الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأحزاب السياسية والديمقراطية !!!

منار مهدي
كاتب فلسطيني

(Manar Mahdy)

2009 / 12 / 2
المجتمع المدني



جرت العادة على وصف الخلافات الفكرية والسياسية بين الأحزاب والحركات السياسية في المجتمع الواحد بأنها ظاهرة صحية ، على اعتبار أن هذه الخلافات تأتي
في اطار ما يسمى بالصالح العام للمجتمع ، وهذه الخلافات تعكس حالة التعددية الطبيعية في أي مجتمع حول تعريف المصالح العامة سياسية واقتصادية واجتماعيا في إطار المرحلة الزمنية المحددة، وما يطرح من أفكار واستراتيجيات وخطط عمل من أجل تحقيق هذا الصالح العام ، إذا سعي الأحزاب والحركات السياسية نحو السلطة في المجتمع لا يلغي ، بل قد يفعل مساهمتها في حركة التطور السياسي والاقتصادي والاجتماعي ودفعها قدما إلى الأمام 0

نظرة إلى واقع الحياة السياسية في المجتمعات العربية ، نجد أن الأحزاب والحركات السياسية تثبت عجزا عن اشتغال بالصالح العام ، رغم ما تواجهه هذه المجتمعات من مشكلات وأزمات هائلة من بطالة وفقر وأمية ، ناهيك عن أزمة الهوية والانتماء والمواطنة وما يتصل بها من مشكلات الطائفية والقبلية ، لقد نشأت وتطورت هذه الأحزاب والحركات السياسية في ظل بيئة سياسية غير ديمقراطية، تشكل سلطة الحاكم وسلطة العشيرة والقبيلة والقوى الدينية ، وما تفرضه هذه السلطات من علاقات متخلفة تقف دون تطور برامج ذات طابع تقدمي تذهب بالمجتمع نحو التطور السياسي والاجتماعي والاقتصادي ، إذ أن التطور بهذا المعنى يتناقض مع مصالح السلطات القائمة ، ولن يقابل إلا بالقمع المتعسف من هذه السلطات وعلى هذا الأساس تطورت نوع من التشكيلات السياسية المستندة إلى سلطة الحكم أو الدين أو العشيرة ،واستطاعت أن تستقطب جمهورا عريضا من المجتمع وذلك بإغراء المنفعة المباشرة وطلب الحماية وبهذا لم يكن مناخ المجتمعات العربية ملائما لتطور حياة حزبية صحية قادرة على النهوض بالمجتمع في دروب التطور، بل على العكس تماما ساعد هذا المناخ على تطور تنظيمات سياسية تسعى إلى استمرار الواقع وحمايته من قوى التغيير 0

أما في الحالة الفلسطينية وفي ضوء الخصوصية التي يمكن أن تتميز بها الحالة الفلسطينية ، كان تطور التنظيمات والأحزاب السياسية مرتبط بواقع الصراع من أجل التحرر الوطني وهذا الأمر الذي طور بيئة للعمل السياسي ، تختلف في بعض تفصيلاتها عن بيئة العمل السياسي في العالم العربي ، فمن الصعب تقبل انتخابات مزورة ومن الصعب التسليم بنزعات التوريث ومع هذا فإن هذه البيئة لا زالت استمرار لبيئة العمل السياسي العربي ، فلا زلنا نجد الكثير من ملامح القبلية والعشائرية في العمل السياسي في فلسطين ، صحيح أن التنظيمات والأحزاب السياسية الفلسطينية تمتعت بأجندات وأغراض وأساليب عمل ذات علاقة بالشأن العام الفلسطيني ، مع هذا فهي تعكس في بنيانها الداخلي الكثير من مشكلات وأزمات العمل السياسي في العالم العربي ، من فساد على أسس قبلية وعشائرية ونزعات سلطوية وصلت إلى حد العمل العلني ضد الصالح العام السياسي من انقسام وتهديد الوحدة الوطنية والإساءة إلى المشروع الوطني الفلسطيني المتمثل في الحرية والاستقلال وبناء الدولة الفلسطينية الديمقراطية 0

إزاء هذا الواقع ، يبرز دور طليعي لمنظمات المجتمع المدني ، كحاضنة للتطور الاجتماعي الموصل إلى التطور السياسي الكافي لإنجاز بيئة عمل سياسي مواتية لعملية سياسية تنطلق من الصالح العام قفزا عن قوى الحكم والقبيلة والدين ، فدور منظمات المجتمع المدني يستهدف تأهيل المجتمع كي يلج في العمل السياسي على أسس ديمقراطية ليبرالية ، تتوخى التقدم الاجتماعي والاقتصادي والسياسي وحتى تحقيق هذا الهدف، فإنه من المشكوك فيه أن نجد عمل سياسي في المجتمع العربي يستهدف النهوض والتطور 0

إن التعددية وحق الاختلاف ليسا غاية في حد ذاتها ، وإنما الخروج بالعمل السياسي من دوائره المغلقة إلي الدائرة الجماهيرية الأوسع وان الديمقراطية عملية مستمرة تتضمن معاني التعليم والتدريب والتراكم ، ولذلك فان أفضل طريق لتدعيم الديمقراطية هو ممارسة المزيد من الديمقراطية ، كما أنها ليست عملية قائمة بذاتها بل لها متطلباتها وشروطها الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية والمؤسسية ،ولذلك فان العبرة ليست بتحقيق التحول الديمقراطي فحسب ، العبرة في العمل علي توفير ضمانات استمراره وعدم التراجع عنه 0








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. موجز أخبار الرابعة عصرًا - الأونروا: الأوضاع في غزة كارثية ج


.. جهاز الشاباك: حذرنا بن غفير والأمن الوطني من استمرار الاعتقا




.. شهادات أسرى غزة المفرج عنهم حول التعذيب في سجون الاحتلال


.. مواجهة شبح المجاعة شمالي غزة بزراعة البذور بين الركام




.. مدير مستشفى الشفاء: وضع الأسرى في السجون الإسرائيلية صعب ومأ