الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المهرجانات المسرحية في اللاذقية (1من 2) مشروع مسرحي أم نشاط دعائي..

مايا جاموس

2009 / 11 / 23
الادب والفن


يلفت النظر في مدينة اللاذقية نشاطٌ مسرحيٌّ يبدو كثيفاً بالمقارنة مع المدن الأخرى وفيها دمشق. وتبرز بشكل خاص المهرجانات المسرحية، إذ هنالك مهرجان المونودراما، ومهرجان الكوميديا، ومهرجان المسرح الجامعي، ومهرجان مسرح الطفل، إلى جانب مهرجانات فنية وثقافية أخرى قد تتضمن عروضاً مسرحية، مثل مهرجان نقابة الفنانين وملامح أوغاريتية. ورغم الخلافات التي تشوب علاقة المسرحيين فيما بينهم، والتي تصل أحياناً إلى حد الاتهامات، وتحفّظ البعض على مهرجانات معينة، إلا أن الشيء الذي يعرفه الجميع هو أن العمل في المسرح اليوم هو فعلٌ كفاحيّ.
ويشكّك القائمون على تلك المهرجانات بمصداقية أهداف إقامة بعضها، ويتفق البعض مع الراحل سعد الله ونوس أن المهرجانات في بلدان مسرحها أو ثقافتها مأزومة، تأخذ طابعاً دعائياً استعراضياً، دون أن يلغي ذلك أهمية وجودها.
ياسر دريباتي، مدير البيت العربي للموسيقا والرسم (مؤسسة أهلية)، مدير مهرجان المونودراما، يقول: (أعتقد أنه حتى الآن لا يوجد مسرح سوري ولا ريبرتوار لمسرح سوري، بل توجد عروض وظواهر مسرحية، فكيف نقيم مهرجاناً ونحن ليس لدينا عروض مسرحية؟! لكن أعتقد أن إقامة مهرجان للمسرح قد يدفع المشتغلين بالمسرح إلى العمل أكثر، كما يتيح الفرصة أمام الكثير من التجارب التي لا ترى النور إلا في المهرجانات، ويتيح للجمهور بأن يشاهد أكثر من عرض مسرحي، ويذكّر الجمهور غير المسرحي بأن هناك مسرحاً ومهرجاناً. إذاً الهدف الأعلى للمهرجان هو التشويق المسرحي بمعنى المعرفة وأن يورّط الجمهور بمشاهدة المسرح. لا أعتقد أن إقامة مهرجانات أهلية للمسرح تحمل الجانب السلبي من هذا الباب، بل هي شكل من أشكال التنشيط المسرحي. وتساؤلكِ يكون أقوى تجاه مهرجانات المؤسسات الرسمية مثل مهرجانات وزارة الثقافة. ربما من حقنا أن نسأل لماذا يقيمون المهرجانات وهم لا ينتجون عروضاً مسرحيةً ؟ أما المؤسسات الخاصة فهي تحتاج إلى التشجيع والمبادرات). ويرى هاشم غزال مدير المسرح الجامعي في اللاذقية أن (معظم المهرجانات التي تُقام تميل إلى حالة دعائية تكاد تُفقِد المشروع المسرحي قيمته. وهذا يجعلها تدور في حلقة مفرغة، ولا جدّية في التناول والطرح. مهرجان المسرح الجامعي هو مشروع، والسنة الماضية مثلاً اعتمدنا على أبناء المسرح الجامعي حتى في الإخراج، ونعطي فرصاً لجيل الشباب معظمهم هي تجربته الأولى. وحتى لو كانت هذه المهرجانات دعائية بالنسبة إلى القائمين عليها، لكنها حالة جيدة على الأقل بالنسبة إلى المخرجين الذين يشاركون فيها).
ويقول لؤي شانا، مدير المسرح القومي في اللاذقية، مدير تجمّع (أبو خليل القباني) ومدير مهرجان الكوميديا: (المهرجانات حاجة ماسّة، لأن الناس بحاجة إلى إعادة الطقس الجماعي الجمعي الذي بدأ يضيع ويهمَّش ويُعتَّم عليه. والمهرجانات تحقق هذا الشرط أكثر من أي عرض مسرحي منفرد).
هذه المهرجانات التي تتجه لتكون عربية ودولية، تبدو كغيرها من المهرجانات المسرحية والفنية الأخرى، تحرص على مسائل التكريم وإحضار الضيوف والأسماء اللامعة، كأنها بذلك تقوّي نفسها بتلك الأسماء، ويوافق دريباتي على هذه الفكرة قائلاً: (المشكلة الأعمق هي ببنية المؤسسات الأهلية، بمعنى: هل صارت مؤسسات اعتبارية، لها شخصيتها المعرفية والمالية؟ أعتقد أن المؤسسات الأهلية تتمسّح دوماً بالمؤسسات الرسمية وتحاول تقليدها والاستقواء بها، لأن هنالك خللاً ببنية هذه المؤسسات. لذلك الادعاء بإقامة مهرجان أهلي صرف هو ادعاء وليس حقيقة. البيت العربي للموسيقا والرسم في تجربته بإقامة مهرجان المونودراما، قلّدنا ما لا نرغب بتقليده في أكثر من مهرجان، لأن هناك عرفاً عاماً وتقاليداً من المستحيل الخروج عنها، لكن هناك رغبة حقيقية بأن تتشكل هوية للمهرجان وأن يكون عمله مسرحياً وليس دعائياً وإعلانياً. وأن يكون له شخصيته الاعتبارية بعيداً عن المنافع والمصالح والاستقواء). فيما لا يجد شانا ما سبق أمراً سلبياً: (بالنسبة للأسماء الكبيرة نحن نكرّم رواد الكوميديا، مثل دريد لحام ورفيق سبيعي وشوشو من لبنان، وليس خطأً أن نلوذ بهذه الأسماء، ولا ضرر أن تعمل الأسماء الكبيرة ثقلاً للمهرجان.. أين الخطأ؟ هذا يعمل ثقلاً واستقطاباً، لكن ليس هذا هو الهدف، نحن كرّمنا ممثلين رواداً في اللاذقية وتقنيين وشخصيات مهمشة ومعتّماً عليها، ونحاول بذلك أن نغطي اللاذقية).
ولا تختلف كثيراً مشكلات المسرحيين في اللاذقية عن غيرهم، إذ يكاد المسرحيون في اللاذقية يجمعون على أن أهم ما يعانونه هو افتقاد مصادر التمويل، إلى جانب معوقات أخرى. لكن هنالك محاولات لتجاوز تلك العقبات بوسائل بسيطة أحياناً وإبداعية أحياناً أخرى. يتحدث ياسر دريباتي: (ليس هنالك جمهور متابع كجمهور الكنيسة والجامع والرياضة. فالمواطن لم يعتد أن يحضر مسرحاً وأن يشكّل له حاجة، وهو ادعاء أن نقول: لدينا جمهور مسرحي واسع، فجمهور المسرح هو من يحضر السينما، وأنواعاً أخرى من الفنون، وليس جمهوراً متجدداً. وطيفه لا يتسع ضمن طموحنا. السنة الماضية حاولنا توريط الجمهور بالذهاب إليه في المقاهي الثقافية في اللاذقية. وهنالك رغبة فعلية في أن نخرج إليه في الحدائق والساحات، بمعنى أن هذا الجمهور يحتاج إلى جهد كبير لإقناعه بحضور المسرح. وجزء من المشكلة يتجلى بغياب المؤسسة الثقافية الداعمة، لا يوجد مؤسسة لديها خطة تستطيع أن تموّل المسرح السوري. وهذا الأمر منوط بوزارة الثقافة وبمديرية المسارح، إلى أي حد يملك المسرح القومي خطته التي هي جزء من نسيج المجتمع وطموحات المشتغلين بالمسرح وتنتمي إليهم؟ هذا في اعتقادي ليس متوفراً، لذا فالعروض المسرحية تأتي إما مصادفة أو عبر علاقات شخصية، أو تأتي أحياناً بظروف غامضة).
يتحدث أحمد قشقارة معاون مدير المسرح القومي في اللاذقية، عن غياب خطط مديرية المسارح تجاه المسرح القومي في المحافظات، وعن عدم الالتزام بها إن وجدت: (الخطة دائماً تُخرق وتبدّل ضمن معطيات غالباً هي مادية. ونحن إما أن نكتفي بعدد قليل من العروض، أو نعمل دون أجر أو نتحايل. لم تستطع المديرية حتى الآن أن تقدم ريبرتواراً مسرحياً في دمشق وباقي المدن. وإذا قارنّا مع دمشق وجدنا أن الأجر الذي يتقاضاه أفضل ممثل في اللاذقية، لا يصل إلى أجر يتقاضاه ممثل من الدرجة الثانية أو الثالثة في دمشق، لماذا هذا التفريق في الأجور؟ لايوجد معايير لذلك. وأنا أحصيت رواتبي ومكافآتي منذ وُظّفتُ في المسرح لا تعادل مبلغاً يمكن تقاضيه من مسلسل واحد. والمديرية أحياناً تتهاون في مسألة اختيار النصوص أو دعم بعض النصوص التي ليست على سوية جيدة، وهنالك اعتبارات لفنانين بعيدين عن المسرح).
ويضيف شانا: (رغم وجود لجنة مشاهدة العروض التي أرأسها، لكن يحدث أن اللجنة تتقزم، فليس كل ما يصدر عنها من قرارات يُنفذ المشكلة تكمن حين نحكي رأينا الحقيقي تجاه العرض إن كان سلبياً. سبق أن قلنا عن عرض للأطفال إنه غير صالح للعرض، فلم يوقف العرض، إذاً لا داعيَ للجنة. علماً أن هناك قرارات وتعاميم لوزير الثقافة وجهها إلى المراكز في كل سورية تقضي بعدم حجز صالات المراكز في المحافظات للعروض إن لم تكن تحمل إجازة عرض من لجان المشاهدة).
أما المسرح الجامعي فلديه معوقات إضافية يتحدث عنها هاشم غزال: (للمسرح الجامعي خصوصية عن المؤسسات التي تحدثنا عنها، مثل مهرجان الكوميديا والمونودراما، أنه مسرح فقير وليس له أي وارد مادي، لأن حالة السبونسر شبه ممنوعة عندنا إلا في ظروف معينة. واعتمادنا الكلي على اتحاد الطلاب، وليس لدينا جهات أخرى تصرف على المسرح الجامعي. وهذا يحتّم علينا العمل ضمن مبلغ يُرصد للحركة المسرحية أحياناً لا يتجاوز 50 أو 60 ألفاً في العام الكامل لإنتاج أكثر من عمل مسرحي، ومع ذلك يقوم المسرح الجامعي بإنتاج أعمال تضاهي أعمال المسرح القومي التي يصرف على كل منها ما لا يقل عن نصف مليون أو مليون ليرة. مهرجان المسرح الجامعي على مستوى فرع جامعة تشرين عمل حالة تراكم، وغالباً أنا من عمل حالة التراكم هذه في المسرح الجامعي، بتكوين مجموعة من الديكورات والألبسة والإكسسوارات من خلال العلاقات الشخصية. وأنا إذا وجدتُ كنبة مثلاً في الشارع وشعرت أنها تنفع لديكور أضعها في سيارتي وأحضرها إلى المسرح، و لا مشكلة لدي في هذا لأننا نعمل لمشروع مسرحي. فنتيجة هذا التراكم صرنا نتمكن من إنتاج نحو 4 أو 5 أعمال سنوياً، وهذا منذ سنتين. في مهرجان العام الماضي أنتجنا 8 أعمال مسرحية عُرضت جميعها في الجامعة. إن مشكلتنا الأساسية أن عروضنا لجامعة تشرين لا نستطيع أن نخرج بها خارجها. وإذا أردت أن أعرض في صرح كدار الأسد في اللاذقية يجب أن أدفع 10 آلاف ليرة يومياً.
إلى جانب ما سبق تبدو مشكلة الاهتمام الإعلامي والنقدي بالمسرح في اللاذقية من أهم العناصر التي يعانيها المسرحيون، فغياب ذلك الاهتمام يلعب دوراً سلبياً مضاعفاً. فمن جهة لا يُسلّط الضوء على الإيجابيات ولا أحد يحكي عن السلبيات، كما لا يعرّف الناس بما يجري على الأقل. وهذه هي الحدود الدنيا المطلوبة من الصحافة والنقد.
يقول قشقارة: (في اللاذقية نعاني من مشكلة عدم وجود نقاد متخصصين، ونعاني أيضاً وجود مجموعة من الموظفين في بعض الصحف الذين يقومون بالتغطية وهم لا يمتلكون خبرة لا في الثقافة عامة ولا في الثقافة المسرحية. ونحن مقصرون بالترويج الإعلامي لأنفسنا، وتتحمل هنا المديرية جزءاً من المسؤولية).
ويضيف غزال: لا يوجد دعم من الجهات الإعلامية في هذه المحافظة باستثناء المركز الإذاعي والتلفزيوني الذي لا يقصّر. وما يُكتب عن المسرحيات في جريدة (الوحدة) يحكي قصة المسرحية. ويقول دريباتي: (سوية العروض المقدمة بالعموم ليست بالجودة العالية، ونادراً ما نشاهد عرضاً مسرحياً يترك أثراً. والجانب الأهم هو المواكبة النقدية والإعلامية لما يُقدّم في المسرح، فهي ضعيفة واهتمامها ضعيف، ولو كان هنالك متابعة نقدية لحصلت غربلة للنتاج المسرحي. في دمشق من يعملون في مجال الفن يسوّقون نتاجاتهم. أما هنا فأهل الثقافة في اللاذقية سلبيون لا يتابعون المسرح، وتموت التجارب بسرعة كبيرة. فمثلاً حين أقام البيت العربي مهرجان المونودراما لم يتحدث أحد عنه لأنه أ قيم من جهة أهلية. بينما أقيم بعد سنة في دمشق مهرجان أهلي تحدثت عنه الصحافة كسابقة مع أننا أسبق منه).
النور413 (18/11/2009)









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟