الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التفكير.. هل يمكن تعليمه ؟

عصام عبد العزيز المعموري

2009 / 11 / 29
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع



قال الرئيس الأمريكي السابق ( بيل كلينتون ) وهو يغادر البيت الأبيض بعد أن ظل رئيسا" لفترتين متتاليتين كلمات أراد أن يوضح بها الفرق بين أساليب التعليم لديهم ولدى العرب حيث قال : ( إن العرب يجيدون صنع شرائح البطاطس بينما نحن نجيد صنع شرائح الكومبيوتر ..هذا هو الفرق بيننا وبينهم ) 0 إن ما قاله الرئيس الأمريكي يوضح الواقع بمرارته حيث أننا لا نعلّم أبنائنا التفكير بكل أنماطه ...سلوك حل المشكلات والتفكير الناقد والتفكير المنطقي والتفكير ألابتكاري والإبداعي.
يرى علماء النفس أن أكبر تغيير ضار يحدث عند الطفل وهو في سن الثالثة أو الرابعة من العمر عندما يتعلم الطفل وقف تأملاته وتخيلاته ومبادراته بسبب رفضها من الكبار أو قمعها والاستهانة بها . إن الرفض المكرر لأفكاره تجعله يخشى إبداء تخيلاته ومبادراته وطرح أفكاره خوفا" من الانتقاد ويلجأ بعدها لطرح أسئلة مثل : ماهذا ؟ وما اسم هذا وذاك ؟ أي أنه يتحول من العقل المبادر المنفتح إلى العقل المتلقي المنغلق . إن الطفل المقموع يتعلم أن الإجابة على التساؤلات لاتوجد في تفكيره وعقله وإنما توجد في عقل الوالدين أو المعلمين أو الكبار بصفة عامة ، فبدلا" من تحسين قدراته على استرجاع المعلومات والربط بين الأحداث والأشياء والمقارنة بينها فانه يعتمد على سلطة الآخرين في الإجابة ، فلا يبادر إلى تفسير مشاهداته بل يفضل الانتظار حتى يفسر الآخرون له تلك المشاهدات 0
تشير الدراسات الميدانية في كثير من البلدان إلى أن معظم المدارس قد فشلت في تحقيق التعليم الإبداعي لتلاميذها وبخاصة المتميزين منهم0 لقد نجحت الكثير من المدارس في تزويد تلاميذها بالوسائل التعليمية أو تقنيات التعليم كالحاسوب أو التلفزيون والعارض فوق الرأس وغير ذلك ، وكذلك فعل قسم كبير من الآباء وأولياء الأمور حيث وفروا لأبنائهم مثل هذه التجهيزات ، ولكن يجب أن نميز بين معطيات تكنولوجيا التعليم وبين تنمية التفكير 0
إن توفر هذه التجهيزات لايغني عن التفكير بل أن التفكير هو الذي يجعل لهذه التجهيزات معنى ، فهي لاتعدو كونها أدوات للتعلم شأنها شأن القلم والمسطرة والممحاة والورق 0 نعم إنها أدوات تعلم متطورة أكثر من الأدوات التقليدية ولكن العقل هو الذي يسخرها لخدمة العملية التعليمية وبدون ذلك ستبقى أدوات صماء 0
إن من أهم المعوقات التي تحد من تنمية قدرات الابتكار لدى أطفالنا هي التسلط والحماية الزائدة والإهمال وإثارة الألم النفسي والتفرقة في معاملة الأطفال والتردد في اتخاذ القرارات وغيرها 0
ولكي ننمي مهارة التفكير لدى أبنائنا يمكن اقتراح ما يلي :
- عدم إعطاء معلومات جاهزة مكدسة بين صفحات الكتب فيتعود الطالب الحفظ دون فهم ونقاش ومن ثم يتعود عدم الفهم والحفظ فتتعطل العقول عن التفكير والإبداع ليكون واقعنا التربوي يتمثل في طالب همه النجاح فقط ، وتعليم همه إنهاء المقرر الدراسي وكأنه في صراع مع الزمن متناسيا" مصادر التعليم الأساسية : المكتبة، المختبر، البيئة وغيرها .
- تغيير صور الامتحانات من أسئلة تقيس التذكر مثل : ( ماهي..عدّد00اذكر ..عرّف00وغيرها ) إلى أسئلة تحتاج من الطالب إجابات مفتوحة تثير التفكير وتحترم عقلية المتعلم .
- الاهتمام بأسئلة الطلبة الغريبة غير المألوفة والانتباه إليها لكي يكثروا من المبادرات
- إعطاء فكرة إلى الطلبة وتركهم أحرارا" يختارون أسلوب تنفيذها كتابة أو رسما" مجسما"
- استخدام طريقة العصف الذهني Brain Storming وهي طريقة ابتكرها ( اوزبورن ) عام 1953 ورغم أنها طريقة للتدريب الجماعي أنها تصلح للتدريب الفردي أيضا" ، وتتكون جلسة العصف الذهني العادية من جماعة يتراوح عددها بين 6- 12 طالبا" يجلسون حول مائدة مستديرة وينتجون تلقائيا" الأفكار التي ترتبط بحل مشكلة معينة. ويجب أن تتوفر في الجلسة الشروط الأربعة الآتية :
أ‌- استبعاد أي نوع من الحكم أو النقد أو التقويم في بداية الجلسة ، فإحساس الفرد بأن أفكاره ستكون موضعا: للنقد منذ ظهورها يكون عاملا" كافيا" للامتناع عن إصدار أفكار أخرى .
ب‌- تشجيع التداعي الحر الطليق وتقبل جميع الاستجابات
ت‌- تأكيد كم الاستجابات لا كيفها ، فالمهم هنا كم الأفكار المطروحة في جلسات العصف الذهني ، فالكم يؤدي إلى تنوع الأفكار وبالتالي إلى أصالتها .
ث‌- مشكلات المناقشة تدور حول تحسين ظاهرة معينة أو الربط بين أطراف متعددة
إن الهدف من هذه الطريقة هو تحرير المتعلم من عوامل الكف التي تعوق نشاطه الإبداعي ويتمثل ذلك على وجه الخصوص في تحريره من آثار الحكم الناقص سواء" كان يعمل بمفرده أو في جماعة .
تشير الدراسات المتعلقة بموضوع التفكير الإبداعي إلى أن مابين الأشخاص الذين يبلغون الخامسة والأربعين من عمرهم يوجد حوالي 2% فقط من الأشخاص المبدعين بينما تصل نسبتهم بين الأطفال في سن الخامسة إلى 90 % ، فهل كلما تقدمنا في العمر يقل الإبداع أم يضعف ؟ أم ينعدم أسلوب التربية الإبداعية في مؤسساتنا التربوية ؟ أين دور المعلم هنا ؟ وأين يقتصر دور الأسرة ؟ فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان 0
إن الناظر إلى هذه النسبة المئوية التي تشير غالى 90% من أطفالنا حتى سن الخامسة مبدعين تؤكد على الدور الريادي للروضة والمدرسة والأسرة والقائمين على التربية بضرورة تنمية عادة التفكير والتأكيد عليها بدلا" من التلقين ، ويجب أن يبدأ ذلك من مرحلة الطفولة المبكرة 0
كم يكون حجم الخسارة في حالة الإهمال والتقصير من جانبنا إذا كنا نعلم أن بيننا طلابا" أذكياء مبدعين ولا ندري أين هم ؟ وفي حالة وجودهم لانعلم كيفية التعامل معهم وكم ستكون الفاجعة أذا كنا نعلم أن طالبا" ما مبدعا" ونحاول أن نحبطه أو نتجاهله تحت عنوان ( طالب كثير المشاكل ) 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كينيا: قتلى وجرحى إثر تفريق الشرطة مظاهرات مناهضة للحكومة في


.. احتجاج أمام شركة -سيمنز- الألمانية رفضا لتعاونها مع إسرائيل




.. تأثير الذكاء الاصطناعي في الحروب


.. السياسي العراقي فائق الشيخ علي يوجه رسالة لحسن نصر الله: -كي




.. الإفراج عن عشرات أسرى الحرب الروس بعد تبادل للأسرى مع أوكران