الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين العلم والدين ( بين غاليليو وابن باز)

الطيب آيت حمودة

2009 / 11 / 26
التربية والتعليم والبحث العلمي


تصفحت كتاب الأدلة النقلية والحسية على إمكان الصعود الى الكواكب ، وعلى جريان الشمس والقمر وسكون ألأرض لصاحبه عبد العزيز بن باز رحمه الله ونفعنا بعلمه وتقواه ، الطبعة الثانية الصادرة عن مكتبة الرياض الحديثة / البطحاء الرياض 1402ه / 1982 م . وقرأت فيه جملة من الأحكام حول الجغرافية الفلكية ، هذه بعض من المقتطفات التي تحتاج إلى وقفة ونظر ./
* …إذا تأملنا ماورد في الكتاب العزيز من ألآيات المشتملة على ذكر الشمس والقمر والكواكب فلم نجد فيها ما يدل دلالة صريحة على عدم إمكان الوصول إلى القمر أو غيره من الكواكب ، وهكذا السنة المطهرة ، لم نجد فيها ما يدل على عدم إمكان الوصول إلى القمر أو غيره من الكواكب ….( ص7 من الكتاب أعلاه) .
*… فمن زعم خلاف ذلك وقال إن الشمس ثابتة لا جارية فقد كذب الله ، وكذب كتابه الكريم ، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه، ولا من خلفه ، تنزيل من حكيم حميد ، وهو القائل سبحانه ( ومن أصدق من الله حديثا )،( ومن اصدق من الله قيلا)،( وقل أأنتم أعلم أم الله )،( وما أشهدتهم خلق السموات والأرض ولا خلق أنفسهم) وكل من قال هذا القول فقد قال كفرا وضلالا لأنه تكذيب الله ، وتكذيب القرآن ، وتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم الذي صرح في الأحاديث الصحيحة أن الشمس جارية …..( نفس المرجع ص 25 ).
*أوضحت فيما تقدم أن القول بدوران الأرض اليومي والسنوي كله باطل ، وذكرت من الأدلة النقلية والحسية ، وكلام أهل العلم من المفسرين وغيرهم من علماء الإسلام ، وعلماء الفلك ما يدل على سكون الأرض واسقرارها ، وعدم دورانها ، وأن الشمس هي التي تجري حولها كما نظمها الله عز وجل لمصالح العباد.
(نفس المرجع ص 73).
***ما قاله الشيخ الصواف في الرد على الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ونفعنا بعلمه وتقواه :
لقد قرأت بإمعان مقالكم القيم ، ( الشمس جارية ، والأرض ثابتة ) ولمست الضجة الكبرى التي أحدثتها في ألأوساط العلمية والمجامع الثقافية ، وقد كان حديث المجالس ، وحديث الغادين والرائحين ، وكانوا بين موافق ، ومخالف ، ولم تكن الغرابة من موضوع المقال ، فالخلاف في هذا الأمر قديم وحديث ، ولن الضجة مما جاء في المقال من التكفير والتضليل والحكم بالردة …. وقد صدمت الفتوى الملايين من الشباب ، ورجال يدينون بالإسلام في هذا العصر، والذين أضحوا يعتقدون أن مثل هذه الأمورأصبحت من المسلمات العلمية التي لا يجادل فيها اثنان ، فكيف تنفى نفيا قاطعا ؟ ( نفس المرجع ص 35 ).
**إن التفاسير القرآنية خاضعة لبصيرة المشتغلين بها ، والتفسير متطور تبعا لتطور الزمان ، وإدراك الأمور الغيبية يحتاج الى سلطان العلم والتنظير والبرهنة بالأساليب العلمية والنقلية ، والله في محكم تنزيله يشير الى ذلك في قوله :
هُوَ الَّذِيَ أَنزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ في قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاء الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاء تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُواْ الألْبَابِ [آل عمران : 7].
إبراز المتشابه وحده إثارة للشبهات عند الناس, كي يضلوهم, ولتأويلهم لها على مذاهبهم الباطلة. ولا يعلم حقيقة معاني هذه الآيات إلا الله. والمتمكنون في العلم يقولون: آمنا بهذا القرآن, كله قد جاءنا من عند ربنا على لسان رسوله محمد صلى الله عليه وسلم, ويردُّون متشابهه إلى محكمه, وإنما يفهم ويعقل ويتدبر المعاني على وجهها الصحيح أولو العقول السليمة.
**كما أن الاعتماد على الإرث التاريخي لآراء علماء الإسلام وفقهائه يجرنا للنكوصية والتراجع للخلف في المجالات العلمية ، لأن العلوم في تطور مذهل ، وحتى علماء الإسلام كانت لهم براهين علمية في ميدان الجغرافية الفلكية فكان البتاني ، وابن الهيثم، وابن رشد ، وخرائط الادريسي ، دلالات قيمية على فكر المسلمين العلمي في العصور الوسطى ، وعنهم تتلمذ علماء الغرب أمثال كوبيرنيكوس البولندي ( 1473/ 1543) الذي أثبت بطلان النظرية التقليدية بشأن مركزية الأرض للكون ، وأثبت دوارن الأجرام حول الشمس ، بعد بحوث مضنية قاربت العشرين عاما ، ولم ينشر نتائج بحثه حينا خوفا من وصفه بالإلحاد ، وأثار كتابه مناقشة دينية وعلمية واديولوجية ، انتهت بوضع مؤلفه ضمن لائحة الكتب المحرمة ، إلا أن تقبلها رجالات الإصلاح الديني كجان كالفن ومارتين لوثر ، وبنفس المجابهة تم إصدار الكنيسة لقرار إعدام غاليليو (1564/ 1642 ) بسبب أبحاثه المخالفة لتعاليم الكنيسة ( إثباته العلمي بأن الأرض كوكب صغير يدور حول الشمس ) وأرغمته الكنيسة على القول التقليدي بأن الأرض لا تتحرك وأنها ثابتة كما يقول علماء عصره .وتكفيرا لجرمها أصدرت الكنيسة في حقه اعتذارا عام 1983.
إن اعتقادات وتكفيرات الإمام بن باز رحمه الله في شأن ثبات الأرض وعدم دورانها ، يعني تنكرا مطلقا للمستخلصات العلمية التي جاءت على يد علماء الإسلام ، ونماها علماء الغرب الكفار الملاحدة ، وتراجعا غير مبرر عن التطورات العلمية التي بلغها العالم في شتى المجالات ، خاصة ما تعلق بغزو الكون ؟ وركز في فتواه على قول القرآن ، والقرآن لم يقل ، كما أن الأحاديث الشريفة المستشهد بها لم تثبت صحتها ، وهي غير ذات دلالة ، أما ما قيل عن إجماع العلماء فليس إجماعا ، لنقص في الأهلية وغياب النصوص الدالة ، وما يراه شيخنا ابن باز رحمه الله ، هو ارتداد على كل القناعات التي تعلمناها في مدارسنا ومعاهدنا وجامعاتنا ، فنحن بهذا المنطق كفرة فجرة ، وأساتذتنا ، ودولنا التي علمتنا يشملهم ذاك الوصف والتكفير . لا لشيء إلا أننا أقتنعنا علميا بأن ألأرض كروية الشكل ، وأنها تدور حول الشمس دورتان يومية وسنوية ، ولكل دورة نتائجها من ليل ونهار، وتعاقب للفصول .
**إن هذا الفكرالسلفي تعطيل لعجلة التقدم العلمي ، وإشارة ضمنية إلى انتكاسة فكرية وعلمية في عالمنا الإسلامي ، حتى أصبحنا نناقش أمور بديهية يدركها تليميذ العاشرة عمرا ، ويعدد المتوسطون منهم دلائل الدوران ، ونتايج ذلك ، ويدركون بأن الأرض جزء من مجموعة تعرف بالشمسية ، مع وجود مجموعات كثيرة تعرف بأسماء أخرى منها درب التبانة ...الخ . والتطور المذهل في وسائل رصد الاتجاهات وتوجيه المحطات والأقمار الاصطناعية ، وتحديد أماكن مستهدفة بالرجم الصاروخي ، وصناعة الروبوتيزم ، ونحن مازلنا نجادل حول الأرض ، هل هي كرة ثابتة أو متحركة، أي عودة إلى الوراء بما يقارب الخمسة قرون . إلى زمن ابن تيمية والغزوات المغولية .
الخاتمة /
لم أكن أعرف شيئا عن فكر الوهابية ، ولا عن عبد العزيز بن باز رحمه الله ، الذي له نفحات طيبة في خدمة الإسلام والمسلمين ، بتآليفه وفتياه ، إلا أن منحاه فيما يتعلق بالجغرافية ، بعيد كل البعد عن حقائق العلم وبراهينه واستدلالاته وانجازته التي ننعم بها اليوم ، وما نقرأه من حب الهيمنة على الفكر الديني والعلمي بحجزه وتحجيره ، ووصف العاملين به بالكفرة والضالين ، دلائل على تكرار عمل الكنيسة المسيحية مع العلم والعلماء، وتأكيد على أن التاريخ يعيد نفسه ، وكتابه الموسوم الأدلة النقلية والحسية إشارات ضمنية بأننا متخلفين عن عالم اليوم ، بخمسة قرون على الأقل ، والكتاب متوفر وجدير بالقراءة والإطلاع ، للحكم على جوانب العلمية فيه ، من ذوي الإختصاص في علم الفلك .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الواجب اعادة النظر
امـــازيغ ( 2009 / 11 / 27 - 12:30 )
سيدي اننا سئمنا من سماع اسطوانات الفقهاء المشروخة ان معظمهم كان سببا دفع بالكثيرين الى الضرب بالعقيدة الأسلامية عرض الحائط دلكم سيدي و في اعتقادي الجازم سببه انطلاق بعضهم في تفسير القرآ من داخل القرآن نفسه في حين ان التفسير الموضوعي هودلكم الدي ينطلق من خارجه و بالتالى وضعه كموضوع خارج الداة من ايام تحنث محمد في غار حراء الى الى تاريخ تقديم استنتاجه المتمثل في الشهادتين دلكم سيدي انه و في اعتقادي سبق و اجاب عن هده الأسئلة وفق ما توصل اليه من خلال محاور عقيدته المتمثلة فيما سمي باركان الأسلام بدءا من الصلاة الى الخلاصة اى الشهادتين فمادا تلاحظون في عملية الطواف حول البيت؟ هل هدة الشعيرة امر بها اعتباطا ؟ مادا عن هدا الحجر الأسود البيضاوي الشكل؟ الا يرمز هدا الى كروية الأرض بل الأصح بيضوية شكلها كما يرمز اليه الحجر المدكور؟ ثم ما معنى لغز الهرولة عند الطواف؟ الا يدل دلك على الأشارة الى دوران الأرض؟ سئمنا سيدي شروحات لا تزيد عقيدة محمد الا غموضا اعتقد جازما انه يتعين اعادة النظر في كل ما قيل عن هده العقيدة اتعلمون لمادا لأننا نريد تكديبها عن اقتناع او تدعيمها عن اقتناع اننا نعيش عصرا غير عصر هؤلاء لهم بيئتهم و هم نتاجها و نحن لنا بيئتنا و نحن نتاجها .هدا سيدي و انني اعلن لك جهرا على


2 - M.Hamouda tous ça n est que démagogie;amazigh
ISTEN ( 2009 / 11 / 27 - 18:53 )

merci ahewar.

اخر الافلام

.. بكاء رونالدو حديث المنصات العربية • فرانس 24 / FRANCE 24


.. التشكيلة المتوقعة للجمعية الوطنية الفرنسية بعد الجولة الثاني




.. كيف يمكن للديمقراطيين استبدال بايدن في حال قرر التنحي وما ال


.. حاكم ولاية مينيسوتا: نحن قلقون بسبب التهديد الذي ستشكله رئاس




.. أحزاب يشكلون الأغلبية في الحكومة والبرلمان الجزائري يطالبون