الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختلاف صورة(السلف الصالح)عند الاسلاميين

محمد سيد رصاص

2009 / 11 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


كان مفهوم(الزمان الاسلامي)من أهم مواضيع الإنشغال عند الاسلاميين منذ نشأتهم في عام1928عندما أسَس الشيخ حسن البنا تنظيم(جماعة الإخوان المسلمين)،وإذا أراد المرء الدقة فإن رؤيتهم للحاضر والمستقبل تنبع وتنبني على تلك الرؤية الموجودة عندهم حيال التاريخ الاسلامي:من هنا أتى مصطلح(السلف الصالح)عند الاسلاميين،الذي هو بشكل أوبآخر يعبر عن رؤية للماضي يمثل فيها (السلف الصالح)مايمكن تسميته ب"الزمن- الأنموذج"،قبل حصول"الإنحراف"أو"الإنحطاط"،وهو شيء تشير الكثير من المؤشرات،في التاريخ الاسلامي،إلى أن حالة مسلمي العصر الحديث ليست غير مسبوقة،حيث أن"فكرة عهد مثالي،يبتعد عنا بصورة حتمية لامرَد لها كالزمن الذي يمر،قد عايشت الاسلام على الدوام...وسنجد عند ابن قتيبةت 276هجريةوعند الحسن البصريت110هجرية.....وكلما ارتقينا في الأدب الاسلامي،سنجد مجدداً هذا الإحساس بابتعاد تدريجي للسماء عن الأرض،ومامن أحد تكلم البتة عن التجدد،والجميع يتحدثون عن الترميم والإعادة"(عبد الله العروي:"الايديولوجية العربية المعاصرة"،دارالحقيقة،بيروت1970،ص122)،وقد كانت الحالة الأكثر تعبيراً عن ذلك متمثلة في فكر الإمام مالك(93-179هجرية)لماكان التزامه المتشدد بسُنة سالفيه من الصحابة والتابعين مرتبطاً بصراعه ضد(مدرسة الرأي)في الفقه عند العراقيين،وضد (علم الكلام)الذي بدأ بالظهور آنذاك،وهو أمر تكرر عند الإمام أحمد بن حنبل(ت241هجرية)ضد المعتزلة،وإذا كنا نجد حالة شبيهة شكلاً عند ابن حزم(ت456هجرية)إلاأنها هي مختلفة المضامين عن الحالتين السابقتين لماكان وقوفه ضد علم الكلام،بنسختيه المعتزلية والأشعرية،مبنياً ليس على "سُنة السلف الصالح"ولكن على(النبع)الممثل في(لحظة النبوة)بماأعطته من كتاب وسُنة،والتي يذهب إليها ابن حزم من دون وساطة أودلالة(السلف الصالح).
إذا أتينا إلى العصر الحديث فإننا نجد أن بلورة الرؤية الفكرية لمفكر مثل الشيخ محمد عبده لم تكن مبنية فقط على مقاربة لأزمة المسلمين الحديثين أمام قطوعي(الهجمة الغربية)و(التفوق العلمي-التقني الغربي)،وإنما أساساً على محاولة للتجديد اقتداءاً ب(السلف الصالح)وهي كلمة"لايستعملها محمد عبده بمعناها الحرفي كمرادف للجيل الأول من صحابة النبي وأتباعه،بل بمعناها الأعم......فكبار علماء الكلام في القرنين الثالث والرابع هجري،كالأشعري،والباقلاني،والماتوريدي=الماتريدي،هم أيضاً من السلف الصالح"(ألبرت حوراني:"الفكر العربي في عصر النهضة"،دار النهار،بيروت1968،ص184)فيما تقلَص ذلك عند تلميذه رشيد رضا ليكون"اسلام السلف الصالح هو اسلام الجيل الأول الذي عرف النبي"(حوراني:ص276).
في حالة الشيخ البنا نجد أن تحديد(السلف الصالح)يُترك مبهماً أثناء إشارته إلى أن(الإخوان)يفهمون"الاسلام كماكان يفهمه الصحابة والتابعون من السلف الصالح رضوان الله عليهم"("الرسائل"،دار الأندلس،بيروت1965،ص246)،وإن كانت عملية اسباغه لصفة الإسلامية على الدولة العباسية حتى سقوط بغداد بيد التتار عام656هجرية(ص209)،ثم قوله"أن تقوم للاسلام دولة وارفة الظلال قوية البأس.........تضم تحت لوائها معظم أممه وشعوبه......تلك هي دولة الأتراك العثمانية"(ص212)- توحيان بأن الشيخ البنا يقدم مروحة واسعة لمصطلح(السلف الصالح)رغم حديثه عن "عوامل التحللالتي.........أخذت تتسلل إلى كيان هذه الأمة القرآنية.....حتى مزقت هذا الكيان وقضت على الدولة الإسلامية المركزية في القرن السادس الهجري بأيدي التتار"(ص ص208-9)،ليكون تعداده لتلك العوامل بادئاً بالخلافات السياسية،ثم المذهبية،وبعدهما الترف،من دون أن يؤدي ذلك به لنزع صفة الإسلامية عن الدولة العباسية.
هنا،وفي تأسيس موازٍ للتيار الاسلامي ولكن مغاير،يقدم أبوالأعلى المودودي في عام1941،بكتابه "المصطلحات الأربعة في القرآن:الإله والرب والدين والعبادة"،رؤية مختلفة،ترى أن هناك في القرون التي أعقبت عصر النبي والصحابة "والتي تلت ذلك العصر الزاهر جعلت تتبدل المعاني الصحيحة لجميع تلك الكلمات،تلك المعاني التي كانت شائعة بين القوم عصر نزول القرآن،حتى أخذت تضيق كل كلمة من تلكم الكلمات الأربع عماكانت تتسع له وتحيط به من قبل............فكانت النتيجة أن تعذر على الناس أن يدركوا حتى الغرض الحقيقي والقصد الجوهري من دعوة القرآن"("المصطلحات الأربعة"،عن نسخة ألكترونية كاملة للكتاب متوفرة في عدة مواقع)،وهو ماتابعه سيد قطب في كتابه المفصلي"معالم في الطريق"(مكتبة وهبة،الطبعة الأولى،القاهرة1964)عندما قال بأن"وجود الأمة المسلمة يُعتبر قد انقطع منذ قرون طويلة"(ص6)،ليقوم بحصر(السلف الصالح) في الصحابة وحدهم عندما"خرَجت هذه الدعوة جيلاً من الناس- جيل الصحابة رضوان الله عليهم – جيلاًمميزاً في تاريخ الاسلام كله..........ثم لم تُخرِج هذا الطراز مرة أخرى"(ص13)،محدِداً أن"ذلك الجيل استقى إذن من ذلك النبع وحده=القرآن الكريم....ثم مالذي حدث؟.........اختلطت الينابيع!"(ص16)،وهو اختلاط يعتبره سيد قطب قد امتد إلى حدود أن"اختلط هذا كله بتفسير القرآن الكريم،وعلم الكلام،كما اختلط بالفقه والأصول أيضا........ً"(ص17).
أمام هذا التيار (أوالإتجاه الجديد الذي توَلد أوأوحت بجنينه كتابات المودودي وقطب)وقف المرشد الثاني لجماعة الإخوان المسلمين حسن الهضيبي من خلال كتابه المكتوب بالسجن،ببحر عامي1968و1969،والمسمى"دعاة لاقضاة"،وإن كان يلفت النظر في هذا الكتاب(الإستشهادات منقولة عن نسخة ألكترونية كاملة للكتاب موجودة بعدة مواقع)عدم الرد المباشر من الهضيبي على سيد قطب،وإنما أن يقفز للرد مباشرة على المودودي،وبالذات على تلك الفقرة المذكورة آنفاً،رغم أن من الواضح أن دوافع تأليف ذلك الكتاب عند الهضيبي كانت ناتجة عن ماأحدثه كتاب"معالم في الطريق"من حراك وانقسام في الوسط الإخواني داخل السجن وخارجه: يعتبر الهضيبي أن جميع من نطق بالشهادتين،ماضياً وحاضراً،هم مسلمون،انطلاقاً من أن"قول الرسول- صلى الله عليه وسلم – وفعله المعتبر شريعة لازمة........فقد قبِلَ الرسول....اسلام الناس الذين دخلوا في دين الله أفواجاً..............دون اجراء مايفيد ضرورة التأكد أن كل فرد منهم قد فهم من الشهادتين اللتين شهد بهما معلناً اسلامه معنى محدداً معيناً"،ثم يقول الهضيبي ببطلان"القول بإشتراط العمل" شرطاً لإكتمال الإيمان عند المسلم،وليذهب إلى البعيد،بالنسبة لاسلاميي الحاضر الراهن وفترة الهضيبي(1951-1973) وكذلك فترة البنا(1928-1949)،عبر استشهاده بكلمات الإمام النووي(ت672هجرية):"وأعلم أن مذهب أهل الحق ألايكفَر أحد من أهل القبلة ولايكفَر أهل الأهواء والبدع"،وبعد هذا يمتد إلى أبعد ،في رؤية ضمنية للتاريخ الاسلامي،عندما يرفض صحة حديث:"إن القدرية مجوس هذه الأمة" وكذلك حديث:"تفترق أمتي على بضع وسبعين فرقة كلها في النار،حاشا واحدة فهي في الجنة"،قائلاً:"هذان حديثان لايصحان عن طريق الإسناد"،فيماتترافق رؤية سيد قطب حول(الإنحراف)و(الجاهلية)مع رؤية ضدية لعلم الكلام،والفلاسفة،وعلماء أصول الدين،وعلماء الفقه،وفي السياق نفسه يلفت النظر اجتماع الحنابلة ،ومعظم الأشاعرة،من جهة،وجميع الشيعة من جهة أخرى،على الأخذ بحديث"الفرقة الناجية"،بينما معظم أهل السُنة لايقولون بصحته.
من خلال ماسبق،هل نستعيد قول العروي بكتابه المذكور(ص119)لطرح التساؤل التالي:هل أصبح"تاريخ الاسلام تاريخ اختفاء كبير أوكسوف أومحاق،وتُنتخب فترة قصيرة تتفاوت طولاً حسب المؤلفين،ثم يُغطى الباقي بحجاب الخيانة الأسود"؟!!...........








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - من هم السلف الصالح؟؟؟
سمير البحراني ( 2009 / 11 / 15 - 04:34 )
من هم السلف الصالح الذين يريدنا الاسلاميون الاقتداء بهم؟؟؟. لوقرانا تاريخهم لوجدناه تاريخا ملطخا بدماء يعضهم بعضا وما ذاك الا نتيجة الطمع في الدنيا وحبا لملذاتها.ولم يتوقف الحال عند هذا الحد حتى غدت التفسيرات للقرآن الكريم والسنة االنبويه سلاحا مسلطا على رقاب الناس بمساعدة الرواة الكذبة الذين لم يتوانوا عن خلق الاحاديث تعزيزا لحكم هذا الصحابي او ذاك وهو ما جعل الامة الاسلامية تغط في سبات عميق تحت حكم ديكتاتوري لا زالت فخاخه منصوبة لصيد من تسول له نفسه نقذ ها الملك او ذاك الرئيس او حتى المحسوبين عليه متخذين مما قام به السلف الصالح ــ كما يسمون ــ معيارا للحسن والقبح.ان مصطلح السلف الصالح مصطلح لا تثبته الحقائق التاريخية وليس هناك سلف صالح يجب الاقتداء يه . ان السلف الصالح حسب مفهوم عصرنا هو من تنتخبهم الامة ممثلين لها تحت حكم ديموقراطي ــ وهي ولاية الامة على نفسها ــ وليس غير ذالك .لمن يريد معرفة السلف الصالح وما كانوا عليه عليه بقرآءة مقال الاخ جهاد نصره تحت الرابط الآتي.

http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=191386


2 - لمن يريد نسخة من السلف الصالح.
سميح الحائر ( 2009 / 11 / 15 - 08:18 )
لعلنا كلنا نتطلع لرؤية السلف الصالح ونعيش ايامهم الحلوة الخالية من الشوائب بسسب العدالة الاجتماعية ولا فرق لعربي على اعجمي الا بالتقوى وان المسلمم اخو المسلم ولكن للحقيقة وحدها لقد خلف لنا السلف الصالح نسخة كاربونية منهم وهم ابن لادن والضواهري والزرقاوي .وختاما لله الحمد والمنة على ما انتجت هذه الامة المنكوبة من ابطال اشاوس قدموا للامة اعظم الخدمات وهو الاهاب باسم الله والرسول والسلف الصالح.مبروك على العرب اولا والمسلمين ثانيا .انه السلف الصالح..


3 - الشجرة المباركة وظلالهه الوارف..
باحث عن الحقيقة ( 2009 / 11 / 15 - 11:13 )
دعنا نبدا بالسقيفة وما تمخض عنها من بيعة عدها امير المؤنين عمر بن الخطاب بانها فلتة وقى الله المؤمنين شرها وقولته المائورة -من عاد لمثلها فاقتلوه- وهي باكورة السلف الصالح نحو مجتمع عادل تتساوى فيه كل طبقات المجتمع اذ لا فرق بين ابن الخليفة وغيره في الحقوق والواجبات كم اوهمونا وهو ما حدى بسيد الخزرج سعد بن عبادة بالاحتجاج على تهميش الانصار وابعادهم والى الابد عن سدة الحكم مع انهم هم من قام الاسلام على اكتافهم ورووا حديثا عن الرسول بانه قال -الخلافة في قريش ما بقي منهم اثان- ام الشورى الذي صدع الاسلاميون رؤوسنا بها لم تكن يوما من الايام سنة اقتدى بها السلف الصالح. اما الاستناد على تفعيلها اي اشورى من قبل الخليفة عمر عندما اوعز لستة نفر وكلهم من قريش بان الحكم شورى ما هو الا استخفاف بعقولنا ولعل الدافع وراء هذا القرار هي المؤامرة من قبل الصحابة والذي اودت بحياته على يد ابو لؤلؤة الفارسي والذي اتخذها فرصة سانحة للانتقام لبلده جراء بما يسمى بالفتح والذي جلب ابناء جلدته الى سوق النخاسة في عاصمة الدولة الاسلاميه. جاء الخليقة الثالث الى سدة الحكموا وعز كل مناصب الدولة الى قرابته مما ادى الى اتشار الفساد المالي والاداري وعندما طالبه الثوار بالاسقالة ادعى ان الخلافة ثوب البسه الله اياه و

اخر الافلام

.. ندوة توعية للمزارعين ضمن مبادرة إزرع للهيئه القبطية الإنجيلي


.. د. حامد عبد الصمد: المؤسسات الدينية تخاف من الأسئلة والهرطقا




.. يهود متشددون يهاجمون سيارة وزير إسرائيلي خلال مظاهرة ضد التج


.. مختلف عليه - الإلحاد في الأديان




.. الكشف عن قنابل داعش في المسجد النوري بالموصل