الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فقه الانتظار...!؟

جهاد نصره

2009 / 10 / 9
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ومثلما ينتظر أبناء الشيعة الأكارم عودة ( المهدي ) عجَّل الله عودته، فإن أبناء الموحِّدين الدروز الأفاضل ينتظرون بدورهم ( المولى ) الذي سيخرج ذات يوم راكباً على حماره من السرداب إلى البستان قبل انطلاقه إلى العالم لتحريره من الضلال لكن ـ أم علي ـ تؤكَّد على أن ذلك مستحيل قبل تشكيل الحكومة اللبنانية..!؟ إنه ليندر أن تكون هناك جماعة بشرية لا تنتظر مخلِّصاً غائباً تؤمن بعودته الحتمية ليخرجهم مما هم عليه بالرغم من توفر حفنة من المخلِّصين من غير زمرة المنتَظَرين وقد جثموا فوق صدور العباد وتعجز الشياطين عن زحزحتهم قبل أن يغيِّبهم الموت أو العقاب...؟ المهم أنه ليس في ذلك مشكلة عند الكلكاويين الذين لا ينتظرون أحداً أبدْ اللهم سوى العم ( غودو ) فليكلكل كلٌ على هواه ولينتظر كلٌ من يخشاه .. ويتمناه شو يعني يصير....!؟
وهكذا فإنه مثلاً مقابل ولي الفقيه عند الشيعة يوجد ولي الزمان عند الموحِّدين الدروز..! وليّ الزمان هذا هو صاحب زمان الكشف ـ حمزة بن علي بن أحمد ـ الذي شجَّع ( الحاكم بأمر الله = المولى ) بعد أن أطلعه على مكنون سرّه وصار مخصوصاً بعلمه على إعلان دعوة التوحيد وذلك في الرسالة التي رفعها إليه شارحاً فيها الخصال السبعة المفترض أن تؤسس للديانة الجديدة وليس للمذهب الجديد كما يظن غالبية الناس..! وأول هذه الخصال الصدق الخاص الملزم والكذب العام المباح (( وليس يلزمكم أيها الإخوان أن تصدقوا لسائر الأمة أهل الجهل والغمة والعمى والظلمة.. وليس لغيركم عليكم فرض ولا ذلك إلا لبعضكم بعض )) يعني بصريح العبارة الكذب مرخص للموحِّد فيما يتعلق بغير الموحِّدين يقول حمزة في ذلك (( وإنما رخَّصنا بذلك عند الأضداد )) وقد كان هذا الترخيص بإباحة الكذب ضرورياً تبعاً للظروف الأمنية التي تفجِّرها كل دعوة جديدة..!؟ وبالرغم من ديمومة هذا الركن العقائدي وتوارثه جيلاً بعد جيل، يبقى الكثيرون لا يتفهمون و( يندهشون ) من السهولة المفرطة التي يمارس فيها السياسيون وبعض الإعلاميين الموحِّدين الكذب بكلِّ ألوانه وصنوفه..!؟ ثم يستغربون من مقدرتهم الفائقة على المناورة واللف والدوران بشطارة والتشقلب والظهور سياسياً بعشرة وجوه في رابعة النهار ذاته أو في برنامج تلفزيوني واحد أو في مقال خرنتيتي هنا وهناك...!؟ مع العلم أن هذا الركن المعتقدي لا يقتصر على مسألة الصدق والكذب وحدها يا جماعة.؟ بل يتعدى ذلك إلى ما يقوم به المرء من غرائب الأفعال والأعمال فقد جهد ـ حمزة ـ لتبرير تخبيصات، وغرائب ( الحاكم بأمر الله ) وجاء في كتابه المعنون ( كتاب فيه حقائق ما يظهر قدام مولانا من الهزل ):
(( أما بعد معاشر الإخوان الموحِّدين أعانكم المولى على طاعته إنه وصل إليَّ من بعض الإخوان كثَّر الله عددهم رقعة يذكرون فيها ما يتكلم به المارقون من الدين ويطلقون ألسنتهم فيما يظهر لهم من أفعال مولانا الشاذة ـ جلّ ذكره ونطقه ـ والتي فيها حكمة بالغة جداً كانت أم هزلاً إن مولانا سبحانه تظاهر قبل غيبته بلباس السواد وتربية الشعر وسجن النساء وركوب الأتان إشارة إلى ما نحن فيه ))...!؟
وقد ذكر ابن خلكان المتوفي سنة / 681 / هجرية في ترجمة الحاكم (( كان جواداً بالمال سفاكاً للدماء قتل عدداً كبيراً ممن حوله وكان يخترع أحكاماً عجيبة يحمل الناس على العمل بها منها أنه أمر في العام / 395 / بقتل الكلاب ونهى عن بيع الملوخية والجرجير والسمك الذي لا قشر له وأمر بتأديب من باع شيئاً من ذلك ثم في العام / 402 / نهى عن بيع الزبيب ونهى التجار عن حمله إلى مصر ومنع بيع العنب وفي سنة / 404 / منع النساء من الخروج إلى الطرقات ومن الأساكفة من صنع الخفاف لهن وبقين على هذا الحال حتى توفي في العام / 411 /..! ثم إن الحاكم بأمر الله لبس الصوف سبع سنين وامتنع عن الاستحمام وجلس في الشمع والظلمة حتى وصل به الحال أنه أمر الناس أن يغلقوا الأسواق في النهار ويفتحوها في الليل فجعل الليل مقام النهار في جميع أحوال الناس ثم ما لبث أن أعادهم إلى ما كانوا عليه...!؟
وحال كثيرٍ من المستغربين أوالمدهوشين أو غير المصدِّقين تصرفات وأفعال الساسة الموحِّدين وبالأخص القادة السياسيين المعروفين تعود إلى جهلهم بالموروث الديني الطاغي على كل ما هو سياسي في دنيا العرب وأديانهم ومذاهبهم ويظهر هذا الطغيان بجلاء ووضوح لافت عند معظم منتسبي وقادة الأحزاب السياسية من يمينها إلى يسارها و في أوساط مختلف الأديان والمذاهب من غير استثناء بالمرة..!؟
و لا يختلف حال هؤلاء عن حال المنظِّرين من الطرازات الإسلامية الأيديولوجية المستحدثة من إصلاحية ووسطية وتجديدية وكل هذا الهراء لا يسوى قشرة بصلة واحدة فالأديان لا تتجدد ولا تنصلح وعصية على التوسيط ذلك لأن المرجع فيها كلها هو الله وحده لا غيره والله لا يجدد كلامه حسب أهواء فلان وعلتان من الناس حتى لو كان فلان وعلتان من المخابرات...!؟ هؤلاء المنظِّرين اكتشفوا فجأةً ( حزب العدالة الإسلامي التركي ) وتفرجوا عليه وهو يجترح الحلول والنجاحات في دنيا السياسة..! فصار المخرج عندهم واضح وضوح وضحة ويكمن في استنساخ أحزاب إسلامية من طيز حزب العدالة والباقي على الله ورسوله والمتعبدِّين..! صاحب حزب الكلكة يناكف كعادته هؤلاء الذين ينظِّرون من دون نظارات فتخرج تظريطاتهم بالمقلوب وهو يتعجّب من تجاهلهم حقيقة أن المنظومة العلمانية التركية التي لا يتوفر مثيلاً لها في بلدانهم هي التي وفَّرت وأتاحت مسبقاً مناخاً صالحاً للتنوير السياسي فهل كان أحداً سيرى حزب العدالة على هذا النحو والإملاء لو لم يكن هناك نظام علماني مدني ( محمي بالعسكر ومحصَّن بالدستور ) يشترط أن تتكِّيف كل الأحزاب السياسية الناشئة مع منظومته حتى تكتسب شرعية الإشهار والعمل فتستمر وتنمو وتتقدم عبر الآليات الانتخابية المعتمدة وصولاً إلى الحكم بالتوافق والانسجام المحكم مع هذه المنظومة المدنية....!؟ وقبل أن ينجح إسلاميو تركيا السياسيون في التكِّيف الملزم هذا ألم تحظر المحكمة العليا سلسلة من البروفات الحزبية الإسلامية الإخوانية كمثيلاتها العربيات سبقت وجود حزب العدالة بمنهجيته المتنورة ورؤيته السياسية الثاقبة إذن قرد القرد عشر مرات...!؟ لكن، وحياة رأس جعفر الطيار لا يرى أي كلكاوي أصيل في دنيا العرب ما يسمح بأي أمل من هذا المدخل إذ أن أحوال النخب بشكلٍ عام وجملة الظروف والمعطيات الموضوعية تشير إلى استحالة تحقق العلمانية ومنظومة الحكم المدني حتى ربع سنة ضوئية ناقصة يومين ثلاثة من غير كذب فكيف لأحد في هذا الشرق أن يبشِّر ويقشِّر ويفشِّر بانظراط أحزاب إسلامية ليبرالية عربية على الطريقة التركية كيف...!؟










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لا جواب في المنظور القريب
مصباح الحق ( 2009 / 10 / 9 - 09:59 )
أشكركم على هذه الخلطة المرجعية، وسيبقى سؤالكم بدون إجابة حتماً، وكما تفضلتم، بل وحتى لو نقصت سنة مما يعدون.


2 - البحث عن الحقيقة لمن ينشدها
فوزى الفيل ( 2009 / 10 / 9 - 11:18 )
لماذا يحاولون القفز و السطو على منجزات العلمانية الأتاتوركية المقيدة لحركة الاسلاميين فى تركيا و الضابطة لأدائهم و عملهم و أقوالهم أيضا ؟ لماذا لا يستشهدون بالتجارب التى تشبههم و تنبع من نفس مرجعياتهم و المستخدمة لنفس آلياتهم و الناشئة فى بيئات مشابهة لبيئاتهم ، مثل أفغانستان و السودان و الصومال و غزة و وادى سوات و شبيهاتها أينما حلوا و أينما حطت رحالهم ؟ إنـها الانتهازية و المراوغة و إدمان الكذب و التدليس

اخر الافلام

.. 155-Al-Baqarah


.. 156-Al-Baqarah




.. 157-Al-Baqarah


.. 158-Al-Baqarah




.. 159-Al-Baqarah