الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


النقد المجرد والطريق الى الحقيقة

عهد صوفان

2009 / 10 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


من منا لا يمارس النقدَ يومياً لأي شيء يراه أو أي حدثٍ يمرُّ به، من منَّا لا ينقد علانيةً أو في داخله.......
الجميعُ يتفاعلُ مع الأحداثِ الجارية و مع المحيطِ حوله، فيعبّر عن رضاه أو رفضه كلاماً أو فعلاً أو الإثنين معاً. و لعبةُ النقد هامةٌ جداً، خاصةً إنْ صدرتْ من أشخاصٍ لهم ثقلهم الفكري و الثقافي و الاجتماعي لأنّه يُفترضُ بمنْ يُريدُ أنْ يدلي بدلوه في نقدٍ ظاهرةٍ ما أو حدثٍ ما أن يُلمَّ إلماماً كاملاً بالحدث، بحيثُ يكون قادراً على تشريح الحدث و معرفة كلّ جوانبه و بالتالي عند إطلاقِ الحكمِ النقديّ عليه يكون أقربَ إلى الحقيقة. و مادمنا جميعاً نطلبُ و ننشدُ الحقيقة فعلينا أنْ نتعقبها و نركضَ وراءها حتى و إنْ كانَ ذلك ليس في صالحِنا. فالحقيقةُ شيءٌ مجرَّد لا يعرفُ العاطفةَ والانتماء، لا يعرفُ الصداقةَ و المحبةَ و الكره. هي شيء قائم بذاته، علينا أن نحبه و نطلبه لأنها تعني العدالة... حياتنا أصبحت مليئة بسجالات النقاش و النقد،وأحيانا كثيرة تجد البعض يرفض فكرتك المدعومة بالوثائق الدامغة والمثبتة في كتبه دون أن يلتفت الى الاثباتات التي تقدمها وكأنه يريد الكلام لمجرد الكلام ولا يريد أن يفند الدلائل المقدمة وهنا نصل الى حوار الطرشان .وكثير منا ينتقد منحازا الى رأي قبل أن يسمع الرأي الآخر ويتعرف عليه . بل نسمع لمفكرين كبار في ساحة الفكر يبحثون في قضية ما. فنجد الاختلاف كبيراً بينهم.بل أحيانا نجد و كأنهم من كواكب مختلفة. لماذا الاختلاف ما دامت الحقيقة واحدة ؟ لماذا الاختلاف ما دامت أسس النقد واحدة..؟ أعتقد أن الكثيرين ممن يمارسون النقد يحملون مسبقاً توجهات ثابتة (عاطفية) فيصعب عليهم أن يقولوا سلباً تجاه ما يحبون و يتمنون، و هنا تكمن نقطة الضعف. فالناقد عليه أن يتجرد من عاطفته كلياًّ عند نقده لحدث ما، عليه أن ينسى أن له صلة بالشيء الذي ينقده و إن كان يتمنى عكس هذا الواقع. فالمنطق السليم في فهم الأحداث: هو أن نتجرد تجرداً مطلقاً بعيداً عن أي ارتباطٍ أو انتماءٍ و ننظر إلى الحدث بهذا الشكل المتجرد و نبحث في جوانبه و نقرأ عنه في حالة التجرد المطلقة، و عندما نبدي الرأي النقدي فنكون أقرب إلى الحكم العادل. و هذا الموقف المطلوب من النقاد (المفكرين و المثقفين) مطلوب أيضاً من ألآخرين.مطلوب من كل شخص يشارك في حوار ,والتاريخ علمنا أن الأحكام العاطفية أقرب الى الخطأ منها الى الصواب . فعلى الجميع أن يتعلموا ألا يحكموا على الأشياء من منطلقات عاطفية حتى وإن كان الحكم ضدهم، فالقوة هي أن نعترف بالخطأ جهارا
ونعمل على إصلاحه وأن نعترف للآخر بحقّه، فليس عيبا أو مشينا أن نخطئ فالكل يخطئ، ولكن العيب أن لا نرى العيب فينا فنصمُّ الآذان ونغلق العيون ونكبل الفكر، فلا نعود نميّز ما بين الأشياء...الحياة تحتاج إلى رؤية واضحة وثاقبة، واهم مقومات الرؤية الواضحة الثاقبة:
أن نتحكم بالعواطف فلا نتركها تتحكم بنا ، و تجبرنا على اتخاذ قرارات لا تجلب إلا الضرر و الأذى لنا . جميعنا يحلم و يحلم أن يحصل على أشياء كثيرة في هذه الحياة، و لكن الأمنيات لن تتحول بقدرة قادر إلى حقيقة ملموسة لمجرد أن حلمنا بها، بل تحتاج الأحلام: إلى رؤية علمية منطقية تقترن بعمل مدروس هادى و مثابر .تحتاج إلى فكر قوي يميز الخطأ من الصواب و يعلم ما هو المفيد و ما هو الأكثر إفادة. فجميع الأمم حالياً تستفيد من مقومات الحياة و فعالياتها و لكن بدرجات متفاوتة تفاوتاً هائلاً. إذاً أن نستفيد شيء جميل و لكن غير كاف على الإطلاق لأن غيرنا يستثمر الاستفادة المطلقة و بالتالي التقدم الأكثر لدرجة نبدو و كأننا في عالم آخر، فسباق الحياة محمو م بين ألأمم و علينا أن نبحث عن ترتيب لنا متقدم في هذا السباق. فلنقرأ التاريخ بمنطق متجرد و لنقرأ الأحداث بنفس المنطق، لنقرأ أنفسنا من الداخل و نقرأ الآخر قراءة المتجرد الباحث عن الحقيقة، عندها فقط سوف نقترب من الحقيقة التي هي ضالة البشرية. إن سلم التطور الفكري للبشر يقاس بدرجة التجرد لدى البشر، لأن المنطق المتجرد يبحث عن الحقيقة و يتقبلها و هنا المنطلق للنجاح، فإذا ما اقترن هذا المنطق بالعمل و الجد و المثابرة، انطلق المجتمع في طريق التطور و الإبداع.
والطامة الكبرى أن تتحول أمة بعينها الى حالة من الانقياد العاطفي في تحليل الأحداث والوقائع.وبدلا من النظرة المجردة ننساق وراء العاطفة ونحكم بموجبها وهذا يعني توقف العقل عن العمل,وهو أهم نعمة نمتلكها.فتصبح جميع أحكامنا مسبقة ولا حاجة لدراسة الأسباب وتحليل الظواهر وفهمها.لأن اجاباتنا جاهزة في رؤوسنا وغالبا اجابة واحدة لكل التساؤلات....
فكل مصائبنا من الاستعمار(أمريكا والصهيونية)
وكل أمراضنا من الاستعمار
وكل تخلفنا من الاستعمار
وكل خلافاتنا يذكيها الاستعمار
وكل فقرنا من الاستعمار
وأرضنا مقدسة
ونحن خير أمة ولا أحد يعلم كيف ولماذا
غزونا العالم فسمينا ذلك فتوحات لنشر المحبة بالسيف وقتلنا وما زلنا نقتل باسم الله
نرى تاريخنا المملوء بالقتل والغزو وسفك الدماء، نراه جميلا..كيف؟؟ فقط نراه جميلا لأننا نحب أن نراه جميلا ...
هذا المنطق العاطفي هو سبب محنتنا مع أنفسنا ومع الآخر.لقد عصب عيوننا وجعلنا لا نرى الحقيقة,فعقولنا تحتاج الى برمجة جديدة ولغة جديدة توصلنا الى الحقيقة والحقيقة فقط ....
نحتاج الى برمجة جديدة ترينا الجميل جميلا والقبيح قبيحا دون مواربة أو خجل لأنه عندها نستطيع أن نحتفظ بالجميل ونلفظ القبيح ونصلح الخطأ .لايمكن أن نخطوا خطوة واحدة الى الأمام إن لم نر الأخطاء ونصلحها ونتعلم منها كي لانكررها .هذا هو الطريق الى التقدم :معرفة الذات ومعرفة الآخر...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هذه هي الحقيقة. شكرا على هذا التحليل الرائع!!
سمير البحراني ( 2009 / 11 / 1 - 07:20 )
ان المشكلة تكمن في عدم الاخذ بالسبب والمسببات وجعل القضا والقدر الشماعة التي يعلق عليه المسلمون اخطائهم بتبرير من الفقهاء المرتبطين ببلاطات الحكام وجعله امتحانا اواحيانا انتقاما الاهيا لترك بعض الفروض الدينية وهو ما يعفي الحاكم من المسؤوليات المنوطة بحسن التدبير ورسم السباسات الاقتصادية وغيرهاعلى منهج علمي وليس على فتاوى رجال لا يحسنون الا اسبال اللحى وتقصير الثيباب والتداوي بالرقية.ان غياب النقد المجرد البناء لوضع الامور في مكانها الصحيح هو من اوقع العرب والمسلمين تحت حكم ديكتاتوري بفرمان الهي يحجر السؤال والمناقشة حتى حول اتفه الامور لانها مقدسة ومن اختصاص ولاة الامور ولو كانوا ولاة الامورجهلة او نصابين. لذا ترانا نعزو فشلنا الذريع في كل شيء الى المؤامرات الخارجية ــ او الى القدر خيره وشره ـــ وكاننا نحن من نمتلك زمام التقدم وخوف العالم من تقدمنا لحوؤهم الى المؤامرات لالا نستعمرهم ونصبح اسبادهم.


2 - نعم لإعمال العقل لا للتحامل على الدين
عبد الله بوفيم ( 2009 / 11 / 1 - 14:41 )
الكاتب المحترم, خلص من موضوعه إلى تحليل وضعية المسلمين وواقعهم وانهزامهم النفسي الذي يبررونه بكونهم ضحايا الاستعمار والمؤامرات ويكتفون بالتبرير من غير البحث عن الأسباب الحقيقية للحالة التي هم عليهاا
صحيح نسبيا ما فسرته ووضحته استاذ, نعم إن الكثير من المسلمين يكتفون بالتبرير لكن الكثير منهم بحثوا ووجدوا مكمن الداء وبحثوا وعرفوا الدواء
لكنك بالدواء لن تقتنع وبالداء مهتم توضيحا وتشهيرا من غير السرور بوجود دواء له
إذا كان الأعداء يا استاذ جعلوا الاسلام الذي سموه إرهابا الشماعة التي يعلقون ويبررون بها جميع مشاكلهم ويتخذونه مبررا لتوحيد صفوفهم وشحد الهمم في العدوان على الاسلام والمسلمين, فكيف لا نبين من بين اسباب ما يقع في بلادنا بتدخلهم وهم الذين ينفدون عمليات إجرامية ضد مصالحهم لاتهام المسلمين وأركاع حكامنا وابتزاز دولنا. مهما كان حكامنا فنحن بهم راضون, لأننا لن نجد في هذا الوقت من هم أفضل منهم لسياستنا وواقعنا. حكامنا هم اليوم صورة من صور الشعب (كيفما تكونوا يول عليكم) حكامنا جزء منا وهم منا وإلينا
إن ما يرمي إليه الأعداء في المستقبل هو إثارة الفتن في دول المسلمين ليتسنى لهم تمزيق دولنا إلى دوليلات وإماراة متناحرة, لنكون لهم لقمة سائغة
ولن نكون كذلك إن شا


3 - مافيش فايده سيبقى المسلم كماهو
Zagal ( 2009 / 11 / 2 - 05:45 )
مافيش فايده ... سيبقى المسلم كماهو ... عبد الله بوفيم مثالا


الكاتب يعيد ويزيد فى موضوع علاج العقل العربى ولكن كيف ومتى يتخلص هذا العقل ويعترف بالداء ويبحث عن دواء بدلا من نقل عيوبه الى الغير ..

السعوديه اكبر مثال لهذا التحدى المزعوم يا اخ عبد الله بوفيم

اخر الافلام

.. الشرطة تقتل رجلا حاول إضرام النار في كنيس يهودي شمال غرب فرن


.. الاحتلال يعتدي على شاب فلسطيني وتعتقله خلال توجهه لأداء صلاة




.. تحت مظلة التحالف الوطني.. الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات ا


.. فرنسا: الشرطة تطوّق مكان الحادث بعد القضاء على رجل يشتبه في




.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - قوات الاحتلال تعتدي على المصلين