الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صلاة المذهب الظني 3

تنزيه العقيلي

2009 / 12 / 7
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


التشهد في صلاة النافلة
في الصلوات المستحبة المسماة بالنوافل أو صلاة السنة، وبما أنها غير واجبة، فيمكن للمصلي أن يختار الاقتصار في كل من التشهد والتسليم على ما يؤمن به يقينا، فيكون تشهده «أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له»، حصرا، ويكون تسلميه «السلام عليكم ورحمة الله وبركاته» حصرا، مع إمكان أن يسبقها بقول «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين». أما إذا أتى بالنافلة وجوبا، على سبيل المثال في حال أوجبها على نفسه بالنذر، فيمكن اعتماد الصيغة الآتية.

إذا كانت النافلة متكونة من ركعتين فقط، فيأتي بالتشهد كما هو موضح للصلاة الواجبة، وأما إذا كانت متكونة من أربع ركعات (صلاتين، كل من ركعتين) كما في نافلة المغرب، أو ثماني ركعات (أربع صلوات، كل من ركعتين) كما في نافلتي الظهر والعصر، فيأتي بواحدة من الصلاتين أو الصلوات الأربع ذوات الركعتين على النحو المذكور للصلاة الواجبة، ويأتي بالتشهد في الصلوات الأخرى على نحو ما ذكر لتشهد الصلاة المستحبة. ويمكن اختيار أن يكون التشهد الكامل للصلاة الأخيرة، الرابعة من نوافل الظهر والعصر، والثانية من نافلتي المغرب، إلا إذا خشي أن يطرأ ما يجعله يختصر النوافل، بالاقتصار على بعضها، فيأتي بالتشهد الكامل في الأولى من النوافل. أما إذا أوجب على نفسه بالنذر الإتيان بكامل النوافل، فيأتي بالتشهد لكل نافلة من ركعتين، كما ذكر للواجبة.

صلاة الجماعة وصلاة الجمعة:
يفضل تعطيلهما، لتبقى العبادة شأنا شخصيا محضا، وتجنبا لما يمكن أن تؤدي إليه العبادات الجماعية من تعصب، عبر الإحساس بالتحزب للجماعة المؤدية للعبادات سوية وبشكل مشترك.

الاستعاذة:
بما أن وجود الشيطان من الممكنات العقلية، فيصدق بثبوت إلهية الإسلام، ويبقى من غير ذلك ممكن الوجود والعدم، لذا يرجح لأتباع المذهب الظني ترك الاستعاذة من الشيطان، إلا إذا كان المرء هو مؤمنا بذلك، ولو على نحو الرمزية لعوامل الشر والهوى والأنانية وكل عناصر الضعف والانحراف، التي تنبعث من دواخل الإنسان نفسه، وإن كان للعوامل الخارجية تأثيراتها.

ملاحظة حول القراءة:
قلنا أننا نقتصر في القراءة من القرآن على ما يصدق عقلا، حتى مع فرض أن القرآن كتاب من تأليف بشر. أما ما يمكن صدقه من غير وجود يقين به، فيترك، ولكن هناك ما يمكن أن يقرأ إذا فهمه قارئه مؤولا إياه إلى معنى مجازي يصح، حتى مع عد إلهية المصدر، فيمكن أن يقرأه بذلك التأويل، إذ أن الأعمال بالنيات. ولكن يفضل الاقتصار على الإتيان بمثل هذه النصوص في الصلاة، عندما يكون المصلي لوحده. ومن هذه المفردات التي يمكن تأويلها إلى معنى مجازي يصح في كل الأحوال، عبارة «الرسول» فيما لا يفهم منه أن شخصا محددا مقصود به كـ «هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة»، لما لهذه الآية من معاني جميلة ومهمة، يكون من الخسارة ترك قراءتها، لذا يمكن الإتيان بها مع فهمها بتأويل كل من مفردات «رسولا»، وحتى ما قبلها «بعث»، و«الأميين»، و«آياته»، وحتى ما يسبقها «يتلو عليهم»، و«الكتاب». فكلها يمكن تأويلها من غير زيادة تكلف إلى معاني مجازية عامة. وهكذا بالنسبة للفظة «الجحيم» الواردة في سورة التين مثلا. أما آيات الوعيد التي توحي بتعذيب الكافر، لا لشيء اقترفه، سوى أن عقله لم يوصله إلى الاقتناع بالدين، أو ببعض مقولات الدين، لأنها إذا فهمت على ظاهرها، تكون مخالفة للعدل الإلهي قطعا ويقينا، ومن غير أدنى شك، ثم لما لهذه النصوص من تأثير في بعث المشاعر السلبية تجاه الآخر المغاير بالعقيدة والمنعوت بالكافر. فهناك من الآيات، حتى مع فرض إمكان تأويلها إلى ما يصح وينسجم مع ضرورات العقل، قد تخلو من نـَفـَس يبعث بكراهة الآخر الديني، أو غير المعتقد بأي دين.

الصلاة للتأويليين العقليين واللاأدريين الدينيين والتنزيهيين:
بقطع النظر عن موقف المولود لأبوين مسلمين، المؤمن بالله، من قضية الدين، ما إذا كان مؤمنا بالإسلام إيمانا ظنيا، سواء ظنا متاخما لليقين، أو ظنا محفوفا بالشك المعتد به، ويعتمد كمسلم ظني التأويل العقلي في فهم الإسلام، أو كان لاأدريا دينيا، أو تنزيهيا، أي حاسما التفكيك بين الدين والإيمان، أو بتعبير آخر مؤمنا عقليا، أو موحدا لادينيا، تبقى الصلاة بصورتها المشرعة في الإسلام - مع التوقف على بعض التفاصيل - لدى البعض صورة جميلة للتواصل بين الإنسان وبين ربه وخالقه وإلهه ومعبوده، الذي يمثل المطلق في كل معاني الجمال والجلال والكمال، أي فيما هو مُتحمِّد به ذاتيا، سواء وُجد المدرك لمحامده أي الحامد له سبحانه، فيكون جل وتسامى محمودا من الحامد، علاوة على أنه متحمد بالذات، أو لم يوجد.

ومع ما ذكرنا ما للصلاة بصورتها التي شرعها الإسلام، فإن المؤمن الذي يريد أن يعيش الصدق مع الله حين يقف بين يديه - تألق وتنزه - مصليا له، قد يجد نفسه في حالة من الازدواجية التي قد تتقاطع مع الصدق، ولعله تقترب من النفاق الممقوت من الفطرة الإنسانية السوية، لأنه قد يجد نفسه يتلفظ بما لم يحسم يقينه به، بل له موقف منه إما لاأدري أو ظني، أو شاك إلى درجة ترجيح النفي على الإثبات، أو حاسما التفكيك يقينا أو ما يقترب من اليقين.

وكاتب هذه السطور، مر بكل مراحل الصلاة، ولذا أحب أن يقدم صورا منها لكل من المستويات المتعددة والمتفاوتة، فيما يتعلق الأمر بالموقف من النبوة والدين والإسلام، لكن المقترن في كل الأحوال بالإيمان اليقيني بالله سبحانه، والمستأنس بالصلاة بصورتها المشرعة في الإسلام أو ببعض صورها دون الأخرى.

حتى الذي يريد أن يصلي صلاة يحب أن يضمن صحتها وفق الشريعة الإسلامية، بدون إخلال، لا بركن من أركانها على وفق التشريع الإسلامي، وعلى أقوال كل المذاهب، ولا بانسجام مع نفسه وقناعاته، أي بروح الصدق.

وأكثر ما يتوقف غير اليقيني عنده هو ذكره - وكما مر - ما يقرر حسم التسليم بكون الإسلام دين الله ووحيه ورسالته وشريعته، دون أن يكون هو حاسما حقا لهذا الأمر، مما يجعله في أزمة داخلية، ومفارقة بين ما يقول وبين ما يقر في قرارة نفسه وعقله وقلبه.

إذا كان الأمر يدور فيما يكون المصلي في موضع التخير، كاختيار ما يقرأ من القرآن، ففي القرآن الكثير مما يصح عند المؤمن بالقرآن كتاب الله، أو اللاأدري الديني، أو المفكك على نحو الحسم والجزم بين الإيمان العقلي والدين. وكذلك الأمر بما هو مستحب، فتركه في كل الأحوال لا يخل بالصلاة، حتى مع التسليم بأنها تشريع إلهي وليس اجتهادا نبويا. لكن المشكلة تكون عندما يواجه المصلي نصا يجب عليه الإتيان به في الصلاة، بحيث لو تركه، وكانت الصلاة تشريعا إلهيا، من حيث يكون الإسلام دين الله، فستكون صلاته باطلة، ولو كانت الصلاة اجتهادا بشريا وابتكارا لصورة من صور التواصل بالله دون أن يكون مشرعها هو الله، أو من هو مكلف ومخول من الله بالتشريع، فيكون الإتيان بتلك الألفاظ متنافيا مع حقيقة إيمان المصلي، صحت عقيدته أو لم تصح، فهو يكون عندئذ مجانبا للصدق، الذي يمثل شرط صحة المثول بين يدي الله. ووجدنا أن هذه الحالة تقتصر فقط على التشهد أو ما تسميه بعض المذاهب بالتحيات في الركعة الثانية والأخيرة، أي قول «وأشهد أن محمدا عبده ورسوله» والواجب الإتيان بها عند كل فرق المسلمين، وقول «اللهم صل على محمد وآل محمد» أو بإضافات كما هو معروف فيما يسمى بالصلاة الإبراهيمية، الواجب الإتيان به عند أكثر المسلمين، وقول «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته»، والذي لا يشكل تركه مشكلة إلا عند من يقول بوجوبها، وإلا فلا مشكلة عند من يقول بالاستحباب أو الندب. وكل هذا ما عالجناه بالنسبة للمستويات المتفاوتة من الموقف من الإسلام، سواء كان إيمانا بالدين مقترنا بالتأويلية العقلية، أو ظنا راجحا بصدق الدين، أو لاأدرية تجاهه، أو شكا معتدا به، أو نفيا له حاسما للتفكيك بين الإيمان الإلهي والدين، مقترنا بحب الاستئناس بالتواصل مع الله عن طريق الصلاة.

كتبت في عامي 2008/2009
روجعت في 04/12/2009








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما رايك يا تنزيه ارجو الجواب.
سميح الحائر ( 2009 / 12 / 7 - 12:55 )
هل حقا انك غيرت قناعتك باستعمالك العقل؟؟. اما انا فارى بانك وان غيرت قناعتك في شيء ما ارى الا انك لا زلت متارجحا والا ما فائدة االمذهب الظني ؟؟؟. اما ان تعتقد بان الانبياء حق وتتبع سننهم واما لا وعندها لا داعي بالقيام بعبادات على اسس ظنيه لا يرى فيها اي منفعة..اما اذا كنت شاكا فالاولى ان اتبع ما انا عليه من القيام بالواجبات حسب المذهب الذي ورثته و بما يملي علي ضميري تجاه الجنس البشري الى ان اصل الى اليقين اما بالرفض او القبول. اما ان اقوم بواجبات على اسس ظنية فهذا يعني اتباع مذهب جديد لم تظهر معالمه بعد والى ذالك الحين ارجو لك التوفيق في هذا العمل الرائع.

اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي