الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في نقد المنطق التقليدي ..(5) القضايا المنحرفة .

عبد الرحمن كاظم زيارة

2009 / 10 / 19
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


تعد القضية منحرفة بحسب المنطق التقليدي ( اذا انحرفت عن استعمالها الطبيعي ووضعها المنطقي) ، وحددوا مواضع المنحرفات في القضايا الحملية والقضايا الشرطية ..

(اولا) انحراف القضية الحملية :
ويأتي من ( إقتران سور القضية بالمحمول ) والاستعمال الطبيعي هو (إقتران السور بالموضوع ) . وهذا لانخالفه ، فالسور قرينة للموضوع . ويضربون مثلا في هذا النوع من الانحراف نحو ( الانسان بعض الحيوان) . ووجه الانحراف أن السور " بعض" اقترن بالمحمول " الحيوان " والمدعى ان الاستعمال الطبيعي يجب ان يكون ( بعض الحيوان إنسان ).
ونسأل هنا : هل ثمة ضرورة ملزمة بإعتبار الطرف الاول في الحملية المسورة " موضوعا" ،والطرف الثاني منها " محمولا " ؟ أم أن المعيار في الاصطلاح على الطرفين هو أقتران لفظ السور فقط ؟
وجوابا عن هذا التساؤل نقول ؛ نعم ان الامر "المعتاد " هو أن الطرف الاول موضوعا والثاني محمولا في القضية الحملية . ولكن هذا الترتيب ليس ملزما ، طالما يمكن الاستدلال على الموضوع من قرينة السور.فالمثال ( الانسان بعض الحيوان) تتألف من الموضوع " الحيوان " لأنه مقترن بالسور ، وهو هنا سور جزئي ، و" الانسان" محمولا . وهذا من شأن اللغة . أما من حيث وضعها المنطقي فأن صيغتها المذكورة لاتخرجها من كونها مركبا تاما . بمعنى ان ( الانسان بعض الحيوان) مركبا تاما وهذا كاف لعدها قضية قابلة للحكم صدقا او كذبا ، والقضية اياها صادقة . وان الترتيب الذي عليه لغة ترتيب طبيعي ووضعها منطقي للاسباب المذكورة . إن ترتيبها مشابه تماما لتقديم الخبر على المبتدأ في اللغة ، فيصح القول " موضوعها متأخر" و" محمولها متقدم " . فالقضيتان في المثال متكافئتان ، بمعنى كلاهما صادق ، وهذا دليل آخر على أن استعمالها طبيعي ، وهو استعمال لغوي كما لايخفى . وان وضعها منطقي للسبب المذكور.
ان القضيتين المتكافئتان لهما ذات القيمة : اما كلاهما صادق او كلاهما كاذب ، بشرط ان يكون لها الاطراف ذاتها . فليس كل قضيتين صادقتين او كاذبتين متكافئتين .
ولابد ان نستعمل في هذا الموضع مفهوم " الإبدال " .. ونقصد بها تبديل طرفي القضية ، أحدهما في محل الآخر ، وليس هذا من شأن العكس المستوي كما سيتضح . فنقول على القضية الحملية بأنها إبدالية اذا أمكن إبدال طرفيها احدهما في محل الآخر ، وحافظت على صدقها او حافظت على كذبها . وواضح ان القضية الاصل والقضية المبدلة الطرفين متكافئتان . لذلك فأن القضية ( الانسان بعض الحيوان) صادقة بصدق المبدلة ( بعض الحيوان إنسان) وليس باعتبارآخر .
ليست كل القضايا الحملية إبدالية ، فأن الخاصة الابدالية قد تتوافر او لاتتوافر في القضية تبعا لكل من : السوروالكيف والنسبة بين الموضوع والمحمول بوصفهما مفهومين كليين .

أ ـ فاذا لم تكن القضية الحملية مسورة وان الموضوع جزء من المحمول نحو ( الانسان حيوان) فأن القضية ليست إبدالية لأن ( الحيوان إنسان ) خاطئة بينما الاصل صادق ، فيسقط شرط الخاصة الابدالية وهو التكافؤ .
ب ـ واذا كان سور القضية الموجبة جزئي ، والموضوع يساوي المحمول ، او الموضوع جزء من المحمول فالخاصة الابدالية متوافرة فيها .
نحو ( الانسان بعض الناطق ) صادقة ، ( بعض الانسان ناطق ) صادقة . ( إبدالية)
و ( الانسان بعض الحيوان ) صادقة ، ( بعض الحيوان إنسان ) صادقة . (إبدالية).
جـ ـ واذا كان السور كلي و كانت النسبة بين الكليين ؛ الموضوع والمحمول التساوي فأن الخاصة الإبدالية متحققة. نحو :
( كل انسان ناطق ) صادقة ، ( الناطق كل الانسان) صادقة .(إبدالية )
أو ( كل ناطق انسان) صداقة ، ( الانسان كل الناطق) صادقة . (إبدالية)
د ـ واذا كان السور كلي والنسبة بين الموضوع والمحمول هي نسبة الجزء الى الكل فلا وجود لخاصةالإبدال . نحو :
( كل انسان حيوان ) صادقة ، ( الحيوان كل الانسان ) كاذبة . ( ليست إبدالية ) .
وهكذا يمكن سرد الحالات السالبة المماثلة من حيث السور والنسبة . وان الاحتكام للذائقة والسليقة اللغوية العربية وفصاحة اللغة والالمام بالبلاغة يغني عن كل هذه التعقيدات .
وننوه هنا إننا لانقول بضرورة تسوير المحمول وإن كان ذلك ممكنا ، وهذا مبحث ليس هذا محله. ومطالعتنا انصبت في تقديم وتأخير طرفي الحملية .

(ثانيا ) إنحراف القضية الشرطية :
ويكون عندما ( تخلو الشرطية عن أدوات الاتصال والعناد فتكون بصورة حملية وهي في قوة الشرطية ) . وقبل مباشرة ملاحظة هذا النوع من الانحراف المدعى في الشرطية ،لابد من القول ان المنطق التقليدي لم يعنى بـ " أدوات الربط " ، ولم نعرف عن أية ادوات يشير اليها نص التعريف . فأدوات الربط كلها مقدرة بالنسبة بين اطراف الحملية ، وبين اطراف الشرطية ـ الشرطية وفق المنطق التقليدي والذي عالجناه في مطالعة سابقة ـ ومهما يكن فلنواصل عرض المنطق التقليدي لهذا النوع من الانحراف في القضايا . فيضربون مثلا القضية الشرطية المنحرفة
ـ ( لاتكون الشمس طالعة أو يكون النهار موجودا ) فهي في قوة المتصلة ، واصلها ( كلما كانت الشمس طالعة كان النهار موجودا ) .
ونقول ، في تعبير " في قوة المتصلة " يكمن التصويب . أن القضية الاصل عندنا هي قضية شرطية وليست متصلة ، لأن القضية المتصلة تتميز بوجود اداة الاتصال " و" . بمعنى ان الشرطية لاتقسم الى متصلة ومنفصلة كما دللنا على ذلك في المطالعة السابقة . فالقضية الاصل تتألف من قضيتين باداة الشرط " كلما كان ... كان .. " وصيغتها العامة " اذا ب فأن حـ " . وهذه الصيغة تكافئ الصيغة " ليس ب أو حـ " ، حيث ان الاداة " أو " اتفاقية ، فلايمتنع تحقق الطرفين ، وانها تصدق بصدق احد الاطراف في الاقل ، كما تصدق بصدق الطرفين . فأذن القضية التي لها الصيغة " اذا ب فأن حـ " تكافئ القضية التي لها الصيغة " ليس ب أو حـ " .مرة أخرى لاتسعفنا ادوات التدوين في الحوار المتمدن لعمل جداول بقيم الحقيقة للصيغتين ، لاثبات تكافؤهما .
وعلى العموم اذا كانا طرفا الشرطية ، المقدم والتالي غير متنافيين فهي صادقة ، وبالتالي من الصائبة تحويلها بنفي المقدم وابقاء كيف التالي على حاله وربطهما باداةالربط " او ـ الاتفاقية " . فليس إذن ثمة انحراف لامن حيث الاستعمال الطبيعي ، ولا من حيث الوضع المنطقي.
ـ ( لايجتمع المال إلا من شح او حرام ) فأنها في قوة المنفصلة والاصل ( اما ان يجتمع المال من شح او من حرام ) .
ونقول اذا كان المقصود بالانفصال التخيير ، بمعنى جواز اجتماع تحقق الطرفين " الشح" و" الحرام " ولا تناف بينهما فهو تقدير صائب في التحليل المنطقي ، اما اذا كان التنافي فهذا ليس بالتقدير الصائب . ان ما يدعى ان المثال قضية منحرفة ، فيه نظر أيضا لأنها من الاستعمال الطبيعي ، وهو دارج في اللغة الفصحى ، وانها قابلة للحكم بصدقها او كذبها . كما ان وجود اداة الاستثناء ليس لها مكان في الوضع المنطقي ، فهو استثناء تبع النفي . فلو قلت ( لايجتمع المال من شح أو حرام ) فسيكون لها مكافئ هو ( لايجمع المال من شح (و) لايجمع المال من حرام) وبالصيغة المعتادة ( لايجمع مال من شح ولايجمع من حرام ) . فأين الانحراف هنا ؟ .
والخلاصة : ان حالات الانحراف المدعاة في المنطق التقليدي ، والمذكورة بعيدة عن الانحراف من حيث الاستعمال اللغوي والوضع المنطقي .
(( يتبع )) ...















التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تساؤلات في إسرائيل حول قدرة نتنياهو الدبلوماسية بإقناع العال


.. عبر الخريطة التفاعلية.. تحركات عسكرية لفصائل المقاومة في قطا




.. شهداء وجرحى في قصف إسرائيلي لبلدة عبسان الكبيرة شرق خان يونس


.. قصف إسرائيلي على حي الصبرة جنوب مدنية غزة يخلف شهداء وجرحى




.. مظاهرة في العالصمة الأردنية عمان تنديدا باستمرار حرب إسرائيل