الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القرآن والإعجاز العلمي والغرب

أحمد البغدادي

2004 / 6 / 14
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


علماء« الإسلام لا يناقشون قضية الخلق من منظور علمي, بدليل أنه حين كتب أحدهم كتابا حول »آدم أبو البشر«, قامت الدنيا عليه وتم تكفيره, ولولا علاقاته الدينية ومكانته لحدث له ما حدث للاخ د. نصر حامد ابو زيد. الذين حاكموه بمنطق الدين لم يحتملوا كلامه حول النبي آدم عليه السلام من منظور عقلاني, وكذلك الأمر حدث مع المفكر د. محمد شحرور. بالله عليكم كيف سيتناقشون مع الغرب? والى هذه اللحظة يتجاهل الفقهاء قضية الخلق, بل واذكر قبل سنوات ما كتبه أحد »علماء« نجد حول رفضه كروية الأرض.
قضية التطور التي توصل إليها العالم الإنكليزي تشارلز دارون بعد خمس سنوات من الدراسة على باخرة, ووضع كتابه الشهير »أصل الأنواع« القائم على العلم والتجربة عام ,1958 ومنه ظهر مذهب الداروينية الذي طور الدراسات البيولوجية في مجال الانتخاب الطبيعي.
واذا استثنينا مسألة أصل الانسان التي يرفضها الفقه الاسلامي جملة وتفصيلا, فما هو رأي »علمائنا« في هذه المسألة العلمية الشائكة دينيا لان الاسلام لم يتعرض لها, وان كانت جماعة إخوان الصفا ومسكويه قد أثاروا بعض جوانبها وفقا لما أورده العلامة إسماعيل مظهر. لكن الاتجاه السائد ان نظرية التطور مرفوضة دينيا, ولهذا السبب يتجاهلها رجال الدين, ولا يعرجون عليها عند الحديث عن الإعجاز العلمي في القرآن. ولا مجال مطلقا لرفض نظرية التطور علميا خصوصا وان كل الدراسات العلمية تثبتها عند دراسة عالم الحيوان, وكيف تتطور هذه الحيوانات وفقا لبيئتها, وأما تطور الانسان وفقا لبيئته فحديث طويل.
لا اذكر بحثاً اسلاميا واحدا حول هذه القضية العلمية التي لا مجال لنقضها, بل اشك ان احداً من رجال الدين المدافعين عن الإعجاز العلمي للقرآن قد قرأ كتاب »أصل الأنواع« الذي ترجمه العلامة اسماعيل مظهر (من دون سنة الطبع), لكنهم رفضوا نظرية أصل الأنواع لمجرد علمهم انها اعتبرت اصل الانسان يعود الى القردة, وهذا يتعارض مع النصوص الدينية القاطعة. ماذا سيكون رد فعل القائلين بالإعجاز العلمي لو أن احد علماء الغرب ناقشهم في نظرية التطور? هل سيقولون له? آسفون, ديننا يرفض هذه النظرية وكفى?!
هناك الكثير من القضايا التي يمكن ان تثير المشكلات من دون معنى لو أننا اسهبنا في الحديث عن الإعجاز العلمي, مثل معرفة نوع الجنين ذكر أم أنثى, والقدرة الهائلة اليوم لعلماء الطب في تغيير الجينات وعلم الهندسة الوراثية والاستنساخ, وتطورات مذهلة لا يستطيع اي رجل دين - مهما أوتي من بلاغة - ان يناقشها أو يعارضها, وبالطبع ليس امامه ان يرفضها لاسباب دينية, لان مثل هذه الاسباب لا يقبلها العالم الغربي.
ماذا ستكون ردة الفعل فيما لو أثيرت هذه القضايا في مؤتمر علمي? لا شك اننا سنكون الخاسرين. ولهذا من الافضل عدم اثارة موضوع الإعجاز العلمي لان النص الديني شيء مقدس لا يمكن الوصول الى مقصوده, بل من الصعب ان لم يكن من المستحيل, دراسة مضمونه العلمي في المختبر, بل ليس من المطلوب تجيير النص الديني في قضايا علمية لا نعلم لها بداية من نهاية, وليس من المنطقي ان نضع ايدينا على خدنا ننتظر ما يجود به علينا من نظريات علمية ثم نقفز كالأطفال فرحين بما وجدنا لديهم مما يعضد ما لدينا من »علم« ديني.
اخيراً وليس اخراً, ماذا يستفيد المسلمون من كل هذه العملية بالنسبة لعلاقتهم المتدهورة مع الغرب, والتي لا يمكن اصلاحها من خلال اللغة الدينية. الغرب واضح جدا تجاه الاسلام باعتباره ديناً يستحق الاحترام, وانه دين بليون ونصف من البشر, ولكن الارهابيين يستخدمون النصوص الدينية لتبرير افعالهم الاجرامية. اذن المشكلة ليست متعلقة بنصوص القرآن العلمية أو ذات الطابع العلمي, بل بالنصوص التي يتم استغلالها لتبرير الأعمال الارهابية, وهو ما يتعلق بطبيعة المجتمع الديني, ومناهجه الدينية وافتقاد الديمقراطية وتضييع حقوق الانسان بمبررات دينية. كيف نريد الغرب ان يثق بنا ونحن نعلن جهاراً نهاراً أننا ضد الاعلان العالمي لحقوق الانسان? كيف يثق بنا الغرب ونحن لا نزال نميز بين الناس لاسباب دينية? نحن المسلمون عنصريون وبتشجيع رجال الدين, تجاه غير المؤمن والمرأة والفكر الليبرالي?
المشكلة ليست في عرض الإعجاز العلمي, المشكلة عجزنا في كيفية تقديم وجه حضاري لديننا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. القبض على شاب حاول إطلاق النار على قس أثناء بث مباشر بالكنيس


.. عمليات نوعية للمقاومة الإسلامية في لبنان ضد مواقع الاحتلال ر




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الكنائس القبطية بمحافظة الغربية الاحت


.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا




.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية