الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قائمة التغيير ظاهرة جماهيرية أم استغلال ظرف ؟

نزار بيرو

2009 / 11 / 13
القضية الكردية


عند كتابتي لهذا المقال كان هناك في مخيلتي عنوانين يصلحان ان يكونا عنواناَ له . أحداهما كان " قائمة التغيير ظاهرة جماهيرية أم استغلال ظرف "
و الثاني " هل تستطيع قائمة التغيير مد جسور بينها و بين الجماهير الذي صوتت لهم في الانتخابات الأخيرة " .
و العنوانين يحملان في طياتهم العديد من التساؤلات الواقعية حول حقيقة الآمر و ما الذي حصل في الخامس و العشرين من تموز الماضي ، و ما هو آت من أحداث ، و ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل . فالنتائج التي حصلت عليها قائمة التغيير و التي كانت غير متوقعة للبعض و لشريحة كبيرة من مؤيدي و أعضاء و قيادي الأحزاب التي بيدها زمام الأمور و خاصة هؤلاء الذين كانوا لا يعرف بحقيقة الوضع ، و ما آلت إليه الأمور في الإقليم .
و في المقابل كانت تلك النتائج متوقعة للبعض الآخر و لهؤلاء الذين كانوا يعايشون الواقع . فمنذ الانتخابات الأولى و الأوضاع الغير مستقرة بعدها، و حتى بعد اتفاق طرفي ذلك الوضع الغير مستقر و تقاسم الحكم بينهما ، و في جميع تلك المراحل كان هنالك شريحة واسعة من الجماهير تتوق إلى طرف توازن ، أو قوة ثالثة تكبح جموح القوَتين و يجد التوازن المطلوب بما تضمن استقرارا أكثر ، و كذلك دفع عجلة الديمقراطية إلى الأمام و جعل الحريات لها مدى أوسع و اشمل .
وبالرغم من فقدان تلك القوة، و لعب الحزبين هذا الدور و بصورة غير مباشرة بإطلاق الحريات و فتح منافذ يتنفس من خلالها الجماهير و يعبر عن نفسها و عن الواقع من خلال إطلاق حرية الصحافة و النشر و فتح المجال أمام منظمات المجتمع المدني و حتى دعمها، الا ان ذلك أتت بنتائج عكسية و فتح أبوابا و منافذ على السلطة و الإدارة لم تكن في الحسبان و ذلك في كشف الظواهر السلبية و سوء الإدارة و التقصير في الأداء و التعامل مع الشُركاء في العراق الجديد في ما يخص استرجاع الحقوق و المستحقات . و لم يأتي نجاح قائمة التغيير الا من خلال استغلال تلك الظواهر و الحنكة و الدراية في إدارة معركة الوصول إلى قبة البرلمان . ولكن أذلك هو نهاية المطاف ، أم ما هو آت سيكون الأصعب ؟
وعندما نضع مقارنة بين أداء الحزبين و خاصة الديمقراطي الكوردستاني في مجابهة أزمة الانتخابات و في بداية ظهور حركة التغيير و حربهم الإعلامية وتأثيرهم الفعال على الشارع الكوردي و انتشارها بسرعة فائقة ، نجد ان ذلك التخبط و التشنج في الخطاب السياسي لطرفي القائمة الكوردستانية ، قد تحول إلى تعامل فيه تروي و دراية اكبر و خاصة بعد الانتخابات و ذلك بإتباع سياسة جديدة في التعامل مع قائمة التغيير يعتمد بالدرجة الأساس على إهمال المقابل و عدم الرد عليه و المضي إلى الأمام و كان شياَ لم يحصل و كأنهم لم يخسروا ما يقارب نصف مقاعدهم داخل البرلمان . فيما لا تزال قنوات طرف التغيير و صحفهم سائرين على نفس الوتيرة التي بدأ بها حملتهم في كشف الظواهر السلبية ، و إعادتها تكرارا و مرارا دون جديد ، وحتى أداء نوابهم داخل البرلمان و كما أشارت إلى هذه النقطة نائبة من الطرف المقابل ، ليس بالشكل المطلوب وذلك و ان كان بعض جوانب السبب هو إنهم ضليعُ السياسة ، ولكنهم قليلُ الدراية في ممارسة المعارضة و في مجابهة قوة الديمقراطي الكوردستاني و حليفتها و المال و القوة و السلطة والنفوذ والذي يتحكمون به و يسيطران من خلالها على الشارع الكوردي ، و كذلك يقفُ ورائهم عدد كبير من المستشارين و الخبراء الأجانب و مكاتبهم في رئاسة الوزراء و رئاسة الحكومة ، يقدمون تقاريرهم و نصائحهم حول مستجدات الوضع و كيفية التعامل مع المقابل . و تلك السياسة و الإستراتيجية و المستندة على ان الرد على المقابل، يعني تسليط الضوء على ذلك المقابل ، أما تركهم و شأنهم و عدم التطرق إليهم ففيها فائدة أكثر ، و تعتيم و بصورة غير مباشرة لما يرددونه في قنواتهم الإعلامية .
وليس هذا فقط بل عدم تسليط الضوء من قبل القنوات الإعلامية و التي هي مؤسسات لا يعرف مصادر دعمها و العاملين فيها أهُمْ موظفون تابعون لوزارة الثقافة أم لمكاتب الأعلام للحزبين ، لأنه و في الواقع قنوات دعائية للحزبين ومسيطرة على الواقع الإعلامي في الداخل و الخارج و بإمكانياتها المالية الضخمة و التي مصدرها هو حصة الإقليم من الواردات المالية ، وعدم تطرق تلك القنوات إلى مواقف الأقطاب الأخرى في البرلمان و تصريحات نوابهم ، ذلك يعود إلى الأسباب نفسها ، وهي سياسة التهميش الذي ينتهجونها مقابل الأطراف الأخرى داخل البرلمان . وهناك أسئلة منطقية وهو ألم يحن الوقت لكي ان يكون هنالك مؤسسة إعلامية تكون لسان حال للجميع وتضع الحقائق و الأخبار و الوقائع كما هي بعيدة عن الهيمنة الحزبية ،و كان تكون تلك المؤسسة تابعة للبرلمان والتي تضم تحت قبتها جميع الأطراف و مكونات الشعب .
و بالرجوع إلى مهام المعارضة بشكل عام ومهام قائمة التغيير خصوصاَ في مجابهة الحكومة ، ليس بالآمر الهين و خاصة وقد وضعت قائمة التغيير حول نفسها طوقاَ و بنت جداراَ عالياَ بينها وبين الجماهير ولم يمد جسوراَ بينها وبين جماهيرها وكان أول خطوة ليست في محلها هو استقالة الصف الأمامي لقيادة التغيير في البرلمان ، حيث كان باستطاعتهم ان يجعل من قبة البرلمان منبراَ يصلون من خلالها إلى الشارع الكوردي و العالم ، لما يتمتع به وقائع البرلمان من تسليط الضوء عليها من قبل وسائل الأعلام المحلية و الخارجية .
و الآن ايضا بامكانهم فعل ذلك و يكون لها نفس التأثير في إيصال صوتهم ، و ذلك من خلال خطاباتهم في مهرجانات جماهيرية واستغلال بعض المناسبات الوطنية لذلك ، أو حتى تحديد يوم في الآسبوع لخطاب أسبوعي يتطرق من خلالها إلى مستجدات الوضع و إبداء الرأي حولها ، وكما هو معمول به في كثير من الأنظمة الديمقراطية في العالم في استغلال المعارضة للمهرجانات الجماهيرية و الندوات الثقافية في إيصال رسائلهم و مواقفهم ورأيهم حول إجراءات الحكومة إلى الإعلام الداخلي والخارجي .
ففي الدول ذات النظم الديمقراطية ، لا يمر يوم والا نسمع ان هنالك تصريح للمعارضة حول مستجدات الوضع و أمور الساعة و على سبيل المثال هنا في السويد و عندما قامت ائتلاف الحكومة برفع المخصصات المالية الشهرية للطلاب قليلاَ و كذلك خفض النسبة الضريبية على رواتب المتقاعدين ورفع بذلك رواتب المتقاعدين شياَ قليلاَ لا يذكر ، و ذلك من خلال خطوات من هذا القبيل تقوم بها الإتلاف البرجوازي الحاكم في السويد للبقاء في السلطة لدورة انتخابية ثانية في العام المقبل ، بعد ان كان الحكم حكرا على الاشتراكية الديمقراطية لعدة دورات سابقة ، فما كان رد ائتلاف المعارضة على اجرءات الحكومة قولهم " إجراءات الحكومة إجراءات جيدة ونقبلها ولكنها لا تمثل الا نقطة ماء في بحر " واصفة تلك الزيادة للطلبة و المتقاعدين .
فعلى المعارضة الوليدة في إقليم كوردستان ان تتعلم و ترى كيف تتصرف المعارضة في النظم الديمقراطية في العالم ، ولكن الفرق بين الأحزاب الحاكمة
في تلك الأنظمة الديمقراطية ، ان لديها شعور بالمسؤولية اتجاه المعارضة و المصلحة العامة والتي هي فوق مصالحها الحزبية الضيقة ، وذلك ما تفتقده أحزابنا الحاكمة في سياسة فرض نفسها و سياسة تهميش الآخر.
والتي من المفروض ان تتعلم هي ايضا ، كيف تتخلص من هذا الإرث.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 143 دولة تدعم منح فلسطين عضوية الأمم المتحدة -الكاملة-| #مرا


.. شاهد لحظة تمزيق سفير إسرائيل ميثاق الأمم المتحدة خلال كلمة غ




.. مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة يمزق الميثاق الأممي بأمريكا


.. مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة يمزق ميثاق الأمم المتحدة قبل




.. الجمعية العامة للأمم المتحدة تعتمد قرارا يوصي مجلس الأمن بإع