الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ديالكتيك العقل في البناء المعرفي

حسين عجمية

2009 / 10 / 16
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


المعرفة طريقة البحث العقلي تغذي الوعي القابل للتجريد كنظام معرفي ضمن وجود فلسفي وعلمي غايته ترتيب وتنظيم المعارف التاريخية، وإضافة معارف جديدة إلى المخزون الفكري الإنساني، وترتبط بالتداعي العقلي، بطرح أسئلة تهم الوعي ضمن متغيرات البيئة والسلوك، والعقل هو الناظم الكلي لهذه المعرفة وإدراجها في توجُّهاته نحو الارتقاء والارتفاع مع الوجود والمعارف الإنسانية بطريقة التعاطي العقلي.
فالعقل ينظم الوعي ضمن بنية تركيبية قابلة للانفتاح تحدد المواقف الظاهرة والظروف الطارئة في نظام العالم المتغير، فالإنسان ليس كينونة ضئيلة في كون شاسع فهو يمتلك الميول والمعرفة الخاصة بوجوده بالذات ، ويعمل على تنسيقها وإظهار مجالاتها الإبداعية وحفظها في بناء معرفته التاريخية ، فالإنسان وجود قابل للتوسع العقلي مهما تراكم الوعي في نظام بنائه الداخلي ونراه دائماً يبحث عن الجديد في حياته الفكرية والمادية مهما بلغت درجة التعقيد في نظام الحياة الإنسانية.
فالبنية الأساسية للعقل البشري وطريقة ارتباط مكوناته مع العالم الخارجي تعطيه الدافع اللازم لإدراك وفهم واكتشاف حقائق ونظريات بالغة التعقيد، والذكاء الإنساني يحاول دائماً الانفكاك من ارتباطه بالقيود المعرفية ويجنح نحو الحرية الإبداعية في العقل والفعل من خلال الاستخدام الأمثل للغة وجميع الوسائل القادرة لتأمين الظروف الأساسية للإبداع في جميع المجالات والنشاطات الإنسانية المرتبطة بنظام الحياة على الأرض. فالدماغ البشري يرتبط بحدود الوجود في نظام أرضي يحدد خصائصه البنيوية وطاقاته بما يتوافق مع طبيعة هذا النظام غير أن ارتباطه بالعقل الكوني يفتح أمامه الوعي للتوسع في نظام الوجود. غير أن الطاقات الجسدية المرتبطة بهذا الكائن تعمل ضمن ظروف الأرض الطبيعية وقوانينها في بناء الأجسام، والعقل المرتبط بالزمن والمادة لم يصل إلى درجة امتلاك تصورات واضحة عن مخلوقات موجودة لا يمكن رؤيتها والتعرف عليها فهو غير قادر على تأسيس واقع خلقي غير مرتبط بطبيعته الإدراكية وهذا ما يؤكد بأن الإنسان ما زال محدود في نظام التخيل لأن الكثير من القيود المعرفية وغير المعرفية المرتبطة بنظام الحياة على الأرض تؤثر في حجب العقل عن نظام المعرفة الإبداعية ، وهناك الكثير من التخيلات تظل مكبوتة في نظام العقل لأنها تخالف التوجهات الإنسانية والطبيعة المعرفية للبشر، وغالباً ما تغيب وتنطوي مظاهر الإبداع العقلي قبل توفر الإمكانية القابلة لظهورها ، وهذا ما يحد من التغيرات الجارية في نظام المعارف بما يجعلها تعاني من البطء في التغيرات الفكرية في نظام الحياة الإنسانية.
فالتكوين البنيوي للعقل يرتبط بالمجالات الواسعة لعملية المعرفة بما يتلاءم مع طاقاته في نظام تواجده، ويتحقق الوجود التوسعي بتزايد النسبة المضافة من الحصيلة المعرفية وتزايد الاكتشافات والاختراعات العلمية وغيرها من مجالات أخرى تهم توجهات العقل الإنساني للحصول على نظام معرفي متطور ، يؤمن البداية الإنسانية للانتقال نحو عالم عقلي يرسم الأبعاد الأساسية لعالم يسوده التفاهم والوفاق بعيداً عن النزاع والمواجهة بكافة أشالها.
فالخصائص العقلية مغايرة في طبيعتها عن الخصائص الجسدية لأن الطاقات الجسدية محدودة في عالم الواقع ، فالإنسان يمتلك ميزات تسمح له بالسباحة والقفز والرقص وغيرها من الأعمال التي تتطلب لياقة بدنية معينة غير أن الجسد الإنساني لا يمتلك مقدرة على الطيران فبنيته غير مخصصة للقيام بهذا العمل، أما العقل هو نوع من بنية غير متخصصة يمكنا التجول في الخيال أبعد من الوجود المرتبط بالجسد فالعقل يمكنه وصف حركة مدينة وهو في أعلى الجبال فهو يرتبط بإمكانات إدراكية وقوة بصيرة وحدس واستنباء واستقراء قادرة على اختراق الحواجز ومعرفة الطبيعة المغايرة لحاجات الجسد بالذات.
فالعقل يرتفع في نظام بنيته المعرفية لما هو ضروري ومهم للوجود البشري. إنه يكشف الأبعاد القابلة للمشاركة في نظام الوجود العقلي ويعمل على تأسيس معرفة مرتبطة بهذا الوجود تؤمن التعايش مع عقل إنساني واحد يكون ممثلاً وناظماً لكافة الأبعاد العقلية عند البشر.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال