الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كردستان: عن -التخطيط- وأشياء أخرى

طارق حمو

2009 / 11 / 9
القضية الكردية


كلما تعرضتٌ بيني وبين نفسي إلى الوضع الداخلي في اقليم كردستان العراق، اصطدمت بإستنتاج صاعق، عبارة عن جملة من كلمتين: "غياب التخطيط". التوقف أمام مجريات الأحداث والتعرض لكيفية تعامل الحكومة( أو لنقل: الحزبين الرئيسييّن) مع الملفات الكبرى، يجعلنا نستخلص عبارة " غياب التخطيط" ونضع تحتها ألف خط أحمر.

ماالذي يجري في كردستان حقاً؟.

سؤال صعب جداً. ثمة خلطة عجيبة من تضادد/تحالف الأجندات والمصالح. تركيبة رهيبة. واقع معقد، تم شده بحبال من "المصالح" و"التفاهمات" و"الصفقات" و"المقايضات" و"ترضيات الخواطر". كل شيء قائم على " التوازنات" الدقيقة و"مراعاة الحساسيات الداخلية والخارجية" الكثيرة...

الزائر لكردستان يخرج بإنطباعات متناقضة. ثمة من يقول لك: هناك حركة إعمار كبيرة ومشاريع ضخمة بالمليارات ( في أربيل تحديداً) وتطوير متسارع وتقدم مذهل، متوقعاً لمواطني الإقليم "المستقبل الرغيد" و"العيش الكريم الهنيء". وثمة من يقول العكس: فساد ومحسوبية ونهب كبير للمال العام. وغياب المحاسبة. وإصرار مرضّي( من المرض والسقم) على تعيين "الرجل غير المناسب" في "المكان غير المناسب"، ومع سبق الإصرار والترصد. هذا ناهيك عن التخبط والفشل في السياسة الخارجية مع كل من بغداد وعواصم الجوار وواشنطن. أما "المشاريع العملاقة" فتصبح، والحال هذه، عبارة عن "قشرة الحضارة" التي ألبسها "المخططون" الكبار للإقليم، مع بقاء " الروح جاهلية".

قبل فترة إنتقدت "أم الأكراد" المدام دانييل ميتران، في حديث نشرته اسبوعية ( Rûdaw) الكردية، ما أسمته ب"النزعة الإستهلاكية الطاغية في المجتمع الكردستاني". إستغربت السيدة ميتران من إنتشار ثقافة التواكل، وتساءلت "لماذا لم يعد الكردستانيون يزرعون أرضهم الخصبة كما كانوا في السابق، ولماذا باتوا يستوردون كل شيء من الخارج"؟. "أم الأكراد"، أيضاً، إستنكرت ذهاب البعض المخطط إلى جعل كردستان " دبي ثانية"، واوضحت بأن تحويل كردستان إلى دبي، نكوص كبير وفشل صريح، ولايعتبر تقدماً أو إزدهاراً أبداً. فدبي، في عرف السيدة ميتران، هي مجتمع إستهلاكي توقف أهله عن العطاء والإبداع، وإنما اصبحوا متلقين، مستهلكين، ينتظرون كل شيء من الآخرين. وهي، لذلك، تريد كردستان مجتمعاً آخراً يعتمد ناسها على أنفسهم. يبدعون وينتجون ويصدرّون للغير. السيدة ميتران تريد كردستان تأكل مما تزرع وتكتسي مما تنسج، وتشغّل ما تصنع. ولعل المدام ميتران ذهبت بعيداً في الطموح والحلم، وغالت كثيراً وكثيراً، حينما دعت القيادة الكردستانية إلى دعم حركات التحرر في اجزاء كردستان الأخرى. وهنا كان الحديث عن حزب العمال الكردستاني الذي رفضت ميتران وسم البعض في الإقليم له ب"الإرهاب". وقالت بان "الكردستاني يدافع عن الكرد في تركيا ضد آلة الحرب والدمارالتركية". وانها هي نفسها "حملت البندقية وقارعت الإحتلال النازي لفرنسا"، وكانت فتاة صغيرة عمرها 16 عاماً فقط.

المسؤولون في كردستان، او البعض منهم، يشيرون إلى بعض المشاكل ويعترفون بها ويتعهدون بالتصدي لها، أو على الأقل، محاولة معالجتها والأخذ بأسباب تقويضها. ولكن لانرى أي تخطيط للقضاء على هذه المشاكل. ولكي لانطلق الكلام على عواهنه هنا، ولأننا نحب كردستان ونريد لها الخير والتقدم، لكي نشّد ظهرنا بها ذات يوم، فسنشير الى بعض الكلام المنداح في الشارع الكردستاني العريض:

ـ لماذا فشلت الحكومة الكردستانية في تطبيق المادة 140 حتى الآن وإرجاع كركوك وشنكال وخانقين وغيرها من المناطق المستقطعة إلى حضن الإقليم؟.

ـ لماذا همّشت الحكومة الإيزيدييّن( أو: الكورد الأصلاء!) ورفضت تمثيلهم في حكومتها وبرلمانها، وفي حكومة بغداد وبرلمانها، وفي قيادة الحزب والبيشمركة والدولة، بحسب نسبتهم، وتجاهلتهم بشكل يدمي القلب، ولم ترى فيهم سوى خزاناً للأصوات، ولم تغازلهم سوى في أوقات الإنتخابات وساعات التصويت، حتى أنبرى بعضهم وأسس أحزاباً قومية ولوائحاً خاصة للإلتفاف على سياسة التهميش والحصار هذه؟. من المسؤول عن ظهور الأحزاب الدينية الإيزيدية واللوائح المستقلة التي تنادي بحقوق الإيزيديين بعد خيبات الأمل من الموقف الكردي المركزي/ الكردي السنّي؟. من المسؤول عن إبعاد الإيزيديين عن كردستان؟.

ـ لماذا همّشت الحكومة الكردستانية الكرد الفيلية ورفضت التحرك لبحث ملفهم والدفاع عن حقوقهم، حتى لجأ هؤلاء إلى الإعلان عن أحزاب خاصة بهم رداً على سياسة التهميش هذه. بل وتحالف قسم كبير منهم مع الأحزاب العربية الشيعية محولين عن كردستان وعن "التحالف الكردستاني"، وفي قلبهم ألف غصة وغصة؟. من المسؤول عن إبعاد الفيليين عن كردستان؟.

ـ لماذا يشتكي الهورامانيون، وماذا يريد هؤلاء، ولماذا انشأوا حزباً قومياً؟. من المسؤول عن إبعاد الهورامانيين عن كردستان؟.

ـ لماذا شنكال مهمشة ومتروكة لمصيرها، ولماذا خانقين مهملة؟. هل السبب يكمن في عقائد ساكني هذه المناطق، في كونهم من " كرد الأطراف" من الإيزيديين والفيليين ياترى؟. ثم، ماهي نتائج التحقيق في " احداث الشيخان" ولماذا لم تحاكم "دولة القانون" من اعتدوا على أملاك مواطنيهم أمام " القضاء العادل". هل يٌعقل أن الأجهزة المعنية لم تجد مذنباً واحداً من بين كل جموع الدهماء التي احتشدت لإحراق ونهب مباني الإيزيديين؟.

ـ لماذا لم تحصل " اللائحة الكردستانية" في بغداد سوى على 10.000 صوت، علماً بان "بغداد فيها مليون كردي على الأقل"، و"هي اكبر مدينة كردية في العراق"، على رأي الطالباني؟. من المسؤول عن خسارة أصوات الكرد في بغداد، وإلى من ذهبت هذه الأصوات؟.

ـ لماذا لايصّوت "الكرد السنّة" في داخل مدينة الموصل لحكومة كردستان وأحزابها، ويصوتون ل"حزب العدالة الكردستاني" لصاحبه أرشد زيباري، الشخصية الأكثر إرتزاقاً في كل كردستان، المتحالف الآن مع آل النجيفي وقائمة " الحدباء" المعادية للكرد؟. من المسؤول عن كل هذا؟.

ـ من المسؤول عن تفشي ظاهرة قتل النساء، حرقهن لأنفسهم (أو إحراقهن؟)، إنتحارهن( أو نحرهن؟). ولماذا لاتوضع حلول ناجحة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة، ولماذا لايتم محاسبة القتلة؟. اين التخطيط لمعالجة هذه الجرائم؟. هناك أرقام مهولة تتحدث عن عشرات الآلاف من النساء القتلى، أو "المنتحرات" في كردستان منذ "الإستقلال" في 1991؟.

ـ لماذا تستمر ظاهرة ختان البنات، ومن المسؤول عن استمرار وتفاقم هذه الظاهرة المتخلفة البشعة؟.

ـ لماذا تتصدر كردستان أعلى درجات الفساد في العالم؟. ومن هو المسؤول عن إستمرار هذه الآفة، وأين هو المشروع للتصدي للفساد أو الحد منه؟. ولماذا لم نجد حتى الآن فاسداً واحداً وهو يعٌتقل بتهمة سرقة قوت المواطن، ويٌحاكم، وتُصادر أمواله المنقولة وغير المنقولة، كما يحدث في بقية بلاد الله؟. الحق لانرى في كردستان أي فرق بين فاسد من العامة، وفاسد من " عظم الرقبة". الكل ينعم ببركات الفساد وينام قرير العين مطمئن البال...

ـ من المسؤول عن تردي واقع الزراعة في الإقليم ولجوء الكل إلى الشراء والإبتياع من ماتجود به يد الجوار، بدل السعي والإنتاج، حتى أصبح اللبن التركي المعلب يكتسح أربيل. اللبن " القزل قرط" على رأي الدكتور فرهاد بيربال!.

ـ لماذا تتنازل حكومة الإقليم أمام تركيا وإيران، فيما يتعلق بتدخلهما الدائم في شؤون كردستان، قصفهما المستمر للقرى الآهلة. قطعهما للمياه عبر تجفيف الأنهار. اقامتهما للقواعد العسكرية على أرض الإقليم. اغراقهما السوق بالمواد الغذائية والإستهلاكية الفاسدة؟.

ـ ماتفسير الحكومة لواقع هجرة الآلاف من الشباب نحو أوروبا ومواجهتهم المخاطر والأهوال حتى الوصول الى "الجنة الأوروبية"؟. ماالذي يدفع بهؤلاء للمخاطرة بحياتهم بهذا الشكل من أجل الخروج من " كردستان الحرة"؟. من المسؤول عن هذه الظاهرة؟.

ـ لماذا فشلت الحكومة في اقامة علاقات متوازنة مع الولايات المتحدة الأميركية؟. هل سأل احد ما عن الفائدة التي جناها الكرد من التحالف مع الأميركان؟. ماذا قدمت أميركا لحليفهم؟. هل ثمة من يستيطع أن يساءل القادة في أربيل والسليمانية عن الحقيقة، وعن ثمار الدعم المجاني الكردي للأميركان؟.

ـ ثم ماذا عن حوادث ضرب الصحفيين وملاحقتهم؟.


هذه بعض الاسئلة، نتركها برسم الأستاذ علي عثمان وزير التخطيط الجديد، وقبله برسم القادة في الحزبين الكبيرين وجيوش المستشارين والوكلاء المحيطين بهم....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مديح البؤس
سوري ( 2009 / 11 / 9 - 19:36 )
بتاع كلو
هكذا يمكن تلخيص حال بعض المسقفين الاكراد
لو كان السيد طارق حمو يعمل في كرديتان تي في لمدح انجازات الحزبين هناك او عىلى الاقل البارتي
لكنه يعتاش على المساعدتين الآبوجية والاجتماعية الالمانية ويدير اربع محلات للحلاقة
طبعا سيشتم الاقيلم واحزابه ويفتش عن مذهبية وطائفية غير موجودة الا في وعيه البائس


2 - الى مديح البؤس يا بائس
فينوس انور ( 2009 / 11 / 9 - 22:28 )
ميزة التعليقات على المقالات في المواقع الانترنيتية اصبحت مع اللاسف الشديد هذه الايام موضة او متنفساً وحيداً لبعض لصغار القامة وذوي العقول المريضة التي لا تعي ما تكتب الا اللهم سوى الشتيمة والكلام المسيء الذي هو صفة البائسيين والتاعسين والذليلين وبائعي الضمير
للعلم والمعرفة ان شخصيا لا اعرف كاتب هذا المقال وليس لدي اي معلومة عنه
الا انني متابع جيد لما تنشره بعض المواقع الرائدة في الانترنيت امثال الرائعة الحوار المتمدن وغيرها من المواقع الجميلة التي تحترم الكلمة
ومتابع لمقالات الاستاذ طارق حمو الذي اكن له كاعلامي كل الاحترام والتقدير
لكن على مكا يبدو بان كاتب التعليق الذي سمي نفسه ب سوري هو قريب من كاتب المقال ويعرفه شخصيا لذلك يشتمه للاغراض شخصية
او انه عميل للاستخبارات السورية
اتمنى ان يكون لديك الجرأة وتحاورني وجها لوجه
وهذا هو ايمايلي الشخصي
وللعمل انا امرأة عربية متزوجة واعيش في المانيا
[email protected]


3 - بمثل السيد حمو ينتصر الاحرار
صديق الكبار و الاحرار ( 2009 / 11 / 10 - 03:59 )
السيد طارق حمو اعرفه عن بعد و اتابع اخباره ، و رايي أن هذا الشاب كاتب ممتاز و مجتهد و مثابر ، اما على صعيد المصداقية فهو كما يعرفه الكثيرون مثالا للنزاهة و نظافة اليد و مبدئية الموقف ، كل من يعرفه متاكد ان السيد حمو يتواجد حيث يؤمن ، لا يمكن له ان يغدق المديح على أحد لمصالح شخصية ، و لو كان كذلك لتوجه الى كردستان تي في او الى ت رت 6 كما فعل العديد من المناضلين
...!
إن موقفه من حزب العمال خير دليل على ذلك فما الذي يتكسبه من موقفه هذا ، من يقترب من هؤلء الكبار الافذاذ ( العمال الكردستاني )يدفع ثمنا حقيقيا من ماله و عمله و أحيانا حياته و ى سبيل للحديث عم المصالح معهم طبعا المصالح الشخصية السفيهة و الضيقة
أقول اخيرا لصاحب التعليق البائس أن السيد حمو مثالا حقيقيا يحتذى و انت و امثالك تبيعون مبادئكم و كردستان ببضعة يوروهات
تقدم طارق و استمر كما انت نظيفا و صادقا ، حرا و كريما


4 - فينوس
سوري ( 2009 / 11 / 10 - 08:30 )
فينوس اسم على غير مسمى
لن ينطلي علي او على غيري الاختباء وراء اسم إمرأة
كمان ابداء من ابسط حقوق الانسان وكفله كل الدساتير الغربية والشرقية حتى تلك التي تظل حبرا على ورق
تهمة العمالة والخيانة وتوزيع الوطنية على الآخرين انتهت صلاحيتها
من لايتفق معكم فهو خائن عميل جاسوس يستحق الذبح على الطريقة الكردية
عيب


5 - متى كان اليزيديون اكرادا
سوري ( 2009 / 11 / 10 - 11:00 )
للحقيقة والتاريخ كان اليزيديزن أكرادا اصلاء قبل هجرتهم الاوربية ،لانهم يقولون انهم( يزيديون) فقط وليسوا أكرادا ،الغالبية العظمى منهم تقول ذلك
كما ان العزف على الاوتار المذهبية والطائفية والقبلية هي من صفات اشباه المثقفين و الانتهازيين الرخيصين

اخر الافلام

.. خيام لا تقيهم برد الشتاء ولا حر الصيف.. موجات الحر تفاقم معا


.. العالم الليلة | ترمب: أتطلع لمناظرة بايدن.. ونتنياهو لعائلات




.. الأمم المتحدة تبدي انزعاجها من إجراءات إنفاذ القانون ضد محتج


.. الأمين العام للأمم المتحدة: نحث الأطراف بقوة على التوصل لاتف




.. اعتقال مرشحة للرئاسة الأمريكية في احتجاجات داعمة لغزة