الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


استقراء في القضية الكردية 6 / التطرف في المشروع الكردي

حسن الناصر

2009 / 10 / 15
القضية الكردية



ان أي رأي او نهج سياسي يأخذ مداه في التضاعف والتضخم حينما يجد له استعداد قيَّمي في التلقي والتفاعل من قبل طائفة او شريحة او فئة بشرية وهذا ما نشاهده بشكل جلي في المشروع الكردي اذ نجحت سياسة التثقيف المستمر في ترسيخ فكرة الظلامة التاريخية لحقوق الكرد وانتجت فيما انتجت بعد ذلك طروحات لتكريد الجغراقية والتاريخ والشخصيات ليصل الامر بجعل النبي محمد ونبوخذ نصر ومحمد عبدة وعباس العقاد ومحمود المليجي ينحدرون من اصول كردية .
ان قيادات الكرد الحالية في الاقليم جادة بأحداث طلاق بائن بينونة كبرى مع أي مشروع وطني لقيام الامة العراقية او شعب وادي الرافدين (ميزوبوتوميا) خلال تبني خطط ومدارات تلف الكرد وتبعدهم عن محيطهم المناطقي والديني ويبدو هذا التوجه واضحاً في الخطوة التي اتخذها الكرد في تغيير احرف اللغة الكردية من العربية الى اللاتينية مقتفين اثر مصطفى كمال اتاتورك في هذا المنوال حينما استبدل الاحرف العربية التي كانت مستخدمة في كتابة وقراءة اللغة التركية الى الاحرف اللاتينية بالرغم من ان اللغة الكردية ذات الاحرف العربية قد استخدمت في تدوين الادب والتاريخ والفكر والثقافة الكردية في كل من ايران والعراق وسوريا وبالرغم ايضاً من تطابق اغلب الاصوات في اللغة الكردية مع الحرف العربي وكذلك يتفرد الحرف العربي بدلالة لبعض الاصوات المتداولة في اللغة الكردية ولا توجد لها حروف لاتينية تماثلها أمثال حرف (ق , ح ,خ , ع , غ ) يضاف اليها الجيم المعجمة والياء المخففة التي تستخدم في اللغة العربية ايضاً لكن بلهجات اخرى غير لهجة قريش المتداولة وهذان الصوتان لا توجد حروف لاتينية تدل عليهما رغم وجودهما كصوت فيها .
ورغم ان اللغة العربية هي لغة القرآن والدين الاسلامي الذي هو دين غالبية الشعب الكردي الا ان التطرف القومي يطغى على أي شعور آخر حتى نجد بان موجة الوجودية والالحاد باتت واضحة العيان لدى القوميين الكرد وخاصة جيل الشبيبة الذي ترعرع على بغض كل ما يمت للعربية بصلة لتجرى بعد ذلك موجة استبيان وبحث عن الكلمات العربية المتجذرة في اللغة الكردية ومن ثم تكريدها .
ان مفهوم تقرير المصير لأي شعب هو معتبر وله تقدير وتبجيل لكل دعاة الحرية لكن شريطة عدم الانحدار الى مستنقع الضغينة وشحن النفوس بالأحن تجاه شعوب اخرى تشترك بالتاريخ والجغرافية كون المحصلة النهائية استعداء مستمر يقوض الاستقرار ويشل التقدم والازدهار لعموم المنطقة اذا ما كتب لهذا الشعب اعلان دولة مستقلة . كما ان الزمن قد برهن لنا على ان الكثير من الاحلام والرؤى التي دافع ونافح عنها اولوا الرأي والمفكرين انتجت وهماً لم يصمد امام حقائق الحياة وصخب المصالح .
اعتقد بان الكرد الآن اكثر بعداً عن باقي سكان العراق مقارنة بالحقبة الملكية رغم ان عامل الزمن كثيرا ما ينتج التحاماً شعبياً اكبر واصلب بين القوميات والاثنيات التي تشترك في وطن واحد الا اننا امام حالة شاذة والموقف الكردي قد يكون ابرز سماتها ترسخ فكرة الانفصال وحلم كردستان الكبرى لدى الفرد الكردي منذ بواكير الطفولة نتيجة الشحن القومي المستمر لدعاة الكرداتية حيث ينهل منهم احلاماً تمتزج مع حليب رضاعته .
ان اهم اسباب نجاح المشروع التكريدي للشوفينيين الكرد ونبوغه الملفت في العراق بالذات هو تقلب النظام السياسي في بغداد العاصمة منذ ثورة تموز عام 1958 وحتى هذه الساعة حيث ساهمت الوفود المتكررة والمرسلة من بغداد للتفاوض مع قادة التمرد الكردي عند نجاح أي انقلاب عسكري في استلام السلطة الى اعطاء شرعية لهذه القيادة متمثلة بالملا مصطفى البارزاني مما ساعد الاخير من فرض هيمنته ونفوذه على الكثير من العشائر الكردية التي كانت تكن له العداء وتعارض مشروعه في تقويض الوحدة الوطنية وخير دليل على ذلك ان الفترة التي اعقبت هروب البارزاني الى الاتحاد السوفيتي منذ عام 1947 وحتى عام 1959 شهدت استقراراً كبيراً في محافظات العراق الشمالية وانخرط الكثير من العراقيين الكرد في السلك الحكومي وفي مؤسسات الجيش والشرطة وكان للبعض منهم دور ملموس في القرار السياسي قد يكون اشد وضوحاً واكثر بريقاً من وجود العرب الشيعة كون الكرد وبسبب مذهبهم السني كانوا مفضلين في الادارة الحكومية الملكية التي ورثت اعراف الدولة العثمانية لذا نجد في تلك الحقبة اقطاب سلطوية كردية فاعلة في الشأن السياسي العراقي لعل ابرزهم سعيد قزاز وزير الداخلية واحمد بابان اخر رئيس وزراء في العهد الملكي وبكر صدقي صاحب اول انقلاب عسكري في العراق .
ان قوادم الايام حبلى بالانعطافات السياسية الخطيرة تحركها ارادة القادة الكرد الذين يستقلون باقليمهم ويشاطرون اهل العراق عراقهم بخيراته وقراراته واداراته فلهم مغنمه ولأهله من باقي الاطياف مغرمه وخطاهم حثيثة في تحقيق حلمهم الاسطوري في قيام دولة كردستان حتى ولو ثكلت الامهات وتيتمت الصبيان فطموح البارزانيين جامح لاتقوضه الا ارادات دولية كبرى وهم بدورهم يتناغمون مع هذه الارادات متحينين الفرصة للانقضاض ونهش جسد العراق العليل الذي سيكون اول الوليمة في دول الجوار.



[email protected]













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل الاسقلال حرام علينا؟
رمزى ميركانى ( 2009 / 10 / 16 - 10:30 )
يا سيدى العزيز لماذا كلما تكلمنا عن الاستقلال يكون اناس امثالكم يقومون الدنيا و لاتقعدونها بدون اى وجه حق هل الاسقلال حلال لكم و حرام عليناونحن شعب قديم و نتكون من 40مليون نسمة واكثر وان كثير من بلدان العربية لايتعدون مليون نسمة ارجو ان تكونو منصفين و لاتبحثون دائما عن السلبيات و تدورون على اثارة المشاكل لآننا شعب امثالكم ولنا حق العيش بالحرية والاستقلال كباقى شعوب العالم وشكرا

اخر الافلام

.. اعتقال 300 شخص في جامعة كولومبيا الأمريكية من المؤيدين للفلس


.. ماذا أضافت زيارة بلينكن السابعة لإسرائيل لصفقة التبادل وملف




.. لحظة اعتقال الشرطة أحد طلاب جامعة ييل الأمريكية المتضامنين م


.. اشتباكات واعتداءات واعتقالات.. ليلة صعبة في اعتصام جامعة كال




.. تقرير: شبكات إجرامية تجبر -معتقلين- على الاحتيال عبر الإنترن