الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مجرد مبارة لكرة القدم تكشف عن أحوالنا

محمد عابدين

2009 / 11 / 21
المجتمع المدني


مجرد مبارة ترفيهية رياضية

تتطلب منا

العمل بمقولة الفيلسوف الألماني

" عمانوئيل كانط "

" اعملوا عقولكم أيها البشر "


يرتبط اسم الفيلسوف الألماني عمانوئيل كانط ، الذي يعتبره البعض بمثابة أكبر فيلسوف عرفته أوروبا منذ قرنين على الأقل، ارتباطا وثيقاً بندائه الشهير الذي استهله بعبارة " اعملوا عقولكم أيها البشر "، الذي يعد من أهم شعارات حركة التنوير الأوروبية التي أعادت الاعتبار إلى سلطة العقل وأوليته ، علاوة على تأكيدها على ضرورة احترام فردية كل إنسان واستثمار تنوع المواهب البشرية بعيداً عن الإرث الجماعي التقليدي

( ناقش هذه العبارة مع نفسك عزيزي القارئ وقارن بين ما نحن عليه وبين أهل الغرب الذين عملوا بهذه العبارة .. وإستنتج الفرق) .

هذه الصيحة عبرت بشكل واضح عن النقلة النوعية التي شهدتها أوروبا آنذاك في القرن الثامن عشر في عصر التنوير.

( راجع بنفسك عبر العديد من الوسائل عن ماهية ذلك التقدم وأين موقعنا منه ، تقدم تراه العين ويسعد به القلب وتحسه وتستشعره باقي الحواس )..

و على هذا النحو ساهم كانط في تبديد غياهب ظلام العصور الوسطي التي كانت محيطة بالعقول
( تخيل عزيزي القارئ أن يصل بنا الأمر من شدة الإحتياج للعقول الرزينة المدبرة أنه يجب علينا أن نستورد تلك العقول لإدارة مصالحنا ، بعدما صرنا نعيش ما هو أفظع من تلك العصور الغابرة .. وإسأل من يهمه الأمر فيما يحدث الآن على الساحة العربية لمجرد متابعة مبارة رياضية لكرة القدم بين فريقين من الأخوة العرب .. لماذا ؟؟؟ ).
• ولكانط مقولة عن التنوير لو عملنا بها لكنا في وضع مختلف عما نحن عليه الآن يقول عن التنوير : " إنه خروج الإنسان عن مرحلة القصور العقلي وبلوغه سن النضج أو سن الرشد " ويقصد هنا بالقصور العقلي أنه "التبعية للآخرين وعدم القدرة على التفكير الشخصي أو سلوك السلوك الرزين في الحياة أو اتخاذ أي قرار بدون استشارة الشخص الوصي علينا "

( ألم يكن هذا واضح وجلي فيما حدث من أحداث لمجرد متابعة موقف ترفيهي رياضي المفترض فيه الترويح عن النفس .. مجرد مباراة لكرة قدم ... !!!!! )


ولا نعلم من حولها من مبارة رياضية ترفيهية إلى معركة شبه حربية تتطلب الأخذ بالثأر ، وتخللها كر وفر وهجوم ودفاع ومناورات إعلامية ومطالب سياسية وتهديد أسر وترويع آمنيين وهجوم غير مبرر على ممتلكاتنا وأهالينا وبلادنا

في إعتقادي أن المتهم الأول .. هو التعصب

فمن يحاول تتبع أحوالنا وأحوال من بجوارنا يري بأم عينه بالون منتفخ بهواء التعصب الذي شاب كل أمور حياتنا بدء ً من المجالات الرياضية وصولا ً للدينية والسياسية .. يكاد هذا البالون أن ينفجر من شدة ضغط خليط التعصب المملوء به ويحيط من حوله بدخان يكتم الأنفاس

ومن هذا المنظور حاولت جاهدا َ البحث عن مبرر لما يحدث ولم أجد غير متهم فريد من نوعه يدعى التعصب الأعمي .. لذا جئت بصرخة كانط التنويرية لنقول سويا ً لأولادنا وأبنائنا أمل مستقبل أمتنا : "

اعملوا عقولكم أيها البشر! لتكن لكم الجرأة على استخدام عقولكم! فلا تتواكلوا بعد اليوم ولا تستسلموا للكسل والمقدور والمكتوب ، تحركوا وانشطوا وانخرطوا في الحياة بشكل إيجابي متبصر، فالله زودكم بعقول وينبغي أن تستخدموها ".
( والمقصود هنا عقول وأبدان تتحرك بموجب العقول .. وليس أجساد فقط تتحرك بموجب التعصب والعصبية والجهل والتخلف .. !!!!! )
( وليتنا كما قلت تعلمنا من فلسفته وأخذنا كغيرنا بأراءه .. ولكن من أين لنا بعلوم الفلسفة وهي نقيضة علومنا وكاشفة عيوبنا .. كرهناها بموجب كرهنا لعلوم العلم والتعليم وبغضنا للثقافة التنويرية .. وإبتعدنا عنها لمخالفتها أحد أهم قواعد تراثنا وهي إعدام العقل وإنعدامه .. فكانت النتيجة التي لايخطئها مبصر أن تمادت بنا حالة سحابة الدخان الذي يعمي الأبصار ليصل التعصب بإهدار حق الإنسانية ولو بسبب مبارة لكرة قدم ) .

• وانطلاقا من مفهوم كانط الذي يرى أن تحقيق السلام لن يتم إلا عبر تغيير الإنسان وتربيته أخلاقياً بهدف جعل الحرب أمراً مستحيلاً .
نعود على أبنائنا ونقول لهم :
( إستمعوا وعوا فلن تستطيع منع الناس من الكلام أو الفعل أو ردته .. ولكن ما تستطيعه هو إدراك معاني الكلام والمقصود بالفعل وردته .. وهنا للعقل أهمية )

و الغريب في الأمر أن في الوقت الذي تنصب فيه كل الجهود الانسانية في العالم المتحضر للقضاء على الارهاب الاجرامي بجميع أشكاله وصوره ، تجدنا في بلادنا .. بلاد العرب .. منقسمين على أنفسنا لفريقين ،كفريثي مصر والجزائر ، فريق منا يتوافق وهو متردد مع الرأي العام العالمي في جهوده لمقاومة الإرهاب الناجم عن التعصب .. والأخر يرفض حتى السماع لأي قول يمت بصله لتلك الجهود
• وكلا الفريقين يقعان تحت ضغط خفي وأخطر من الإرهاب الإجرامي ذاته وهو الإرهاب الفكري في
ثقافتنا خوفا ً كان أو جهلا ً ، وتجدهم عن قصد قد أهملوا تلك البركة التى يتوالد فيها ومنها يرقات الإرهاب نتيجة لعلوم التعصب الأعمى .. تلك العلوم التي تتطور فيما بعد لطور الإكتمال الكامل لتصبح هذه اليرقة المشبعة بعلوم التعصب والكراهية إنسانا ً مكتمل النمو الجسماني فقط ، قاصر الفكر والعقل ، عدوا ً للحياة والإنسانية معا ً .. يكره حتى الرفاهية والطرف ويعادي كل ما هو محيط به حتى أهله وناسه
تلك البركة هي الإرهاب الفكري والأخلاقي والذي يحتوي معظم ثقافتنا وفكرنا بين جنباته ، انه الإرهاب اليومي الذي يمارسه اغلب الناس على اختلاف انواعهم ومذاهبهم ، ارهاب يكاد لا يترك احدا الا شمله ، ارهاب يخنق الحياة في الانسان ويسلب منها كل ما هو جميل ، ارهاب يحول الناس الى عبيد تفتخر بتلك العبودية ، مجرد قطعان تجتر بكل سلام وهدوء ما تأكل من علف ثقافي يقتل الابداع ويدمر الثقة بالنفس ويحطم الإعتماد على العقل ويشيع حكما عاما بإلزامية التعصب والجهل والتخلف
هذا التعصب الأعمى
.. هو إرهاب فكري تربوي تأسيسي متحكم عن بعد في الأخلاقيات العامة والسلوك الجمعي بإعتباره منهاج حياة ، هذا الإرهاب الفكري هو ذاته نواة للارهاب الذي نحياه الآن .. والذي نما بطريقة أميبية متعددة الخلايا ، وبمعنى أوضح هو أولى مراحل تمهيد الطريق لتحويل نشئ طاهر برئ لا يعي من أمور دنياه طبيعته الإنسانية ليتحول فيما بعد إلى طبيعة عدوانية حيوانية ، ليشبوا فيما بعد بإعتقاد شبه إيماني راسخ بكراهية كل من يخالفه تعصبه ومن يخالفهم الرأي أو الملة .. ولو بالشبهات .
إلى أن وصل هذا التعصب لقطع صلة الأرحام بين الأخوة

ولو من خلال مباراة لكرة قدم

أليس كذلك ؟؟ !!!
وإلى لقاء آخر بإذن الله .... نحاول ان نردم جزءً من مستنقع التعصب
محمد عابدين










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. طلاب العلوم السياسية بفرنسا يتظاهرون دعمًا لغزة


.. علي بركة: في الاتفاق الذي وافقنا عليه لا يوجد أي شرط أو قيود




.. خليل الحية: حققنا في هذا الاتفاق أهداف وقف إطلاق النار وعودة


.. البنتاجون كأنه بيقول لإسرائيل اقتـ.لوهم بس بالراحة..لميس: مو




.. مستشار الرئيس الفلسطيني: المخطط الإسرائيلي يتجاوز مسألة استع