الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الوصول لنقطة اللاعودة بين الإصلاحيين والمحافظين في إيران

أحمد لاشين

2009 / 12 / 16
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


يبدوا أن النار ستظل مشتعلة دائماً تحت الرماد في إيران.فلحظات السكون أقل بكثير من أوقات الثورة و الاعتراض.فخلال الأسبوع الماضي والساحة السياسية الإيرانية تمر بمرحلة صراعية جديدة بين أنصار الإصلاح بقيادة مير حسين موسوي وهاشمي رفسنجاني،والنظام بقيادة الرئيس أحمدي نجاد.فلقد اجتاحت الجامعات والشوراع مظاهرات وتجمعات تمثل الجانبين في يوم (16 آذار ـ 7 ديسمبر).وهو يوم تمت تسميته بـ (يوم الطالب) في إيران،ويمثل مناسبة وطنية لإحياء ذكرى ثلاث طلاب قتلوا عام 1953 بواسطة قوات الشاه بعد عزل مصدق وتنحيته.وعادة كان يتم استغلالة سياسياً بعد الثورة للتعبير عن المواقف الإيرانية سواء الخارجية أو الداخلية .ولكن المشهد هذا العام أتى أكثر حدة.فقد استغلت المعارضة الإيرانية هذه المناسبة الوطنية للتعبير عن موقفها الثابت والرافض تجاه النظام الإيراني بكل أطيافه.غير عابئة بالتحذيرات الأمنية شديدة اللهجة والتي تمنع أي تجمع غير قانوني قد يضر بالمجتمع أو بنظام الجمهورية الإسلامية .والمقصود بها بشكل واضح من أسموا أنفسهم بالحركة الخضراء أو الثورة الخضراء.تمثلاً بشعار موسوي في الحملة الإنتخابية الأخيرة.ولكن قيام المظاهرات وضعت الجانبين في مأزق حقيقي.فلقد أصبح الصدام أكثر وضوحاً.وتخلى النظام والمعارضة عن الخطاب المراوغ الذي كان يعطي الأزمة الإيرانية مساحات للحل أو التحايل.ليتحول إلى المباشرة.وتحديد الأهداف.
الجامعات والقمع الأمني:
ما زالت تمثل الجامعات في إيران الساحة الأهم للحراك السياسي والأمني بالتبعية.فرغم كل آليات النظام لتسييس المجتمع الجامعي.أو تحويله إلى ثكنات سياسية تابعة للثورة منذ بدايتها.إلا أنه قد تمكن من الإنفلات من القبضة السياسية كلما سنحت له الظروف التاريخية،أو تمكن أحد جوانب المعارضة من ترويضه لصالحه.بتسييس مضاد.وهذا ما كان واضحاً في المشهد الأخير.
فلقد تجمع الطلاب بالآلاف داخل أسوار الجامعات الإيرانية.بدءاً من جامعة طهران،وأصفهان ،وصولاً لتبريز وهمدان.أي بطول البلاد وعرضها.رافعين شعارات تندد بنجاد،والجمهورية الإسلامية،بل بنظام الولي الفقيه ككل.وبتأييد مطلق لموسوي وكروبي.في استدعاء لمشاهد أزمة الإنتخابات السابقة التي ما زالت مشتعلة للأن.في محاولة من الطلاب لتجاوز أسوار الجامعات للشوراع.وهذا ما قوبل بمواجهات أمنية غاية في الشدة.فقد نشرت العديد من المواقع الخبرية الإيرانية،والمعارض منها تحديداً إلى استخدام الأمن (الباسيج) للرصاصات المطاطية في جامعة أمير كبير،لمنع خروج الطلاب.بل أن قوات الباسيج قد اقتحمت أسوار الجامعة،لتصطدم داخلياً بالتجمعات الطلابية في جامعة طهران،وهمدان.وسط أنباء بوجود عناصر أمنية بملابس مدنية داخل الجامعة منذ البداية.في محاولة لتفريق التجمعات الطلابية من الداخل.مما أدى إلى صدامات توصف بالدموية،مثل إلقاء أحد أفراد الباسيج لطالب من فوق مبنى جامعة أبو علي في همدان.
في حين نقلت وكلات الانباء أخبار عن مسيرات حاشدة في شوراع العاصمة الإيرانية و الميادين العامة.مثل ميادين الفردوسي،وولي عصر،وهفت تير وغيرهم.إلا أنها قوبلت بقنابل الدخان والمسيلة للدمموع.وألقت القبض على العديد من الطلاب والمتظاهرين داخل الجامعة وخارجها.وتقديمهم للمحاكمة بتهم مثل الفساد العام والاخلال بالنظام.بل وصدور الأحكام مباشرة من قبل المدعي العام بالحبس الذي ترواح من سنة لسنتين على العديد من المتهمين.مما استتبع اعتصامات داخل الجامعات ما زالت مستمرة لوقت كتابة هذا التقرير.صاحبها اضرابات عن الطعام من قِبل بعض الطلاب كما وقع في همدان.
وفي سياق أخر ومضاد تماماً تظهر الصحف والمواقع الرسمية وشبه الرسمية.موقف المعارضة الإيرانية بوصفه امتداد للتدخلات الأجنبية.بل واعتبرت أن تلك المصادمات لم تعم كل الجامعات،ولم تكن بالحدة المصورة اعلامياً من قبل أعداء النظام.وكانت نتيجة لأنصار موسوي بشكل مباشر.مما يؤكد حدة الخطاب المتبادل بين الطرفين.فقط نشرت وكالة (فارس) للأنباء الشبه رسمية.تقريرها حول رفع بعض أنصار موسوي شعارات مثل (فلتحيا أمريكا ولتتحرر الجامعة) (الموت للديكتاتور).وغيرها من العبارات الصادمة لنظام الدولة.وذلك في مقابل الموقف السلمي الذي قامت به التجمعات الطلابية المؤيدة للجمهورية الإسلامية وهم من أسمتهم بـ (أنصار الولاية).اللذين رفعوا شعارات مضادة لأنصار موسوي.فأدى ذلك لصادمات متبادلة لزمت تدخل الأمن.بل أن التقرير يقدم أنصار موسوي بوصفهم خارجين عن الدين ككل.فقد قاموا بإهانة مجموعة من أنصار الولاية أثناء تأديتهم للصلاة في مسجد جامعة طهران.ووصفت اعتقالهم بثلة من الخارجين عن القانون.
إهانة الخوميني وتجاوز الخط الأحمر:
في استمرار لحالة التصعيد القائم.خرجت مسيرات مؤيدة لنظام الجمهورية الإيرانية،وللمرشد العام.عقب صلاة الجمعة الماضي.كموقف رافض للمعارضة،على إثر حادثة تبدوا افتعالية ـ كما علق عليها موسوي ـ فقد وُجدت صور للخوميني ممزقة و محروقة. في العديد من أماكن تجمع الطلاب المتظاهرين.وفي شوارع العاصمة.مما تم اعتباره مؤشراً واضحاً لإهانة المعارضة الإيرانية المتجسدة في أنصار موسوي لرمز الثورة الأول.ومؤسس الجمهورية الإيرانية.
فأصدرت الهيئات الدينية في قم ومشهد بيانات متعددة تدين إهانة الرمز الأعلى الخوميني.واعتبار ذلك تجاوز لكل الخطوط الحمراء الممكن التساهل فيها.ولكن الغريب والملفت في الأمر هو موقف السنة من هذه القضية.فقد أدان معظم أئمة الجمعة السنيين،في العديد من المحافظات الإيرانية مثل (أروميه ،وتبريز..وغيرهما).موقف هؤلاء الطلاب المنشقين من الإمام الخوميني.وأعتبروا الخوميني رمزاً للإسلام بشكل عام.وليس في إيران فقط بل في العالم الإسلامي بأكمله.مع الإحاح الإعلامي الإيراني على تصريحات هؤلاء الأئمة.مما يؤكد رغبة النظام في توحيد كل الرموز الاجتماعية بشتى توجهاتها المذهبية،ضد المعارضة.
خاصة وأن المسيرات التي تمت منددة بهذا الموقف.كانت بواسطة الحوزة الدينية وطلابها.أي محاولات تفعيل دور الحوزة بشكل رسمي وواضح بعد تغيبه لمسافة طويلة منذ بدايات عهد نجاد.في إشارة واضحة من الحكومة على إعلان سيطرتها التامة على الحوزة الدينية أمام الجامعات المدنية.خاصة وأن آية الله أحمد خاتمي،المعروف بتشددة وتأييدة لنجاد،قد صرح في خطابة أم الحوزة العلمية بالمدرسة الفيضية ذات الشهرة الواسعة في قم.أن ما أسماه بالإحتجاج الجماهيري سرف يحبط فتنة المعارضة الفاسدة في مهدها.
وفي تصريحات لموسوي عقب أزمة حرق صور الخوميني،أشار إلى استحالة وقوع مثل هذه الأحداث من مناصريه،أو من طلاب الجامعات.فلا يوجد مواطن إيراني لا يقدر الإمام.في إشارة منه إلى إمكانية افتعال الأزمة من قبل الأمن لتشويه صورة الثورة الخضراء.والمظاهرات الطلابية.
فمحاولات إلقاء التهم بين الجانبين يؤكد قد تجاوز مرحلة المناوشات والمراوغة ليدخل مباشرة في ثنائيات واضحة.فالحوزة في جانب كبير منها إلا من يتبع (آية الله حسين منتظري) الذي أعتبر قمع المتظاهرين خروج عن الإسلام ذاته.مؤيدين لنجاد مواقفه.وأمام أنصار موسوي أو الحركة الإصلاحية اللذين يثبتوا تواجدهم الدائم في الجامعات والشارع.فإهانة الخوميني أياً كان المتسبب فيه يمثل ورقة غاية في الخطورة.بل ويُعيد إلى الأذهان صور قديمة عن مرحلة الثورة في بدايتها .وإحراق صور الخوميني من قبل النظام الملكلي السابق.فالخوميني منطقة ليس عليها خلاف كبير.بل أن الجميع يتصارع على إرثه وتأويله لصالح كلا المتصارعين.
هل يسعى قادة المعارضة إلى اعتقالهم؟؟
في إشارة غاية في أهمية.لتصريحات وزير الإستخبارات الإيرانية (حيدر مصلحي) الأخيرة عقب الأزمة.والتي هاجم فيها هاشمي رفسنجاني (رئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام ومجلس الخبراء) مباشرة.حين أتهمه أنه يحالف أصل من أصول الجمهورية الإيرانية.وهو الولاية المطلقة للفقيه.ففي خطاب لرفسنجاني أعلن أن الولاية الفقيه لابد وأن تكون برغبة المجموع.فإذا رفض الناس ولاية أحد عليه بالإنسحاب،ترك مساحة لمن يختاره الناس.فأصل اعتراض رئيس جهاز المخابرات ـ ولهذا دلالته ـ ينصب على كون دور الناس يتحدد في الاختيار وليس العزل.وأن ولاية الفقيه من ولاية الإمام.أي أن رفسنجاني قد تعدى بالفعل على أصل أساسي لنظم الحكم الإيراني.مما يثير تساؤلات حول موقفه ليس فقط من المعارضة التي يناصرها كلية ضد نجاد.ولكن في موقفه من المرشد ومنصبه.وإماكنية طرح بديل للأشخاص الحاكمة الأن كما تم الإشارة له أثناء المحاكمات الإيرانية التي تمت عقب أزمة الإنتخابات.من مؤامرة على النظام كانت تفضي إذا نجحت إلى تولي رفسنجاني منصب المرشد.وموسوي رئاسة الجمهورية.خاصة مع وضع رفسنجاني المتأزم بعد التهديد بإعتقال ابنته (فائزة) التي اتهمت بتحريضها على انقلاب داخلي ضد النظام.خاصة بعد أن ألقت لخطاب أمام مظاهرة داخل الجماعة كانت تندد بخامنئي وتصفة بالديكاتور.وكذلك موقف (مهدي) التي اتهم بقضايا فساد.ويشار إليه بكونه ضالعاً كذلك في تمويل المعارضة الداخلية.وخروجة شبه هارب من إيران إلى أروبا.
خاصة إذا وضعنا في الاعتبار بقية تصريح وزير الإستخبارات.وهو أنه لا يريد أن يعتقل بعض العناصر داخل المعارضة،حتى لا يجعل منهم أبطالاً دون الإشارة لأسماء هؤلاء.ليجعل الحلقة تتسع لتشمل الجميع.بداية بموسوي بالطبع.وسط أنباء يطلقها المقربون من موسوي نفسه ومنشورة على أكثر من موقع مؤيد له.بوجود احتمالات اعتقال قريب لموسوي من قبل الأمن الإيراني.مع بعض الملامح التي قد تؤيد هذه الاحتمالات .مثل منعه هو وكروبي من المشاركة في المظاهرات بالقوة.كمظهر من مظاهر الإقامة الجبرية.
وكذلك تعرض (زهرا رهنورد) زوجته لمضايقات مباشرة من قبل قوات (الباسيج) أثناء أحداث 16 آذار.فقد مُنعت من المشاركة في المظاهرات داخل جماعة طهران رغم كونها أستاذة بها.وتم التعرض لها بالضرب والشتم من قبل بعض العناصر الأمنية النسائية داخل الجامعة.وتمكن أمن الجماعة من إنقاذهاوإخراها خارج أسوارها.ومن ثم تعرضت ثانية لمضايقات أمنية في الشارع.مع تضخيم هذا الحدث في كل المواقع المعارضة .وعدم الإشارة له بالنفي أو بالإثبات من قبل الإعلام الرسمي أو الشبه رسمي.
فهل يعمل رموز المعارضة لإستفزاز النظام حتى يورطه في عملية اعتقال غير محسوبة العواقب قد تؤدي إلى ثورة كاملة لا يمكن السيطرة على أبعادها؟؟.وهذا ما يخشاه النظام.لذا دائماً هو بعيد عن رؤوس المعارضة.ويتعامل مع الأذيال والأتباع فقط.فالتهييج الشعبي الذي يمارسه رموز المعارضة.والحشد المضاد الذي يماسه النظام.لابد وأن يفضي في النهاية إلى صدام مباشر.فالجميع قد تخلى عن أقنعته السياسية.وما كان يسمح به النظام من حضور لموسوي أو كروبي المظاهرات التي كانت تتم في بداية الأزمة الإنتخابية.ما عاد يسمح به الأن .كما أن استخدام الحوزة في الحشد الجماهيري قد يكون مؤشراً لبداية انفصال كامل بين المعسكرين.وما ستأتي به الأحداث سوف يظهر الكثير من الوجوه على مرآة الساحة الإيرانية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الصراع أكثر من ثنائي
محمد بودواهي ( 2009 / 12 / 16 - 16:01 )

المخاض السياسي الذي تعرفه إيران مفتوح على عدة سيناريوهات . والأطراف المتصارعة داخل الساحة لا تنحصر فقط في النظام والمعارضة الإصلاحية بقيادة موسة وخامنئي ورفسنجاني , بل بل هناك أيضا قوى ليبرالية وقوى اشتراكية وتروتسكية لها وزنها في الساحة , إلا أن شدة القمع الفاشي لدولة الفقهاء جعل الجميع يتوخى الحذر ويستعمل أسلوب - التقية -.مع التحية

اخر الافلام

.. حتة من الجنة شلالات ونوافير وورد اجمل كادرات تصوير في معرض


.. 180-Al-Baqarah




.. 183-Al-Baqarah


.. 184-Al-Baqarah




.. 186-Al-Baqarah