الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصداقة في نظر أرسطو -فلسفة-

محمد العرباوي

2009 / 10 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


يعتبر أرسطو أن الصداقة فعل طبيعي ذلك لأن فطرة الإنسان تجعل منه حيوانا مدنيا بامتياز بمعنى أنه لا يستطيع أن يعيش مفردا ومتوحدا ومبتعدا عن الأغيار ولهذا فتعاطي الإنسان للصداقة يوفر له فرصا كثيرة لكي يحقق ذاته ويجسد الفضائل التي تسمو به نحو الكمال بينما تدفع به العزلة إلى الانحطام والارتكاس نحو دركات بعيدة في الهمجية والسفالة.

ومن هنا فإن الصداقة ستصبح من جهة أخرى باعتبارها تعد المواطنين لحياة أكثر تمدنا عاملا مهما لتحقيق الاستقرار داخل المدينة ،فحينما تسود الصداقة المدنية داخل مجتمع معين فإن ذلك يجنبنا التوترات والقلاقل ويفتح مجالا تعاونيا يعود بالخير على الجميع بل لقد كان حلم أرسطو تمكن الصداقة من جعلنا نستغني عن العدالة.فمجتمع الأصل قائم يقول أرسطو لا يحتاج إلى محاكم أو شرطة.



موقف هيجل:

يذهب الفيلسوف هيجل إلى أن القانون الذي ينبني عليه الوجود عامة والوجود البشري خاصة يتمثل في العلاقة الجدلية التي تقوم على صراع الأضداد لأجل التجاوز والتخطي ومن هنا فإن كل قول بالاستقرار والسكون يمثل وهما يعاند حركة التاريخ ذاتها وعليه فإن تاريخ البشرية اعتمد في عراكه على المواجهة والعدوان أكثر مما لجأ إلى المودة والايخاء ،ولأجل تبرير هذا المنطلق يعمل هيجل على تخيل ثلاثة مشاهد يواجه فيها الإنسان.

المشهد الأول:

يقف في هذه اللحظة الإنسان ككائن طبيعي قبالة الغير باعتباره طبيعيا كذلك حيث يتم معرفته من خلال الحراس الطبيعية من قبيل الخوف والحظر والاستشهاد، كل ذلك سيدفع بطرف ما إلى التوجه نحو الغير لأجل نفي وإدخال أفعال السلب عليه ،إن الأنا بهذا المعنى يحاول إلغاء الأنا الآخر بحيث تجعل منه مجرد موضوع وهنا تحدث المواجهة والعدوان الذي قد ينتهي إلى موت أحد الطرفين وبالتالي تحوله إلى جثة هامدة تشتغل عليها قوانين الطبيعة بشكل يحولها إلى شيء طبيعي صرف، هذه النهاية سوف لن تفيد الإنسان في شيء كالجثة لا تساوي قيمتها شيء ، إنما مجرد تراب.

المشهد الثاني:

في هذه اللحظة يتصور هيجل أن المواجهة سوف لن تنتهي إلى القتل وإنما ستهز أعصاف أحد الطرفين بحيث سيشعر بخوف غير طبيعي من الطرف الآخر حيث سيجعل من حياته الطبيعية جوهره الفعلي وبالتالي فلن يخاطر بحياته تحت أي طائلة، في المقابل سيبدو الطرف الآخر كما لو أنه مختلف من حيث الجوهر عن الحياة ولهذا فهو لن يخاف من المخاطرة بحياته لأجل ترسيخ إرادته وحريته ، سينتج عن كل هذا أن احد الطرفين سيتخلى عن إرادته وحريته لصالح الطرف الآخر، في مقابل أن يتمتع بحياته الطبيعية ، بينما ستنضاف إلى حرية الطرف الآخر حرية إضافية وإرادة زائدة ، عملية التخلي هاته ستدعى اعترافا واستلابا وعملية التضخم التالية ستدعى إبادة ، وعظمة هذه العملية ستنتج لنا لأول مرة قي الوجود سيدا وعبدا.

المشهد الثالث:

في هذه اللحظة سيتحول السيد إلى إرادة خالصة ،إنه متعال عن الطبيعة فهو لا يكلف نفسه مشقة تحقيق رغباته من خلال الاحتكاك مع الطبيعة وإنما يفوض هذا العمل إلى العبد الذي سيتحول إلى آلة مهمتها الأساسية إرغام الطبيعة من خلال الشغل على الاستجابة لما يريده السيد ، ومن هنا ستصبح هذه العلاقة الجدلية بين السيد والعبد دافعا أساسيا لتغير العالم لتجاوز الطبيعة من أفعال ومنجزات هذه النقرة لا تتم بالنسبة لهيجل إلا بالعنف ، عنف السيد على العبد وعنف العبد على الطبيعة ، ومن ها هنا فإن العدوان بالنسبة إلى هيجل لا ينبغي أن يوخذ من خلال أحكام قيمة ، باعتباره إيجابيا أو سلبيا وإنما ينبغي التعامل معه كقانون عميق يحطم الوجود برمته، وهكذا إن الإنسان يحتاج دائما إلى عدو لأن هذا الأخير وحده قادر على الاعتراف لنا وبالتالي وحده قادر على أن يسمح لنا بمعرفة أنفسنا.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. التعبئة الطلابية التضامنية مع الفلسطينيين تمتد إلى مزيد من ا


.. غزة لأول مرة بدون امتحانات ثانوية عامة بسبب استمرار الحرب ال




.. هرباً من واقع الحرب.. أطفال يتدربون على الدبكة الفلسطينية في


.. مراسل الجزيرة: إطلاق نار من المنزل المهدوم باتجاه جيش الاحتل




.. مديرة الاتصالات السابقة بالبيت الأبيض تبكي في محاكمة ترمب أث