الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبقرية الحضور في ذكري الغياب

يحيي رباح

2009 / 11 / 13
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية



إنه ياسر عرفات، بكل أسمائه وصفاته وتجلياته في زماننا الفلسطيني الصعب، الذي تغمرنا ذكرى غيابه الخامسة، بفيوض من الألم والمحبة والأشواق واستحضار التفاصيل وإعادة قراءة الواقع ومحاولة تركيب الصورة الفلسطينية من أجزائها القلقة المتوترة المحبطة والمتفجرة أيضا.
في ذكرى الغياب
نريد أن نستلهم عبقرية الحضور، فنتذكر أنه صارحنا قائلا، لم أدعكم لحفلة عرس أو نزهة جميلة، بل دعوتكم للصعوبات لتواجهوها، ودعوتكم لتواطؤ الأقربين والأبعدين لتتغلبوا عليهم، ودعوتكم للتضحيات لكي نقدمها، ودعوتكم لجبال الجليد لكي تأخذوا منها قبسا من النار، ودعوتكم للحياة لكي تعبروا إليها من بوابات الشهادة، ودعوتكم للجدران الصماء لكي تفتحوا فيها طاقة للأمل، ودعوتكم للصبر لكي تحتملوا مفازاته الملتهبة، دعوتكم لأن هذا هو قدركم الكبير، فأنتم أيها الفلسطينيون تريدون ما لا يضاهى، وقدس الأقداس، وجوهر الحياة، أن يكون لكم وطن اسمه فلسطين.
ياسر عرفات، في ذكرى غيابه يمنحنا الحضور في اللحظة الخارقة، فلقد علمنا أن الحقوق هي في مكانها المقدس لا تمس أبدا، ولكن السياسة شيء آخر، لأن حقولها هي الممكن، وعبقريتها هي فن الممكن، أفضل الممكن وليس أجمل المستحيل، ولذلك ذهب ياسر عرفات إلى مدريد بأغرب شروط في الدنيا، بوفد فلسطيني تحت الغطاء الأردني، بوفد من الداخل وليس بأي قدر من مشاركة الخارج، بوفد ليس فيه أحد من القدس، ذهب من الزاوية الضيقة، أضيق من خرم الإبرة، لأن عدم الذهاب وقتها رغم كل مبرراته كان يعني الغياب عن الميدان، وكيف يطالب الإنسان بحقه حين يكون غائبا؟.
ياسر عرفات: وهو محمول مع زملائه ومقاتليه في البواخر لتقذف بهم وراء المحيطات، كما لو أنهم نفايات نووية خطيرة جدا، كان يصر على أنه ذاهب لفلسطين! وهذا ما حدث فعلا، فقد تحققت نبوءاته وسقطت أوهام عربدة القوة لدى أعدائه.
في ذكرى الرحيل، نستنهض الآن، في الصعوبات، عبقرية الحضور، ونقول أن الموقف الأميركي شكل لنا صدمة قاسية، والعربدة الإسرائيلية تشكل لنا صدمة قاسية، والتخاذل العربي يشكل لنا صدمة قاسية، ولكن الحياة لم تتوقف، والخيارات لم تتلاش، والإرادة موجودة، تشحذها صعوبات الطريق.
في ذكرى الرحيل، يجب أن تحل روحه بيننا بكل الإيجابية بحيث نتواصى فيما بيننا بالحق والصبر، وليس بالمزايدات، ولا بالشماتة الهابطة، ولا بإلقاء العبء كله على رجل واحد حتى وإن كان في الموقع الأول على رأس القافلة، بل التواصي بالحق والصبر، أن نتعمق في رؤية المشهد، وأن نتحاور ونتصارح بكل الشجاعة المطلوبة، وأن نعرف أن تغير الخيارات والاستراتيجيات ليس فعلا ميكانيكيا، ننتقل بموجبه من نقطة إلى أخرى، بل كل خيار له استحقاقاته، ومتطلباته، وانتظاماته، لكي يصبح بالفعل خيارا صحيحا وبديلا مجزيا.

في ذكرى رحيلك يا سيدي، نتذكرك بقوة، مثل برق يفج في عيوننا، مثل دفء يغمرنا، وضوء وطمأنينة في القلوب، مثل صلاة نعيد من خلالها انسجام روحنا المشتتة.
وأتذكر كم كنت تثق في أجيالنا، وفي شعبك، وتقول عنه انه أعظم من كل قياداته، وأقوى من كل أعدائه، ها نحن في ذكرى رحيلك الخامسة نواجه الاختبار الأصعب، هو محطة على الطري ليس إلا ولكنه ليس نهاية المطاف، هو اصطراع مع موازين القوى ليس إلا ولكنه ليس القدر المحتوم.
روحك يا سيدي تريدنا أن ننجح في الاختبار، وأن تجتاز قافلتنا برزخ المستحيل، وأن نواصل التقدم ونواصل الأمل
فلك الخلود
ولروحك السلام.
[email protected]
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. Human Rights - To Your Left: Palestine | عن حقوق الإنسان - ع


.. لمحات من نضالات الطبقة العاملة مع امين عام اتحاد نقابات العم




.. كلمات ادريس الراضي وخديجة الهلالي وعبد الإله بن عبد السلام.


.. الشرطة الأمريكية تعتدي على متظاهرين داعمين لغزة أمام متحف جا




.. الشرطة الأميركية تواجه المتظاهرين بدراجات هوائية