الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الزواج المبكر بين لهفة الشباب والخوف من المستقبل

حذام يوسف طاهر

2009 / 10 / 7
المجتمع المدني


تتباين الاراء عادة وكما يحصل في أغلب المواضيع بين مؤيد ومعارض وكل له حجته وأسبابه في التأييد أوالمعارضة ، ودوما ينقسم المجتمع الى فريقين في مواجهته لأي ظاهرة إجتماعية ، وهذا تماما مايحصل عند الحديث عن موضوع الزواج المبكر ، فهناك من يرى فيه حكمة في حفظ الشباب من الخطيئة خاصة في مجتمعاتنا الشرقية ، ويرى فيه بناء عائلي اوسع ، وبالمقابل نجد من يعارضه لعدم نضج الشباب في أعمار صغيرة وعدم قدرتهم على الاستمرار في مشروع إجتماعي يلعب الأهل الدور الأكبر في تنفيذه ، وإرتأينا ان نتحاور في هذا الموضوع وفق رؤية سيداتنا وسادتنا ضمن جلسة إجتماعية طبيعية دون ان نطرح الموضوع كإعلام ، ليكون الحديث أكثر مرونة وتلقائية ، وبعد أن عرفناهم بهوياتنا وهدفنا من هذا الحوار، وبناءا على رغبة السيدات فسنسميهن بأول حرف من أسمائهن ، فكان الحديث أقرب لأن يكون جلسة سمر نهارية توزعت بين عيادات الأطباء وبعض الدوائر الحكومية ليتحدث الجميع بحرية ودون قلق ....

قرارات سريعة للزواج

أ .م : عندما تزوجت كان عمري بحدود ال(16) سنة ولم أعي وقتها ما يعنيه الزواج من مسؤولية إذ كنت سعيدة بأني أول المتزوجات من العائلة رغم اني أصغرهن سنا ، فكان ان إرتبطت بأحد شباب الجيران وبتشجيع ودفع من الأهل ، لكني منذ الشهر الاول لزواجي أحسست بخطأ قراري السريع مع أهلي حيث إني لم أنسجم معه ولامع اهله اللذين كانوا كثيري الطلبات ، وبعد سنة ونصف من المشاجرات والخلافات عدت الى اهلي ومعي ولدي بعمر السنة ، والان لاينفع ندمي ولاحيرة أهلي في إرجاع الزمن .. المشكلة هنا ان والدتي لم تتعض من الخطأ الاول بل مازالت مصرة على تزويجي من احد أقاربها رغم رفضي لذلك وتوسلي لها ان تترك القرار لي عسى ان أفلح في زواجي القادم .

الخوف من دائرة الوحدة

ذ. و : أعمل في دائرة التقاعد العامة وغالبا ما أتابع أحوال المتقاعدين من النساء وأصاب بالرعب عندما أتخيل نفسي أنني سأكون بعمر كبير ووحيدة وبصراحة انا الآن بإنتظار أي عريس يتقدم لي لاوافق عليه حتى لو لم يكن ضمن دائرة طموحاتي ، لكن على الاقل أشعر بأن هناك من يسأل عني او يهتم لشؤوني ، فقد تزوجت من ابن خالتي بعد إلحاح من قبل الوالدة ، وبأن البنت مهما وصلت من تعليم تبقى بحاجة لرجل يحميها من المجهول ويكفي انني وصلت الخامس إعدادي أذن لابد من الموافقة على أول طارق لباب الأهل وليس باب قلبي ! وهكذا تزوجت لألبّي رغبة الأهل لاأكثر ، دون إدراك لمعنى الزواج ومسؤولياته ، وبعد زواجي بسنتين ( ولأان الله لم يرزقنا بأولاد) قرر أهل زوج أن يرتبط بأمرأة اخرى ، وهنا عدت الى الأهل مطلقة كوني رفضت ان أكون زوجة ثانية ، وأصبحت مطلقة وانا بعمر ال(19) عاما والى الآن ورغم ان عمري ( 29) سنة الا ان لااحد يصدق اني مطلقة كوني لازلت جميلة واجتماعية ، ولم يؤثر هذا الموضوع على سلوكي ، وكنت قد قررت ان لاأتزوج مرة اخرى الا بعد ان أدرس الموضوع جيدا ، وبالفعل رفضت أكثر من عريس لأن غالبيتهم يتقدمون لي وهو متزوجين ولديهم اطفال وزوجاتهم في ذمتهم .. لكن بصراحة في الوقت الحاضر قررت انني قبل ان أتجاوز الثلاثين لابد من الزواج فالوحدة قاسية وغير محتملة .

تجربة واحدة لاتكفي

اما السيد غالب أسماعيل فقال : تزوجت بعمر مبكر جدا حيث كان عمري (17) عاما لكن كوني أكبر الذكور فيبدو كانت الوالدة مستعجلة على زواجي (قالها ضاحكا) ، وبالفعل تزوجت من إبنة عم الوالدة وكنت سعيدا في بداية زواجي وممتن لوالدتي على قرارها ، لكن بمرور السنين بقي لدي إحساس بحاجة لان أحب وأنحب ولم يفارقني حلم الإرتباط بفتاة انا أختارها ، وهذا الموضوع في بالي حاليا فأنا على علاقة بإمراة أحبها جدا وقد قررنا الزواج قريبا ، وربما سيكون موعد الزواج في أول ايام العيد ، وقد أخبرت الاهل وزوجتي بذلك وتحاورنا في هذا الموضوع كوني لااريد ان أفاجئهم بهذا القرار .

ام احمد : لدي خمسة بنات وولد واحد جاء بعد نذور للائمة والخمسة بنات لايوجد فرق في اعمارهن ( كبرن سوة اسم الله عليهن) ، ولوضعنا المادي المتواضع ولخوفي عليهن من الطريق ومن مفاجات القدر ، كنت اريد ان أطمان عليهن بان ازوجهن ( واخلص منهن ومن مسوؤليتهن) ، لكن لاأدري ربما القدر أراد أن يعاقبني بهن على إستعجالي في هذا القرار، فبعد زواجهن في اوقات متقاربة وفرحنا بهن وباطفالهن ، قتل زوج بنتي الكبرى أثناء المشاكل الطائفي التي حصلت في بغداد والثانية طلقت لعدم إتزان زوجها اذ كان كثير العلاقات وتزوج بالسرمن احداهن تعمل معه في الدائرة اما الثالثة فقد إكتشفنا مؤخرا ان زوجها مصاب بمرض الصرع أقعده البيت وهي لاتعمل وليس لها شهادة تعتمد عليها ، والاخرى ايضا انفصلت عن زوجها لسلاطة لسانها وعدم إحترامها لزوجها واهله فأرسلها لنا بعد ثلاثة اشهر وارسل بعدها ورقة الطلاق ، فقط الصغرى مستقرة لانها هادئة جدا وتتحمل ولاتشتكي ربما حفاظا على مشاعرنا ولاتريد ان تزيد من معاناتي ، الان اعيش في دوامة حقيقية فبناتي عدن الى بيت اهلهن وكل واحدة معها طفل او اكثر وفي الوقت الذي كنت اريد فيه الاستقرار لهن وان اعفي نفسي واخاهن من المسؤولية وكن خمسة فقط ، الان سابتلي بمسؤوليتهن مع اطفالهن ، بالاضافة الى حسرة ابني فهو الان لايفكر بالزواج مع هذه الفوضى والازدحام في البيت ولانه لايريد مشاكل اكثر مع وجود سيدة اخرى في البيت .

زواج في اطار المجاملات الاجتماعية

وفي لقاء مع الباحثة الاجتماعية مها العبودي وسؤالها عن سبب لجوء الاهل الى تزويج بناتهن في عمر مبكر قالت : الحقيقة الموضوع لايقتصرعلى زواج البنات ، بل هناك شباب اجبروا على الزواج في سن مبكرلظروف خاصة بالاهل كأن تكون بنت الاخ اليتيمة في سن مناسبة للزواج فيتم الاتفاق على تزويجها من الشاب الصغير فقط لتبقى امام اعينهم ليستروا (عليها كما يقولون) ، ، ايضا في مجتمعنا العراقي وفي اغلب المجتمعات الشرقية والمسلمة لاسيمكن لاي شاب ان يقيم علاقة مع الجنس الاخر خارج إطار مؤسسة الزواج ، عليه يلجأ الاهل الى الاسراع في عقد الزواج بسن مبكرة خوفا عليهم من الانزلاق في متاهات الحرام . وهذا الامر كان شائعا في المجتمعات الريفية ، انما الان صار الموضوع عام حتى في المدن التي يفترض ان تكون متحضرة ومتجاوزة لهذا الموضوع بحكم وعي قاطنيها باهمية التعليم .

اما المحامية اميرة عبد المهدي فتوضح : هناك الكثيرمن دعاوى التفريق التي تشهدها محاكم الاحوال الشخصية وغالبا مايكون الطرفين في سن صغيرة وتغطي ملامحهم الحيرة والقلق من موضوع التفريق الذي ربما كان المسيّر الاول له هم الاهل فهم من اختار وهم من يفرق هكذا لايكون هناك رأي ناضج للشاب او الشابة لانهم من اصلا لايدركون حجم مسؤولية الزواج ولايعون ماهم مقبلين عليه في حالة التفريق ، مايجر من اشكاليات لاتنتهي لاسيما بالنسبة للفتاة ، واو اذا سمحتي لي ان اشير الى امر مهم وهو ان الزواج المبكر هو احد الاسباب الرئيسية للطلاق لكنه ليس السبب الاول ، فهناك ظروف اخرى تدعو الى التفريق منها ارتفاع مدخولات الكثير من الرجال جعل غالبيتهم يفكرون في الزواج من امرأة اخرى ، كما ان هناك الكثير من العلاقات الزوجية التي تربطها ورقة العقد فقط ، فالانفصال حصل بين الطرفين ولاتوجد علاقة طبيعية بينهم غير ان الخوف من القيل والقال والخشية على مستقبل الاطفال هو مايبقي اخر خيط في مكانه كعلاقة زوجية .

دوردائرة العمل والضمان الاجتماعي
وفي زيارة لوزارة العمل والشؤون الاجتماعية وفتح موضوع دور دائرة الرعاية في هذا الموضوع تحدثت السيدة سناء طه وهي تعمل معلمة في معهدد العوق الفيزياوي عن إن مسؤولية الدوائر المعنية في الوزارة لاتتعدى توفير الحد الادنى من راتب الرعاية الاجتماعية ليؤمن جزء من مطاليب الحياة وليس هناك رعاية واضحة للمشاكل الاجتماعية بل مهمة دائرة الرعاية الاجتماعية تبدا بعد حدوث المشكلة لاسامح الله وهي مساعدة المطلقات والارامل بتوفير راتب ثابت لهن .
هنا لابد من الاشارة الى إن الزواج سواء كان مبكرا او متأخرا ، او في العمرالمناسب فالأهم هو أن يكون الأختيار صحيح وفي مكانه ، على أن تعطى الحرية لكلا الطرفين في إختيار شريك الحياة دون أن تدخل الأعراف والتقاليد بطريقة الإكراه او الإجبارعلى موضوع مصيري ، أيضا يفترض بأطراف الموضوع والأهل أن يحاولوا تقريب وجهات النظر وتجاوز مايمكن تجاوزه من الإشكالات لكي يسير مركب الحياة الزوجية في الخط الصحيح ، وتوعية الطرفين في الفهم الحقيقي للزواج وكيفية التعاطي مع مفرداته وتفعيل دور الباحثين الاجتماعيين في المدارس من حيث توعية الطلاب والطالبات ، وفي المحاكم من خلال التواصل مع الأزواج داخل المحكمة .. أخيرا حل المشاكل الأقتصادية ولاسيما مشكلة السكن لتكون هناك إستقلالية كاملة للزوجين وبالتالي التقليل من حدوث المشاكل مايجعل الحياة الزوجية مستقرة وهو طموحنا جميعا.












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. برنامج الأغذية العالمي يحذر من خطر حدوث مجاعة شاملة في غزة


.. احتجاجات أمام مقر إقامة نتنياهو.. وبن غفير يهرب من سخط المطا




.. عائلة فلسطينية تقطن في حمام مدرسة تؤوي النازحين


.. الفايننشال تايمز: الأمم المتحدة رفضت أي تنسيق مع إسرائيل لإج




.. رئيس مجلس النواب الأمريكي: هناك تنام لمشاعر معاداة السامية ب