الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بناء الانسان هو لبنة بناء الأوطان

عهد صوفان

2009 / 10 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع


شئنا أم أبينا، عجلة الزمن تدور وتسجل بتكرار أيامها السنين والقرون وتطوي أجيالا بعد أجيال. هذا الزمن لا يحترم النائم في ظلمة الكون الذي لا يبني لبنات الحياة ولا يؤثر في ترتيبها. بل إن هذا الزمن يقف ليسجل أعمال المثابرين الطامحين في بناء المستقبل فيعترف لهم بأفعالهم ويسجلها حضارات مبنية وثقافات مكتوبة في كل مكان...هذه هي لعبة الحياة : من جد وجد ومن سار على الدرب وصل . ولكن المحير لماذا أمة بعينيها تنام وتغفو ؟؟ بل وتقتات على موائد الآخرين تأخذ منهم كل شيء، وأخرى تنطلق إلى الأمام بسباق محموم صعب وقاسٍ تفجر الإبداع البشري ابتكارا وعطاءً فتقود الزمن كما تشاء وتملأه بما تشاء. فأين العيب وأين الخلل ؟؟ هل الخلل في جينات الأمم ومكوناتها الوراثية؟ طبعا لا، واعتقادي أن الفرد هو لبنة الحضارة (أي حضارة) ولكن هذا الفرد لا يمكن أن يكون لبنة في بناء ما إن لم يتم إعداده للبذل والابتكار والعطاء...ولكن هل إعداد الفرد هو إعداد مدرسي بحت يمكن أن نعده لمجرد أننا قررنا أن فردا ما أو مجموعة ما ستكون في المستقبل علماء في مجال معين. الجواب لا...الفرد فكريا هو تحصيل لثقافة اجتماعية سائدة متأثرة وموجهة من قبل أنظمة الحكم في أي تجمع بشريٍ كان، فالأنماط الفكرية والثقافية السائدة في مجتمع ما تؤثر على أجيال هذا المجتمع وتشكل تكوينهم الفكري. وعندما نريد أن نحدث تعديلا فكريا في مجتمع ما علينا بإطلاق المفاهيم المعدلة ودعمها علميا بالحجة المؤثرة , حتى نغير مفهوما خاطئا بمفهوم آخر نعتقد أنه الأنسب والأفضل مردودا في عملية بناء الحضارة. وهنا مادمنا فتحنا باب الاجتهاد في تحديد السلوكيات الأفضل للبشر، أي نعد بشرا بمفاهيم فكرية وثقافية معينة وبالتالي سلوكيات محددة، وهذا يعني أ ن نعرف من هي الجهة القادرة على توجيه سلوكيات البشر والتي سوف تقول لنا أن نسلك وفق اتجاه وليس آخر، أن نتصرف تصرفاً مقبولا مفيدا وليس خاطئا يجلب الضرر للمجتمع. بل نقول ما هو المنطق الذي سوف يحكمنا والذي نتقيد به ؟؟ لأنه معلوم لدينا أن الكل سوف يدلي بدلوه والكل سوف يشرع لنا ويرسم الطريق والمسار...الكل سوف يأتي بنظريات وسوف يدافع عن نظرياته...
ولكن الطبيعة البشرية قادرة على تحديد الاتجاه الأفضل إذا ما احتكمت لصاحب المعرفة والعلم. فالبشر يعلمون علم اليقين بأن المتعلم الذي درس في مجال ما هو أقدر من غيره على فهم مناحي علمه فالمهندس مثلا أقدر منا في تصميم المخططات والدراسات الهندسية وهكذا...........وانطلاقا من هذه الفكرة يجب أن نعلم أن المتخصصين في مجالات العلوم النفسية والطبية والتربوية هم الأقدر على فهم اندفاعات النفس البشرية وطرق توجيهها نجو الأفضل, بل وعلاج العقد البشرية السلبية. فمن يعمل في مجال التوجيه التربوي أقدر منا على إعطاء الطرق الأفضل لتعليم الأطفال اكتساب مهارات الكتابة والقراءة وآداب الطعام والكلام واحترام الكبير ومحبة الصغير والتقيد بالقوانين.........وبالتالي فإن أصحاب المعرفة في مجالات العلوم النفسية والتربوية والصحية هم الأقدر على تقديم الرؤية الأنسب والأفضل. وباستعراض أسماء العلماء في هذا المجال نجد الكثير الكثير على الصعيد العالمي، فلن يضرنا أن نستفيد من أي معلومة مهما كان مصدرها أو زمنها. علينا أن نتعامل مع أجيالنا بمحبة صادقة, فهم لبنة المستقبل, منهم سيكون المخترع والمبدع, منهم سيكون الساعد القوي الذي يبني ويحول النظريات إلى واقع ملموس نستفيد منه فيتحول الجهد المبذول إلى انتصارات في كل الميادين......... وبذلك نؤسس لمدرسة فكرية تقود هذه الانتصارات حاضرا ومستقبلا وفق متوالية الزمن. وإذا ما نظرنا إلى أية دولة متقدمة نجد أن الطريق الذي أمن لها التقدم وأعطاها هذه القفزات الحضارية الكبيرة هو:إدخال المنطق العلمي ومفهوم التخصص. فالعلوم واسعة بلا حدود, ولا يمكن لفرد أن يعرف كل شيء بل يمكن للجميع أن يعرفوا كل شيء. لنعلِّم الإنسان أن يتخصص في مجال ما ولنطلب منه أن يمارس تخصصا عمليا ولنحثه على أن يبدع ويطور ذاته ويحب عمله فيكون عطاؤه أكثر, وبنظرة سريعة إلى واقعنا نجد العكس تماما فالجميع يعيش حالة شلل إبداعي والقلائل من يمارسون أعمالا تخصصوا بها وأحبوها, وقلائل هم المنتجون لأن الجميع يعيش حالة البطالة المقنعة يأخذ دون أن يعطي فيصبح عالة على أمته وحضارته ويصير تفكيره كارثيا على أبنائه وعلى وطنه. علينا أن نقلب مفاهيم الكسل والخنوع إلى الجد و النشاط و العطاء ولنعلم بأن لكل عمل مردود إيجابي يقيس نجاح هذا العمل ويظهر نتيجته, و العمل الذي لا يقدم مردودا إيجابيا يكون خاسرا, فالمجتمع كله خلية إنتاجية يجب أن تكون رابحة بكل المعايير والمقاييس الاقتصادية لأن الخسارة تعني الفشل في التخطيط و التنفيذ ولن يرحم الزمن الفاشلين , أفرادا كانوا أم أمما و التاريخ سجل لنا فصولا كثيرة عن أمم اندثرت كذرات في الهواء لأنهم لم يعملوا العقل و الفكر فتفوقت عليهم أمراضهم و عيوبهم و دمرتهم...........
و أخيرا الأمم لا يدمرها عدو قادم من الخارج بل يدمرها أبناؤها إن لم يطوروا تفكيرهم ويطبقوا منطق العلم و المعرفة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مراسم تشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي تبدأ من مدينة تبري


.. مقاطعة حفل ممثل هوليودي لدعمه للاحتلال الإسرائيلي




.. حزب الله: استهدفنا مواقع إسرائيلية في الجليل الأعلى ومزارع ش


.. الاتحاد الأوروبي يفعّل نظام كوبرنيكوس لمساعدة إيران.. ماذا ي




.. استشهاد رئيس قسم الجراحة بمستشفى جنين