الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هذا حق مشروع لنسائنا ملكة جمال لفلسطين ما الذي يمنع؟

نادية عيلبوني

2009 / 12 / 12
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


ردود الفعل الغاضبة على تنظيم مسابقة لملكة جمال فلسطين، تكشف وإلى حد بعيد طبيعة الثقافة الفلسطينية البدائية والمتصحرة، والمعادية لكل ما إنساني واجتماعي وحضاري وجميل.
لا يمكننا بأي حال من الأحوال الركون إلى التبريرات التي وضعها البعض في معرض رفضه لتنظيم هذه المسابقة ، كما لا يمكننا القبول بتلك الحجج والأعذار التي تحاول الاحتماء والتذرع تارة بالدين ، وتارة بالعادات والتقاليد،وأخرى بالقضية الوطنية، التي اعتاد الكثير من الفلسطينيين على رمي كل ما هو غث وسقيم فوق شماعتها.
ولنا أن نتساءل حقا ما هذه القضية الوطنية، وما هي تلك العادات والتقاليد التي تستطيع أن تحتمل حروبا يقتل فيها الفلسطيني أخاه، والتي تتسع لوأد المرأة وقتلها على خلفية مزاعم الشرف ، كما تحتمل الجوع والتسول ،وكافة أشكال الفساد ،في الوقت الذي تضيق فيه لاحتمال رؤية بهاء وجمال المرأة الفلسطينية؟
المسألة باعتقادنا ليس لها علاقة بالقيم الدينية المزعومة ، ولا بالعادات والتقاليد بقدر انتمائها إلى منظومة متكاملة من المفاهيم التي تقوم على أساس الاحتقار كل ما هو إنساني وكل ما هو حي، وكل ما هو جميل في المجتمع الفلسطيني. المسألة تتعلق أولا وأخيرا بثقافة الموت التي تتسيد التفكير الفلسطيني القروسطي .ودعنا نقولها صراحة ودونما تردد أن الثقافة الفلسطينية السائدة ، لا تميل إلى رؤية أي مظهر من المظاهر التي تؤشر على وجود حياة طبيعية وصحية. ومنظري فلسفة الموت هؤلاء ، لا يطيقون أي مظهر من مظاهر الحياة تلك.
فلسفة احتقار المرأة كما احتقار سنن الحياة بكل أشكالها وتعابيرها ومظاهرها ،والتي تتخفى بجبن وقحة، وراء الدين والعادات والتقاليد،لا تحتمل رؤية المرأة الفلسطينية حية ، فكيف إذا رأتها وهي في أوج جمالها وزينتها وبهجتها ؟ هؤلاء لا يتحملون أي تعبير عن الفرح ، وخصوصا إذا كان مصدر هذا الفرح هو المرأة .وهم إنما يطربون أيما طرب لصورة المرأة الميتة أو الخانعة ، أو تلك المجللة بالسواد من رأسها إلى أخمص قدميها.
والمرأة الفلسطينية، بنظر هؤلاء، لا يحق لها أن تكون جميلة مثلها مثل كل نساء الأرض، ولا يجوز لها أن تتسابق على عرش الجمال، والمرأة المقبولة في مجتمعنا الفلسطيني هي فقط، تلك التي تقبل أن يتم انتزاعها من بين أطفالها ليذهب بها البعض في عملية انتحارية ياسم الوطن . المرأة الفلسطينية الشريفة والتي تستحق الاحترام في رؤى منظري فلسفة الموت، هي فقط المرأة الحزينة النائحة على فقدان الأب أو الأخ أو الزوج في حروب الأخوة ، أو الحروب العبثية التي لا طائل من ورائها،أ وهي تلك، التي تبتلع مشاعر الحزن الطبيعية التي وهبها إياها الله ، لتقف فوق جثة فلذة كبدها لتزغرد ، وذلك إرضاء منها لتجار الدم وتجار القضية الفلسطينية.
لا يجوز للمرأة، بعرف هؤلاء، أن تغادر قبورهم التي حفروها لها ، ولا يجوز لها أن تظهر للعلن لتعبر عن نفسها وعن أنوثتها .وإذا ما أرادت أن تدخل مسابقة ما ، فإن مسابقة الموت هي المناسبة الوحيدة التي يحق لها أن تخوضها وتتألق بها. هذه هي عاداتنا وتقاليدنا وعرفنا ،وهذا هو فقط ما يوافق شرعنا؟؟!!!!
هذه هي ثقافتنا البشعة التي علينا جميعا احترامها والانصياع إليها. وعلينا، كما على العالم أن يتقبلها صاغرا،دونما جدل أو نقاش.
لا يا سادتي ، لن ننصاع جميعا لنداء الثقافة اللعين هذا ، فجمال نسائنا هو جزء لا يتجزأ من جمال فلسطين التي ندافع عنها وعن حريتها وعن كل جمالياتها .وإذا كان لا بد لنا من قول كلمة حق ، فإن الأولى أن نقول أن من حق النساء جميعا في فلسطين أن يعبرن عن أنفسهم بكل الطرق التي يرونها مناسبة،ودونما تدخل من أي أحد.وحقهن هذا، ليس نابعا فقط ، من طبيعة سنن الحياة وحدها، بل بصورة خاصة لأن نساء فلسطين هن الأجدر من بين جميع رجالها في كل شيء. ولا يستطيع كائن من كان أن يعطي هؤلاء النسوة دروسا في الشرف، فيكفي نساءنا شرفا ، أنهن لم يمارسن الفساد الذي استشرى في فلسطين على يد رجالها . يكفي نساءنا شرفا أنهن لم يعتدين على المال العام ، وبإمكان نساءنا أن يذهبن إلى أية مسابقة وهن مرتاحات الضمير، لأن أيديهن ليست مغمسة بدماء شعبهن. يكفي نساءنا شرفا أنهن بريئات من جريمة تقسيم الوطن إلى أشلاء .وهن بالمقدار ذاته بريئات من جريمة رمي الرجال المخالفين من الأبراج العالية ، وبريئات من تهمة التمثيل في الجثث في شوارع غزة وأزقتها .
لا يجوز أبدا أن يسمح لمن غمست يديه بالدم الفلسطيني ، بإعطاء نسائنا دروسا في معنى الشرف، هو أحوج ما يكون إليها. أجل ، تستطيع امرأتنا أن تذهب إلى أية مسابقة تريدها، وهي مطمئنة على سمعتها وعلى حسن سلوكها . وأنها وحدها القادرة على إعطاء دروس عن معنى الشرف لمن يجهلونه .وهي الوحيدة المخولة لتكون الأشرف والأجمل والأبهى والأجدر بكل المعاني النبيلة والشريفة.
وفي الختام، ندعو الجميع إلى التوقف عن هذه الاستعراضات المسرحية ، وهذا التباكي الكاذب على ما يسمى في مجتمعنا زورا وبهتانا شرفا ، فالشرف الفلسطيني لا ينبغي له أن يقبل التجزئة أو القسمة ، والشرف بما هو منظومة كاملة ومتكاملة من القيم القابلة للحياة ،لا يعني أن يرتكب بعضنا ،وبدم بارد كل المخازي والجرائم بحق مجتمعه وشعبه، وقضيته ثم يصحو فجأة ليتذكر ويغضب للشرف المزعوم في فعالية راقية وحضارية وإنسانية ،تقوم بها النساء، لا لشيء ، إلا لتذكير الفلسطينيين بقيم الحياة التي جرى التضحية بها لقاء لا شيء،أوإرضاء لتجار السياسة ومحبي رؤية الجثث والأكفان .
إن هذا والله لأكثر من معيب ، وهو الحرام ، وهو العار بعينه.
[email protected]


صحافية فلسطينية مقيمة في فيينا








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعليق
سيمون خوري ( 2009 / 12 / 13 - 09:07 )
مع الشكر للسيدة والزميلة نادية ، مع اني ضد فكرة مسابقات الجمال من أساسها ، لأنها جزء من عملية تحويل المرأة الى سلعة ، في المجتمع الأستهلاكي ، لكن في الحالة الفلسطينية ربما أوافق فقط من موقع محاربة التصحر ؟، وإن كانت أشبه بمن يستجير بالرمضاء بالنار . ربما من المفيد من زاوية إعادة الإعتبار الى صورة الفلسطيني بإعتباره إنسان حضاري ، وليس مجرد حزام ناسف . مع التحية لك .


2 - رائع
عبد القادر أنيس ( 2009 / 12 / 13 - 17:07 )
مقال رائع. هو درس في الشرف الحقيقي كما يجب أن يفهمه ذوو العقول المستنيرة الحرة.
هؤلاء الذين يتهجمون على حق المرأة الفلسطينية في ممارسة حريتها في إقامة احتفال بسيط كانوا دائما بالمرصاد لكل الحريات تجاه المرأة: عارضوا خروجها للتعليم والعمل وعندما فشلوا عارضوا لباسها الحر وبعد أن نجحوا في تعميم الحجاب البائس راحوا يعملون على تعميم الحجاب على العقول ويوهمون الناس أن شرف المرأة هو السور الذي يحمينا، وراحوا ينتقلون من خنتدق إلى خندق بطريقة بهلوانية منافقة.
عندما طالبنا سابقا بالديمقراطية قالوا لنا أنتم برجوازيون والديمقراطية ترف والمهمة الشريفة اليوم هي الوحدة والتصدي للعدو الخارجي، وحتى عندنا رحل العدو الخارجي من أغلب البلاد العربية واصلوا الترويج لهذه الحجج الرخيصة، فعارضوا الحريات والديمقراطية بحجة تحقيق الإجماع من أجل الانتصار على العدو الداخلي وعلى التخلف، وبعد ذلك قالوا لنا الحريات والديمقراطية والانتخاب والبرلمان أفكار مستوردة...
ورغم فشل كل تلك المشاريع الهابطة يواصل هؤلاء التخندق وراء كل ذريعة لتحريف مسيرتنا نحو الحرية.
المأساة أن تتحالف قوى تتدعي توجهات تبدو متناقضة تماما.
تحياتي


3 - ملكة جمال
ابو احمد 1 ( 2009 / 12 / 14 - 12:46 )
بدل التباكي روحي وقدمي المثل الحي بانتسابك لعروض ملكة جمال الضفة ومثلي من ترينهم يؤيدونك وان شاء الله نراك قريبا لابسة بلا ثياب امام اعين لجنة التقييم. لكن الذين استحوا ماتوا


4 - من حقك
شامل عبد العزيز ( 2009 / 12 / 14 - 15:38 )
سيدتي / تحية لكِ / من المؤكد أن الثقافة هي السبب / ثقافة الكراهية والدم والموت والمتاجرة / إذا تخلوا عنها أصحاب الشعارات والممتهنين لها فماذا سوف يكون عملهم / ؟ القضية الفلسطينية بالطريقة التي سارت ومنذ بدايتها هي اكبر شماعة ولكل شيء في وطننا العربي / إذا تم حل القضية وهذا ما لا يتمناه المتاجرون فإن مزبلة التاريخ هي مصيرهم ولذلك سوف يقاتلون ولاخر نفس من اجل أن يموت الآخرين وان يحييوا هم
تحياتي لكِ / ملاحظة للأستاذ سيمون يوم أمس رددتُ في التعليقات وكتبتُ الأستاذ الفاضل والأخ الكبير دون ذكر أسمك فمعذرة سيدي مع تقديري


5 - لك ألف حق
فاتن واصل ( 2009 / 12 / 14 - 15:39 )
تعيشين فى فيينا !!!أجمل بلاد الدنياسيدتى ولذا لا تعرف عينيك سوى الجمال أؤيدك بكل ما أملك من قوة وعقل فالقبح ملأ الوجدان هؤلاء القتلة الارهابيون أتمنى أن أرى اليوم الذى يدركون فيه حجم الجرم الذى إرتكبوه ولا يزالوا فى حق بلادهم ... الدفاع عن البلاد لا يكون فقط بالاستشهاد وإنما ببناء العقول والتثقف والتحضر والأستاذة نادية عاشت فى أحد البلاد الأكثر تحضرا على مستوى العالم ولذا رأت الجانب الآخر من الصورة التى لا يراها الكثيرين الذين يسعدهم رؤية الأطفال تموت والنساء تولول والبلاد خرابا ... دومى لنا قلما لإمراة حرة مستنيرة


6 - من أجمل ما قرأت لهذا اليوم
صلاح يوسف ( 2009 / 12 / 14 - 15:51 )
الأخت نادية هذه المقالة في قمة الروعة، فهي تحفر عميقاً في أخاديد الوعي لتطرح علينا نماذج من ثقافة الموت وأخرى من ثقافة الحياة. ثقافة معاداة الحضارة وقيم الجمال في مقابل الانتماء للحضارة والامتنان للجمال. هم في الواقع منافقون ولا يكاد المرء يلحظ لهم مبدأ على الإطلاق. فهم يريدون المرأة للمتعة فقط ولا يعتبرونها إنساناً متكاملاً. حركة طالبان وشباب الصومالوفي وادي سوات في باكستان أغلقوا مدارس البنات، وهذه هي حقيقتهم عندما يمتلكون أي سلطة على منطقة مهما كانت صغيرة.
دام قلمك النابض بعشق الحياة

اخر الافلام

.. حرية الملونين عنوان مسيرة يوري كوتشياما


.. تضييقات ومحاكمات العمل الصحفي في تونس بات جريمة




.. الصانعة آسية جميل


.. الصانعات التقليديات… سفيرات للثقافة تعانين في صمت




.. الصانعة التقليدية زهيرة الكداري