الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جامعة ... و دورة إستدراكية

مصطفى العوزي

2009 / 11 / 18
التربية والتعليم والبحث العلمي


يبدوا أنه و في إطار التحولات التي تعرفها الجامعة المغربية ، فضل البعض من الأساتذة الجامعيين مبدأ " التجارة خير من الإجارة " ، و سعوا في نصرة ذلك ، و ،أبلوا البلاء الحسن ، فعمدوا إلى طبع بعض الكتب الخارجة عن التاريخ ، في أشكال هزيلة شكلا و مضمونا ، فجمعوا فيها أفكارا من هنا و من هنا ، و أعلنوا قولتهم الشهيرة " هذا كتابنا " ، ثم بدأ العمل في تسويقها داخل الجامعة المغربية بين الطلبة المغلوب على أمرهم ، مستعملين صيغا عديدة تبدأ بالدعاية الخادعة و تبلغ حدا التقييم يوم الامتحان ، حيث ترى الطلبة وجوههم مصفرة ، يحملون كتبهم ، و ينتظرون ساعة العرض أمام الأستاذ ، فمن حمل كتاب الأستاذ بيمينه أو شماله – الأمر لا يهم - سيلقى أجرا حسنا ، و من تخلف عن ذلك يلقى حسابا عسيرا ، فيصبح المشهد شبيها بيوم البعث .
هذه الصورة التراجيدية هي مظهر من مظاهر واقع تتخبط فيه الجامعة المغربية ، بمؤسساتها المختلفة ، إلى درجة أصبحت فيه بعض المؤسسات الجامعية مراكز للجمود الفكري بدلا من أن تكون قبلة لنشر الثقافة و المعرفة و تنوير النشء و تكوينيه تكوينا معرفيا سليما ، و المسؤولية هنا بقدر ما تلقى على الساهرين على شؤون الجامعة ، تلقى أيضا على الأساتذة المعنيين بالأمر ممن فضلوا أسلوب التجارة الرخيص هذا ، طبعا و كما يقول المصريين " الدنيا لسا بخير " ، فهناك من الأساتذة الأجلاء من امتنعوا عن مثل هذه السلوكات و فضلوا النزول إلى المعترك و فرضوا بذلك أسمائهم في الساحة الفكرية و الثقافية بأعمالهم الوازنة ، التي لم تتخذ الطلبة سوقا ممتازا مضمون التسويق ، بل اعتمدت على محتواها المعرفي الجيد في ضمان نسبة عالية من القراء و المهتمين ، و لعل هذا ما أكسبهم حبا كبيرا في الأوساط المتتبعة للشأن العلمي و الأكاديمي .
إن السؤال عن السبب يقتضي إجابتين مركزتين ، أولهما متعلق بالوضع العام للأستاذ في ظل الأوضاع الاجتماعية و الاقتصادية الراهنة ، و التي تعيش على وقعها بلدان العالم الثالث ، حيث جعلت هذه العوامل البنيوية الكثير من الأساتذة مجرد موظفين للدولة تغيب عنهم روح المبادرة و الهم العلمي ، و ثاني هذه العوامل مرتبط بشخصية الأستاذ ، حيث تغلب على الكثير من رجال الجامعة شخصية الخوف ، الجشع و السعي وراء الكسب السريع و السهل ، و كذا الخوف من انقضاء العمر دون مراكمة ثروة ، و هو السبب الذي يمكن قراءته في ما حاول لويس أوسكار تأطيره ضمن النظرية الشهيرة " ثقافة الفقر" ، حيث نجد هذه الثقافة تتمظهر على مستوى الفرد في مجموعة من السلوكات و العادات كفقدان الثقة في الحكومة و الساهرين على تدبير الحياة العامة ، و أيضا السعي الكبير وراء عيش اللحظة الراهنة و غياب أي أفق كبير و طويل المدى ، و هي سمات تجعل من أناس ثقافة الفقر يعشون في وضع صراع دائم مع الذات و مع الآخر و من تم منطق الربح و الخسارة يظل حاضرا و بقوة ، فينعكس الأمر سلبا على روح الإبداع و الخلق العلمي سلبا ، و النتيجة النهائية ، كما ترون تحيل على الدورة الاستدراكية.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جنوب أفريقيا: حزب المؤتمر الوطني ينوي إجراء مشاورات لتشكيل ح


.. يديعوت أحرنوت: ليبرمان يفضل انتظار خوض الانتخابات المقبلة |




.. وفا: قصف إسرائيلي مكثف على رفح ودير البلح ومخيم البريج والنص


.. انهيار مبنى سكني في #إسطنبول #سوشال_سكاي




.. وول ستريت جورنال: إسرائيل أعادت النظر في خطتها في رفح لتفادي