الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عزلة عالمنا الإسلامي .. والأخر

خالد حمود

2004 / 6 / 18
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


لعله جاء الوقت الذي نستطيع فيه القول بأن عالمنا العربي والإسلامي عاش ولفترة طويل في عزله أحادية لم نُجبر عليها بل نحن الذين اخترنا ذلك الانعزال بمحض إرادتنا نتيجة عدم قبولنا بثقافة الأخر حيث كانت الفكرة السائدة لمجتمعاتنا أنه وبمجرد التعرف على تلك الثقافة ومعايشتها أو تعاطيها سوف يفقدنا ثوابتنا وقناعتنا التي فُطمنا عليها ونشئنا على أصولها وقواعده المتينة، ومن هنا وضعنا مجتمعنا في إطار ثقافي واحد غّلب عليه الرفض والانعزال والخوف.

وكنتيجة طبيعية لتلك الثقافة الأحادية التي ارتضيناها لأنفسنا ولمجتمعاتنا، كان الأخر من حولنا يتقدم بنشر ثقافته في جميع الاتجاهات ، وبدأت الدائرة تضيق علينا شيء فشيء إلا أن وصل بنا الحال إلى ما نحن عليه الآن من خلافات وانقسامات فكرية ثقافية داخلية ،" ليست الهوية الثقافية العربية والإسلامية مركبا جامدا من الخصائص والقيم والتقاليد، ولكنها مجموعة من المشاعر والأفعال ومن السمات التاريخية والأبعاد الفكرية والفنية والروحية، ومن معطيات السلوك الحية النامية تغنى بالحوار وبالتطور وبالأخذ والعطاء والإبداع"

وكون أن عالمنا العربي ومن خلال موقعه الجغرافية يعتبر حلقة الوصل بين ثقافة القارات الثلاث الشيء الذي يحتم علينا الإطلاع والتعايش والانفتاح على كل تلك الثقافات وقال تعالى .. « يا أيها الناس أنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا إنّ أكرمكم عند الله أتقاكم» (الحجرات ـ 13).

وهذه الآية الكريم تدل على ضرورة الاندماج الثقافي مع الشعوب الأخرى بغض النظر عن الاختلاف العرقي أو الطائفي، و تنص الآية الكريمة على التعارف الذي لا يكون إلا بقبول الأخر واحترام عقائده ويؤكد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم ما جاء في الحديث ..(( ليس لعربي فضل على أعجمي إلا بالتقوى )).

وهناك الكثير من الآيات الكريمة والأحاديث النبوية تحث على التسامح واللين والتعاون .. قال تعال في سورة أل عمران (( فبما رحمة من الله لنت لهم، ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك، فاعف عنهم واستغفر لهم وشاورهم في الأمر، فإذا عزمت فتوكل على الله، إن الله يحب المتوكلين )) اية 159 .

ويؤكد الحديث (( أطلبوا العلم ولو في الصين )) حيث لم يكن في الصين علم من علوم القرآن أو الحديث أو السنة أو علوم العربية، يوم ورد الحديث، بل يؤكد ضرورة القبول بثقافة الأخر ومعايشتها والإطلاع على مفاهيمها والاستفادة من ما لديه من علوم وتقدم وتكنولوجيا. وهذه هي قمة التسامح الذي يؤدي إلى السلام بين أصحاب الشرائع والديانات السماوية المختلفة.

ولتهيئة الأرضية المناسبة للتفاعل مع بيئة التسامح ومحاورة الآخرين علينا الإيمان بثقافة الالتزام لا ثقافة التحلل، ثقافة العقل لا ثقافة العاطفة ، ثقافة الوعي لا ثقافة التخلف ، ثقافة الحقيقة لا ثقافة الخيال ، ثقافة العلم لا ثقافة الجهل ، ثقافة الواقع لا ثقافة المثال ، ثقافة العمل لا ثقافة الادعاء ، ثقافة الحوار لا ثقافة الانغلاق ، ثقافة المبادرة لا ثقافة الانتظار ، ثقافة الرحمة لا ثقافة العنف ، إن استطعنا الإيمان بكل تلك التناقضات الثقافية حينها نستطيع محاورة الأخر دون خوف من المجهول أو تكفير الأخر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. 174-Al-Baqarah


.. 176--Al-Baqarah




.. 177-Al-Baqarah


.. 178--Al-Baqarah




.. 170-Al-Baqarah