الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سيدات محافظة واسط

محمد سعيد الصگار

2009 / 12 / 19
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


رغم كل ما تتداوله وسائل الإعلام عن الحضور النسائي‮ ‬في‮ ‬حومة السياسة العراقية،‮ ‬والإنجازات التي‮ ‬تحققت لها في‮ ‬مؤسسات المجتمع المدني‮ ‬،‮ ‬والكوتة التي‮ ‬ضمنت لها‮ ‬نسبة مرموقة هي‮ ‬من حقها المشروع؛ رغم ذلك،‮ ‬يبقى صوت المرأة العراقية دون ما‮ ‬يُنتظَر منها للصعود إلى مستوى ما تتيحه الحالة العراقية،‮ ‬وحاجة المرأة إليه‮.‬

فالإكتفاء بما سنّته القوانين،‮ ‬وضمنت ما‮ ‬يحق للمرأة العراقية من حقوق،‮ ‬لا‮ ‬يكفي‮ ‬ما لم‮ ‬يتواصل كفاحها من أجل التطبيق العملي‮ ‬لتلك الحقوق،‮ ‬ولا‮ ‬يكفي‮ ‬الإعتداد بما حصلت عليه‮ (‬قانوناً‮)‬،‮ ‬ما لم‮ ‬يتطابق عملياً‮ ‬مع الطموح المشروع للمرأة العراقية،‮ ‬والحضور فعلياً‮ ‬في‮ ‬عملية بناء الوطن،‮ ‬وإعادة النظر في‮ ‬الكثير من معوقات هذه العملية،‮ ‬واستثمار طبيعة المرأة في‮ ‬العطاء والتضحية،‮ ‬وهاجس الأمومة والعطف،‮ ‬والطاقة الهائلة في‮ ‬التحمل والصبر مما‮ ‬يجعلها أقوى وأكفأ من الرجال في‮ ‬معالجة المشاكل واستشرافها بحلول قد تغيب عن الرجال‮.‬

هذه فلسفة قد لا تصلح في‮ ‬كل وقت،‮ ‬ولكنها قائمة،‮ ‬ويحسن استخدامها في‮ ‬أيامنا‮.‬
لنأخذ مثلاً،‮ ‬موقف المرأة العراقية من قانون الأحوال المدنية الذي‮ ‬لا‮ ‬يجوز للمرأة العراقية التساهل فيه،‮ ‬مهما كانت المعوقات في‮ ‬تطبيقه،‮ ‬وتجييره لواقع الحال التحاصصي،‮ ‬فليس في‮ ‬صالح العراقية أن تساوم عليه،‮ ‬وتتنازل عن حقوقها فيه،‮ ‬والتخلي‮ ‬عن مكتسباته؛ وعليها أن تحشد كل القوى الوطنية،‮ ‬والأخص القوى الثقافية لتقف إلى جانبها في‮ ‬تثبيت تلك الحقوق والدفاع عنها‮. ‬ولست في‮ ‬شك في‮ ‬أن تلك القوى ستندفع إلى مؤازرتها،‮ ‬وتعزز مساعيها‮. ‬

ولكن واقع الحال‮ ‬يّغصح عن تقصير فادح في‮ ‬وعي‮ ‬المرأة لدورها الطليعي‮ ‬البنّاء وطاقاتها التي‮ ‬تؤهلها للنهوض بهذا الدور،‮ ‬وإلا لما انطلقت الدعوات العجيبة لتوظيف‮ (‬محرم‮) ‬لكل عضوة في‮ ‬مجلس محافظة واسط‮ ‬يقتحم مكتبها ويدخل‮ ‬غرفتها بحرية ويتقاضى على هذا‮ (‬الفضل‮ !) ‬راتباً‮ ‬شهرياً‮ ‬من المال العام‮.‬

تخصيص‮ (‬محرم‮) ‬لكل سيدة في‮ ‬موضع المسؤولية العامة‮ ‬يمسح كل ذلك الفرح الساذج بنسبة الـ‮ ‬25٪‮ ‬التي‮ ‬ظننا أنها بداية الإعتراف بدور المرأة العراقية ذات التاريخ العريق في‮ ‬المواقف الوطنية التقدمية التي‮ ‬فخرنا بها،‮ ‬وما نزال،‮ ‬ونطالبها بالتحرك بثقة وحكمة لتوكيدها والإستزادة منها،‮ ‬والوقوف بوجه الإرتداد إلى عهود الإستخفاف بكفاءة المرأة،‮ ‬واعتبارها‮ (‬جارية‮) ‬ناقصة القدرة على التحرك والإنتاج بدون هذا‮ (‬المحرم‮) ‬الدخيل على تربيتنا الوطنية؛ علماً‮ ‬أن كثيراً‮ ‬من الجواري‮ ‬كنّ‮ ‬ذوات وعي‮ ‬وكفاءة نادرة المثال‮.‬

لقد أتيحت لي‮ ‬الفرصة أثناء وجودي‮ ‬في‮ ‬العراق،‮ ‬في‮ ‬الصيف الماضي،‮ ‬أن أقف على نشاطات‮ (‬مركز تدريب وتطوير الأرامل‮)‬،‮ ‬فرأيت مساحة الطموح الواسعة في‮ ‬نشاط هذا المركز،‮ ‬وسعدت به،‮ ‬وذكّرني‮ ‬ذلك بالمساحة الواسعة المتاحة للمرأة العراقية للنهوض به في‮ ‬ميادين الإبداع،‮ ‬وابتكار مجالات العمل‮. ‬ولكنني،‮ ‬رغم ذلك،‮ ‬رأيت أن جذر التأسيس الضامن لمستقبل الوطن‮ ‬يكمن في‮ ‬توطيد الحالة التربوية،‮ ‬وتجديد مناهج التربية الحافلة الآن بمناهج عفى عليها الزمن،‮ ‬وتجاوزها واقع الحياة،‮ ‬ولابد من تغييرها لتناسب الحياة الجديدة،‮ ‬ وللمرأة أن تحضر اليوم في‮ ‬الكفاح من أجل تنقية هذه المناهج،‮ ‬وتأسيس منطق معاصر لحالة البناء التربوي‮ ‬المتردّي‮ ‬في‮ ‬بلادنا‮.‬

نريد تربية تحترم الأم والبنت،‮ ‬وتؤسس لمجتمع‮ ‬يكون فيه الجميع أحراراً‮ ‬في‮ ‬تطلعاتهم واختياراتهم لمستقبلهم،‮ ‬وأن تكفل لهم القوانين ذلك‮.‬

التربية قبل كل شيء؛ والتربية تنشأ في‮ ‬بيت الأمومة،‮ ‬وهي‮ ‬المهمة الأولي‮ ‬للمرأة العراقية؛ وعليها أن تدق على هذا الوتر الحساس ولا تغفله‮.‬

والعجيب أن الدعوات الكابحة لهذا التطلع المستقبلي‮ ‬للمرأة‮ ‬ينطلق من عدد من النساء أنفسهن،‮ ‬بانيات رؤيتهن على معايير ليست من هذا الزمان،‮ ‬ولا تبعث على الإعتزاز،‮ ‬ولا توحي‮ ‬باحترام كرامة المرأة‮.‬

تصوّروا أن وفداً‮ ‬نسائياً‮ ‬عراقياً‮ ‬يتألف من عشرين سيدة للمساهمة في‮ ‬مؤتمر عالمي‮ ‬للأمم المتحدة،‮ ‬مثلاً،‮ ‬تصوّروا واقع الحال‮:‬

عشرون نائبة تغادر على الدرجة الأولى،‮ ‬ومثلها عشرون محرماً‮.‬
عشرون نائبة‮ ‬يُحجز لها في‮ ‬فنادق الدرجة الأولى،‮ ‬ومعها عشرون محرماً‮.‬
عشرون نائبة‮ ‬يدخلن مطعم المنظمة الداعية،‮ ‬وإذا بالمنظمة تُفاجأ بأربعين شخصاً‮.‬
عشرون نائبة رسمية‮ ‬يجلسن على عشرين كرسياً‮ ‬معترفاً‮ ‬بها‮. ‬أين سيجلس السادة المحرمون؟
وهذه هي‮ ‬إحدى التحركات الإفتراضية التي‮ ‬تتبعها تحركات أخرى في‮ ‬مناسبات أخرى،‮ ‬وكلها ذات تكاليف باهظة جداً،‮ ‬وخارج رواتب السادة المحرمين،‮ ‬فما هو حجم الميزانية المخصصة لهذا الهدر المفتوح للمال العام؟ علماً‮ ‬أن بعض الوفود تبلغ‮ ‬العشرات‮.‬

هي‮ ‬صورة كاريكاتيرية بلا شك،‮ ‬ولكنها واقعية على أساس ما تدعو إليه سيدات واسط المحترمات اللائي‮ ‬لم‮ ‬يخطر ببالهن هذا الحساب البسيط الذي لا يفوت على تلميذ الإبتدائية.

لغيري‮ ‬أن‮ ‬يتوسع في‮ ‬هذه المفارقات،‮ ‬ويأتينا‮ ‬يالكثير مما‮ ‬يجرح الكرامة الوطنية،‮ ‬ويهبط بالمرأة ولا‮ ‬يرفع الرجل،‮ ‬ويعيدنا إلى عهد الجواري،‮ ‬ونحن في‮ ‬زمن تتسابق فيها نساء الدنيا لاحتلال أرقى المراكز الثقافية والسياسية،‮ ‬وقد أفلحنَ،‮ ‬ولنا بهن أسوة‮.‬








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ما اغرب هولاء النساء
nfsa ( 2009 / 12 / 21 - 01:36 )
شكرا للاستاذ محمد سعيد الصكار على هذه المقالة.فعلا أن ما طالبت به عضوات مجلس محافظة واسط شيء غريب جدا فقد اثبتوا فعلا انهن ناقصات عقل ودين وهم بهذا لايستحقون لدعوتهم لاي موتمر في الخارج وربما سيجدون لها فتوى بعدم حضور المحارم لان للضرورات احكام فهناك حل لاي مشكلة عند هولاء النوع من النساء و ربما يعتقدون بانهم وجدوا حلا للبطالة بهذه الطريقة المهينة لهم اولا قبل غيرهم ولكن لن تفيدهم كل هذه الاساليب مهما حاولوا فالنضال في سبيل تحرر المرأة من العبودية سيستمر وبخطى متسارعة وسيزيح كل من يقف بطريقه.

اخر الافلام

.. هل روجت منظمة العفو الدولية لارتداء الفتيات الصغيرات للحجاب؟


.. برنامج اليوم | حقوق المرأة المطلقة عربيا




.. مصر | معاناة مستمرة للمرأة المعيلة بعد الطلاق


.. إحدى الحاضرات منى الحركة




.. مسرحية حياة تروي قصص لبنانيات من مدينة بعلبك