الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تؤمن الدولة العربية بالدستور

عهد صوفان

2009 / 10 / 29
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من طبعِ البشر الميلُ إلى تنظيمِ حياتهم و ضبطِ إيقاعها وفقَ متطلباتهم عبر الزمانِ و المكان... هذا الميلُ رسمَ عبَر التاريخِ ملامحَ سلوكياتِ البشرِ و علاقاتهم ببعضهم البعض
لقد تطورَ هذا التنظيمُ بالرغمِ من الضغطِ الكبيرِ الذي واجهه من سلوكياتِ البعضِ
لخرقه, و فرضِ إيقاع الفوضى (شريعةُ الغاب) وهذا البعضُ الذي وُجدَ في التاريخ يوجدُ الآن أيضًا. و بالرغمِ من الانتكاسات الكبيرةِ عبرَ التاريخِ والتي سبَّبها فريقُ الفوضى، فإنَّ تراكماتٍ إيجابيةٍ كبيرةٍ و كثيرة سُجِّلت تاريخيا ً، و ثبَّتتْ أسساً حقيقيةً لتنظيمِ المجتمعِ و قيادته وفقَ تشريعاتٍ أصبحتْ من الثوابت، لأنَّ البشريةَ عانتْ من عبثيةِ الفوضى و ويلاِتها، و ما جرَّته أفكارُ أصحابِ هذا المبدأ، لذلكَ أيقنت البشريةُ أنَّ استقرارَ البشرِ و سعادتَهم و تطورَهم كانَ و ما يزالُ في سَنّ القوانينِ التي تُنصفُ و تحترمُ الجميع...... لأنَّه عبَر هذه القوانين العادلة تكمنُ قوة ُ المجتمع ِ، فالعدل يمنحُ القناعةَ و الرضا و يعلّم الإنسانَ بأنَّ الحياةَ مقتسمةٌ بينه و بينَ إنسانٍ آخر،
بل إنَّ الحياةَ تستمرُ فقط إذا تشاركَ الجميعُ في فعالياَّتها و قيادةِ سفينتها، و عبَر التاَّريخِ نرى أنَّ ألإنسانَ وعى هذه الفكرة فشرَّعَ القوانين و حدَّد بعضَ السلوكيات التي ضبطتْ إيقاعَ الحياةِ وفقَ الرؤيةِ في ذلكَ الزمنْ... هذه القوانينُ عاشتْ حالةَ التَّطورِ التاَّريخيّ الحتمي إلى أنْ وصلتْ في عصرنا الحاضرِ إلى مواقعَ متقدِّمةٍ جداً. و بالرغم من معاناةِ هذه التشريعات و القوانين في عمليةِ الوصولِ إلى التطبيق، و بالرغم ِمنَ الالتفاف الذي ُيمارسُ عليها تبقى القوانيُن الأملَ الوحيدَ لتنظيمِ الحياةِ البشريةِ و رعايتها.
لقد تمَّ وضعُ دساتيرَ لمعظمِ دولِ العالمِ تؤمنُ هذه الدساتيُر جميعُها بكاملِ حقوقِ الإنسان، فساوتْ بينَ مواطنيها، بلْ إنَّ بعضَها ساوى البشرَ جميعاً و تسابقَ المشرَّعون في وضعِ الدساتيرِ بكلّ شفافيَّةٍ، حتى أصبحتْ هذه الدساتيرُ كاملةً متكاملةً لا تشوبُها شائبةٌ من الناَّحيةِ النظريةِ و حاولَ الجميعُ أنْ يتغنى بدستورِه حتى أصبحتْ حقاً أريدَ به باطل... وفي ذاتِ الوقت بدأتْ مسيرةُ سنّ القوانين في معظم الدولِ و بشكلٍ يُعطّلُ بعضاً من موادِ الدستور، بلْ تفنَّنَ مشرعو القوانين في سنّ القوانين التي تخدمُ المصالحَ الشَّخصيَّة لفئةٍ ما بدلاً من مصالحِ الوطنِ ككل... وأصبحتْ القوانينُ هي البديلُ للدستور، و سمحتْ بذلك لكافةِ فئاتِ المسؤولين بإصدارِ القوانين الداخلية في وزاراتهم و إداراتهم بشكلٍ يُخالفُ أبسطَ موادِ الدستور
وحقوقَ الإنسان.و الدليلُ القاطعُ على تعطُّلِ مواد الدستور و الفسادِ القانوني الحاصلِ هو غيابُ الشفافيةِ عندَ معظمِ الناس و عدمُ تقبلهم للآخرْ، لأنَّ القوانينَ العادلةَ وحدُها قادرةٌ على خلقِ الشفافيةِ عندَ الناس. وحدُها تعلّم الناسَ أنْ يتشاركوا في الحياة و تضبطُ سلوكَهم و كلامَهم، تعلمهم كيفَ يُحبون الآخر و كيفَ يقبلونَ اقتسامَ الحياة معَ بعضهم و بما أنَّ الأمورَ و الأحداثَ تقاسُ بنتائجِها، فالنتائجُ الإيجابيةُ تدلُّ على عملٍ ناجحٍ .. والسلبيةُ تدلُّ على عملٍ فاشلٍ, والواقعُ يشيُر إلى أنَّ الدساتيرَ أُفرغتْ من مضمونِها وأُبعدتْ عن التطبيقِ إبعاداً شبهَ تامّ لصالحِ جيشٍ من المنتفعين الَّذينَ يشكلون الأنظمةَ ويعتبرون الدولةَ بكلّ قدراتها ملكٌّ للنظامِ الحاكمِ وجيشه, وهذا يُفسرُّ لنا الفارقَ الكبيرَ في مستوى الحياةِ بين أبناءِ البلدِ الواحدِ, فشريحةٌ تملك كلَّ شئ وأخرى لا تملكُ قوتَ يومِها اللازم لاستمرارِ الحياة, بالرغم ِمن وجودِ دساتير تساوي بين الناس تحترمُ الجميع. إذاً نحنُ نعيشُ حالة َخداع ٍكبرى ابتدعتها الأنظمة ُ لتتناسبَ وظروف الحياةِ الحاليةِ, فالمخادعُ يتقلَّبُ في خداعِه ويحاولُ أنْ يغلّف خداعَه بعذبِ الكلامِ ليدخلَ إلى أعماقِنا ويُقنعنا بأنَّه الأفضل والأنسب وبأنَّه يحبنا ويعملُ لأجلنا, وهنا تكمنُ الخطورة....نحتاج ُإلى عدالةٍ في التطبيقِ فلا يهمُّ التنظيُر المعلن بدستورٍ أو قانونٍ لأنَّه يمكنُ أنْ يكونَ وجهاً آخر للاستبدادِ والظلمِ والقهر..والأمة ُالمقهورةُ التي تحسُّ بقهرِها وظلمِها لا تصنعُ حضارةً ولا تستمرُّ في الحياة.........
ولكن كيف استطاعت الأنظمة العربية خداع الناس وتضليلهم وتحويلهم الى قطعان تجري خلف هذه الأنظمة ؟ لقد استغلت الدين فأخذت قداسة ذات الحاكم من قداسة الله وبدأ الحاكم المقدس يفعل ما يريد لأنه هوالخليفة وهو أمير المؤمنين وأصبحت الدولة العربية دولة دينية بامتياز ,الاعتراض فيها اعتراض على الله وحتى ابداء الرأي ممنوع لأن الرأي لله فقط .....
تحكم رجال الدين في كافة مفاصل الدولة وسيطروا على مناهج التعليم التي تدعم وتثبت سيطرتهم .سيطروا وفرضوا علينا كيف نأكل وكيف نشرب وكيف نتكلم واحتلوا مساحات الاعلام وتفننوا في خداع الناس .هكذا سيطرت الدولة على الدين الذي أصبح السور الحامي لها فالحاكم عندنا يبقى حتى يموت ويرثه ابنه من بعده .لامكان عندنا للكفاءة بل للمقربين من السلطة والخاضعين لها والمنفذين لبرامجها.
وعليه لن تصلح احوالنا إلا بالدولة المدنية وابعاد الدين عن السياسة وتطبيق الديموقراطية في كل شيء لأن الدولة العربية الدينية لا تؤمن بالدستور ولا تحترم ما جاء فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تفضلي اركلي الانظمة الدينية بقدمك كي نتقدم ؟!!
qazi ( 2009 / 10 / 29 - 17:38 )

اعتقد ان الكاتبة تبالغ كثيرا وكثيرا جدا هي تعرف ان الانظمة في الدول العربية والاسلامية اما انها عشائرية او حزبية او عسكرية وليست دينية اذا ما استثنينا ايران وحتى هذه الاخيرة لديها سينما وصحافة وبرلمان وانتخابات ورئيس يأتي كل اربع سنوات او يجدد له ثم ينصرف ليأتي اخر مكانه
واكثر الدول الاسلامية هي سنية وهم غالب اهل الاسلام تقبض الحكومات المستبدة فيها على الجميع والعلماء والفقهاء والائمة والوعاظ موظفون لديها وتستطيع ان تقطع رواتبهم وان تسجنهم في اي وقت
فالكلام عن سيطرة علماء الدين على الامور غير صحيح ابدا السيطرة تعني وجود قوة جيش واستخبارات وشرطة وامن وهذا غير متوفر لعلماء الدين نعم يوجد علماء سلطان ولكن سيطرة كلا
ثم تتحدث الكاتبة في نهاية مقالها عن الوصفة السحرية المتمثلة في فصل الدين عن الحياة او عن السياسة عال جدا تفضلي اختي الكريمة ازيلي اي نظام بركلة من قدمك ان استطعتي ؟ ثم على افتراض اننا نحينا الدين ورجال الدين عن الحياة والسياسة هل تعتقدين اننا سنتقدم دستوريا وحضاريا ؟!
هل العقدة عقدة التخلف تكمن في تمسكننا بديننا الاسلامي وهل صحيح اننا اذا ما تخلينا عن ديننا او نحيناه جانبا كما يردد العلمانيون فاننا سنتقدم لننظر في نموذج في بلد اسلامي وحاكم مسلم وشعب مسلم


2 - التناقض فى الاسلام وايضا فى الاسلامويين ...
Zagal ( 2009 / 10 / 30 - 00:48 )
الاخ المعلق رقم 1 ... الواضح انه مسلم ...
يدعى ان الدول العربيه هى علمانيه ليس لها علاقه بالدين الاسلامى...
وفى نفس الوقت يطلق عليها الدول الاسلاميه ...

اللى زى ده ... كيف تتعامل مع عقله ....

بيفكرنى بعمرو اديب لما سأل شيخ .. هل فيه حريه فى الاسلام

رد الشيخ : طبعا فيه حريه فى الاسلام

عمرو اديب سأل شيخ تانى : حد الرده لقتل الخارج عن الاسلام

رد الشيخ : نعم

عمرو اديب سأل شيخ تانى : كيف اذا يكون فيه حريه

رد الشيخ : الحريه فى للدخول فى الاسلام

عمرو اديب ضحك وهو يهز راسه


3 - الدين لله والوطن للجميع ... وتقسيم المجتمع الى مؤمن وكافر يق
Zagal ( 2009 / 10 / 30 - 01:03 )
اله الاسلام الها دكتاتوريا يصمم على ان يشرك محمد معه ليحكم باسمه ومن يخالفه يصبح كافرا يستحق القتل ...

لماذا سمى اتباع محمد خلفاء !!! ... اى خلفاء لله يريدهم لكى يرهب بهم الناس ... هل هذا شك فى قدرة الله على ان يكون ضابط الكل !!!

الله الذى يريد التخلص من البشر لمجرد اختلافهم معه ليس اله رحمه وليس عادل بل دينه نقمه وناقص ...


4 - الدول العربيه تؤمن فقط ب - دستور ياسيادنا-
Zagal ( 2009 / 10 / 30 - 03:16 )
معظم الدول المتخلفه هى التى تؤمن بالخرافات مثل الجن والعفاريت والاشباح ... لذلك تجد انهم يؤمنون بالاسياد وقرين الجن وكل هذه الخزعبلات ... التى هى فى الاصل شرقية المنبع مثل مصباح علاءالدين والفانوس السحرى وعفريت العلبه ....

لذلك الدستور الوحيدالذى يعرفه هؤلاء هو - دستور ياسيادنا -

اخر الافلام

.. -الجمهورية الإسلامية في #إيران فرضت نفسها في الميدان وانتصرت


.. 232-Al-Baqarah




.. 233-Al-Baqarah


.. 235-Al-Baqarah




.. 236-Al-Baqarah