الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ابراهيم والاله الواحد

كامل علي

2009 / 10 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


الحضارات القديمة التي نشات في العراق كالسومرية والاكدية والكلدانية والبابليّة والاشورية لم تكن تؤمن بوجود حياة اخرى بعد الموت، بدليل انّ الزقورات التي بنيت في وادي الرافدين لم تكن قبورا بل معابدا للتقرّب من الاله وعبادته، امّا الاهرامات المصرية فكانت قبورا للفراعنة وكانت تحوي كنوز الفرعون الميّت كالذهب والفضّة ومقتنياته الاخرى لانّ المصريين القدامى كانوا يؤمنون بوجود حياة اخرى بعد الموت.
انّ ملحمة كَلكَامش دليل اخر على عدم ايمان العراقيين القدامى بوجود حياة اخرى بعد الموت، فكلكامش ساح في الارض بحثا عن اكسير الخلود وكما ورد في الملحمة.
لنلقي نظرة على قصّة ابراهيم ابو الانبياء، عاش ابراهيم في العراق في عهد ملك يدعى نمرود وهناك رواية اخرى تقول بانه عاش في مدينة اورفة التركية ويدّعي الاتراك بان مكان بحيرة الاسماك المقدّسة الموجودة في مدينة اورفة هو المكان الذي حاول الملك نمرود احراق ابراهيم فيه فحولّ الرب النار الى بحيرة ماء( يا نار كوني بردا وسلاما على ابراهيم).....الاية، كما يوجد في تركيا جبل يسمّى بجبل نمرود.
كان نمرود وشعبه يعبدون الهة عديدة وكان لكل اله تمثال وتذكر القصّة الدينية بانّ ابراهيم لَمْ يَعقِلْ بانْ يكون ربّه هذه التماثيل وبدأ عقله بالبحث عن الاله الحقيقي واول ما فكّرَ به هو انَّ الاله هو نجوم السماء ثمّ استبعد هذه الفكرة لافول النجوم في النهار ثمّ فكّرَ بانَّ الشمس هو الاله لانّه اكبر من النجوم ونلاحظ هنا بان بعض النجوم في كوننا الشاسع هي اكبر من شمسنا ولكن علم الفلك لم يكن متقدما في عصر ابراهيم لكي يدرك هذه الحقيقة بالرغم من كونه نبيّا. بعد ان شاهد ابراهيم مغيب الشمس استبعد هذه الفكرة ايضا لان الله لايمكن ان يغيب عند قدوم الليل.
بعد هذا البحث الدؤوب عن الاله ونتيجة للتفكير العميق توصّلَ الى نتيجة مفادها انَّ الله هو خالق كلَّ شيء ويجب ان يكون احدا ويستحق من البشر ان يكون المعبود الوحيد. بعد استقرار هذا الاعتقاد في مخيّلة ابراهيم خاطب الرب وطلب منه الهداية واليقين. بعد التكلّم مع الرب لم تمحى جميع الشكوك من عقله وخاصة موضوع احياء الموتى في يوم القيامة من قبل الرب، فطلب من الرب دليلا على قدرته فاجابه الرب( اوَ لَمْ تُؤمِنْ قال بلى ولكن ليطمئنَّ قلبي )..... الاية.
طلب الرب من ابراهيم ان يٌقطِّع عددا من الطيور الى اشلاء وينشرها على قمم عدة جبال ففعل، ثمّ اعاد الرب الطيور الى حالتهم السابقة وامرهم ان يطيروا الى مكان وجود ابراهيم.
هذه هي ملخّص قصة ظهور اول ديانة توحيدية في تاريخ الانسانية حسب التوراة والقرآن.
العالم النفساني وموجد علم التحليل النفسي ونظرية العقل الباطن( اللاشعور ) سيجموند فرويد له راي اخر في هذه المسالة، ففرويد أدعّى وحسب ما ورد في احدى مؤلفاته الفكرية (موسى والتوحيد) بان اول ديانة توحيدية ظهرت في الارض ظهرت في مصر في عهد الفراعنة وانّ أول من أدعّى بوحدانية الاله وجمع الآلهة وجعلهم الاها واحدا هو الفرعون الثائر اخناتون.
بعد اعلان اخناتون وحدانية الرب دعا قومه الى الايمان بذلك ولكن كهنة الاله امون(اله الشمس) حاربوا الفكرة الجديدة ومؤلفها فقرر اخناتون بناء عاصمة جديدة تضم معبد الاله الواحد واستقرَّ فيها مع جميع من اتّبع دعوته الجديدة وبذلك ابتعد عن مشاكسة ومعارضة كهنة امون.
يذكر فرويد ايضا بان كهنة امون بعد موت اخناتون حوّلوا عاصمته الى خرائب واحرقوا كل اثر يرمز الى الاله الواحد وعادوا الى عبادة الشمس والهة عديدة اخرى. ويدعّي فرويد بانَّ علماء الاثار اكتشفوا بعض الادلّة التي تُثبِتْ اطروحته.
لنعود الى قصة ابراهيم. ابراهيم وزوجته سارة لم يهبهم الله ذرية لانّ سارة كانت عاقرة وكان ابراهيم مكتئبا لهذا السبب فاقترحت سارة عليه ان يتزوج من جاريتها السمراء هاجر عسى ان تنجب له خلفا وحسب الموروثات الدينية فان هاجر كانت من اصول عربية. بعد فترة من زواجه بهاجر انجبت له ولدا سمّاه اسماعيل. ولكن الاحداث تطورت بصورة دراماتيكية فالزوجة الاولى سارة حَملِتْ بعد تدَخُّل اله ابراهيم وبعد ان ارسل الرب ملكين بشكل انسان بشّراه بقدوم الوليد وجاء الوليد الموعود وسمّياه اسحاقا.
القصة اليهودية تذكر بانّ عُمْرَ ابراهيم عند ولادة اسحاق كان مائة عاما امّا عمر سارة فكان ثمانين عاما.
بدات الغيرة تنهش عقل سارة فامرت زوجها ان ياخذ هاجر وابنها اسماعيل الى مكان بعيد عن انظارها.
انصاع ابراهيم لامر سارة وسافر مع هاجر واسماعيل الى مكّة وتركهم هناك وحيديْن في الصحراء او مع قبيلة عربية.
حسب الرواية التوراتية فانّ ابراهيم راى في منامه انّه يذبح ابنه اسحاقا امّا الرواية الاسلامية فتذكر بانّ القربان هو اسماعيل. والسؤال هنا لِمَ هذا الاختلاف في الروايتين؟ انّ السبب الذي يخطر في البال لاول وهلة هو انّ اليهود ارادوا الصاق هذا الشرف بجّدهم اسحاق بينما اراد محمّد الصاق هذا الشرف بجدّه اسماعيل.
سؤال اخر يخطر على البال: لِمَ يامر الله نبيا بذبح ابنه قربانا له؟ يقول المدافعون عن هذه القصّة بانّ الله اراد ان يمتحن ايمان ابراهيم، ولكن الا يعلم الله العليم البصير مدى عمق ايمان نبيّه الذي ارسله لهداية البشر؟ لايمكن الاجابة على هذا السؤال بالنفي لانه يتناقض مع قدرة الله.
انّ مؤلف هذه القصّة الدرامية اراد وبايعاز من عقله الباطن ان ينتقم الرب من ابراهيم في الحلم لانّ ابراهيم شكّ في قدرة الله على احياء الموتى وكما ورد في بداية القصّة.
اذا استعنّا باسلوب فرويد في التحليل النفسي سنتوصل الى حل اخر لهذه المعضلة. انّ ابراهيم بعد انْ انصاع للاوامر الديكتاتورية لزوجته سارة وترك هاجر والطفل المسكين في عمق الصحراء طعاما للحيوانات المفترسة وبدون ماء كافٍ، احسّ بالذنب جراء تصرفه فانتقم لاشعوره منه برؤية هذا الحلم الرهيب.
امّا فداء الابن ( اسحاق او اسماعيل ) بكبش فهو تلفيق اخر من تلفيقات اليهود وكتابهم المقدّس مليئ بمثل هذه التلفيقات والخزعبلات وهي متاثرة بالطقوس البدائية للانسان حيث كانت القبائل البدائية تقدّم قربانا من البشر للاله لارضائه او لاتّقاء غضبته، ثم اُستبدِلَ هذا القربان البشري بقربان حيواني بعد تطوّر العقل الانساني.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - السلام عليكم
طلعت خيري ( 2009 / 10 / 23 - 16:17 )
الزميل... كامل

هذا قولك
بعد هذا البحث الدؤوب عن الاله ونتيجة للتفكير العميق توصّلَ الى نتيجة مفادها انَّ الله هو خالق كلَّ شيء ويجب ان يكون احدا ويستحق من البشر ان يكون المعبود الوحيد. بعد استقرار هذا الاعتقاد في مخيّلة ابراهيم خاطب الرب وطلب منه الهداية واليقين. بعد التكلّم مع الرب لم تمحى جميع الشكوك من عقله وخاصة موضوع احياء الموتى في يوم القيامة من قبل الرب، فطلب من الرب دليلا على قدرته فاجابه الرب( اوَ لَمْ تُؤمِنْ قال بلى ولكن ليطمئنَّ قلبي )..... الاية.
طلب الرب من ابراهيم ان يٌقطِّع عددا من الطيور الى اشلاء وينشرها على قمم عدة جبال ففعل، ثمّ اعاد الرب الطيور الى حالتهم السابقة وامرهم ان يطيروا الى مكان وجود ابراهيم.
هذه هي ملخّص قصة ظهور اول ديانة توحيدية في تاريخ الانسانية حسب التوراة والقرآن

في هذا المقطع من مقالك فيه الكثير من التناقضات ... بقولك ان ابراهيم او الديانات التوحيديه .. ولقد سبق ابراهيم انبياء كثيرين يدعون الى عبادة الله وحده .. مثل نوح .. وهود.. وصالح ... ولوط

{وَثَمُودُ وَقَوْمُ لُوطٍ وَأَصْحَابُ الأَيْكَةِ أُوْلَئِكَ الْأَحْزَابُ }ص13

{مِثْلَ دَأْبِ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَالَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ وَمَا اللَّه


2 - تللسقف
يوسف حنا بطرس ( 2009 / 10 / 23 - 16:27 )
الاخ الحبيب كامل علي يبدو لي من قراءه مقالتك انك لم تقرا التاريخ ..
اولا لم يكن في ذلك الوقت شى اسمه عرب وهاجر هي جاريه ساره مصريه الاصل اهداها فرعون لابراهيم ..
ثانيا ان مكه بنيت قبل الميلاد باربع قرون وابراهيم هذا لم يذهب قط جنوبا كما تدعي والى مكه او بناها كما يدعي المسلمين فاذا كان ابراهيم يعبد الله فما حاجته ان يعبد حجرا لا ينفع ولا يضر ام انه يريد ان يحصر الله في جدران .. ارجو ان تراجع معلوماتك في التاريخ هذا ليس حسب التوراة بل حسب التاريخ اما ابراهيم فقد عاش في مدينه اور الكلدانيه (المقيراو المكير)حاليا .
اذا كان اليهود قد الفقو قصه ابراهيم والكبش فلماذا لم ياتي القران بجديد يفند مزاعم اليهود بل والادهى ان محمد وقرانه قد اقتبسا من التوراه الكثير الكثير حتى ليخل اليك انك تقرا القران في التوراه..


3 - مرضى فصام أم أنبياء؟
aneeed ( 2009 / 10 / 23 - 21:19 )

ابراهيم وصالح وهود ولوط ومحمد ونوحوعيسى وموسى ...الخ جلهم مرضى بالفصام ويبحثون عن السلطة ...لاغير ...ولاعلاقة للسماء بعم البتة........


4 - حقيقة التوراة
آرا دمبكجيان ( 2009 / 10 / 24 - 03:30 )
أرجو من الجميع قراءة كتاب جديد صدر عن المؤسسة العربية للدراسات و النشر بعنوان -التوراة-بين الحقيقة و الأسطورة و الخيال- للمؤلف الأستاذ إبراهيم ناصر، مع الشكر


5 - هل هذه دراسة جدية؟؟
سوري ( 2009 / 10 / 24 - 07:34 )
لا أدري كيف يؤمن الناس بقصص تم تناقلها عبر آلاف السنين، ونحن نعلم أن تناقل أي قصة عبر ساعة من الزمن يغيرها بالكامل، لذا فإن الإعتماد على أي نص قديم وصلنا عن طريق التواتر مهما كان هو جهل مطبق

قام البروفيسور كمال الصليبي بنشر كتب هامة جداً عن هذه المواضيع ولم يعتمد على حدوتات وقصص ستي، بل على الواقع والعلم، وتوصل إلى نتائج منطقية جداً تفيد أن إبراهيم هو شخصية أسطورية بالكامل، وهذا يتطابق مع نتائج لباحثين مختصين مهمين

وطبعاً كل ما بني على باطل فهو باطل، وهذا يجعل الأديان الثلاثة وتفاصيلها الغيبية محض هرطقات
وهذا ما أؤمن به

والذي يرفض ذلك فالحق معه، لأن ذلك يهدم له كل ما آمن به كل عمره وبنى أفكاره عليه

لكن التمني شيء والواقع شيء آخر

والإنسان بحاجة لشجاعة كبيرة كي يواجه الواقع


6 - اله ابراهيم والاله ابراهيم
كامل علي ( 2009 / 10 / 24 - 07:34 )
الاخ طلعت
لقد فهمت العبارة خطا انا قلت اله ابراهيم اي الاله الذي يؤمن به ابراهيم فالاله في العبارة مضاف وابراهيم مضاف اليه ولكنك فهمت انّي اقصد بانّ ابراهيم هو الاله ...... مع خالص تمنياتي لك


7 - شخصيات أسطورية
مايسترو ( 2009 / 10 / 24 - 09:05 )
إن ابراهيم وأبناءه وسلالة الرجال الذين ادعوا النبوة من بعده،والذين تم ذكرهم في التوراة والقرآن والانجيل ، ما هي إلا شخصيات أسطورية، الآثار التاريخية لا تدل سوى عن وجود الفراعنة، الذين تم أثبات وجودهم عبر علم الآثار، أما الأمور التي لم يجد لها علم الآثار أي دليل، فتبقى مجرد أساطير من نسج خيال الانسان، إلى أن يتم اثبات وجودها بالدليل المادي.


8 - الله وابراهيم
مينا مجدى ( 2009 / 10 / 24 - 13:05 )
الله لم يكن يريد ان يختبر ابراهيم اطلاقا فهو عالم بمدى ايمان ابراهيم ولكن الله اراد ان يرى ابراهيم الفداء وهذا شرحع لنا رب المجد يسوع عندما قال اباكم ابراهيم تهلل بان يرى يومى فرأى وفرح ويمكنك قراءة المزيد عن اسحق والمسيح والمطابقة فى الحادثتين ويشمل بعض منها
حمل اسحق حطب المحرقة وحمل المسيح خشبة الصليب
اسحق اطاع حتى الى الموت والمسيح اطاع الى الصليب
اسحق عاد حيا والمسيح قام من الاموات حيا
اسحق تم اخذه الى جبل المريا المسيح له المجد اخذ الى جبل الجلجثة
اسحق هو ابن الموعد والسيد المسيح هو مشتهى الاجيال ومكمل النبوات
اسحق امه ولدته بمعجزة والمسيح له المجد مولود بمعجزة لم تتكرر
وهكذا هناك حوالى اربعين تشابه فى الحادثة بين اسحق والسيد المسيح له المجد ولم يكن الله يريد اختبار ابراهيم ولكن اراد الاعلان عن فدائه

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل