الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الكرد حزينون ولكنهم ليسوا ضعفاء

جان كورد

2004 / 6 / 12
القضية الكردية


لأوّل مرّة في التاريخ الحديث تجتمع كلمة الكرد على أمر واحد، وهو الحزن الذي ملأ قلوبهم جميعا بسبب القرار المجحف الذي صدر عن مجلس الأمن الدولي تحت رقم وتاريخ (1546 – 8/6/2004).
نعم ليس هناك فصيل كردي لم يبد امتعاضه من هذا القرار الذي تطرّق إلى تفصيلات كثيرة في موضوع العراق، واستثنى التطرّق إلى الوضع الخاص بشعب كوردستان العراق أو حقوقه التي أكّد عليها "القانون الأساسي للدولة العراقية للمرحلة الانتقالية" الصادر منذ فترة قصيرة بالاتفاق بين مختلف الفصائل الوطنية العراقية والذي رحبّت به الأمم المتحدة والدول المتقدّمة جميعا وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية التي ترعى الدولة العراقية المحتلّة من قبلها حتى كتابة هذا المقال رعاية مباشرة.
وهاهي الأمم المتحدة تذكّرنا بموافقتها على هذا القرار الذي تفادى ذكر كردستان العراق وحقوق شعبها باتفاقية لوزان المشؤومة لعام 1923 التي نقضت اتفاقية سيفرالدولية لعام 1920، تلك التي نصّت على حق الكرد الواضح في الاستقلال، بعد أن لعب الكرد آنذاك دورا فعّلا في تأسيس الدولة التركية الحديثة، كما هو حالهم الآن في دولة العراق الجديد.
والمؤلم أكثر هو أن مشروع هذا القرار الدولي الجديد قد جاء طرحه من قبل الإدارة الأمريكية التي ساعدها الكرد بدمائهم لاسقاط نظام الطاغية صدام حسين وحزبه العنصري الدكتاتوري، وطالب بتعديله هؤلاء الأوربيون الذين يظهرون أنفسهم حماة لحقوق البشر، أفرادا وجماعات، كما ارتاحت الإدارة الأمريكية إلى موقف القيادة الكردية السياسية منذ بدء الحرب على نظام البعث الدموي ومرورا بتحرير المدينيتن الكبيرتين في الشمال، كركوك والموصل، وبعدها في كل الخطوات التي تلت اسقاط الدكتاتورية وإلى إعلان القنون الأساسي وتشكيل الحكومة المؤقتة برئاسة الدكتور إياد علاوي، ذلك لأن الكرد أثبتوا جدارتهم في المشاركة الفعالة في بناء العراق الحديث وفي الحفاظ على أرواح الأمريكان وحلفائهم في اقليمهم كوردستان، وفي تعميق نضالهم الديموقراطي المشترك مع إخوتهم العرب، مثلما كانوا جديرين في الحرب ضد قوات النظام البائد وأعوانه من الإرهابيين الذين لم يتوانوا حتى عن تفجير مقرالأمم المتحدة في بغداد وعن القيام بالتفجيرات على أبواب المراقد الشريفة المقدّسة لدى الشيعة.
ولو تمعّنا النظر في الرسالة التي أرسلها الزعيمان الكرديان السيد مسعود البارزاني وجلال الطالباني معا إلى الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش وقارّناها برسالة الشيخ محمود الحفيد إلى عصبة الأمم في باريس يوم 21 آذار 1931 يوم كان يكافح كمقاتل في قيادة أمته الكردية من أجل الاستقلال، لرأيناها تعبر عن الحزن والألم الكامنين في صدر الأمة الكردية كلها، إلا أنها رقيقة جدا وتفصح عن ديبلوماسية كردية حذرة ومتمرّسة، على الرغم من أن قوّتهم الحالية أضعاف قوّة ذلك الشيخ وأن دائرة افرازات وضياء القضية الكردية أوسع مما كانت عليه في عشرينات وثلاثينات القرن الماضي...
كان الشاعر الكبير والشيخ الجليل أحمدى خاني يتحسّر لعدم اتفاق الكرد، ويرى بأن اتفاقهم سيؤدي بهم إلى الحرية، وإني أزّف إليه البشرى الآن لأني أرى الاتفاق في عيون أبناء وبنات الأمة الكردية كلها على أن مجلس الأمن الدولي لم ينصف الكرد هذه المرّة أيضا كما لم ينصفهم من قبل، وهو اتفاق كبير على رفض الظلم وعدم القبول بأن يعيشوا أمة مجهولة لا يعترف بها المجتمع الدولي أو مواطنين من الدرجة الثانية فوق أرضهم وأرض آبائهم وأجدادهم الممزقة بين عدة دول وشعوب..إنه بلا شك – ياشيخنا الجليل أحمدى خاني – اتفاق الحرّية هذه المرّة.
ولكن ماذا لو أن مجلس الأمن أقّر في قراره هذا حق الكرد في الحكم الذاتي أو الفيدرالية، ألا يعتبر ذلك انتقاصا˝ لحق هذه الأمة في الوحدة والحرية والاستقلال؟...
برأيي إن عدم ذكر "الحكم الذاتي" أو "الفيدرالية لكردستان" بالنص الحرفي يفتح أمام الكرد مجالا أوسع لممارسة حقهم في تقرير المصير المثبت في وثائق الأمم المتحدة والمتفق عليه دوليا والمقبول من قبل كافة الأمم والأقوام وكل المناضلين من أجل حرية شعوبهم من جماعات وأفراد. فعلى الكرد الآن ممارسة أقصى حد ممكن من هذا الحق طالما أن قرار مجلس الأمن لم ينص صراحة على عدم وجود حق لهم في ممارسته. ولذا أجد القرار بادرة "إيجابية" إذا ما نظرنا إليه من ناحية مبدأ حق تقرير المصير للشعوب.
فإذا اتفقت أحزاب كوردستان العراق على القيام بخطوة في هذا المجال، ووافق برلمان كوردستان على ذلك، فلا يمكن للأمم المتحدة أن تكره الكرد على البقاء ضمن الدولة العراقية. هذا من حيث المبدأ، إن كانت هناك مبادىء...
أما من الناحية العملية فأعتقد بأن القيادة السياسية الكردية في كوردستان العراق أحق من كل الأطراف الكردستانية الأخرى ومن كل المثقفين الكرد، في أي مكان كانوا، في اتخاذ القرار الذي تراه صائبا ومناسبا، حسب أوضاعها التي تتحرك وفقها سياسياوديبلوماسياوحسب علاقاتها الخارجية وتوظيفها لامكاناتها المختلفة في هذا المجال.
ما يطلب منا كمثقفين كردستانيين خارج الوطن وكحركات كردستانية من خارج كوردستان العراق، هو دعم ومساندة القيادة السياسية الكردية في ذلك الجزء من كوردستان دعماغير مشروط وبدون تردد، لنظهر للعالم أجمع اتفاقنا كأبناء وبنات أمّة واحدة لها مصير واحد ومعاناة مشتركة ولها طموح قومي ووطني عادل وحق في تقرير المصير كأي أمّة أخرى على وجه الأرض، وعلى أساس أن كل جزء من كوردستان يقّرر ذلك الحق حسب وضعه الخاص بمطلق الحرّية ويفسّره التفسير الذي يلائم ظروفه، وله الحق في التمتّع بدعم ومساندة أشقائه الكرد في الأطراف الأخرى، على أساس من الاحترام المتبادل.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد فض اعتصامهم.. طلاب من جامعة السوربون يتظاهرون أمام مقر ب


.. أميركا.. اعتقال 33 طالبا أثناء فض اعتصام مناهض للحرب في غزة




.. طيران الاحتلال يستهدف منزلا وسط خيام النازحين في مدينة رفح


.. منظمات حقوقية تونسية تو?سس تحالفا ضد التعذيب




.. إسرائيليون يتظاهرون في تل أبيب للمطالبة بإبرام صفقة تبادل مع