الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تعلمنا الصبر والحلم فى شهر رمضان؟

أحمد سوكارنو عبد الحافظ

2009 / 10 / 14
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


الصيام من فرائض وأركان الإسلام والحكمة من الصيام هى دعم قدرة الإنسان على التحكم فى الغرائز والسيطرة على الأعصاب وتعويد النفس على الصبر. ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: "الصوم نصف الصبر, والصبر نصف الإيمان" (رواه ابن ماجة) ومن الملاحظ أن القنوات التلفزيونية "الأرضية والفضائية" تحتفل بشهر الصوم من خلال تقديم جرعات متنوعة من المسلسلات والبرامج الترفيهية والدينية. ومن الواضح أن هذه البرامج التلفزيونية لا تهدف إلى تحقيق أهداف الصوم بل تسعى لتسلية المواطنين ومن هذا المنطلق فإن المواطنين ربما لا يأخذون هذه البرامج مأخذ الجد. لا شك أن هذا يفسر لماذا لم تفلح هذه البرامج التى تنهمر علينا من كل حدب وصوب فى الحد من الجرائم والسلوكيات السلبية التى تتجلى فى نهار رمضان ولم تجد نفعا مواعظ الدعاة من أمثال الشيخ خالد الجندى ومعتز مسعود وعمرو خالد وغيرهم. ونستطيع أن نقول أيضا إن البرامج الترفيهية تكشف النقاب عن عدم قدرتنا على ضبط النفس إذا ما تعرضنا لمواقف استفزازية تتطلب ضبط النفس والتحكم فى الأعصاب ومن ثم تكشف العوار الشديد فى شخصيتنا.

من الواضح أن بعض البرامج الترفيهية تتفوق على البرامج الدينية فى فضح السلوكيات السلبية التى تطفو على السطح كلما توافرت الظروف المناسبة. صحيح أن هذه البرامج تقدم فى شكل كوميدى لكنها توضح عدم قدرة الإنسان المصرى على الصمود والصبر أمام الاستفزاز. ومن البرامج الرمضانية التى تابعها المواطنون برنامج "حيلهم بينهم كمان وكمان" الذى قدمته المذيعة اللامعة هبة مندور على قناة الحياة. وفكرة البرنامج تقوم على استضافة فنان أو فنانة مشهور مع مشاركة شخصية غير معروفة "شاب أو فتاة" تتولى استفزاز الضيف أو الضيفة من خلال إطلاق بعض العبارات التى تقلل من شأن الأعمال الفتية للضيف أو تنم عن عدم الاعتراف بنجومية الفنان أو الفنانة أو من خلال المقاطعة المستمرة والنداء على أحد العاملين بالأستوديو أو وصم الحوار "بالبلدى". لقد شاهدنا الفنان سعيد صالح يفقد أعصابه ويرفض الاستفزاز مقررا ترك موقع التصوير. كما شاهدنا فنانات يبلغن أقصى درجات الغضب. فقد تابعنا الفنانة فيفى عبده وهى تكاد تفتك بالفتاة التى استفزتها والفنانة شيرين التى لم تحتمل المضايقة والاستفزاز حيث ألقت الحذاء على الفتاة. أما الفنانة مها احمد فقد عبرت عن غضبها من خلال سكب الماء فوق رأس الفتاة ثم قامت بطرحها أرضا واستعدت لتوسعها ضربا. لعل المشاهد قد لاحظ أن الفنان الوحيد الذى تحمل الاستفزاز هو سمير غانم الذى حول الاستفزاز إلى موقف كوميدى جعل من الشاب أضحوكة أمام الجماهير.

لقد انتقلت ثورة الغضب وانفلات الأعصاب من البرامج الترفيهية إلى شوارع المحروسة فى نهار رمضان. ومن اللافت للنظر أن المرء يفقد أعصابه لأتفه الأسباب وتزداد الأمور سوءا فى الأيام الأخيرة من رمضان. لعل ما حدث نهارا جهارا فى العشرة الأواخر من رمضان فى عدة مواقع يقدم لنا دليلا واضحا على صحة ما طرحناه حيث قتلت سيدة طليقها أمام والده فى موقف سيارات إمبابة، وقتل عامل طالبا فى الشرقية بسبب أسبقية الحصول على الخبز. أما الحادث الذى راح ضحيته توفيق عبد الرحمن وكيل وزارة الإعلام السابق فهو بالفعل لا يمكن تخيله. الغريب أن الحادث الأخير وقع فى نهار رمضان فى شارع يكتظ بالمارة هو شارع احمد عرابى بالمهندسين حيث اصطدمت سيارة ميكروباص بسيارة ملاكى كان يستقلها وكيل الوزارة البالغ من العمر سبعين ربيعا والذى وقف أمام السيارة المعتدية بهدف منع السائق من الهروب. الجدير بالذكر أن الرجل كان موقنا أننا نعيش فى دولة قوانين وأنه سيحصل على حقه من خلال الإجراءات القانونية. لقد ظن الرجل أن وقوفه أمام السيارة سيعرقل تحركها ولم يكن يخطر بباله أن صاحب السيارة الميكروباص الذى لا يكترث بأرواح البشر سيحرض السائق على القتل قائلا: "بقولك دوسه." ما حدث هو أن السائق لم يكذب خبرا ليتحرك بسيارته محطما عظام الرجل الذى وافته المنية على الفور تحت عجلات الميكروباص.

ما يثير الدهشة هو أن الجرائم والسلوكيات السلبية تزداد وتتصاعد وتيرتها فى شهر رمضان. لعلنا فى حاجة إلى محاكاة الغرب فى توفير عيادات تساهم فى تعريف المواطنين بالإجراءات المتبعة للتعامل مع المواقف الاستفزازية وبطرق احتواء ثورات الغضب.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائقة تفقد السيطرة على شاحنة وتتدلى من جسر بعد اصطدام سيارة


.. خطة إسرائيل بشأن -ممر نتساريم- تكشف عن مشروع لإعادة تشكيل غز




.. واشنطن: بدء تسليم المساعدات الإنسانية انطلاقاً من الرصيف الب


.. مراسل الجزيرة: استشهاد فلسطينيين اثنين بقصف إسرائيلي استهدف




.. وسائل إعلام إسرائيلية تناقش إرهاق وإجهاد الجنود وعودة حماس إ