الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمّة الأدب لا تتحلى بأدب الحوار

محمد أبوعبيد

2009 / 11 / 2
المجتمع المدني


بين فرض الرأي ورفضه تنوء مجتمعاتنا بمفهوم أدب الحوار ، وهو المفهوم الذي ما انفكّ على مسافة بعيدة من ثلة ظنت أنها تحسن أدبه وتجيد مهارة الإنصات . والتدقيق العقلاني في هذا الأمر سيفصح عن سمات الطريقة التي تسير عليها عجلات الحوار لدنّا ، وكأنها متفتقة عن ثقافة الانقلابات العسكرية ،لأنه ببساطة هناك من يريد إزاحة الآخر لمجرد الاختلاف في الرأي .
لكي لا يظهر الكلام نسجاً من الخيال بالنسبة إلى البعض الباغض أن يسمع حقيقة جليّة عن مجتمعاتنا ، وخصوصا ثقافتنا الحوارية كونها المقصودة هنا ، فيمكن التذكير بالدراسة التي صدرت في الكويت قبل أيام قلال، وأعدها الكاتب محمد النغيمش رفقة الدكتور يوسف الفيلكاوي ضمن كتاب هو نادر الوجود والتأليف بعنوان (لا تقاطعني) . الدراسة أظهرت أن 70% من العرب لا يتحلون بآداب المقاطعة والحوار خلال البرامج الحوارية التلفزيونية . سينفض البعض وينتفض للتشكيك فيها، وحمْل لواء الدفاع الأعمى والساذج عن طريقتنا في الحوار ، وسيوجهون التهمة إلى كل مؤمن بهذه النسبة بأن الهدف دائماً هو الانتقاص من فضائلنا كأمة فُضِّلت على غيرها ، وسيجمّلون الحقيقة المُرّة بمساحيقهم القديمة المتجددة ويقولون إننا الأفضل حواراً والأكثر أدبا فيه .
لتصديق هذه النسبة لمن ما زالت تسوّل له نفسه بعدم التصديق ، فإن الأمر لا يَسْتلّ الجهود من أضلع الشرقيين للإيمان بها ، ولا إكراه في ذلك . ليَمنحْ أحدُنا نفسه قسطاً من الوقت لمتابعة البرامج الحوارية الفضائية، ما خلا القليل منها، وليمتحنها لإدراك ما جناه من الفائدة والمعلومة التي أضافها إلى رصيده المعرفي بعد انتهاء أحد البرامج الحوارية ، في أحسن الحالات سيكون الأمر مثل من أضاف فلساً أو فلسيْن إلى رصيده البالغ مليوناً أو مليونيْن ، لكن المؤكد أن الأمر سينتهي به بطَنِين في الأذنيْن إذا كان محظوظاً ولم يُصَبْ بالأذى ،مع اكتساب كلمات جديدة من قاموس السب والقذف والشتائم إنْ كان ساعياً إليها .
هذه البرامج التلفزيونية ليست وحدها "الباروميتر" لقياس آداب الحوار لدنّا ،فثمة المواقع الإلكترونية التي تتيح لزوارها التعليق على مضمونها من آراء وأخبار . من يمعن النظر جلياً في اللغة المستخدمة في كثير من التعليقات ، لن يخالجه أدنى ريْب في تدني مستوى الحوار عندنا ، وكيف أنّ كثيرنا ضيّق لغتنا بما رحُبتْ ، فلم تسعفه سوى كلمات غير لائقة للتعبير عن المعارضة لهذا الرأي أو ذاك ، وتناسيْنا أن لغتنا لغة الأدب ، وخصلنا أنفسنا بأمّة الأدب . فيا له من تناقض .!!
إنْ كانت المواقع الإلكترونية يمسّها أذى التعليقات الخالية من أدب المفردات ، فإنها على الأقل تنجو من مرض المقاطعة وعلة عدم الإنصات ،حيث يقدم صاحب الرأي رأيه وينهي فكرته من دون تشويش ، وبمقدور المتلقي أن يقرأ الرأي من دون صخب المقاطعات ، بينما البلية تعظم على الحوارات المنطوقة ،حيث المقاطعة وعدم الإنصات ، وحيث ضجيج يضرب بطبلة الأذن ، وكل صاحب رأي يحسب أنه الصواب والآخر سراب وخراب ،فلا إتمام للفكرة وحتى الجملة . حمداً لله أنه يُمنع إصطحاب السيوف أو البنادق مع المتحاورين ، كي لا يؤول تبادل الآراء إلى سفك الدماء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في اليوم العالمي لمناهضة رهاب المثلية.. علم قوس قزح يرفرف فو


.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع




.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة


.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون




.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر