الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أسرى فلسطين بين تخرصات جوناثان بولارد وفتاوي السنهدرين -دراسة في الفكر التوراتي

ناصر اسماعيل جربوع

2009 / 12 / 19
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات


أسري فلسطين بين تخر صات الجاسوس جوناثان بولارد و فتاوى السنهدرين – دراسة في الفكر التوراتي بقلم د- ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي

أسري الكرامة الفلسطينيون يعيشون على أمل ، من اجله قدموا اغلي ثمن ، إنها الحرية والاستقلال ، حرية ينعموا بعدها ليعيشوا تحت سماء وشمس فلسطين النقية الخالصة من الغيوم السوداء ، شمس صافية مشرقة بروح وحدة الأطياف السياسية ..
معاناة أسرانا البواسل لا توصف بأسطر، ولا كتب تؤرخ هنا وهناك ، وسقوط مئات الأسري شهداء إما إعداماً في أقبية التحقيق ،أو تصفية ميدانية حين اعتقالهم ، عدا عن الأدوية والأطعمة الخبيثة الممررة لهم ، وحرمانهم من ابسط حقوقهم المعيشية التي كفلتها لهم المواثيق الدولية ، ومع كل هذا وذاك يخرج إلينا الحقير الجاسوس جوناثان بولارد ، الذي يقضي حكماً بالسجن المؤبد في الولايات المتحدة الأميركية لإدانته بالتجسس عليها لمصلحة إسرائيل، إلى قتل أسير فلسطيني يومياً إلى أن يتم الإفراج عن الأسير جلعاد شاليط.

وعارض بولارد بشدة الاتفاق المقترح الذي يقضي بإطلاق 980 سجيناً فلسطينياً، مقابل استعادة جلعاد شاليط.

وقال من سجنه في كارولاينا الشمالية للناشطين من تكتل الليكود(موشي فيغلين وشمويل ساكيت ) ، إنه لا بد أن يعود شاليط لكن التفكير بأنه سيتم الإفراج السجناء الفلسطينيين جعله "يغلي من الغضب".

واعتبر الجاسوس أن الإفراج عن الفلسطينيين يعتبر شتيمة رهيبة". وقال "بدلاً من ذلك، على نتنياهو أن يأخذ لائحة السجناء التي اقترحها الفلسطينيون فيقتل واحداً منهم كل يوم إلى أن يتم إطلاق سراح جلعاد من السجن، فلا يجب أن يحرر الإرهابيون – حسب زعمه - مهما كان الثمن".

والجدير بالذكر أن هذا الجاسوس شرع يلمع نفسه ، وظهر على سطح الأحداث اعتقادا منه أن بروزه وفتواه المتطرفة سيسرع بإطلاق سراحه مقابل تحرير القيادي عضو اللجنة المركزية لحركة فتح والعضو في المجلس التشريعي الفلسطيني( مروان البرغوثي).
والجدير ذكره أن فكره هذا الجاسوس بولارد تنسجم مع طبيعة تفكيره التوراتي الوثني، الذي استقاها منذ نعومة أظافرة والداعية إلى محو وإبادة العرب والفلسطينيين عن الوجود ، وتأتى تصريحاته التوراتية التلمودية تزامنا مع إصدار السنهدرين - وهو أعلى مجلس قضائي للحكم في شؤون اليهود الدينية والسياسية والقضائية - فتوى تبيح لليهود قتل كل السجناء الفلسطينيين إذا لم يعد غلعاد شاليط سالما ، أو إذا قُتل.
ووفق الفتوى يمكن للكيان الصهيوني، أن يأسر من يشاء من الوزراء والشخصيات البارزة ومما جاء في الفتوى :
إن الله يحرم أن تكون هناك هولوكوست آخر لليهود ، فيجب إغلاق ملف شاليط، حتى وإن كان الثمن حياته، ويجب اتخاذ إجراءات أخرى لتحريره باستهداف حياة القتلة الموجودين في سجوننا ووفق السنهدرين (( فإن إطلاق سراحه مقابل إطلاق سراح المجرمين، كما حدث في صفقة تننباوم وسمير قنطار حيث أُعيدت جثث مقابل أعداد كبيرة من القتلة ، يعد استسلاما،
وإن المحرضين على إنجاز الصفقة هم السياسيون والأكاديميون والإعلاميون وحركة السلام الآن، وممثلي العلاقات العامة ممن يتلقون الدعم المالي من الأعداء نظير خيانة وطنهم ،وبدلا من ذلك فإن السنهدرين يطالب بعملية عسكرية واسعة ثانية على غزة في عيد الحانوكاه يكون هدفها استئصال الفلسطينيين وكيانهم من على وجه الأرض ،إن السنهدرين واليمين المتطرف قررا اتخاذ خطوات لمواجهة صفقة الجندي وتجميد الاستيطان عشرة أشهر باعتبار الخطوتين خيانة وطنية تهدد وجود دولة اليهود مما يعرض الشعب اليهودي للخطر، لذا فإن الحاخامين يدعون الجمهور إلى البناء في الضفة الغربية والقدس ومرتفعات الجولان بدون انتظار قرارات حكومة الاستسلام
إن السنهدرين يقوم بتنظيم حياة الشعب اليهودي كوحدة واحدة بعيدا عن الحكومة الضعيفة، ويناشد السنهدرين اليهود بتكوين متطوعين لتحقيق هذا الغرض ) وهذا بالطبع أدي إلى تنظيم خلايا من المستوطنين تقوم الآن بعملية قتل ممنهج للفلسطينيين،
من هنا يجب أن ننطلق في دراسة ومعرفة الأصول العقائدية للفكر الإرهابي التوراتي، وحقيقة المنطلقات الأيديولوجية لقادة الإرهاب العالمي اليوم، من حيث وضعت فكرة "الإله الخاص ـ يهوه" وفكرة "شعب الله المختار" وفكرة "الأرض الموعودة" وفكرة "العودة إليها" وفكرة "النقاء العرقي" وفكرة "التفوق النوعي لليهودي"، وليس من حيث استعيرت المفاهيم والأفكار العلمانية والقومية والاشتراكية والليبرالية وغيرها التي يحاول أن يخدع بها اليهود "الأغيار، الجوييم" ويضللونهم بها عن حقيقة غاياتهم السياسية الدينية في السيطرة على العالم. وإنطلقت تلك المعتقدات منذ السبي البابلي الذي وضعت فيه تلك الأفكار ـ العقائد ـ التي تم تسخير اليهود لتحقيقها على مدي 2500 سنة، لأن هذه الأفكار لم تبتدعها الحركة اليهودية، ولم يبتدعها النصارى الصهاينة ليستغلوا اليهود لتحقيق المشروع الإحتلالي الصليبي ضد وطننا، ولكن اليهود هم الذين سخروا ولازالوا يسخرون النصارى جميعا، وخاصة البروتستانت منهم، لخدمة مشروعهم الخاص بهم وحدهم، وليس لخدمة المشروع النصراني اليهودي في أصله، لأن العقائد ـ الخرافات ـ التي يسعى النصارى الصهاينة لتحقيقها هي في الأصل خرافات يهودية توراتية وليست نصرانية غربية، لأن الإله الذي نسج على لسانه كتبة التوراة هذه الخرافات التي يؤمن بها النصارى البروتستنت هو إله خاص باليهود وحدهم، وهم "شعبه المختار"، وهو ليس إله كل البشر، أي أنه ليس عيسى عليه السلام الذي يؤمن به النصارى أنه الله أو ابن الله ..

أصول الإرهاب في التوراة :
بعد أن اتضحت حقيقة الديانة اليهودية الوثنية، وتبين أن الكتبة الفريسيين استعاروا معتقداتهم من الشعوب التي كانت تسكن في منطقة الهلال الخصيب، وأن معظم الروايات التي ذكرت في الأسفار القديمة على أنها صلب التاريخ اليهودي، ما هي إلا الأساطير البابلية القديمة حرفت بما يناسب الرواية الفريسية عن تاريخ اليهود مثل قصص التكوين، النمرود، الطوفان، برج بابل وغيرها، وأنهم أضفوا عليها صفة العقيدة الدينية، وادعوا أنها كلام الرب. سوف نعرض لأهم الأصول التي قامت عليها هذه العقيدة الوثنية، والتي كانت ولا زالت سببا في كل المذابح والمجازر والكوارث التي حلت بالأمم التي يعيش اليهود بين ظهرانيها وكان أول الأصول العقائدية التي اختارها الكتبة، هي: فكرة الإله "يهوه"، الذي جعلوا منه إلها خاصا بهم وحدهم من دون جميع شعوب العالم، وقد أصبغوا عليه مواصفات خاصة تتناسب والهدف والغاية التي يريدون. وقد كان حزقيال أول من أعطى للإله "يهوه" صفات الإلوهية التي ميزته عن جميع الآلهة الأخرى. وسيقوم هذا الإله "يهوه" باختيار "شعبه المختار" من بين الشعوب. فيصبح إلها عنصريا، قبليا، إقليميا. جاء في سفر ( تثنية الاشتراع 6/7): (لأنك شعب مقدس للرب إلهك وإياك اصطفى الرب إلهك أن تكون له أمة خاصة من جميع الأمم التي على الأرض). وهذا الرب سيقوم بواسطة شعبه المختار بتحطيم كل الآلهة الأخرى ويحكم الأرض (الرب رهيب عليهم فيستأصل جميع الآلهة وله يسجد الناس كل واحد من موضعه جميع جزائر الأمم). نبوءة صفينا 2/11.
ولم يكن "يهوه"، قبل "حزقيال"، سوى إله آخر من الآلهة القبلية "السامية"، لا يختلف عنها بشيء، مثله مثل (بعل ـ مردوخ) في بابل، و(ملكارت) في صور، و(آشور) إله الآشوريين. وقد أتى "حزقيال" فأضفى عليه صفات من الألهية لم تكن موجودة فيه. فأصبح "يهوه" إله يعلو البشر كلهم لحساب إسرائيل وهو إله خاص بهم وحدهم وليس إله الناس جميعا، وهو إله الحرب والانتقام ورب الجنود وبني إسرائيل شعبه المختار الذي من أجله سيفني جميع الأمم). وهو عدو الآلهة الآخرين، كما أن شعبه عدو للشعوب الأخرى، وهو إله قاس مدمر متعصب لشعبه لأنه ليس إله كل الشعوب.
و"يهوه" ليس بالمعصوم وكثيرا ما يقع في الخطأ. وقد وقف موسى منه موقف الناصح. إلى هذا المفهوم ترد كل صور الوحشية والقسوة في معاملة اليهود غير اليهود في الحرب والسلم، ومن هذه "العنصرية" ينطلق مفهوم "شعب الله المختار" المستعلي على كل الشعوب ووريث الرب إلههم في الأرض.
وهذا الإله "يهوه" إله حرب مقاتل باطش ومخطط محنك لا يستهين بأعدائه مهما قل عددهم، ويحسب لكل الأمور ألف حساب، فهو لا يؤمن بترك أيا من الأعداء مهما قل عددهم حيا (وإن لم تطردوا أهل الأرض من وجوهكم كان من تبقونه منهم كإبرة في عيونكم وكحربة في جنوبكم يضايقونكم في الأرض التي أنتم مقيمون بها "والتي أعطاكم إياها يهوه") العدد 33/55. كما أن إلههم إله محنك محب لشعبه وأمته، يحارب معه ويدعمه معنويا ، حيث يرسل هيبته أمامه ويرسل جنوده "الزنابير" ليطردوا سكان الأرض، وهو لا يطردهم دفعة واحدة في سنة واحدة حتى لا تفرغ الأرض وتكثر الوحوش على شعبه الرءوف به ولكن قليلا ويأمرهم بأن يطردوا كل الشعوب من أرضه بلا رحمة أو شفقة وبكل قسوة (وتفترس جميع الجوييم الذين يدفعهم إليك الرب إلهك فلا تشفق عيناك عليهم) تثنية 7/16.
وهذا مبرر ما يقوم به اليهود اليوم من مجازر وطرد لسكان البلاد الأصليين، واغتصاب أرضهم وإقامة مغتصباتهم عليها. والقائد المحارب الذي لا يملك سيطرة كافية على جنوده ليس قائدا ناجحا، وأرفع أنواع الهيبة والسيطرة الخوف والتهديد، فإن لم تتبع أوامره بالقتل والابسال (فيكون أني كما نويت أن أصنع بهم اصنع بكم) العدد 33/56. فلا عجب إذن إذا كان هم اليهود الإبادة الجماعية للجوييم ، فالخطر عليهم من إلههم كبير إن لم يفعلوا ذلك
علما أن إله اليهود لم يكن قبل المنفى (يتدخل في كثير أو قليل في حياة الشعوب الأخرى بعد أن تم الاستيطان الأول وقيام مملكة داوود. أما بعد المنفى فقد أصبح الإله يتدخل لا لحماية شعبه فحسب بل لإذلال وإخضاع شعوب العالم لشعبه المختار ولاستمرار استعبادهم له على مر العصور ... وهذا هو حصيلة حركة الإله من القومية إلى العنصرية..
وبناءا علي تلك التخرصات والخزعبلات الصهيونية ، كانت مواقف الجاسوس بولارد المشحونة من أفكار السنهدرين المرتكزة على أكاذيب توراتية تلمودية وثنية ، وليس من المستغرب في الفكر الوثني الصهيوني قضية قتل الأسرى ، ولنا في قتل اسري المصرين إبان حرب 1967 م والمتاجرة بأعضائهم ودمائهم مثال واضح ، والأمر ينسحب اليوم على قتل آلاف الأسري الفلسطينيين ببطء يومي , هذا عدا عن تسرب الأخبار الداعمة لفكرة متاجرة الصهاينة بأعضاء أسرانا البواسل - د- ناصر إسماعيل جربوع اليافاوي كاتب باحث ومؤرخ فلسطيني












التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صفقة الاتحاد الأوروبي مع لبنان..ما خلفياتها؟| المسائية


.. بايدن يشدد على إرساء -النظام- في مواجهة الاحتجاجات الجامعية




.. أمريكا.. طلاب يجتمعون أمام منزل رئيسة جامعة كولومبيا نعمت شف


.. الجيش الإسرائيلي: 12 عسكريا أصيبوا في قطاع غزة خلال الساعات




.. الخارجية الأمريكية: هناك مقترح على الطاولة وعلى حماس قبوله ل