الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عرض (ألف مبروك): العرس.. من طقس للفرح إلى حالة أسر

مايا جاموس

2009 / 10 / 18
الادب والفن


يتعامل عرض (ألف مبروك) مع طقوس الزواج، وبشكل أدق مع البنية المؤسسية الاجتماعية وما تنتجه من آليات تقبُّل وفهم لفكرة الزواج بين الذكر والأنثى.
ينقسم العرض إلى مجموعة مشاهد، بين الجماعية والثنائيات (ذكور، إناث، ذكر وأنثى)، والإفرادية، لكن يغلب عليه أداء الثنائيات، وكأن العرض يقوم بتلقين العروس والعريس حول ماهية مؤسسة الزواج وحول القيد الذي سيتشكل على الذكر والأنثى ويحوّل الأمر إلى حالة من الاختناق للطرفين.
وتسيطر حالة الحزن على جميع تلك المشاهد، كما تتحول زينة العرس إلى وسائل للقيد والكبت والضغط. ويستحضر العرض تقاليد مثل ضيافة الحلويات ورش الرز وإشعال البخور، لكنها جميعها تأتي بصورة مأسوية بعيدة عما هو مفترض من فرح العرس.
وترافق العرض موسيقا تمزج بشكل رشيق وجميل بين الموسيقا الإسلامية و الموسيقا الكنسية، إلى جانب إيقاعات من ثقافات مختلفة، لكن تحتفظ بروح الدبكة بصورة جنائزية أحياناً. كما يمزج العرض بين الرقصات والحركات التي تحيل إلى ثقافات مختلفة. وهذا المزج في الموسيقا والرقصات يُسقط رؤيةَ العرض على مجتمعات وحضارات، ويعمم صورة تلك الطقوس على ثقافات متعددة، ولعل هذا ينسجم مع فكرة التعاون في إنتاج وتقديم العرض بين السوري والألماني والفرنسي.
ودون أن يخوض العرض في دلالات مباشرة حول تلك الطقوس وعلاقتها بالدين وبالمؤسسة الدينية بشكل محدد، فإنه يعتمد على مخزون المتلقي تجاه أفكار الأنوثة والذكورة والجسد وموقف الأديان منها وقدسية طقوس الزواج ونمطيتها.
واللافت أن المشاهد لا يستطيع مشاهدة العرض كاملاً بسبب الفصل بين المتفرجين ذكوراً وإناثاً، مع مشاهد تتوزع على القسمين، وهذا جزء من السينوغرافيا التي تستثمر الجمهور بشكل درامي لافت للنظر، كما تستثمر القلعة بشكل حيوي يدفع إلى استحضار تاريخ طويل وحضارات عدة، مع حضور دلالة سجن القلعة بشكل خاص.
يبرز في العرض مشهدان، المشهد الذي يحصر الجمهور في خيمة تشبه قفصاً ذا قضبان، ويجعل منه مجتمعاً فضولياً يراقب العريس والعروس وتحضيرات العرس، وعذاباتها خارج القفص وكأنه بذلك يدين المجتمع، ثم يُبادل العرض في الأدوار ليجعل العروس والعروسة (الذكر والأنثى) داخل ذلك القفص يعيشان طقس الزواج وصراعاته وتدخلات الأطراف الأخرى، ليقف الجمهور- المجتمع خارج القفص ويراقب الزوجين أيضاً بفضول وانتهاك من خلال ستائر شفافة تضفي بإضاءتها الحمراء حضور الجسد، وينتهي المشهد بتشكيلات متعددة تستثمر أشرطة العرس البيضاء بطريقة هندسية تجعل منها قيوداً خانقة للذكر والأنثى سواء سواء.
والمشهد الآخر هو الذي ينتهي به العرض ويتمحور حول دبكة العرس، إذ يُحصَر الجمهور بين أشرطة العرس المربوطة بين المؤدين الذين يلتفون على شكل حلقة حول الجمهور ويرقصون بتسارع تدريجي، وبأداء جنائزي بارد وبرشاقة لافتة، والجمهور محبوس بالداخل، وينتهي المشهد والعرض عندما يخلع الممثلون القيود ويتركونها على الأرض ويغادرون القاعة وتُفتح الأبواب نحو الخارج، موجهاً لنا جميعاً رسالة حول الزواج بمفهومه التقليدي.
يقحِم العرضُ الجمهورَ ويشركه في الأداء حين يقوم بتبديل الأمكنة بينه وبين الممثلين، وحين تتغير أماكن المشاهد، فيضطر الجمهور إلى اللحاق بها، وكأنه يقول للمتفرجين أنتم معنيون بهذه الطقوس وجزء منها.
هذا العرض المسرحي الحركي الذي يعتمد أساساً على الرقص الحديث وأنواع أخرى من الرقص الشرقي كالدبكة، يفترض لغةَ الجسد وسيلةً لإيصال الدراما. وهو فن صعب نسبياً يتفاوت فهمه، أو بالأدق تتفاوت قراءته وتلقيه من قبل الجمهور. لكنه في هذا العرض يركز على الفكرة الأساسية ويصنع أجواءه وتشكيلاته مستوحاة منها. ويبقى العنصر الأهم في التلقي هو جمالية الأداء والتشكيلات رغم تفاوتها، كذلك الاستمتاع بجمال بل بسحر السينوغرافيا وعناصرها المتكاملة في هذا العرض من ممثلين وجمهور وموسيقا ومكان (القلعة) وأشرطة العرس-القيود، وطغيان فكرة الأسر والمتاهات.
سينوغرافيا باربو بيجان، سيناريو رضوان طالب، أداء رازميك غابرييليان، فرانسوا باير، فيحاء أبو حامد، نورا مراد، تصميم حركي نورا مراد، تأليف وتوزيع موسيقي شادي علي. وهو العرض الثاني للمجموعة ضمن سلسسلة مشروع هويات.
مايا جاموس النور- 408 (14/10/2009)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة