الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المسرحية السورية (في الهوى عالهوا): بين الخير والشر.. شباب معلّق في الهواء

مايا جاموس

2009 / 11 / 8
الادب والفن


قُدِّمت على خشبة (مسرح القباني) مسرحية (في الهوى عالهوا). تتحدث المسرحية عن شخصيتي شابين تشكّلان نموذجين الأول (رامي) رياضي (ملاكم) وهو متردّد، منعدم الثقة بنفسه، متوتر، لكنه يتحلى بالأخلاق. ورغم نظرته إلى المذيع ومن يحكون معه على أنهم تافهون غير صادقين (كما يتحدث في بداية العرض)، لكننا نراه واقعاً في فخّ تلك البرامج، إذ يعشق المتصلة بالهاتف سحر من خلال صوتها فقط، ويطلب المساعدة من صديقه المذيع للاتصال بها ولقائها، لينكشف عن شخصية غير متوازنة وتحمل شيئاً من الادّعاء. والثاني هو المذيع (هادي)، نموذج لشخصية (ملعّبة) بالمعنى الدارج للكلمة، فهو يجيد فن الكلام واللعب على المشاعر والحديث مع الفتيات وإيقاعهنّ في شركِهِ وإقامة علاقات سريعة معهنّ، وهو لا مبالٍ ونموذج معولَم، ولا أخلاقي.
بذلك يقدم العرض نموذجين للشباب المعاصر، الأول لا يستطيع مواجهة الناس إلا بالقوة والضرب، أما الثاني فيواجههم بالتهكم واللاأخلاق ويبرر لا أخلاقيته تلك. وبالمحصلة العامة فإن الشخصيتين غير متوازنتين ولا تملكان هويّة أو مشروعاً في الحياة. وفعلاً فإن المسرحية مبنيّة على معادلة الخير والشر، وتقدم شخصياتها ضمن شروط غير صحية، والعلاقات بينها أيضاً غير صحية، فهي بين البطلين متوترة وهنالك عدم ثقة واحترام للآخر، وابتزاز من طرف للآخر، وحتى علاقاتهما مع الوسط الخارجي (المجتمع)، مشوّهة ومزيفة، متخيَّلة تنشأ من خلال الصوت والإذاعة، وتُبنى بنوع من الكذب.
وتُجسَّد العلاقة مع المجتمع من خلال الأنثى، المذيع تُبنى علاقاته بطريقة رخيصة لا أخلاقية ونظرة تقليدية إلى الأنثى قائمة على عدم احترامها والتعامل معها كجسد، وهو يعبّر عن شريحة واسعة من المجتمع، أما الثاني الرياضي فيؤمن بعلاقة مثالية لكنها متخيَّلة ولا أساس لها في الواقع، وبالنتيجة فإن الاثنين علاقاتهما زائفة مريضة. والأنثى التي هي سبب للتناقض بينهما، هي عنصر غائب لا وجود فعلياً له على أرض الواقع، وهذا تكريس لفكرة العزلة وأزمة العلاقة مع الأنثى والمجتمع ككل.
يتصعّد الصراع الكلامي بينهما بتهكّم المذيع من الملاكم بسبب عدم معرفته للتعامل مع الأنثى، فيقدم الملاكم على قتله، قبل أن يذهب إلى موعده مع سحر (الأنثى المتصلة بالإذاعة)، ليقف الملاكم مدهوشاً وهو يسمع سحر تتصل بمذيع آخر (عالهوا)، وتُترك الحبكة مفتوحة وغامضة. وكأن العرض بصيغة دلالية وتقليدية مباشرة يريد أن يقول إن النموذج السلبي (الشر) يجب ألا يستمر وسيدمره الإيجابي (الخير)، لكن هنالك الكثير من تلك النماذج السلبية، لذلك يصل الملاكم إلى نوع من الخواء والجمود والفراغ آخر العرض.
تعرض المسرحية شخصيتين هما نمطان أو نموذجان وبهذا المعنى لا يحملان غنىً وعمقاً. يقدم أمجد طعمة أداء رتيباً لشخصية متوترة ومرتبكة على طول العرض منذ اللحظة الأولى. فيما يقدم الأخ ملص أو شخصية المذيع أداء استعراضياً لكنه أكثر تنوعاً وحيويةً، وتختار المسرحية حلاً إخراجياً ذا دلالة مباشرة وشائعة من خلال تقديم (التوءمين) كشخصين ممثلين يؤديان شخصية المذيع، وذلك لإظهار الظاهر والباطن أو الازدواجية في الشخصية.
وتعتمد المسرحية تقديم أفكار ومقولات وترميز مباشر بطريقة تحمل نوعاً من الاستسهال.
يتخلل العرض نوعٌ من الإضحاك لكنه يلجأ إلى أبسط أنواعه، إذ يتأتى من السخرية واللعب على الألفاظ تحديداً ذات الدلالات الجنسية والإيحاءات المتعلقة بها.
والحوار الذي أرادت المسرحية تقديمه مشابهاً لحوار حياتيّ يوميّ للشباب، لم يخرج عن هذا التوصيف، فقد أتى واقعياً مباشراً يذكّر بما يقوله أدونيس عن لصق الوجه بالمرآة لتقديم الواقعية. بل جاء حيّزٌ كبير منه دون وظيفة درامية، وكان من الممكن الإضافة إليه أو الحذف منه دون أن يؤثر ذلك على بنية العرض.
قدم الديكور دلالة مباشرة، إذ كانت صورة الأنثى ذات حركة الغنج في الخلفية، والمقاعد عبارة عن أراجيح معلقة في الهواء، في إشارة إلى وضع هؤلاء الشباب المماثل للأراجيح، المعلَّق بالهوا.
المسرحية تأليف أمجد طعمة، إخراج لينا الشواف. تمثيل أمجد طعمة، والتوءمان محمد وأحمد ملص. إنتاج إذاعة أرابيسك ومديرية المسارح والموسيقا.
النور411 (4/11/2009)








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة