الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصابئة المندائيون

سلمان محمد شناوة

2009 / 11 / 11
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


كلمة صابئة جاءت من جذر الكلمة الآرامي المندائي (صبا) أي بمعنى (تعمد، اصطبغ، غط ،غطس) وهي تطابق أهم شعيرة دينية لديهم وهو طقس (المصبتا – الصباغة – التعميد) فلذلك نرى إن كلمة صابئي تعني (المصطبغ أو المتعمد) .. أما كلمة مندائي فهي آتية من جذر الكلمة الآرامي المندائي (مندا) بمعنى المعرفة أو العلم، وبالتالي تعني المندائي (العارف أو العالم بوجود الخالق الأوحد.
العرب يرجعون كلمة الصابئة إلى جذر الفعل العربي ( صبأ ) المهموز، وتعني خرج وغير حالته، وصار خلاف حاد حول أصل الكلمة اهو عربي من صبأ أم أرامي صبأ ممكن إن تعطي معنى كلمة الصابئي أيضا، أي الذي خرج من دين الضلالة واتحد بدين الحق، فمن الممكن جدا إن هذه الكلمة كانت تعبر عن فترة من التاريخ عندما كان الناس يتركون (يصبأوون) عن ديانتهم الوثنية، ويدخلون الدين المندائي الموحد، أو الذين دعوا بالاحناف. وبما إن المندائيون ولغتهم ليسوا عربا فاخذ العرب هذه التسمية لتكون صفة مميزة لهم وخاصة قبل الإسلام، أضف إلى ذلك إن هذه التسمية قديمة ولها أصولها في اللغة العربية. ومن الجدير بالذكر بان حتى النبي محمد (ص) وإتباعه دعوا بالصباة، عندما جهروا بدعوتهم لأول مرة في مكة ودعوا إلى الإله الواحد الأحد، فدعاهم مشركي مكة بالصابئة .. على العموم اتفق أغلبية الباحثين والمستشرقين على إن كلمة صابي أو صابئي جاءت من الجذر الآرامي وليس العربي للكلمة أي الصابغة أو المتعمدين أو السابحة . والأخيرة اقترحها عباس محمود العقاد، في كتابه (إبراهيم أبو الأنبياء)، جعل سببها كثرة الاغتسال في شعائرهم (أي الصابئة المندائيين) وملازمتهم شواطئ الأنهار من اجل ذلك. وذهب المستشرق نولدكه إلى إن كلمة صابئة مشتقة من صب الماء إشارة.

الصابئة قال عنهم ياقوت الحموي بأنهم ملة يصل عمقها إلى شيت بن آدم (ع) , ويرجع ابن الوردي تاريخهم إلى النبي شيت بن آدم والنبي إدريس (هرمس) (ع) .. ويقول الفرحاني إن الصابئة أصحاب ديانة قديمة ولعلها أقدم ديانة موحدة عرفتها البشرية وأشار إلى الكثير عنهم في كتاب أقوام تجولت بينها فعرفتها))
كما يؤمن الصابئة المندائيون بان أول نبي ومعلم لهم هو ادم وابنه شيث (شيتل) وسام بن نوح ويحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان) والذي يدعى في لغتهم المندائية ب يهيا يوهنا)) ......
تقول الليدي دراور . وقد دونت في مذكراتها عن طائفة الصابئة المندائيين ما يلي :
" أن تتمكن طائفة غنوصية قديمة من البقاء حتى وقتنا الراهن هو أمر مثير للعجب , وأن تصان الكثير من كتبهم وتعاليمهم السرية ودواوينهم الطقسية هو اقرب ما يكون للمعجزة . أن هذه الطائفة تضمحل بسرعة، رجال دينهم طاعنون في السن وإعداد المؤمنين منهم في تضائل سنة بعد أخرى . إني اشعر بالفخر كوني عاصرت عن كثب دينا ربما سيندرس بعد حين".
ربما هذا صحيح .......
حين مر الرحالة الفرنسي ( تافرنيه ) بمدينة البصرة في آذار 1652 قبل له إن أتباع القديس يوحنا المعمدان , القاطنين في البصرة وأطرافها يقدرون ب 25 ألف عائلة وإذا قدرنا إن أفراد العائلة 5 على أوسط تقدير كان تعدادهم 125 ألف نسمة , لكن لا يوجد أي إثبات لهذا العدد لأنه عدد تقريبي وبدون إحصاء , ويقول السيد نقولا السيوفي إن أعدادهم في عام 1877 لم يتجاوز 4000 نسمة .
أما تعدادهم في الإحصاء الذي أقامته الحكومة العراقية في 19 تشرين الأول 1947 فكان ( 6597 نسمة )
وفي المجموعة الإحصائية السنوية التي أصدرتها وزارة الاقتصاد في العراق لسنة 1965 مجموع عدد الصابئة كان ( 14550 ) نسمة بينهم ( 7350 من الذكور ) و ( 7200 ) من الإناث .
فنحن أمام مجموعة بشرية تتضاءل باستمرار إن مقاومتها ووجودها لآلاف السنين يعتبر معجزة بحق فهي أقدم دين أو طائفة موجودة منذ بدء الخليقة إلى اليوم ....
الصابئة المندائيين هم جزء تاريخ العراق العريق. فتواجد الصابئة منذ قرون طويلة في جنوب مابين النهرين واللغة التي ينطق بها الصابئة المندائيون هي اللغة الآرامية بلهجتها الشرقية ويتكلم الصابئة المندائيون اللغة المندائية وهي إحدى اللغات السامية المشهورة في الزمن القديم وهي اقرب إلى السريانية من غيرها بل يعتقد المندائيون إن لغتهم هي التي تكلم بها سيدنا ادم عليه السلام .
ويعتبر دين الصابئة واحد من أقدم الأديان، حيث يؤمنون بان كتابهم المقدس (( الكنزاربا )) يتضمن الصحف الأولى التي نزلت على آدم ويسمى أيضا (( سيدرا ادم )) , كذلك تحتوي على قصص بدء الخليقة والتطورات التي حدثت للبشر وفي صفات الخالق وفي الوعظ والإرشاد . أما الكتاب الثاني (ادراشا اديهيا) أي تعاليم النبي يحيى (ع).
السؤال الذي يطرح نفسه ......
هل كان الصابئة المندائيون قد تأثروا بشكل مباشر بأفكار الجماعات البابلية التي كانت تجاورهم , أو أن يكونوا هم ذاتهم من بقايا البابليين وطوروا معتقداتهم من خلال تفاعلهم مع الجماعات اليهودية وغيرها التي كانت تجاورهم, أو أن يكونوا من الجماعات الآرامية التي طورت أفكارها ومعتقداتها بعيدا عن هذه التاثيرات ؟!!!!!
لقد أشار العديد من المؤرخين إلى إن معتقدات الصابئة المندائية برزت لأول مرة في جنوب ما بين النهرين . فقد ذهب هنري لايرد عالم الآثار البريطاني الذي أسهم في الكشف عن الآثار الأشورية إلى أن الدين الآشوري في أيامه المبكرة الأولى وقبل أن تمسه التأثيرات الفارسية وغيرها ( هو امتداد للدين البابلي ) كان صابئي المنحى . , وقد تمخض البحث في منشأ المندائيين عن نظريتين الأولى :-
إنهم من سكان ما بين النهرين القدماء وإنهم ورثوا الكثير من الميثولوجيا البابلية ولكنهم تأثروا باليهودية بحكم تجاورهم مع الديانة اليهودية التي كانت تسكن ما بين النهرين , وقد تأثروا بالمسيحية من خلال الاحتكاك بالنساطرة المسيحيين .
فقد كان في الزمن السومري اله اسمه (آيا) اله المياه وهو يجلس في مقصورة من الماء الجاري. وترى الليدي دراور إن البركة الطقسية ذات العلاقة بـ(آيا) اله المياه كانت تشكل جزءا من العقائد السومرية في (اريدو) المدينة. وقد بحث الأب (بوروز) (مشاكل من ابسو, روما1932) واستنتج بأنه لم يكن مبزل سوائل كما اقترح سابقا, بل لا بد انه كان حوضا أو بركة, وأشار إلى أن بعض أسماء شعائر(ابسو) في (لاكش) تشير إلى برك متصلة بقنوات أو ما يشابهها .
كل الديانات قدست الماء ......
أما النظرية الثانية فيرى البعض إن منشأهم كان في الغرب، في منطقة البحر الميت (فلسطين) أو في شرق الأردن حيث كانوا يمارسون شعيرة التعميد هناك .

هناك رأي عندي ربما يشرح الإشكال هذا ....

هناك رأي عندي يجمع بين الرأيين السابقين , فالملاحظ إن بداية ديانة الصابئة هو نبي الله ادم وكتابهم (( الكنز بارا )) يحتوي على صحف ادم , وموطن ادم هو مابين النهرين , وأخر نبي لديهم هو نبي الله يحيي وموطن نبي الله يحيي هو فلسطين , وموطن الصابئة في وقتنا الحاضر هو , بلاد ما بين النهرين , ولو رسمنا خطا يصل بين المواطن الثلاثة , حسب التتابع الزمني , فكأن موطن الصابئة الأصلي هو بلاد ما بين النهرين لان ديانتهم وكتبهم ارتبطت بني الله ادم , لدرجة أنهم لا يزالون يحملون الصحف الأولى لنبي الله ادم , ومن هذا نجد التشابه الكبير بين السومريين والصابئة لأنهم أصولهم واحدة أو هم شعب واحد ثم انقسم إلي شعبين شعب بقى في بلاد الرافدين , والشعب الأخر هاجر بسبب ما إلى فلسطين وربما هجرتهم كانت مع نبي الله إبراهيم حيث استقروا هناك في فلسطين , الروايات تقول إن هجرة إبراهيم كانت في البداية إلى حران ثم هاجر إلى فلسطين بعد ذلك , فكان استقرارهم في فلسطين حتى بعث الله نبي الله يحيي والذي كان أخر نبي لهم .
كان أساس تعاليم نبي الله يحيي هو الأرتماس بالماء أو التعميد بالماء والمعروف إن نبي الله يحيي قام بتعميد النبي عيسى , وانه حين عمد نبي الله عيسى , لم يكن عيسى وحده بل كلن ضمن مجموعة من الناس , والوثائق تقول لنا أنهم هاجروا إلى بلاد ما بين النهرين لأنه كان موطنهم الأصلي والذي عادوا إليه بسبب المذابح التي قام بها اليهود بحقهم في القرن الأول الهجري , فكانت هجرة اخرى بشكل عكسي الى موطنهم الاصلي .

أركان الديانة ........
1 - التوحيد (سهدوثا اد هيي) و هي الاعتراف بالحي العظيم (هيي ربي) خالق الكون.
الأيمان بالله الواحد الأحد .........
حيث جاء في كتاب المندائيين المقدس كنزا ربا { لا أب لك و لا مولود كائن قبلك و لا أخ يقاسمك الملكوت و لا توأم يشاركك الملكوت و لا تمتزج و لا تتجزأ و لا انفصام في موطنك جميل و قوي العالم الذي تسكنه} .

2 - التعميد أو الصباغة (مصبتا) يعتبر من أهم أركان الديانه المندائية وهو فرض واجب ليكون الإنسان مندائيا ويهدف للخلاص والتوبة وغسل الذنوب والخطايا والتقرب من الله. ويجب أن يتم في المياه الجارية والحية لأنه يرمز للحياة والنور الرباني. وللإنسان حرية تكرار التعميد متى يشاء حيث يمارس في أيام الآحاد والمناسبات الدينية وعند الولادة والزواج أو عند تكريس رجل دين جديد. وقد حافظ طقس التعميد على أصوله القديمة حيث يعتقد بأنه هو نفسه الذي ناله عيسى بن مريم ( المسيح) عند تعميده من قبل يحيى بن زكريا (يوحنا المعمدان).
3 - الصلاة (براخا) وهي فرض واجب على كل فرد مؤمن يؤدى ثلاث مرات يوميا ( صباحا و ظهرا وعصرا) وغايته التقرب من الله. حيث ورد في كتابهم المقدس.....
{وأمرناكم أن اسمعوا صوت الرب في قيامكم وقعودكم وذهابكم ومجيئكم وفي ضجعتكم وراحتكم وفي جميع الأعمال التي تعملون }
ويسبق الصلاة نوع من طقوس الاغتسال يدعى (الرشما) وهو مشابه للوضوء عند المسلمين حيث يتم غسل أعضاء الجسم الرئيسية في الماء الجاري ويرافق ذلك ترتيل بعض المقاطع الدينية الصغيرة. فمثلا عند غسل الفم يتم ترتيل .....
( ليمتلئ فمي بالصلوات والتسبيحات) .........أو عند غسل الأذنين .......(أذناي تصغيان لأقوال الحي).
في صلاتهم فيعتقدون إن سيدنا آدم عليه السلام كان يصلي سبع صلوات في اليوم, و استمرت عندهم هذه الصلاة حتى ظهور النبي يحيى (ع) الذي جعلها ثلاثاً .‏

4 - الصيام و له نوعان :
الصيام الكبير (صوما ربا) وهو الامتناع عن كل الفواحش والمحرمات و كل ما يسيء إلى علاقة الإنسان بربه و يدوم طوال حياة الإنسان. حيث جاء في كتابهم { صوموا الصوم العظيم ولا تقطعوه إلى أن تغادر أجسادكم، صوما صوما كثيرا لا عن مآكل ومشرب هذه الدنيا .. صوموا صوم العقل والقلب والضمير}.
ثم الصيام الصغير وهو الامتناع عن تناول لحوم الحيوانات وذبحها خلال أيام محددة من السنة تصل إلى 36 يوما لاعتقادهم بأن أبواب الشر مفتوحة تكون عندها مفتوحة على مصراعيها فتقوى فيها الشياطين وقوى الشر لذلك يسمونها بالأيام المبطلة.
5 - الصدقة (زدقا) ويشترط فيها السر وعدم الإعلان عنها لأن في ذلك إفساد لثوابها وهي من أخلاق المؤمن وواجباته اتجاه أخيه الإنسان. حيث جاء في كتابهم {أعطوا الصدقات للفقراء واشبعوا الجائعين واسقوا الظمآن واكسوا العراة لان من يعطي يستلم ومن يقرض يرجع له القرض} كما جاء أيضا { إن وهبتم صدقة أيها المؤمنون، فلا تجاهروا إن وهبتم بيمينكم فلا تخبروا شمالكم، وإن وهبتم بشمالكم فلا تخبروا يمينكم كل من وهب صدقة وتحدث عنها كافر لا ثواب له}.

يتجه الصابئة المندائيون في صلاتهم ولدى ممارستهم لشعائرهم الدينية نحو جهة الشمال لاعتقادهم بأن عالم الأنوار (الجنة) يقع في ذلك المكان المقدس من الكون الذي تعرج إليه النفوس في النهاية لتنعم بالخلود إلى جوار ربها, ويستدل على اتجاه الشمال بواسطة النجم القطبي .

الصابئة في القرأن الكريم ....

ذكرت هذه الطائفة من الناس في ثلاثة مواضع من القرآن ؛ فأولها في قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) البقرة/62 ، والثاني في قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) الحج/17 ، والثالث قول الله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ ) المائدة/69 .

الصابئة ومشكلة الفتوى ....

حين يتم السؤال إلى جهة دينية عن الصابئة ....دائما يتم الرجوع إلى علماء السلف مع إن الفتوى تختص بحالة واحتياجات الناس في الوقت الحاضر والفتوى كما هي معروف (( استنباط الحكم الشرعي حول مسألة مستجدة )) فرجل الدين يحتاج إلى أهل الخبرة حتى يقيم حكمه على أفضل وجهه , لكن لو اختلف أهل الخبرة فسوف تأتي الفتاوي بهذه الحالة مختلفة , لان المعلومات التي وصلت إلى رجل الدين مختلفة , فهذا سوف يفتى بصورة , والأخر سوف يفتى بصورة مختلفة , وهنا المشكلة ....
فحين تم سؤال السلف عن الصابئة الموجودون في القرآن كان ردهم .....
جاء في تفسير القرطبي عند تفسير الآية المشار إليها في السؤال ما نصه: اختلف السلف في الصابئين، فقال قوم: هم من أهل الكتاب، ولا بأس بذبائحهم ومناكحة نسائهم .....
وقال آخرون: هم قوم يشبه دينهم دين النصارى؛ إلا أن قبلتهم نحو مهب الجنوب يزعمون أنهم على دين نوح عليه السلام. .....
وقال آخرون: هم قوم تركب دينهم من اليهودية والمجوسية لا تؤكل ذبائحهم ولا تنكح نساؤهم. .....
وقيل: هم قوم يعبدون الملائكة، ويصلون إلى القبلة، ويقرأون الزبور، ويصلون الخمس، ثم قال: والذي تحصل من مذهبهم أنهم موحدون معتقدون تأثير النجوم...... ولهذا أفتى أهل العلم بكفرهم .......
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: إن الصابئة نوعان: صابئة حنفاء، وصابئة مشركون، فالحنفاء بمنزلة من كان متبعاً لشريعة التوراة والإنجيل قبل النسخ والتحريف والتبديل، وهؤلاء حمدهم الله تعالى وأثنى عليهم.
وأما الصابئة المشركون: فهم قوم يعبدون الملائكة، ويقرأون الزبور، ويصلون، فهم يعبدون الروحانيات العلوية.
ونتيجة ذلك ...
يتحصل لديهم أن الصابئة عدة مذاهب وفرق فمنهم من يعتبرون أنفسهم أتباعاً لنوح عليه السلام، ومنهم من يزعم أنه يتبع يحيى بن زكريا، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والنصرانية، ومنهم من لفق له مذهبا من بين اليهودية والمجوسية.

المشكلة هنا إن الصابئة طائفة واحدة والقول إن هناك طائفة لفقت لها مذهبا ما بين اليهودية والنصرانية هو رأي بعيد عن الواقع , فأين هي هذه الطائفة وأين كتبهم وأين أقوالهم وأين يعيشون , مع إن المجموعة التي إمام اعيننا والتي تعيش بيننا هي تلك الطائفة الموحدة المؤمنة بالله الواحد الأحد والتي تتخذ نبي الله يحيي نبي لها ....
المشكلة كذلك إن هكذا فتوى تجعل التعامل معهم بشكل مزاجي بحيث من كان يتماشى مع أهواء الناس يعتبرونهم صابئة مؤمنون , ويوجز أكل ذبائحم ومناكحة نسائهم , أما إذا اعتبروا من الطائفة الثانية فالتالي يتم تكفيرهم ولا يجوز مناكحة نسائهم واكل ذبائحهم , بل يؤدي الأمر إلى تكفيرهم وبالتالي قتلهم ....
أهمية القول (( بأكل ذبائحهم ومناكحة نسائهم )) هو أهم مبدأ أنساني موجود في الأرض وهو (( التعايش )) , فأصحاب الرأي الأول يؤدي إلى التعايش معهم تعايش سلمي يؤدي إلى صلة الرحم , حيث يؤدي الى التزاوج وهو دائما إلى التقارب بين الناس عن طريق المصاهرة واشتراك الأنساب وبالتالي إلى صهر الجميع في بوتقة مجتمع واحد , أما نتيجة الرأي الثاني يؤدي إلى (( عدم التعايش )) وهذا بدوره يؤدي إلى , التباغض والانعزال فريق عن أخر , والقلق النفسي المستمر بين فريق وأخر يؤدي إلى حالة من الاحتقان والتي لا بد إن تنفجر يوما , ويؤدي الامر إلى الاقتتال ....
وهناك اكثر من حادثة تم بها محاولة لإبادة الصابئة , منها ماذكرناها في ....
1 - مذابح اليهود لهم في القرن الأول الهجري .....
2 - مذبحه سنه 273 م في إيران , حين جاء إلى السلطة الملك لساساني بهرام الأول سنة 273(م) . قام بحمله اضطهاد شعواء قادها الحبر الأعظم للزرادشت (كاردير) ضد المندائيين .
3 - مذبحه للشعب المندائي في القرن الرابع عشر في مدينة العمارة وهي موثقه في كتاب (الليدي دراور ) بعنوان( الصابئة المندائيين) ترجمة المرحومين غضبان رومي و نعيم بدوي(رواه نهويلخون) صفحات 56 و 57 جاء فيهما :
(( ومهما كان الأمر فأن الصابئين في القرون الوسطى يظهرون وقد قهرهم الاضطهاد فقد تركت احد الكوارث في القرن الرابع عشر طابعها في ذكرياتهم حتى هذه الأيام وقد عثرت على تسجيل لهذه ألمذبحه في نهاية احد الإحراز الطلسمية التي تفحصتها أخيرا ,كما وجدت نفس الشيء مسجل في ( التاريخ ) وهو مخطوط يمتلكه الشيخ دخيل يحكي المخطوط عن مذبحه رهيبة تعرض لها الصابئون في الجزيرة حين كان السلطان محسن بن مهدي حاكما على ألعماره وكان ابنه فياض حاكما على شوشتر حيث تعرض بعض الأعراب على امرأة صابئية و نشب القتال وأعلنت الحرب على الصابئيين فذبح الكهان والرجال والنساء والأطفال وبقيت ألطائفه مهيضة وبلا كهان لعدة سنين )) .
4 - مذبحه سنه( 1782 ) في الجنوب الفارسي .
5 – مذبحة سنه ( 1870 ) في مدينة شوشتر .

المشكلة التي ظهرت للصابئة (( أن المأمون اجتاز في آخر أيامه بديار مضر يريد بلاد الروم للغزو فتلقاه الناس يدعون له وفيهم جماعة من الحرنانيين وكان زيهم إذ ذاك لبس الأقبية وشعورهم طويلة بوفرات كوفرة قرة جد سنان بن ثابت فأنكر المأمون زيهم وقال لهم من انتم من الذمة ؟ فقالوا : نحن الحرنانية . قال : أنصارى انتم ؟ قالوا : لا , قال لهم : أفلكم كتاب أم نبي ؟ فجمجموا في القول فقال : فانتم إذن الزنادقة عبدة الأوثان وأصحاب الرأس في أيام الرشيد والدي وانتم حلال دماؤكم لا ذمة لكم . فقالوا : نحن نؤدي الجزية . فقال لهم : إنما تؤخذ الجزية ممن خالف الإسلام من أهل الأديان . الذين ذكرهم الله عز وجل في كتابه ولهم كتاب وصالحه المسلمون على ذلك , فانتم لستم من هؤلاء ولا من هؤلاء فاختاروا الآن احد الأمرين : أما أن تنتحلوا دين الإسلام أو دينا آخر من الأديان التي ذكرها الله سبحانه وتعالى في كتابه وإلا قتلتكم عن آخركم , فاني قد أنذرتكم إلى أن ارجع من سفرتي هذه فان انتم دخلتم الإسلام أو في دين من هذه الأديان التي ذكرها الله في كتابه وإلا أمرت بقتلكم واستئصال شأفتكم ).

ورحل المأمون يريد بلد الروم فغيروا زيهم وحلقوا شعورهم وتركوا لبس الأقبية وتنصر كثير منهم ولبسوا زنانير وأسلم منهم طائفة وبقي منهم شرذمة بحالهم وجعلوا يحتالون ويضطربون حتى أنتدب لهم شيخ من أهل حران فقيه فقال لهم : قد وجدت شيئا تنجون به وتسلمون من القتل . فحملوا إليه مالاً عظيما من بيت مالهم أحدثوه منذ أيام الرشيد إلى هذه الغاية أعدوه إلى النوائب فقال لهم : إذا رجع المأمون من سفره فقولوا له نحن الصابئون فهذا اسم دين قد ذكره الله جل اسمه في القران الكريم فانتحلوه فانتم تنجون به وقضى إن المأمون توفي في سفرته تلك بالبذنذون فانتحلوا هذا الاسم منذ ذلك الوقت لأنه لم يكن بحران ونواحيها قوم يسمون بالصابئة .
فلما اتصل بهم وفاة المأمون , ارتد أكثر من كان تنصر منهم , ورجع إلى الحرانية فطولوا شعورهم حسب ما كان عليه قبل مرور المأمون بهم على أنهم صابئون ومنعهم المسلمون من لبس الأقبية لأنه من لبس أصحاب السلطان ومن اسلم منهم لم يمكنه الارتداد خوفا من إن يقتل فأقاموا متسترين بالإسلام فكانوا يتزوجون بنساء حرانيات ويجعلون الولد الذكر مسلما , والأنثى حرانيه.

وبطبيعة الحال هؤلاء ليسوا من الصابئة ولا صلة بهم , لأنهم عادوا إلى سيرتهم الأولى ورجعوا إلى دينهم بعد ضغط المأمون عليهم , إما الصابئة الحقيقيون فهم سكنة بطائح العراق , فهم معروفون ولهم كتبهم ولهم صلاتهم ولهم علاقتهم الطيبة مع الناس.

وقال البروفيسور اوليري في سياق حديثه عن صابئة حران : ( إن قصة الحرانيين مع المأمون ماهي إلا محاولة لتفسير كيف أصبح الحرانيون يسمون بالصابئين وهو أسم نعرف الآن أنه لا يعود لهم. إن الصابئين الحقيقيين كانوا في الجنوب العربي لا علاقة لهم بحران, إن المندائيين في جنوب العراق أهل معمدي الآباء المسيحيين الأوائل , والكتاب الربانيين الذين حصلوا على اسم ( المتعمدين ) من تطهرهم المستمر المتزمت , كانوا يسمونه بالآرامية (بالصابئين) من أصل الفعل ( صبا الآرامي ) بمعنى يغطس ويتعمد وكان المندائيون هؤلاء معرفيين ( غنوصين ) ولم يكن أهل حران معرفيين بل كانت لهم هياكل مكرسة للكواكب مما جعل الخلط بينهم وبين المندائيين ممكنا ومن المحتمل أن تكون الأفلاطونية الحديثة الحرانية قد امتزجت بالعقائد المعرفية .

, لذلك الصابئة في اليوم والوقت الحاضر يحتاجون إلى أهل خبرة حقيقيون من علماء اجتماع وباحثون تاريخ ومختصون لامسوا الصابئة على حقيقتهم حتى يتم نقل المعلومة الصحيحة إلى رجل الدين حتى تكون فتواه تنطبق مع الواقع , إن الرجوع إلى كتب التاريخ , وأقوال السلف قيه إجحاف حقيقي في حق هؤلاء .....فلقد ذكرهم القران بتنزيه كبير .....

تاريخ الصابئة ....

تاريخ الصابئة يعود إلى النبي ادم عليه السلام...فأنبيائهم هم ..
1 – ادم , شيت , إبراهيم , يحيي عليه السلام والذي يعتبر أخر نبي عندهم ...

هناك نصوص تشير إلى أن المندائيين الأوائل تعرضوا إلى اضطهاد اليهود . وترك المندائيون سوريا وفلسطين لاحقاً وتوجهوا عبر التلال الميدية في الجزء الشمالي من وادي الرافدين إلى الجزء الجنوبي منه، ربما في رحلة استغرقت حوالي 100 عاماً. بدأت تلك الرحلة في القرن الأول الميلادي قبل أن يصلوا إلى جنوبي الرافدين في القرن الثاني. بالتأكيد قد يكون هناك أفراد من بابل أو جنوب وادي الرافدين ممن اعتنقوا المندائية، لكن لابد وأن كان هناك أشخاص آخرون على معرفة بالطقوس والتعميد قد قدموا من الغرب.

أحد أشهر النصوص المندائية الذي يتحدث عن هذه الهجرة هو هران جويثا [حران الداخلية، الجوانية] وحران هي مدينة في شمال وادي الرافدين تقع اليوم في تركيا. بداية النص مفقودة، وتبدأ بذهاب المندائيين إلى التلال بقيادة ملك يدعى أردبان، وهو لابد وأن يكون أحد الملوك الفرثيين، ولعله ارتبان الرابع، وهذا يؤكد على أن المندائيين هاجروا في القرن الأول. ولم يضطهدهم الملوك الفرثيون، على العكس من الملوك الساسانيين الذين حكموا بعدهم. ونجد في شهادة كارثير رئيس الكهنة الزرادشتيين المكتوبة على الصخر تعبير ”المغتسلة“ وكذلك اسم الناصوريين. لكن الاسم قد لا يخص المندائيين، فهو يعني المسيحيين أيضاً.
كتب الصابئة ......
- الكنزاربّا ..... أي الكتاب العظيم أو الكنز العظيم ويعتقدون بأنه صحف آدم عليه السلام، فيه موضوعات كثيرة عن نظام تكوين العالم , وحساب الخليقة وأدعية وقصص، وتوجد في خزانة المتحف العراقي نسخة كاملة منه. طبع في كوبنهاجن سنة 1815م، وطبع في لايبزيغ سنة 1867م .
- دراشة إديهيا .....أي تعاليم يحيى، وفيه تعاليم وحياة النبي يحيى عليه السلام .
- الفلستا .... أي كتاب عقد الزواج، ويتعلق بالاحتفالات والنكاح الشرعي والخطبة.
- سدرة إدنشاماثا..... يدور حول التعميد والدفن والحداد، وانتقال الروح من الجسد إلى الأرض ومن ثمّ إلى عالم الأنوار،
وفي خزانة المتحف العراقي نسخة حديثة منه مكتوبة باللغة المندائية
كتاب الديونان ...... فيه قصص وسير بعض الروحانيين مع صور لهم.
كتاب إسفر ملواشه......أي سفر البروج لمعرفة حوادث السنة المقبلة عن طريق علم الفلك والتنجيم .
كتاب النباتي..... أي الأناشيد والأذكار الدينية، وتوجد نسخة منه في المتحف العراقي.
كتاب قماها ذهيقل زيوا: ويتألف من 200 سطر وهو عبارة عن حجاب يعتقدون بأن من يحمله لا يؤثر فيه سلاح أو نار.
تفسير بغره....... يختص في علم تشريح جسم الإنسان وتركيبه والأطعمة المناسبة لكل طقس مما يجوز لأبناء الطائفة تناوله
كتاب ترسسر ألف شياله ...... أي كتاب الأثنى عشر ألف سؤال.
ديوان طقوس التطهير..... وهو كتاب يبين طرق التعميد بأنواعه على شكل ديوان.
كتاب كداواكدفيانا ...... أي كتاب العوذ .

طبقات رجال الدين .....
يشترط في رجل الدين أن يكون سليم الجسم، صحيح الحواس، متزوجاً منجباً، غير مختون، وله كلمة نافذة في شؤون الطائفة كحالات الولادة والتسمية والتعميد والزواج والصلاة والذبح والجنازة، ورتبهم على النحو التالي:-

1- الحلالي .... ويسمى "الشماس" يسير في الجنازات، ويقيم سنن الذبح للعامة، ولا يتزوج إلا بكراً، فإذا تزوج ثيباً سقطت مرتبته ومنع من وظيفته إلا إذا تعمد هو وزوجته 360 مرة في ماء النهر الجاري.

2- الترميدة .... إذا فقه الحلالي الكتابين المقدَّسين سدره إنشماثا والنياني أي كتابَيْ التعميد والأذكار فإنه يتعمد بالارتماس في الماء الموجود في المندي ويبقى بعدها سبعة أيام مستيقظاً لا تغمض له عين حتى لا يحتلم، ويترقى بعدها هذا الحلالي إلى ترميدة، وتنحصر وظيفته في العقد على البنات الأبكار.

3- الأبيسق .... الترميدة الذي يختص في العقد على الأرامل يتحول إلى أبيسق ولا ينتقل من مرتبته هذه.

4- الكنزبرا ...... الترميدة الفاضل الذي لم يعقد على الثيبات مطلقاً يمكنه أن ينتقل إلى كنزبرا وذلك إذا حفظ كتاب الكنزاربّا فيصبح حينئذٍ مفسراً له، ويجوز له ما لا يجوز لغيره، فلو قتل واحداً من أفراد الطائفة لا يقتص منه لأنه وكيل الرئيس الإلهي عليها.

5- الريش أمه ... أي رئيس الأمة، وصاحب الكلمة النافذة فيها ولا يوجد بين صابئة اليوم من بلغ هذه الدرجة لأنها تحتاج إلى علم وفير وقدرة فائقة.

6- الربّاني .... وفق هذه الديانة لم يصل إلى هذه الدرجة إلا يحيي بن زكريا عليهما السلام كما أنه لا يجوز أن يوجد شخصان من هذه الدرجة في وقت واحد. والرباني يرتفع ليسكن في عالم الأنوار وينزل ليبلغ طائفته تعاليم الدين ثم يرتفع كرة أخرى إلى عالمه الرباني النوراني.

موطن الصابئة هو العراق أو الأصح (بلاد ما بين النهرين)، ويسميهم العراقيون بالعامية «الصبه»، ويعيشون على ضفاف الأنهار وخاصة دجلة، وهم جزء من سكان العراق الأوائل عبر تاريخه الحضاري. ويشكلون أقلية دينية مازالت تمارس طقوسها ودياناتها إلى ألان . لقد ذكر في كتب المؤرخين العرب القدماء بان الصابئة كانوا يسكنون بطائح العراق، وفي أماكن أخرى غير بلاد وادي الرافدين منها حران وفلسطين والشام وهم عموما يسكنون على ضفاف الأنهار لما للماء والطهارة من أهمية في حياتهم الدينية والروحية .. وعند الفتح الإسلامي وإقامة الدولة الإسلامية كان يوجد أعداد كبيرة من الصابئة في بطائح العراق ، في المناطق السفلى لنهري دجلة والفرات بالذات، وفي بطائح عربستان من إيران.
أما ألان فمركز الطائفة هو مدينة بغداد إضافة إلى تواجدهم في أغلبية المحافظات العراقية مثل العمارة والبصرة والناصرية والكوت و ديالى والديوانية إضافة إلى تواجدهم في مدينة الأهواز والمحمرة في إيران و باالاحداث السياسية والاقتصادية التي ألمت المنطقة بالخمسة عشر سنة الأخيرة، اضطر الصابئة المندائيون إلى الهجرة إلى البلاد الأوربية وأمريكا وكندا، ولقد شكلوا بتجمعاتهم الجديدة جمعيات تعنى بشؤونهم ويحاولون جاهدين إلى ألان، المحافظة على تراثهم العريق وهويتهم الأصيلة.

شخصيات تاريخية .....
اشتهر الصابئة المندائيون منذ القدم، بالمساهمة الأدبية والعلمية الرائعة، .. فقديما برع منهم : أبو إسحاق الصابي وزير الطائع والمطيع، وثابت بن قرة وولديه سنان وإبراهيم اللذان برعا في الطب والرياضة والفلك والترجمة، وأيضا إبراهيم بن هلال الأديب الذائع الصيت، الذي تولى ديوان الرسائل والمظالم سنة 960م )).

شخصيات عراقية معروفة .....
العراقي القدير المرحوم الدكتور عبد الجبار عبد الله صاحب الانجازات العلمية العالمية في علم الفيزياء والأنواء الجوية، وهو من القلائل الذي ساهم في شرح نظرية انشتاين النسبية، حيث اسند أليه منصب رئيس المجمع العلمي لعلوم الأنواء الجوية في أمريكا. كما انه كان المؤسس لجامعة بغداد و رئيسا لها في فترة ما، وقد ساهم أيضا في تأسيس جامعة البصرة. ويعده البعض المع عالم في مجاله في القرن المنصرم
وأيضا البروفيسور صبيح السهيلي والشاعر العراقي الكبير عبد الرزاق عبد الواحد والشاعرة المعروفة لميعة عباس عمارة والدكتور عبد العظيم السبتي (الذي كرمه اتحاد الفلكيين العالمي مؤخرا، وذلك بإطلاق اسمه على أحد الكواكب المكتشفة سنة 1981 وهو بذلك يعد أول عراقي وعربي ينال مثل هذا التكريم) وغضبان الرومي ونعيم بدوي وعبد الفتاح الزهيري والرسامة والشاعرة سوسن سلمان سيف .. إضافة إلى الكثير من الأدباء والأطباء والمهندسين .

الصابئة وسوء الفهم عن حقيقتهم .....

في مقالة للترميذا علاء النشمي (( صابئة حران والمندائيون اليوم )) يقول ...

حقيقة إن ابن النديم والشهرستاني مثلهم مثل بعض المؤرخين العرب القدماء لا يختلفون عن هؤلاء المؤرخين الذين دبجوا كتبهم بالكثير من الطوائف وتحدثوا عن معتقداتهم وأفكارهم .. وهم في الحقيقة بعيدين كل البعد عن حقيقة تلك الطوائف .. وهذا لا يخفى عن القارئ المحنك عند قراءته لكتاب الفهرست لابن النديم والملل والنحل للشهرستاني وغيرهم. فجميع الروايات التي نقلها ابن النديم والمسعودي عن عبادة وحياة الصابئة في حران، اعتقد بان مصدرها من الرهبان السريان والمؤرخون المسيحيون في منطقة الرها، الذين اشتهروا بعدائهم وغيرتهم من علماء ومفكري الصابئة الحرانيون الذين اشتهروا في بلاط الدولة الإسلامية، وارتفعت مكانتهم، فكانت سبب في النهضة العلمية والمعرفية آنذاك. على كل أن هذه الروايات ليست سوى دعايات رخيصة هدفها النيل من المكانة المميزة التي حضي بها الصابئة آنذاك .
ولقد أعلن الكثير من العلماء المعاصرين مثل سميث وسيغال وحتى الليدي دراور، شكوكهم في ما يخص صحة الروايات التي نقلها الكتبة والمؤرخون العرب عن ديانة الصابئة في حران. فهم يعتقدون بأنه ليس من الحكمة الثقة برواة معادين.

ولقد أعلن الكثير من العلماء المعاصرين مثل سميث وسيغال وحتى الليدي دراور، شكوكهم في ما يخص صحة الروايات التي نقلها الكتبة والمؤرخون العرب عن ديانة الصابئة في حران. فهم يعتقدون بأنه ليس من الحكمة الثقة برواة معادين.

وهذا حقيقي حيث أشرت له في مشكلة الفتوى حول طائفة الصابئة , لقد لاحظت وانأ ابحث عن معلومات حول هذه الديانة إن معظم المواقع تردد كلام واحد حول ما قاله هؤلاء المؤرخين ... وكلام كل من ابن القيم أو ابن تيمية , أو غيرهم , كأنه لا يمت إلى حقيقة أو أنهم لم يروه رأي العين إنما إخبار وصلتهم من مصدر ثالث ..... المشكلة لدينا هي نقص المعلومات , أو غموض المعلومات , فالطائفة الصابئة يصفها البعض مثلما قال علاء النشمي (( بالباطنية )) أي إن لها تعاليم لا يعلمها احد , ويقول من المعروف عند جميع الباحثين إن المندائية في مراحل كثيرة من تاريخها صح تصنيفها من ضمن العقائد الباطنية أو السرية التي لا يفشي معتنقيها أسرار وأمور عبادتهم وفكرهم , من هذا المنطلق فمن الطبيعي جدا إن لملة كهذه مغلقة على نفسها لا تفشي من أسرار عبادتها شيء .. إن تنعت وتوصف من قبل المؤرخين ، لا بل وحتى في نظر الناس المجاورين لهم ، بنعوت وصفات لا تمت إلى حقيقة عقائدهم بشيء .. فتكثر بذلك الدعايات والتاؤيلات والتفسيرات الغريبة لمجمل الفعاليات والمراسيم التي يمارسها معتنقي هذا المذهب .. ولان الديانة المندائية ديانة غير تبشيرية أو أغلقت لأسباب كثيرة ومن مدة طويلة .. ولان أصحاب هذا المذهب حافظوا على عدم الكشف عن أسراره منعا للإساءة أليه عند عدم فهمه أو للضغوط والاضطهاد الكبير الذي تعرضوا أليه على فترات مختلفة .. ولان التسامح والسلام صفة أصيلة في أهل هذا المذهب ومن أخلاقيات تعاليمهم الروحية. فقد وجد البعض في هذه المرتكزات تربة صالحة لبذور افتراءاتهم الباطلة، ورواياتهم الرخيصة البعيدة عن الذوق والمنطق فأصدروا الإشاعات لترويج ما أبدعته نفوسهم المريضة من أباطيل، ودس رخيص واتهامات حاقدة ، ومن هذه الأراجيف اتهام أهل التوحيد الأول والقديم بعبادة الكواكب والنجوم.
يقول السيد عبد الرزاق الحسني في مقدمة كتابه (( الصابئون في حاضرهم وماضيم )) .......
(( لقد اتى على هذا السر عهود لم يهتك له فيها ستر , ولم يستشف احد ما وراءه , والناس واقفون عنده عند حد التكهن والظن , يتطلعون إلى مكنون أمرهم بلهفة شديدة , ويحاولون استكشاف حقيقة ديانتهم برغبة ملحة , فان القوم يوشكون إن ينقرضوا من سفر الوجود , ولا يبقى لهم إلا الذكر التاريخي الخالد , وهم يكتمون ديانتهم كل الكتمان , ويضنون بإسرارها حتى عن أهلها وإتباعها , ويقول الحسني ... ارجوا لا يتهمنا القارئ بالغلو إذا قلنا إن الصابئي لا يكاد يعرف من أسرار دينه شيئا , ولا يتقن لغة أجداده أو يحسن قراءتها أو كتابتها , ولا يمكن السؤال عن العلة فيا يؤديه من طقوس وفروض , لان هذه الإسرار محفوظة في صدر المؤمنين وهم قلة فليلة , لا ترى البوح لأحد خشية إن يفلت الأمر من يدها , إن انكشف الأمر للخاص والعام .
لذلك نجد حتى عبد الرزاق الحسني اخطأ في كتابه عنهم , حتى وجدنا وهي من الحالات النادرة حين يتدخل الصابئة لتصحيح مسار لا بد إن يتصحح ......
وحسب ما أورد د . رشيد خيون في مقاله في الصابئون في الذاكرة الإسلامية .....

يقول (( خرق الشيخ دخيل صمت المندائيين عن تجاوزات الآخرين فيما يخص الشأن الديني , يوم تقدم لمقاضاة المؤرخ عبد الرزاق الحسني بسبب ما جاء في كتابه "الصابئون في ماضيهم وحاضرهم". ففي (11 كانون الثاني1931)، فتح الشيخ كتاب "الكنزا ربا" وقرأ أمام هيئة المحكمة ببغداد، باللسان المندائي (الآرامي الشرقي) وكان الأب انستاس الكرملي يترجم إلى العربية، وقد اقتنعت المحكمة أن المندائيين لسيوا عبدة كواكب ونجوم بل يعبدون الحي الأزلي، قرأ الشيخ بوثات (آيات) من الكتاب الأول، تسبيح التوحيد. تحقق ذلك بتعاطف من قبل متصرف بغداد آنذاك أمين الخالص والحاكم الأول لمحكمة الجزاء شهاب الدين الكيلاني مع قضية المندائيين , وحصل أن اعتذر الحسني من الشيخ ووعده أن لا يعيد نشر الكتاب إلا بعد أخذ ملاحظات وتوصيات الشيخ .

القراءة بوثائق الصابئة تحتاج إلى صبر كبير وتأني , لان هناك من الكتابات , كتبت بعيد عنهم من مصدر ثالث , ومن الكتابات , كتبت لسد فراغ وبحث عن معلومات لابساها سوء الفهم والغموض , وقليل من الكتابات كانت من أبناء الطائفة , وهناك من كتب بعد إن عشق الكتابة عنهم , مثل الليدي دروار , ربما الدنيا بدأت بهم , ورما صحف ادم معهم , وربما هم الخط الواصل بين بداية الخلق ونهايته , وربما هم أول الموحدين , وربما يأتي يوم لا نجدهم بيننا هنا في العراق , فلقد هاجر الكثير منهم ألان , إلى دول أوربا و أمريكا , واستراليا , والبعض الأخر لا يزال في دمشق وعمان ينتظرون الفرصة للهجرة بعيدا عن موطنهم الأصلي ...... ولكن يبقى الصابئة المندائيون .... أول الموحدون .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - شكرا جزيلا
عبدالعزيز ( 2009 / 11 / 11 - 07:24 )
تحيه لك استاذ سلمان على هذه المعلومات عن الاخوة الصابئة

اخر الافلام

.. مقتل جندي تونسي في هجوم على دورية عسكرية قرب الحدود الليبية


.. فرنسا: لـماذا تـوصف الانـتـخـابـات الـتـشريـعية بالتاريخية؟




.. خسارة لا يمكن تصورها.. عائلة في غزة تروي الكابوس الذي عاشته


.. د. حسن حماد: البعض يعيد إحياء الخلاف القديم بين المعتزلة وال




.. التصعيد في لبنان.. تحذيرات دولية ومساع اقليمية لمحاولة تجنب