الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


العراق .. الجغرافيا المُغَيّبَة 3

باسم فرات

2009 / 12 / 10
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


لم يكن قد مضى على التقسيم الإداري للعراق ما بين البصرة وبغداد والموصل سوى 30 سنةً عند وقوع الاحتلال البريطاني عام 1914. قبل ذلك كان البلد خلال فترات طويلة موحداً إدارياً ومركزه بغداد. وتمتد هذه الفترات أحياناً قرابة القرن، كما حدث خلال الفترة بين منتصفي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، وقبلهما في منتصف القرن السابع عشر. وبقيت بغداد حتى في فترات التقسيم الإداري الشكلي مركز قيادة القوات العسكرية المتواجدة في الأقاليم المختلفة، وظلت غالباً ممسكة بمقاليد السلطة القضائية العليا في البلد(11).إذ كان واليها، يحمل رتبة وزير(12).
وسوف نتطرق بتفصيل أكبر، في معرض حديثنا عن وحدة التراب العراقي، في السطور التالية.
في مقارنة بين الخطابين، خطاب الحكومة العراقية على مدى أربعين عاماً وخطاب "المعارضة" التي تسنمت الحكم بعد التاسع من نيسان 2003 ، سوف نلاحظ، أنه خطاب واحد وهو ما يتضح لنا خصوصاً في جغرافية العراق وتاريخيتها، فالحكومات كانت تعلن صراحةً، رفضها لحدود العراق، من خلال التأكيد على أن هذه الحدود وضعها الاستعمار، وتلفيق تاريخ مزور، عن وحدة موهومة للشعوب والبلدان الناطقة بالعربية وبغيرها ( الصومال وجيبوتي وأرتيريا )، وفي المقابل وجد الآخر الذي نزح حديثاً لمدننا،ضالته، لتأكيد دعاوى الحكومات، خصوصاً، مَن لايملك بنية ثقافية تؤهله لتدعيم مطالبه، ولكن تأكيداته، بقدر ما كانت تتفق أو تختلف مع الطروحات الرسمية، بقدر ما هي، أشدّ خطورة، لأنها تدعو لتقسيم العراق، فراح يشيع " إن العراق وطن اصطنعه الانكليز " معتمداً على خطاب السلطة، وعلى بعض الآراء غير الدقيقة، قياساً بأدلة ووثائق لايمكن حصرها مهما تتبعنا كتب المؤرخين والبلدانيين، ونرى أن كلا الخطابين، ينتمي الى منظومة الإلغاء والتزوير والاستحواذ، وعدم الإيمان بالعيش المشترك، والتي يكون الجلاد والضحية، وجهيها، أو بصورة أخرى السلطة ومَن ينازعهم عليها، إن التشكيك بوحدة العراق الجغرافية التاريخية الثقافية هو نتاج قوى طارئة عليه أو لم تندمج فيه أو ترغب باقتطاع أجزاء منه (شأن كل نازح أو عابر طريق). ولابد أن نمّيز بين مفاهيم الوطن (= التراب ) وبين الدولة (= المؤسسات ) وبين الشعب (= المجتمع )، فالدولة ( أي : المؤسسات العراقية ) اذا كانت قد تأسست في العام 1921 باسم المملكة العراقية، فإن خارطة التراب العراقي معروفة منذ آلاف السنين.. ولا يمكن لأي مخلوق كائناً من كان أن ينفيها جغرافياً من التاريخ مهما بلغت درجة اساءته لها ولتنوعاتها المتباينة(13).

ان للإقليم ثوابته الجغرافية المتفق عليها، وعلى هذا الإقليم، تم تشكيل دولة حديثة، وليس كما يزعم البعض أنه تجميع غير متجانس لولايات الموصل والبصرة وبغداد، نتيجة اتفاقية سايكس-بيكو، أو هو ليس أكثر من تجمع أعراق، وأنه صناعة بريطانية، فالآنسة غروترود بيل قد سهرت الليالي ـ كما كتبت في مذكراتها ـ للتثبت من حدود العراق وسوريا نظراً لخبرتها الطويلة في بادية الشام وتأليفها كتاب عن تلك البادية قبل وصولها للعراق .. فهي لم تخلق حدوداً من الوهم ، وإن السير برسي كوكس، لم يوقّع على حدود العراق السياسية، إلا بعد التأكد من الخرائط العثمانية التي تثبت حدود العراق الحالية مع كل من إيران وبقية الولايات العثمانية، في الأناضول شمالاً، وفي سوريا شرقاً .. وبقيت رسومات وتثبيت الحدود معلقاً بين العراق وبين كل من السعودية والكويت حتى نهاية القرن العشرين(14)، لأنها حدود خالية من الموانع، التي تُسهّل عملية فرزها، فهي امتداد طبيعي لما يسمى "شبه الجزيرة العربية".
ماذكره هنري فوستر وعباس الكليدار وغسان العطية وسواهم(15)، وما يردده كثيراً ضحايا الهويات المختلقة، لا يصمد أمام حقائق التاريخ وثوابت الجغرافيا، خصوصاً وإن التنوع العراقي، يعد بسيطاً، قياساً بدول الجوار، وبغيرها. وأن ما للعراق من وثائق وأدلة، على قدمه وتماسكه، واتفاق تسميته لغوياً وبلدانياً، ما لا يمكن أن تحصره مقالة أو بحث، بل يحتاج الى مؤسسة تنبش كل شاردة وواردة في وثائق التاريخ وحفرياته.











التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجامعات الأميركية... تظاهرات طلابية دعما لغزة | #غرفة_الأخب


.. الجنوب اللبناني... مخاوف من الانزلاق إلى حرب مفتوحة بين حزب 




.. حرب المسيرات تستعر بين موسكو وكييف | #غرفة_الأخبار


.. جماعة الحوثي تهدد... الولايات المتحدة لن تجد طريقا واحدا آمن




.. نشرة إيجاز بلغة الإشارة - كتائب القسام تنشر فيديو لمحتجزين ي