الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في سبيل تعليم وإعلام ينشطان غرائز الحياة

العفيف الأخضر

2004 / 6 / 8
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كم أصاب وزير الشباب المغربي محمد الكحص عندما اقترح على الشباب قراءة القصة والرواية ومشاهدة المسرح والاستماع إلى الموسيقى لأن هذه الأنشطة البهيجة تكسبه مناعة فكرية ونفسية ضد الإرهاب الديني الذي لا يخاطب فيه إلا غريزة الموت أي الهوس بالجهاد والإستشهاد والإعراض عن الحياة ومباهجها .



التعليم السائد في العالم العربي يكاد يخلو من المواد التي تنادي وتنمي غرائز الحياة في الأجيال الصاعدة بتدريس الموسيقى والرسم والنحت والأدب الباسم .. أما التعليم الديني فيكاد يكون مرصوداً حصراً لتهييج غريزة الموت بتدريس الجهاد وعداء المرأة وغير المسلم وتكفير الفن والحب وجميع مباهج الحياة والحياة نفسها.



غريزة الموت والحياة تسكنان لا شعور كل كائن بشري، فما الفرق بين ضحايا غريزة الموت وأحباء غريزة الحياة؟ يقول المحلل النفسي "ميزون نوف" في كتابه المهم والجدير بالترجمة والتدريس أيضاً، "أقصى اليمين على أريكة التحليل النفسي"، أن الفرق بين ضحايا غريزة الموت من النازيين والفاشيين وناس أقصى اليمين والمتشددين الإسلاميين، وأحباء غريزة الحياة، أن هؤلاء الأخيرين يترددون بين لحظات انقباض واكتئاب ولحظات بهجة وحب للحياة. أما ضحايا غريزة الموت فهم يعيشون في اكتئاب مقيم وحداد دائم. أعطى المؤلف أمثلة مذهلة من كتابات أقصى اليمين الفرنسي السوداوية، وبإمكان أي قارئ أن يقدم أمثلة مشابهة من كتابات الإسلام السياسي التي تكاد تكون نشيداً لتمجيد الموت وتحقير الحياة. يستشهد رئيس تحرير "الأحداث المغربية" عبد الكريم الأمراني بأمثلة من الإسلاميين المغاربة الذين جعلوا المجتمع والجامعة "فضاءً كارهاً للفن والإبداع بكل أشكاله .. فالمهربون الدينيون يحرمون الغناء ويعتبرونه دنساً ودعارة ويحرمون استخدام الآلات الموسيقية التي يسمونها "معازف الشيطان" ويحرمون تعليم الموسيقي (…) وقد حولوا الأعراس وحفلات العقيقة إلى مآتم يحرم فيها الغناء ومختلف أشكال الفرح(...) وسنصل بعد أربع أو خمس سنوات إلى وضع يصبح فيه من سابع المستحيلات سماع أغنية لأم كلثوم أو عبد الحليم حافظ أو عبد الوهاب الدكالي".



وفي مقال آخر بنفس اليومية كتب عبد الكريم الأمراني تعليقاً عن قرار كلية الطب والصيدلة بالرباط إلغاء فقرات الموسيقى والرقص من حفل خيري كانت إحدى الجمعيات تعتزم تنظيمه ببهو الكلية المذكورة: " وعندما قرأت بلاغ الطلبة المتأسلمين بكلية الطب والصيدلة بالرباط الذي نشرت لسان حال المهربين الدينيين (التجديد) ملخصاً له تحت عنوان مثير ( تصدر الصفحة الأولي لعدد الجريدة الصادر يوم الخميس الماضي) :"طلبة بكلية الطب والصيدلة يرفضون سهرة راقصة تنظم يوم السبت المقبل: لا تحولوا كليتنا إلى مرقص ليلي" ... تذكرت على الفور، تصريحات أمين اللجنة الفنية باتحاد جامعة القاهرة، واسمه صلاح السكري:( بعد حوادث المنع المشار إليها سابقاً) والتي قال فيها بالحرف الواحد:"نحن لا نسمح بأية حفلات غنائية، ولا نعترف بالآلات الموسيقية سوى بالدف الذي استخدم في عهد الرسول .. ولا أسمع غير الإنشاد الديني .. ولا أسمع عبد الحليم حافظ أو عبد الوهاب أو أم كلثوم ، حتى ولو قالوا كلاماً دينياً، ولا أشاهد التمثيل لأنه يبيح الاختلاط ولا أري السينما". كما تذكرت ما صرح به عضو قيادي بإحدى الجماعات المتأسلمة المصرية ويدعي أحمد عبد الله سيد، حيث قال:" إن مقياسنا هو كتاب الله وسنة الرسول، وصوت المرأة عورة، بل كل المرأة عورة، نحن لا نعترف بشيء اسمه غناء ولا موسيقي".(عبد الكريم الأمراني اليومية "الأحداث المغربية" من مقال بعنوان "إنني فعلاً خائف على مستقبل بلادي").

لا شك أن بعض القراء استشف من وراء قول السكري:" ولا نعترف بالآلات الموسيقية سوى بالدف الذي استخدم في عهد الرسول"راسباً مخيفاً من رواسب عبادة الأسلاف التي مازالت تمارسها القبائل البدائية التي تكرر بالأصائل والبكور أقوال وأفعال وشعائر أسلافها معتبرة كل تجديد خروجاً محرماً عن تقاليد الأسلاف … في عهد الرسول لم يوجد من الآلات الموسيقية إلا الدف. وأراهن لو كان البيانو موجوداً لأستمع إليه ربما بذات الشغف الذي استمع بع إلى :"بانت سعاد فقلبي اليوم متبول … ".

ويقدم أشرف عبد الفتاح عبد القادر أيضاً نموذجاً بليغاً من محاربة الإسلام السياسي في مصر لغرائز الحياة في مقال بعنوان "أفراح أم مآتم؟!" يذكر فيه أن المتأسلمين كونوا فرقاً لإنشاد الأناشيد الدينية في الأعراس حيث عوضوا الموسيقي والغناء بالطبلة وبقراءة القرآن والمواعظ. يقول أشرف عبد الفتاح:"لقد بلغ الهوس الديني بالجماعات الإسلامية إلى درجة صبغ كل شيء في المجتمع بالصبغة الدينية، ليطمئنوا على سيطرتهم على ميادين الحياة خاصة الاجتماعية منها، (...) كالبنوك الإسلامية، والزي الإسلامي، والفضائيات الإسلامية وأخيراً وليس أخراً "الأفراح الإسلامية" ففي الشهر الماضي كنت في زيارة لمصر، ولفت نظري ظاهرة جديدة انتشرت في مصر هي "الأفراح الإسلامية" أو إن شئت الدقة "الأفراح على الطريقة الإسلامية"، وهذا يعني أن كل الأفراح الأخرى غير إسلامية ومن عمل الشيطان، وكلمة "فرح" يراد بها إدخال البهجة والسرور على العريس والعروس والمدوعين، لكن يبدو أن المتأسلمين قد استكثروا على الناس فرحتهم، فأرادوا تطبيق الشريعة (...) على الأفراح، وسأحكي لك عزيزي القارئ ماذا يحدث في هذه الأفراح حيث كنت أحد المدعوين في إحداها. أولاً يتم عزل المدعوين رجالاً ونساء بساتر من القماش، وتجلس العروس وحدها وسط النساء المحجبات والمخمرات لمدة ثلاث أو أربع ساعات هي مدة الفرح، أما العريس فيجلس في "كوشة" معدة له وأمامه الفرقة "الموسيقية" التي غالباً ما يكون أفرادها ملتحين، ويتم نقل الفرح للنساء عن طريق شاشة عرض فيديو ليشاهدن الفرح المقام بحوارهن وعلى بعد سنتيمترات، أما برنامج الحفل الإسلامي فهو يبدأ وينتهي بقراءة القرآن، لتأتي بعد ذلك الأناشيد الدينية مثل "الله وأكبر، والإسلام ديننا ومحمد نبينا" وتستمر الأناشيد التي هي عبارة عن مواعظ للعريس لتعليم العروس الكتاب والسنة حتى يرزقهم الله بالذرية الصالحة، ثم يتوقف الفرح لرفع آذان العشاء، ثم صلاة العشاء لنعود مرة أخرى إلى الأناشيد الدينية، جلست وأنا مندهش، هل أنا فعلاً في فرح أم في مسجد وأستمع إلى خطبة الجمعة لكن بصورة مختلفة، ثم يأتي دور المسابقات وهي عبارة عن أسئلة دينية يسألها أحد الإخوان أقصد أحد أفراد الفرقة "الموسيقية" مثل: من هو سيف الله المسلول؟ وما هي أول غزوة في الإسلام؟ ومن يجيب إجابة صحيحة من المدعوين يربح كيلو من السكر أو الأرز أو حتى بطيخه، ثم نأتي لفقرة الإثارة والخيال والمفاجئات في برنامج الجماعة أقصد الفرقة، حيث خفضت الأنوار وظهر شخص قبيح المنظر مرتدي ثياب سوداء على شكل هيكل عظمي ويضحك ضحكات هستيرية يتراجع صدي صوتها في ميكروفون الحفل، مما أشاع الرعب والفزع في نفوس الأطفال الحاضرين، فتشبث كل طفل بأبيه هلعاً، ليعلن مقدم البرنامج أنه الشيطان اللعين، فيستعيذ كل من بالحفل بالله منه ويرجمونه بما في أيديهم، ثم تضاء الأنوار لتستكمل الأناشيد لنهاية الحفل".

فما العمل لقطع الطريق على الإرهاب الذي يتغذى بتنمية غريزة الموت الجهادية والاستشهادية ووأد غرائز الحياة؟



بإدخال الموسيقى إلى رياض الأطفال وتوعية الأسر على إسماع أطفالهم منذ الولادة الموسيقى المخصّصة للأطفال لكي يناموا ويستيقظوا عليها.

· بجعل التعليم والتعليم الديني منبراً لتحبيب غرائز الحياة للأجيال الصاعدة، مثلاً تدريس تلامذة وطلبة التعليم الديني نص "بوارق الإلماع في تكفير من يحرم السماع" تأليف أحمد بن محمد الغزالي، شقيق حجة الإسلام أبو حامد الغزالي، وهو مخطوطة نشرتها الأسبوعية المصرية "القاهرة" كما أعادت نشرها اليومية "الأحداث المغربية" حيث يثبت فيه بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية أن الغناء والموسيقي ليست حراماً. ألم يقل أبو حامد الغزالي:" من لم تهزه الموسيقي فقلبه ميت"؟!.

· إعادة هيكلة الخطاب الإعلامي في نفس الاتجاه، بعرض المسرحيات الضاحكة في الإذاعة والتلفزيون والحفلات الغنائية والموسيقية وتخصيص إذاعات وتلفزيونات تنشط في المواطن _ وخاصة الشباب _ غرائز الحياة، وتحويل الأدب الباسم مثل البخلاء للجاحظ، وأشعب لتوفيق الحكيم … إلى مسلسلات تلفزية وأيضاً تقديم مسلسلات عن الشخصيات الفنية قديماً وحديثاً مثل زرياب وعبد الوهاب وعبد الحليم حافظ … النجاح الذي لقيه مسلسل أم كلثوم مثال حي على إن مخاطبة غرائز الحياة حاجة قوية وماسة لدي الجمهور في العالم العربي.

·

عسى أن يبادر وزير الشباب المغربي السيد محمد الكحص بإنشاء تلفزيون مغربي لتنشيط غرائز الحياة في الشباب المغربي الذي تحاول "نداهة" الموت الإسلاموية اغتيال غرائز الحياة فيه. وأول الغيث قطر ثم ينهمر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المرشد الأعلى في إيران هو من يعين قيادة حزب الله في لبنان؟


.. 72-Al-Aanaam




.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في لبنان تدك قاعدة ومطار -را


.. تغطية خاصة | المقاومة الإسلامية في العراق تنفّذ 4 عمليات ضد




.. ضحايا الاعتداءات الجنسية في الكنائس يأملون بلقاء البابا فرنس