الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ألم يمل العرب الوقوف عند مرحلتى وصف المرض و تشخيصه؟

راضى وديع خليل

2009 / 10 / 10
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يواجه عالمنا العربى اليوم مأزقاً ربما لم يتعرض لمثله فى المراحل السابقه من مسيرة البشريه,فالعالم من حوله يموج بالحركه و التغير بل و الصراع المحموم,
فالمتفوق(الولايات المتحده مثالاً) يسعى جاهدا للحفاظ على مسافة السبق التى تبعده عن أقرب منافسيه(اليابـان و الاتحاد الأوربى) اللذان يحرصان كل الحرص على ألا تتسع المسافه التى تفصلهما عن المتفوق إن لم يعملا على تقليصها-رغم كونهما حلفاؤه-,و لا يقتصر صراع الصداره بين هؤلاء,بل تلهث أمم أخرى(الصين مثالا) ثم( الهند والنمور الآسيويه)خلف هؤلاء بلا هواده.

فهل يعمل العرب على أن يكون لهم مكان وسط هذا الجمع الكريم؟,أم أنهم قد استسلموا لمصيرهم البائس و عاونوا بتقاعسهم و استاتيكيتهم و نزوعهم الى الإغراق فى الغيبيات مَن لا يريد لهم الخير و العزه و القوه و النهوض؟

الواقع يشير الى أن أمما أخرى ما زالت تجاهد ليكون لها مكان تحت الشمس,و لو باتباع طرق قد لا تؤدى للنتيجه المرجوه(كوريا الشماليه و ايران مثالا),و لكن هؤلاء يتميزون عنا بالديناميكيه و الحيويه.

أما نحن العرب ,فان قادتنا المتعاقبون قد هيأوا–عن قصد أو كيد أو غفله-البيئه المناسبه لأعدائنا لأن يعبثوا ببلادنا كيف شاءت لهم أهواءهم و كيف اقتضت مصالحهم,و ذلك بالانقسام على أنفسنا والوأد المستمر لكل محاولات الوحده و التكامل بيننا,وتضييع المتاح من الفرص الجيده , و الركض خلف الحسابات الخاطئه و عشق الاستبداد و المغامرات الفاشله.

رغم تعدد أعراق و تباين ثقافات شعوبنا العربيه,إلا أن شفرة واحده قد صهرت تلك الأعراق و الثقافات فى بوتقه واحده ,هذه الشفره هى الأصوليه الإسلاميه التى إكتسى بصبغتها حتى غير المسلمين الذين احتد ت ردود أفعالهم فى مواجهة اصرار الأغلبيه الكاسحه من المسلمين على فرض السياده على المغايرين من خلال فرض موروثهم الثقافي ,مما نتج عنه إبتلاع هوياتهم و فقدانهم الكثير من الحقوق كمواطنين عرب.

أما عن قيام النخبه من المثقفين العرب بالدور المنوط بهم فى التوعيه و التنوير و اقتراح البدائل و الحلول لمشاكل المجتمع العربي,فحدث و لا حرج عن انقسامهم بين مُنَظِّر لاستبداد الحاكم جلبا للمنافع أو درءا للايذاء,و مرتمى فى أحضان تيارات الاسلام السياسى ركوباً للموجه متفانياً فى خدمة أغراضها و التدليس على العامه بالظهور فى ثوب المدافع عن الحقوق.أما المخلصون من صفوة مثقفينا فقد آثروا السلامه بإلإعتكاف و الغياب عن الساحه تفاديا من التنكيل بهم إذا أبرزوا للناس الصوره الحقيقيه للمستبد(الزعيم السياسى أو الدينى)أو قدموا الحلول و أرشدوا الشعوب لطريق الخلاص ثم النهوض.و الخلاصه المحبطه:هى أن جميع الراقصين على المسرح من المثقفين و أدعياء الثقافه لا يتجاوز حديثهم و مقالاتهم مرحلتى الوصف الملتبس و التشخيص المضلل لأمراض مجتمعاتنا العربيه,أما مرحلة وصف العلاج فلا يتطرق لها أحدهم.

كيف يتغلب أولى الألباب على مشاكلهم و يجدون لها الحلول المبتكره؟

ظهرت منذ سنوات العديد من الاصطلاحات و المفاهيم و طرق التفكير الإبداعى,سوف يقتصر عرضى اليوم على أحداها :-


العصف الذهنى:

هى استراتيجيه تضم العديد من الأساليب لتحفيز التفكير الابتكارى المفجر لطاقات العقل و الخيال الكامنه فى الانسان من خلال طرح مشكلة ما على مجموعه من الناس فى مكان يوفر لهم مناخا مريحا للأعصاب,ثم يحثهم قائدهم على إعمال عقولهم و خيالهم بحريه كامله بغية التوصل لكل حل أو علاج ممكن لتلك المشكله موضوع العصف فى غضون وقت محدد,مع التنبيه العام على المجموعه بعدم اعتراض أىِِ عضو لزميله أو سخريته منه لطرحه حلاً غريباً أو مضحكا أثناء جلسة العصف الذهنى,و ذلك حتى يتوفر للقائد أكبر كم من الحلول للمشكله يمكن له عرضه على الجهه صاحبة المصلحه,ثم يأتى دور التقييم للحلول و اختبار قابليتها للتطبيق العملى ,مع امكانية المزج بين أكثر من حل أو تطوير أمثل الحلول.

أهداف جلسات العصف الذهنى:
(1) حل المشكلات بطرق غير تقليديه, بل إبداعيه .
(2) خلق المشكلات أو الأزمات للخصم .
(3) التوصل لمشاريع و خطط جديده,أو إيجاد مشكلات جديده للخصم .
(4) تحفيز وتدريب تفكير وإبداع المتدربين و المشاركين فى الجلسات.

مراحل عملية العصف الذهنى:
1 ـ مرحلة صياغة المشكلة :يقوم القائد لجلسات العصف الذهني بطرح المشكلة على أفراد المجموعه المشاركه وشرح أبعادها وطرح بعض الحقائق حولها بغرض تقديمها للمشاركين.
2 ـ مرحلة بلورة المشكلة :يقوم القائد بتحديد دقيق للمشكلة وذلك بإعادة صياغتها من خلال مجموعة تساؤلات مثل:ما هي الآثار المترتبة على الكرة الأرضية إذا استمر التلوث بهذا المعدل؟أو,: كيف يمكن البحث عن بدائل جديدة لمصادر طاقة غير ملوثة؟ فإعادة الصياغة قد تقدم مؤشرات للحل.
3 ـ العصف الذهني لواحدة أو أكثر من عبارات المشكلة التي تمت بلورتها :تعتبر هذه الخطوة مهمة لجلسة العصف الذهني حيث يتم من خلالها إثارة فيض حر من الأفكار، وتتم هذه الخطوة مع مراعاة الجوانب التالية :
أ – عقد جلسة تنشيطية للمتابعه و تأكيد و تعميق الأفكار والاستنتاج منها أو تطويرها.
ب – عرض لمبادئ العصف الذهني(تجنب النقد-حرية التفكير-عنصر الكم-تعميق الفكر)
ج – استقبال الأفكار المطروحة حتى لو كانت شاذه .
د – تدوين جميع الأفكار وعرضها ( الحلول المقترحة للمشكلة ) .
هـ – قد يحدث أن يشعر بعض المشاركين بالإحباط أو الملل، ويجب التغلب على ذلك .
4 ـ تقويم الأفكار التي تم التوصل إليها :تتصف جلسات العصف الذهني بأنها تؤدي إلى توليد عدد كبير من الأفكار المطروحة حول مشكلة ما،ومن هنا تظهر أهمية تقويم هذه الأفكار لانتقاء القليل منها لوضعه موضع التنفيذ.

أعتقد جازما أن شيوع استراتيجية العصف الذهنى فى وطننا العربى و الأخذ بأسـاليبها المختلفه و المتنوعه و التى بدأها الأمريكيون بالتوصل الى 30 أسلوب,ثم طورها اليابانيون فوصلوا بها الى مئة أسلوب بما فيها الأساليب الأمريكيه,و تعميمها فى جامعاتنا و مدارسنا و مصانعنا و شركاتنا و كافة أنشطتنا التعليميه و الاقتصاديه,و عدم قصرها على أجهزة المخابرات أو حصرها فى نطاق شريحه اجتماعيه محدوده سوف يحقق طفره فترتقى أنماط تفكيرنا و ننجح فى التغلب على مشاكلنا السياسيه و الاقتصاديه ..و غيرها بما سوف يسهم فى المدى المنظور فى تخطى الأمه العربيه لأزمتها التاريخيه الراهنه و تطلعها الى اللحاق بمن سبقها من الأمم فى ركب التقدم التقنى و النماء الاقتصادى ,و ذلك اذا خلصت النوايا و صدقت العزائم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - المرجعيات مختلفة
فوزى الفيل ( 2009 / 10 / 10 - 22:25 )
الأمريكيون و الأوروبيون و اليابانيون و غيرهم يعصفون أذهانهم و يبحثون عن حلول للمشاكل و يحاولون تفادى الأزمات المحتملة - بقدر الإمكان و فى حدود الطاقة - لأنهم أناس موضوعيون يدركون بأن هناك مشاكل تواجههم و أزمات محتملة قد تداهمهم .... أما بنو يعرب فلا حاجة لهم بالعمل و التفكير و التدبر فى شؤون الدنيا ، فيكفيهم فخرا إعتقادهم أنهم خير أمة أخرجت للناس ، أمة تعيش عالة على منجزات البشرية و لاتكف عن كيل السباب لأولياء نعمتها من الكفار و المشركين و أبناء القردة و الخنازير ، أمة لا تهمها الحياة الدنيا و تنتظر الموت بفروغ صبر ليتسلم كل منهم مفاتيح قصره الذى تجرى تحته الأنهار و تعج غرفه و قاعاته بالحوريات اللاتى كلما افتض إحداهن عادت لها بكارتها


2 - مقالات رائعة
منتظر ( 2009 / 10 / 11 - 07:27 )
أتابعك بشغف ، ليتك ترصع مقالاتك بالمراجع الهامة حتى يمكننا الرجوع إليها
شكرا جزيلا ولك وافر الاحترام


3 - المدارس بالسعوديه
زيــاد كســاب ( 2009 / 10 / 11 - 08:52 )
علمت أن بعض مدارس بالمملكه السعوديه قد اعتمدت هذه الأساليب
كطريقه لتعليم تلاميذها فى الفصول الدراسيه فى مرحلة التعليم الأساسى كبديل لطريقة التلقين و الحفظ.أرأيتم كيف يعتنون بأبناء بلدهم فيعلمونهم بالطرق المستحدثه بينما يصدرون لنا الوهّابيه فى
مصر و بعض البلاد العربيه الأخرى؟؟؟؟


4 - ماهو عندنا فيروس اسمه الخلافة
sara ( 2009 / 10 / 11 - 13:55 )
هذا هو الحل الي مش مخلي حده يشغل مخه


5 - ردود على الأساتذه القراء
راضى وديع خليل ( 2009 / 10 / 11 - 17:21 )
للأستاذه -ساره-و الأستاذ-فوزى الفيل-و الأستاذ-زياد كساب- أقول
أن من يحلمون بعودة دولة الخلافه فى القرن الواحد و العشرين هم قوم واهمون لا يخدعون الا أنفسهم.ألا يعلمون بأن مرجعيتهم هذه هى السبب المباشر لتخلفهم و تبوؤهم مقعدهم الحالى فى ذيل قائمة الدول المتقدمه والساعيه للتقدم؟فالمؤخرة هى المكان اللائق و المناسب لهؤلاء,عقارب الساعه لا تعود للوراء كما يأملون هم
و أمثالهم من ذوى العقول المتحجره.أعد الأستاذ منتظر بأن أشير فى المقالات القادمه الى المراجع التى استخرجت منها المصطلحات
التى أوردها فى كتاباتى.أما الأستاذ حمورابى,فأشكر مروره.زملائى
الأفاضل أرسل لكم أطيب تحياتى, و أصدق أمنياتى بدوام التواصل

اخر الافلام

.. أفكار محمد باقر الصدر وعلاقته بحركات الإسلام السياسي السني


.. مشروع علم وتاريخ الحضارات للدكتور خزعل الماجدي : حوار معه كم




.. مبارك شعبى مصر.. بطريرك الأقباط الكاثوليك يترأس قداس عيد دخو


.. 70-Ali-Imran




.. 71-Ali-Imran