الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


علاقة الديني بالسياسي....وجهة نظر

يوسف السعيدي

2009 / 11 / 25
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


شكَّلت علاقة "الديني " ب"السياسي" محورًا جدليا شائِكًا على مرّ العصور، وقد حفل التاريخ البشري بأحداث عكست علاقة مأزومة حملت في طيّاتها الكثير من أشكال الصراع على السلطة، فتارة نجد أصحاب العروش قد استعانوا ب"إكليروس القصر" واستخدموهم بمنح صكوك الغفران، وتارةً نجد خلفاء وأمراء استقطبوا "فقهاء البلاط" لمباركة أفعالهم؛ هذا الأمر قد دفع بأوروبا في نهاية المطاف الى التمرد على الاكليروس ورجال الكهنوت أجمعين بحيث تمّ الفصل التام بين عمل الأرض والسماء، وانتهى الأمر بهم الى إقامة دول علمانية مدنيّة قائمة على العقد الاجتماعي، سلطة رجل الدين فيها لا تتجاوز "الصلاة والدعاء " .
أما في المنطقة العربية الحالية والتي شهدت في كثير من مفاصلها التاريخية اتحاد السلطة الدينية بالسياسية عبر "الخليفة" زمن "الخلافة الاسلامية"، فإنها وبعد ان تحوّلت الى دول وجمهوريات كلّ لها لونها ونظامها السياسي الخاص، فإن العلاقة بين "السياسي" و"الديني" أصبحت هلاميّة لا معالم واضحة لها، وان كانت معظم الانظمة العربية قد عمدت الى طيّ الديني تحت وصايتها مُحجِّمةً دوره بما يتلائم مع مصالحها، فيما سعت بعض الدول كتونس مثلا الى تحييد عمل "الديني " عن "السياسي" بالكامل مستصدرة قوانين مدنيّة تُنَظّم من خلالها حياة البشر بما فيها قوانين الاحوال الشخصية .
وفي العراق الذي يَعجُّ بالطوائف والمتناقضات والانقسامات، فإن جزءًا من الشعب الذي يجد نفسه ضحية تشرذم القوى السياسية كثيرا ما يلجأ الى المرجعيات الروحية آملا بأن تشكل ضابطا ناصحًا للقوى المتنافرة في بلدٍ غدا مستقبله كما أمسه مفتوح على احتمالات اقليمية ودولية متعددة و نقطة تجاذبات لا محدودة ، مما جعل المرجعيات الروحية للطوائف في العراق تلعب دورا بارزًا في تموضعات السياسة في وقت لا تكاد تخلو موعظة دينيه او خطبة جمعة من موقف واضح او مبطن من القضايا السياسية العالقة .
وفيما ترى بعض القوى العلمانية أن هذا التداخل من شأنه ان يكرّس الانقسامات ويؤدي الى انتاج الطائفية السياسية وتكريس المذهبية، في ظل دعوات متتالية إلى ضرورة بناء مجتمع مدني قائم على المواطنية العارية عن اي تبعية روحية، معتبرين أن تداخل السياسي بالديني يُفسدهما معًا علاوة على الشواهد التاريخية والأرث المرّ الذي رزحت تحته البشرية جرّاء تدخل عمل (اللاهوتيين )في سلوك البشر؛ يرى آخرون أن العراق بلد فريد وان للمرجعيات الروحية دورٌ ايجابي مهم في ضبط الانقسامات السياسية، وأن من شأنها ان تكون الملاذ الامن للحمة العراق وعيشه المشترك .
وعلى أرض الواقع نجد أن "رجل الدين " في العراق يكتسب "مشروعية مُضاعفة " تجعله في حصانة تتجاوز حصانة السياسي، فهو يمتلك الحق بممارسة العمل السياسي كحق مشروع له شأنه شأن أي عراقي آخر، كما يتحلّى بهالة "روحية" تجعله فوق دائرة النقد في معظم الأحيان، فالتعرض " للمقامات الروحية" خطٌّ أحمر عريض في عُرف العراقيين ويكاد يكون إجماعًا عن كافة الفرقاء على اختلاف أفكارهم وتوجهاتهم، لذلك فإن الاعلام العراقي الذي يتميز بالجرأة النسبية والذي ينتقد أداء السياسي جهارًا نهارًا مهما علا شأنه فإنه يتفادى الاقتراب من أي مرجع روحي بحالٍ من الأحوال.مجرد وجهة نظر....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عظة قداسة البابا تواضروس الثاني في قداس عيد القيامة المجيد ب


.. البابا تواضروس الثاني : نشكر الرئيس السيسي على تهنئته لكل أق




.. البابا تواضروس الثاني : في عيد القيامة المجيد نتلامس مع قوة


.. وصول البابا تواضروس الثاني للكاتدرائية المرقسية بالعباسية ل




.. قوات الاحتلال تمنع مقدسيين مسيحيين من الوصول ا?لى كنيسة القي