الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تفكيك مقالة -إنبعاث المارد- للأستاذ طارق حجي

محمد أبو هزاع هواش

2009 / 10 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني



أنا إنسان بسيط. أحب الجمل القصيرة والكلام المختصر. متعود منذ الصغر على الخطابات الرنانة. وبالطبع أكره الإجتماعات.

قرأت بعد عناء شديد مقالة الأستاذ طارق حجي. العناء أتى من التكرار الممل لنفس الجمل والأفكار، من الأخطاء المعرفية التاريخية ومن النشرة المعتادة عن شخصه الكريم.

مقال "إنبعاث المارد" طموح جداً لأن الكاتب يحاول بشدة إقناعنا بأنه قد وصل إلى تفسير نقطة مهمة جداً تتعلق بتقدم منطقة وصعود السلفية القتالية. طموح المقال هو مقتله لأن ماأتى به الكاتب لبرهان نقطته كان أكبر من مقال وبالطبع أصغر من كتاب. هذه هي دوامة فكرية تغرق كل من يدخل إليها.

لاأعرف لماذا يكتب لنا الأستاذ الحجي عن نشاطاته بينما هو يحاول أن يقدم نظريات؟ عرفنا في مقاله السابق أنه كان في إجتماع مع أمير دولة خليجية، وفي مقالة أخرى أخبرنا بأنه مدير شركة كبيرة ويدير الملايين والآلاف من العمال. وبالطبع عندما قدم أوباما إلى القاهرة قرأنا في مقاله أنه كان قد عزم من قبل الأمريكان والحكومة المصرية. أما في هذه المقالة المعنونة "إنبعاث المارد" فالأستاذ الحجي يخبرنا بأنه من محاضرة إلى محاضرة من أكسفورد إلى القاهرة مروراً بفيينا.

لذلك السبب ضعنا ولم نعرف من أين نبدأ؟ إنها مشكلة لأن المقال بعد المقدمة المعقولة التي وعدتنا بدسم تاه وشط ونط من حقبة إلى أخرى. بالطبع رش الكلمات الإنجليزية ليس لها دلالة وفائدة تذكر سوى الفذلكة، وتكرار البعض منها يدل على أن المقال قد كتب خلال فترة طويلة وأن الكاتب قد نسي كم مرة تكررت تلك الكلمة. لو كان المقال قصيراً ومفككاً لأجزاء صغيرة مركزة، فكان يمكن عندئد للأستاذ الحجي التركيز على نقطة واحدة ما بدلاً من أن يمر بنقاط عدة متسرعاً ذاكراً لها من أجل إبهارنا بثقافته التي نعرف أنها واسعة من البداية. فلهذا فإن تصحيح ومناقشة نقاط من هذا المقال قد تمكن من تقديم صورة أفضل للمقال ككل ومشكلة بعض النقاط هنا وهناك.

قال الأستاذ الحجي أن حمدان بن قرمط قد خطف الحجر الأسود والحقيقة تقول بأن أبو طاهر الجنابي هو الذي فعل ذلك في 317 هجري/930ميلادي عندما هاجم مكة وقتل الحجاج وخرب ودمر وقال بعدها:

فلو كان هذا البيت لله ربنا لصب علينا الزيت صبا
لأننا حججنا حجة جاهلية محللة لم تبقي لاشرقاً ولاغربا
وإنا تركنا بين زمزم والصفا جنائز لاتبغي سوى ربها ربا

من القرامطة إلى الغزالي حيث قال الأستاذ الحجي أنه كان يذهل "كيف نالت كتابات الغزالي كل هذا التقدير المبالغ فيه إلى أبعد الحدود. الجواب هو واضح ولكن لأمثال الأستاذ الحجي المتعلم في النظام التعليمي المصري لن يقال له بأن سبب إنتشار كتابات الغزالي هو تبني السلطة السنية المسلمة لفكر الغزالي ومنعت، أو لم تشجع الأفكار الأخرى. الغزالي ونظام الملك والسلاجقة ومن بعدهم الأتراك هم السبب في التقدير المبالغ فيه لكتابات الغزالي. إرتباط الغزالي بمراكز القوى هو من ضمن الرضا من أفكاره.

من الغزالي نذهب إلى مفهوم الإسلام التركي/المصري الذي أتى به السيد الكاتب. يقول الأستاذ طارق حجي أن الإسلام التركي/المصري هو "الفهم المتسم بالتسامح والمرونة والقبول النسبي للأخر." هذا الكلام غير دقيق بوضوح وذلك لأننا إذا نظرنا إلى مشايخ الدولة العثمانية ونظرنا إلى فتاويها لنظرنا أن الآخر لايستحق الحياة وقد قامت الدولة العثمانية بالتطهير المذهبي. حرب الدولة العثمانية مع الدولة الصفوية والفتوى الحامدية تقول بإسلام متزمت لايقبل الآخر. فلهذا فمفهوم الإسلام المتسامح التركي يبقى من دون سند.

مثال الإسلام التركي/المصري يقودنا إلى حرب محمد علي ضد الوهابية حيث قال الأستاذ الحجي أن قرار الحرب ضد الوهابية هو "قرار ثقافي وحضاري قبل أن يكون قراراً سياسياً وعسكرياً." لاأدري كيف وصل الأستاذ الحجي إلى هذه النقطة لأن الواقع يقول غير هذا. واقع الدولة العثمانية المريضة في تلك اللحظة وقرار حربها مع الوهابيون وتدخل محمد على كان قراراً بعيد البعد عن حملة الحضارة والثقافة. ماهي الثقافة التي جلبها إبراهيم ابن محمد على إلى الجزيرة العربية وماذا ترك لهم منها بعد ذهابه لغزوة جديدة؟

لن أطيل وانتج مقالاً طويلاً لأن خير المقال ماقل ودل.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - سبقتني
عبد القادر أنيس ( 2009 / 10 / 7 - 09:58 )
أنا أيضا أعد قراءة في مقال السيد طارق حجي الطويل.
أتفق معك في بعض النقاط، خاصة في تقسيم الإسلام إلى إسلامين، والإشادة بالإسلام السني المصري التركي، وأضيف إن المؤسسات الدينية القائمة على هذا الإسلام كانت دائما بالمرصاد للمجددين (محنة علي عبد الرازق وطه حسين والسلسلة تطول).
أنا أرى أن هذا الإسلام المصري التركي إسلام خامل في مصلحة الاستبداد ولكنه ينهض يتحرك وبقوة عندما يشعر القائمون عليه بخطر بعض الأفكار التي تأتي لتشكك في مدى صحة رصيدهم التجاري مخافة سحب البساط من تحتهم.
كذلك تعتبر حملات محمد علي في الشام والجزيرة العربية توسعية على حساب الرجل المريض ليس إلا مع أن الإنجازات الحضارية الأولى والاحتكاك بالغرب كانت واعدة لو لم تتوقف.
ومع ذلك ففي مقال طارق حجي أفكار كثيرة إيجابية غفلت عنها يا سيد أبو هزاع.
تحياتي على قراءتك المثمرة


2 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 10 / 7 - 11:02 )
الاخ المحترم ابو هزاع، هذه المرة لن أختلف معك ، رغم أني دائماً أبحث في مطالعتي لما يكتب عن نقاط إتفاق . لكن هذه المرة بحثت عن نقاط إختلاف ، ولذا أعتقد أن ملاحظاتك سليمة فيما يتعلق بالأفكار المطروحة وليس في السيرة الذاتية للسيد طارق ، لانها لاتعنيني. فيما يتعلق باسباب إنتشار أفكار الغزالي ، وحجب أفكار الاخرين من معاصريه . الغزالي عملياً كان ممثلاً للسلطة المحافظة . فيما يتعلق بمحمد علي وهذا صحيح ، كان قراراً سياسياً تركياً ، كلف بتنفيذه محمد علي مقابل تحقيق نفوذ أقوى لدى الباب العالي ، وتأمين قدر أكبر من الإستقلالية عن السلطان العثماني . وهو الذي كان يدرك أن الحكم العثماني كان قد بدأ الدخول في مرحلة مرض شيخوخة الحكم . موضوع القرامطة هذا تاريخ لا يختلف حوله فهو مدون ومعروف. شكراً لك أخي أبو هزاع


3 - مستوي رائع من المعرفة ولا ادري لم لا تكتب اكثر
متابع ( 2009 / 10 / 7 - 14:04 )
لم لا تكتب اكثر فنستفيد في خضم هذا الكم الهائل من المعلومات المغلوطة
شكرا ومقال ممتاز


4 - طارق حجي والنظرة القطرية الضيقة
أحمد السيد علي ( 2009 / 10 / 7 - 14:42 )
لقد أسهب كثيرا بالتسامح المصري التركي والامتداد احيانا الشامي
وفي كل امثلته يحدثنا على مذهب ابو حنيفة النعمان، ونسى هذاالرجل أو تناسى ان كل المذاهب الاربعة نشأت في العراق ومعها المذهب الجعفري، وتحدث عن المعتزلة ولا يدري منشأها البصرة لواصل ابن عطاء تلميذ الحسن البصري، وتناسى إخوان الصفى، ونسي ايضا صدر المتألهين الشيرازي ونظريته الشهيرة نظرية النشوء والارتقاء التي حصل على شهادة الدكتورا المفكر هادي العلوي بعنوان الحركة الجوهرية عند الشيرازي. ان مشكلة كثير من المصريين النظرة القطرية الضيقة، فقط يعتقدون هناك حضارة واحدة في العالم ونسى هو ومن مثله هناك في الشرق حضارات اقدم من الفرعونية هي السومرية وهناك حضارات في وادي الرافدين اخرى هي البابلية والاشورية والاكدية وعصر التنوير العباسي المتمثل بالمأمون المعتزلي وازدهار الترجمة فيه وأخيرا رحم الله إمرء عرف قدر نفسه
تحياتي


5 - هل سيحذف تعليقي ؟
رعد الحافظ ( 2009 / 10 / 7 - 16:45 )
لا أتوقع هذهِ المرة سيحذف تعليقي , لأني متفق مع كثير مما جاء في المقال للسيد أبو هزاع (أبو كلام فاضي), ومثل باقي المعلقين .وجدتُ فيهِ معنى وفائدة خصوصاً القول بتبني السلطة المسلمة أفكار مؤيديها وطائفتها كما في حالة الغزالي
وتساؤلي مثل الآخرين , مادمتَ تستطيع الكتابة هكذا نوعية , فلماذا تنشغل بالكلام الفاضي الذي تقرأهُ للاخرين...ولا هي مشاغبة وبس
على كلٍ أنا أتفهمها إن كانت تساعد على الخروج من الملل , لكن بشرط عدم آذية الآخرين..خصوصاً إن كانوا متسامحين معك..مع تحياتي للجميع


6 - ردود
أبو هزاع ( 2009 / 10 / 7 - 17:01 )
إلى الأستاذ عبد القادر أنيس تحية وشكراً على لطفك وتشجيعك وأنا أوافقك بأن مقال الأستاذ طارق حجي مليئ بالأيجابيات ولهذا فمشكلتي كانت على طول المقال وعلى الحشو. أنا بحثت عن النقاط القيمة في مقال الأستاذ الحجي وهي موجودة بالفعل.

تحية إلى الاستاذ سيمون وشكراً على إضافاتك والقرامطة موضوع شيق جداً وأما عن محمد على فالكل يعرف أنه رسمياً كان موظفاً لدى الباب العالي.

الأخ متابع شكراً ياأخ على تشجيعك وشكراً


7 - الاسلام الشامي
رياض اسماعيل ( 2009 / 10 / 7 - 19:06 )
برأيي لا يوجد اسلام شامي واسلام صحراوي ولا اسلام معتدل واسلام متطرف
(Dose) الاسلام هو الاسلام والفرق هو في الجرعة
أي مدى تطبيق التعاليم ففي الشام حيث نجد اسلامآ منخفض التركيز شوية صلاة وشوية صيام وحجاب ملون مشدود مع نظارات شمسية على طريقة ممثلات هوليود
بينما الاسلام عالي التركيز وكمثال عليه طالبان حيث نجد حراس العقيدة يدورون في الشوارع ومعهم اسطوانة لقياس طول اللحية عند المارة ، تخيلوا هذه العبقرية في قياس درجة الايمان


8 - توارد خواطر متمدن
جهاد مدني ( 2009 / 10 / 7 - 22:56 )
السيد طارق حجي يقوم بجهد دؤب لدمج مفهوم علم الأدارة والجودة وقيمة الزمن في منظومة القيم الستاتيكية السائدة القدرية التي ترى في التخلف مفخرة وفضيلة, بهذا أراه أحد رواد التنوير العملي
السيد محمد أبو هزاع هواش أشكرك على نقدك البارع المنطقي لبعض المعلومات التي ترد في مقالات بعض السادة الكتاب لاتمت بصلة إلى صلب الموضوع سوى الدعاية والأفكار الفذة التي يطرحونها لهي أكثر إثاراً لدى القارئ من حيثياتهم الشخصية.
ما أراه آن منظومة الدين بشكلها الحالي تحتضر كما احتضر كثير منها عبر رحلة الأنسان في التاريخ, والعقل الذي أبتكرها لن يعجز في المستقبل عن تقديم مايضاهيها بسبب التطور الحتمي للأشياء
سلام


9 - أخي السيد أبو هزاع
قارئة ( 2009 / 10 / 8 - 06:07 )
ها قد بدأ الارتباط الغريزي بين الخلاف والاختلاف يتلحلح
وقد بدأنا يا أخي السيد _ متابع _ بمتابعة انطلاقة جديدة في ( رزكاريتنا ) تغنيها بآراء نحن بأمس الحاجة لها , كلامك بالمليان فشكرا لك


10 - ردود تكملة
أبو هزاع ( 2009 / 10 / 8 - 11:35 )
السيد أحمد السيد على تحية وشكراً على إضافاتك وبالطبع ياسيدي الكريم لاتلقى الكثير من الحضارات والإسهامات أية إنتباه من الكثير من الكتاب.

السيد رعد الحافظ تحية أنا لاألغي أية تعليق وأؤمن بحرية الكلمة. أما عن إنشغالي بكتابات الآخرين ومشاغبتي هنا وهناك فهذا لإثراء الحوارو التعلم من الأفكار. مشاكستي هي أسئلة تبحث عن جواب. سأحاول، كما تلاحظ، تقليل مشاكستي وكلامي الفاضي.


11 - ردود تكملة
أبو هزاع ( 2009 / 10 / 8 - 11:47 )
السيد رياض إسماعيل تحية ومثال مقياس اللحية قوي. كل إنسان حر بطول لحيته ودينه مادام أن لايتعدى على الآخرين وأن يبقى أمر دينه وأمر لحيته لنفسه. سؤالي لك ماهي الأسطوانة التي تحدثت عنها لقياس اللحية، ولماذا لم يخترع العلماء آلة لفحص مستوى الكثافة واللون حتى الآن؟

السيد جهاد مدني: الأستاذ الحجي مهم في التركيز على قوانين الإدارة التي يعرفها مع تبيين قيمة الوقت للشعوب الكسلانة. هذه هي قوة منطق الأستاذ الحجي. مقاله طويل وبحاجة لتحرير ومأخذي على الأستاذ الحجي هو التشطيط والغوص في متاهات لاتغني ولاتثمن المقال. أشكرك


12 - السيدة قارئة
أبو هزاع ( 2009 / 10 / 8 - 12:01 )
تحية وشكر ياسيدتي ومقولتك بأنه لولا الخلاف لبردت الإنسانية وإندثرت الذي قرأته لك في مكان آخر هي مثال رائع. أشكرك على مرورك

اخر الافلام

.. 180-Al-Baqarah


.. 183-Al-Baqarah




.. 184-Al-Baqarah


.. 186-Al-Baqarah




.. 190-Al-Baqarah