الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أكراد سوريا : خصوصية القمع في ظل عموميته

محي الدين عيسو

2004 / 6 / 14
القضية الكردية


بعد جلاء الإحتلال الفرنسي عن سوريا حدثت الكثير من الانقلابات العسكرية في البلاد ، وكان أخرها بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي الذي أستلم زمام الحكم في سوريا ، وأصبح قائداً للدولة والمجتمع ، فسيطر على المناصب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بأجهزته الأمنية ، فأصبحت سوريا بؤرة للأستبداد والفساد والرشوة والمحسوبية من خلال تدخل هذه الأجهزة في حياة المواطن وتقييد حريته في ظل غياب القانون واختلاس الأموال العامة من قبل السلطة والمحسوبين عليها ، فساد الفقر بين أغلبية الشعب السوري حتى زادت نسبة منهم تحت خط الفقر عن 65 في المائة ونسبة البطالة المعلنة 30 في المائة عدا عن البطالة المقنعة .
بالإضافة إلى ذلك فأن حالة الطوارىء والأحكام العرفية ما زالت موجودة في سوريا منذ أستلام البعث للسلطة في 8 3 1963 وحتى يومنا هذا ، إذ يمكن للسلطات أن تعتقل أي مواطن كان في مكان عمله أو في الشارع دون تقديم مذكرة رسمية بذلك أو بموافقة الجهات المختصة ، مع العلم إن بعض المواد في الدستور السوري نفسه تكفل حرية المواطن كالمادة 25 ، وكذلك تفعل المادة التاسعة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أنه " لا يجوز إعتقال أي إنسان أو حجزه أو نفيه تعسفاً " وهذا ماوقعت عليه سوريا ومع هذا أعتقل الكثير الكثير من الوطنيين والمعارضين أصحاب الرأي خلال السنوات الماضية ( معتقلي ربيع دمشق - أكثم نعيسة - محمد غانم - جهاد نصرة ) ، حيث تقوم السلطة بإغلاق الباب في وجه أي حوار ديقراطي بين فصائل الشعب بإغلاقها المنتديات الثقافية في كل من دمشق وحلب والقامشلي وغيرها ، وكأنها تريد أن يبقى المجتمع في حالة الرعية بدلاً من حالة المواطنة والمشاركة الفعالة في الحياة السياسية .
وتبقى الحركة الكردية بجميع فصائلها حركة وطنية ديمقراطية تدافع عن الوطن والمواطن ومسؤوليتها مضاعفة حيال هذا الوضع بسبب الظلم المضاعف المطبق بحق الأكراد كالإحصاء الإستثنائي الذي جرى في محافظة الحسكة في الخامس من تشرين الأول لعام 1962 إذ جرد بموجبه العشرات من العائلات الكردية من جنستها وأصبح أبنائها بموجب هذا الأجراء المشؤوم " أجانب - مكتومين " وهم محرومون من أبسط حقوق المواطنة كحق العمل في الدوائر الحكومية وحق تملك الأراضي الزراعية ، ومتابعة التحصيل العلمي وحتى المبيت في الفنادق ؟ وهذه إهانة كبرى لسمعة سوريا أمام المجتمع الدولي ، وانتهاك واضح لمبادىء حقوق الإنسان وحتى الدستور السوري نفسه ، فقد جاء في المادة الخامسة عشرة للإعلان العالمي لحقوق الإنسان " لكل فرد حق التمتع بجنسية ما " " ولا يجوز حرمان شخص من جنسيته تعسفاً أو إنكار حقه في تغييرها " بالإضافة إلى مشروع الحزام العربي بطرد الفلاحين الأكراد من أراضيهم وإسكانها بفلاحين استقدموا من محافظتي حلب والرقة بهدف تغيير الطبيعة الديموغرافية للمناطق الكردية وإنكار الوجود الكردي فيها ، وأيضاً تعريب القرى والمدن الكردية ، وفصل الطلبة الأكراد من المدارس والمعاهد بحجة " خطر على أمن الدولة " ، بالإضافة إلى محاربة اللغة والثقافة الكردية وإهمال المناطق الكردية من الناحية الصحية والتعليمية والخدمية ، وعدم قبول الأكراد في الوظائف الحكومية العليا ( وزارات - جيش - برلمان - السلك الدبلوماسي ) مهما كانت مؤهلاتهم العلمية والأكاديمية .
ومع كل هذه الممارسات الشوفينية المطبقة بحق الأكراد بقيت الحركة الكردية محافظة على نهجها الوطني الديمقراطي ، وقبلت على نفسها التعامل مع الاستبداد كي توصف بالوطنية ورفضت التعامل مع الاستعمار كي لا توصف بالخيانة ، ولكن يبدو أن الاستبداد والاستعمار وجهان لعملة رديئة واحدة على حد قول الأستاذ " جاد الكريم جباعي " .
أظن أنه قد حان الوقت لتقوم الأحزاب السياسية في سوريا ( غير الكردية ) بواجبها الوطني والإنساني في تبني قضية أكثر من مليوني إنسان كردي هم مواطنون سوريون في النهاية ، ويعيشون جنياً إلى جنب مع أخوتهم العرب منذ مئات السنين وأحترام خصوصيتهم القومية من ناحية اللغة والثقافة بشكل أخص ، وأخص بالذكر أحزاب التجمع الوطني الديمقراطي المعارض ، وعلى السلطة أيضاً أن تقوم بحوار وطني شامل مع الأكراد تنتهي إلى مصالحة وطنية ، وتعيد إلى سوريا الحياة السياسية وإرساء دعائم الديمقراطية عن طريق إحترام الرأي الآخر ، وأحترام مبادىء حقوق الإنسان وإحترام الدستور والأفراج عن كل معتقلي الرأي وإصدار قانون غير مقيد للمطبوعات وقانون حقيقي للأحزاب ومكافحة الفساد والرشوة في الدوائر الحكومية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عقبة قانونية جديدة أمام بريطانيا تعرقل نقل طالبي اللجوء لرون


.. نتنياهو عرقل الصفقة ومستعد للتضحية بالأسرى الإسرائـيليين.. ا




.. علم إسرائيل يرفع على الحدود المصرية.. ورفح بين المجاعة والقص


.. نتنياهو: عملية رفح تخدم هدفي إعادة الأسرى والقضاء على حماس




.. شبكات | تفاصيل صفقة تبادل الأسرى ضمن الاتفاق الذي وافقت عليه