بدء من غرفة الصف وصولا إلى المختبر والمكتبة ومكاتب التدريسيين .
15- مساعدة التدريسيين على امتلاك لغة أجنبية حية إضافة إلى اللغة القومية لان العديد من تقنيات المعلومات تتطلب من التدريسي امتلاكه لغة أجنبية حية .
16-توفير مصادر المعرفة وتسهيل الحصول عليها من اجل الإسهام في تطوير البحث العلمي الذي يعد الأساس في عملية البناء والتطوير.
17- الحد من ظاهرة التجهيل المنظم. : عمل النظام المباد على تجهيل الجامعات من خلال عزلها بإرادتها أو رغم عنها مما أدى إلى التخلف الثقافي والفكري والمهني وعلى الرغم من سقوط النظام واستبشرنا خيرا وتوقعنا الكثير ولم نحصل إلا على النزر اليسير ومن الذي حصلنا عليه حرية الرأي والقدرة على التعبير عن وجهات نظرنا بصوت عال وهذا ليس بالقليل إلا إننا جوبهنا ولسوء الحظ بأذان صماء لا تسمع ما نقوله وان سمعت لا تعيره آذن صاغية هذه الظاهرة دفعت بالعديد من التدريسيين إلى التقوقع والانزواء والعودة إلى ظاهرة الصمت مرة أخرى لا ناتى بجديد حين نقول لا يمكن لأي شعب من الشعوب إن يتقدم وان يؤسس لنظام ديمقراطي مؤسساتي وان يسهم في بناء الحضارة الإنسانية إذا كان علماءه واكاديميوه مهملون لا يسمع لهم رأي.
18- حفز التدريسيين على المواكبة والاستشراف المستقبلي كل في اختصاصه واثابت المبدعين والمبتكرين والمجددين ماديا ومعنويا ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السؤال الأهم: أين هو التعليم العالي
أحمد فرماوي ( 2009 / 10 / 6 - 23:32 )
الكاتب الفاضل
أعتقد أن الكلام عن تجديد وتجويد التعليم العالي يذكرني بأحلام اليقظة؛ فأنا أعتقد أنه لا يوجد تعليم عالي في الكثير من البلدان العربية من الأساس. لذا فالسؤال الأهم الذي طرح نفسه أين هو التعليم العالي؟ وهل يمكن اعتبار المهازل التي نراها تعليماً عالياً سرقات علمية صرحية - بحوث مكررة وقديمة وغير ذات أهمية نظرية أو تطبيقية- أساتذة لا يعرفون أساسيات تخصصاتهم - طلاب يسمعون عن تخصصاتهم ولم يدرسوها - كتب جامعية بلا أي تنظيم أو محتوي علمي له قيمة -............... الخ؟

اخر الافلام

.. الوقود الأحفوري سيظل أساسياً حتى منتصف القرن


.. ملك الأردن يلتقي الرئيس ورئيسة الوزراء الإيطاليين خلال زيارة




.. أمطار غزيرة للمرة الثانية خلال أسبوعين في الإمارات


.. شاهد: هزّت صورة المدنية المثالية؟ أمطار عاتية تضرب دبي مجددا




.. معالي الشيخ خالد بن عبدالله يفتتح فندق كونراد مرفأ البحرين ا