الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الخروج من قوقعة التعصب يبدأ بسؤال

رابحة الزيرة

2009 / 10 / 22
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يقول مارك سيلجاندر إنّ نقطة التحول في حياته من قوقعة التعصب الأعمى إلى رحابة البحث عن المشتركات بين المؤمنين جاءت نتيجة سؤال طُرح عليه من قبل "دوغ" مؤسّس "صلوات الإفطار في الكونغرس" إذ دخل عليه مرّة وسأله: "ما الهدف من العلاقات التي تقيمها مع من تلتقي بهم في أسفارك؟" فردّ عليه دون أدنى تردّد: "إستراتيجيتي هي تحويلهم من أديانهم إلى النصرانية .. تلك هي رسالة كل مسيحي .. ذلك منصوص عليه في الإنجيل"، فردّ عليه "دوغ": "هل بوسعك أن تدلّني على آية من الإنجيل تدعو إلى تنصير الناس؟" فاستغرب من سؤاله لاعتقاده بأنّ تنصير الناس من المسلّمات التي تُدرّس لتلاميذ الصفّ الأول في مدارس الأحد الدينية، ولكنه شعر بالإحراج بينه وبين نفسه عندما لم يستطع أن يتذكّر آية تدعو إلى ذلك ..

ثم تذكّر آية في إنجيل "متى" تقول: "اذهب إذن وغيّر ديانات كلّ الأمم وعمّدهم باسم الأب والابن وروح القدس"، ثم استدرك بنفسه "لكن عيسى لم يشر هنا إلى النصرانية أو إلى أي دين بعينه" .. ثم تذكّر آية من إنجيل يوحنا المعمدان تقول "لا يصل إنسان إلى أبي إلا عن طريقي أنا"، لكنه تساءل - مارك مجددا – "لم يشر إلى المسيحية بالاسم أو إلى دين بعينه" ... ثم وجد في كتاب "أفعال الرسل" آية تأمر اليهود بأن "يتوبوا وأن يبدّلوا دينهم لكي تُمحى سيئاتهم" ..

وظل مارك- كما قال- ينقب في الإنجيل بحثا عن تلك الآية ليس لأسبوع واحد أو أثنين بل لعام كامل ولم يعثر على آية واحدة تدعو إلى تحويل الناس عن دياناتهم إلى المسيحية.

مارك سيلجاندر، كان عضواً في مجلس النواب الأمريكي لثلاث دورات، وكان معروفاً بتحامله على الإسلام، إلى درجة أنه خرج من القاعة عندما تُليت آيات من القرآن الكريم في إحدى مؤتمرات "صلاة الإفطار الوطني"، ولكنه عندما اكتشف أنه "كان ضحية ثقافته التي شكّلت قناعاته عبر كتب ومقالات لا تُحصى، وعبر معلّمين وخطباء دينيين يؤكّدون على وجود حقائق ناصعة في كتابنا المقدّس، لقد قبلت ما سمعته أذناي"، ألّف كتاب "سوء التفاهم القاتل"، لينقل تجربته في البحث عن الحقيقة، ومساءلة مسلّماته التي تهافتت أمام محاولة صادقة وشجاعة للإجابة على سؤال واحد كان يبدو - بادئ ذي بدء - غبياً ومستغرباً، وإجابته بديهية.

ما من امرئ إلاّ ويمرّ بموقف أو مواقف حساسة وحاسمة في حياته كالسؤال - الذي غيّر مجرى حياة سيلجاندر - أو كتاب يقرأه بوعي، أو ربما جملة في كتاب، أو حوار ساخن، أو منظر، أو مصيبة، تجعله في مواجهة مع نفسه، ومعتقداته، ومسلّماته، وتدعوه أن يقف ليناقشها ويعرضها على رسوله الباطني (عقله)، فإن أجاب على أسئلتها بوضوح ودقّة وبلا مراوغة، ثم سكن إليها ضميره، أمضاها ومضى بوعي ورشد وحكمة وثبات .. ولا يبالي، وإلاّ فإنّ عقائده تلك قد لا تعدو أن تكون أكثر من "تقليد للآباء" أو "تبعية للكبراء"، مهما ادّعى صاحبها العلم والوعي والنّباهة، بل كلّما كابر الإنسان وحاول أن يثبت أنه على حق فإنه إنما يؤكّد عكس ذلك وكما جاء في التراث "إنّ كثرة المحاماة عن شيء مجلبة للشك فيه"، ومهما يكن فـ"إنّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً".

يقول صاحب الحكم العطائية: "أنوار أُذن لها في الوصول، وأنوار أُذن لها في الدخول، فربما وردت عليك الأنوار فوجدت القلب محشوّاً بصور الآثار، فارتحلت من حيث نزلت"، فربّ الأرباب يرسل لعباده أشعة من أنوار الحق تدلّهم عليه شريطة أن تجد فتحة ولو بمقدار خرم إبرة لتدخل منها، أما إذا كان القلب محشوّا بمسلّمات (غير مسلّم بها)، وبعقائد أشبه بتخاريف العجائز، أو بأهواء ورغبات لا تمتّ إلى العالم العلوي بصلة، فستعود تلك الأنوار القهقرى لأنّ القلب ليس مهيئاً بعد لاستقبالها.

تراثنا يزخر بثقافة تدعو لترك الجمود والتبعية العمياء، وتحثّ على التعارف، والاستماع للآخر، والإنصات إليه، والتحاور معه، ومراجعة الذات بإعمال العقل، والتفكر، والتعقّل، وتمييز الحق من الباطل، بحيث لا تترك للنفس فسحة لتضيع في دهاليز الهوى، أو ترتع في فراغ الشهوة، بل تنشغل دوماً باكتشاف الذات والآخر، أو بغربلة الآراء وتمحيصها، وردّ أفكار المؤتلف والمختلف أو قبولها، ولكن حُرمت الأمة من كلّ ذلك بتخديرها وتحريم السؤال عليها، أو التشكيك في نوايا السائل، وإذا تجرّأ أحد على طرح السؤال، فلابد من الرجوع إلى السابقين (آبائنا الأولين) لأخذ الإجابة الصحيحة منهم، سواء قبلها العقل أو لم يقبلها، المهم الإبقاء على العقول جامدة لا تسأل ولا تناقش، رغم أننا مدعوّون لأخذ الحكمة من أي كانت، كما جاء في وصية الإمام الكاظم (ع): "لو وجدتم سراجاً يتوقّد بالقطران في ليلة مظلمة لاستضأتم به، ولم يمنعكم منه ريحُ نتنه، كذلك ينبغي لكم أن تأخذوا الحكمة ممّن وجدتموها معه، ولا يمنعكم منه سوء رغبته فيها"، فكيف بها إذا جاءت بعد معاناة شخصية وإثر سؤال اعتيادي .. أدّى إلى نتيجة غير اعتيادية، أفنغضّ الطرف عنها؟!

رابحة عيسى الزيرة
[email protected]
جمعية التجديد الثقافية










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من الطبيعى ان الله لم يشر إلى المسيحية بالاسم ...
Zagal ( 2009 / 10 / 22 - 04:11 )
تقول مؤلفة هذا المشهد الاتى
-وظل مارك- كما قال- ينقب في الإنجيل بحثا عن تلك الآية ليس لأسبوع واحد أو أثنين بل لعام كامل ولم يعثر على آية واحدة تدعو إلى تحويل الناس عن دياناتهم إلى المسيحية. -

وسؤالى للكاتبه المبجله ... لماذا لم يذهب لاى كاهن ليرشده !!!

هل تعرف الكاتبه متى دعى على اتباع المسيح مسيحيين ؟؟؟

ياريت ياجماعه لما تألفواقصص يكون لها الحبكه الدراميه المسبوكه وبلاش تستعينوا بالمؤلفين الجدد ...

وكلمه فى ودانك الكذب حرام فى المسيحيه ولكن حلال اسلاميا


2 - يعنى لم يكن مبشر ولاحاجه بل سفير
Zagal ( 2009 / 10 / 22 - 05:18 )
الموقع للسيد مارك ....

http://www.adeadlymisunderstanding.com/book.php

وهو لم يكن يبحث عن الايه المذكوره ولاحاجه ...

لماذا اضلال الناس والكذب عليهم



3 - مشكلة الوهم الديني
بحراني ( 2009 / 10 / 22 - 13:32 )
بالرغم من أن الأستاذة رابحة لها محاولات لتفسير صراع الامبريالية مع دولنا من خلال المصالح الإقتصادية ، كانت محاولة ناجحة في مقال واحد،، إلا أنها توقفت عن تنمية و تطوير هذا الفهم في قناعاتها فيما يبدو ..
هذا بالتأكيد نتيجة للتقوقع في أوهام الدين من ناحية و ناحية أخرى لأباطيل ما يسمى في البحرين ( بجماعة السفارة ) .. (( يشاع عنهم ( كذبا و بإفتراء عليهم) أنهم يستمدون علمهم من الإمام المهدي))!!.. تسمى هذه الجماعة الآن بجمعية التجديد.. و هو تيار فكري ديني إنطلق لدى شيعة الخليج من شيعة العراق و مؤسسة عالم سبيط النيلي..
مشكلة الوهم الديني لدى كل متديني العالم .. لا فرق بين الشيعة و السنة و المسلمين و المسيح و اليهود و الهندوس إلخ .. هو واحد ، وهم مطلق بأن الله خلق حضارة الإنسان ..!!؟؟؟ و بالتالي فإن سبب صراع الإنسان مع بعضة للوصول لحضارات أرقى إنما هو صراع بين الأديان نفسها.. فمن يفهم الله أفضل عبر دينه هو أكثر رقي و حضارة و إنسانية .. هكذا يتوهم المتدينين على الإطلاق!!
سيدتي .. إن الذي صنع الإنسان هو عملة و صنع حضارة الإنسان هي صراعه مع الطبيعة لأجل إنتاج معاشة و تحسين ظروف حياتة المادية .. و في هذا الصراع خلق الأفكار و الدين و الإيديولوجيات !!
إن تأريخ الفكر الشيعي مليء بهذه الأ

اخر الافلام

.. مكتب الإحصاء المركزي الإسرائيلي: عدد اليهود في العالم اليوم


.. أسامة بن لادن.. 13 عاما على مقتله




.. حديث السوشال | من بينها المسجد النبوي.. سيول شديدة تضرب مناط


.. 102-Al-Baqarah




.. 103-Al-Baqarah