الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-تجوال لعب بالعلب-: فنون الشارع وغياب تقاليد الفرجة

مايا جاموس

2009 / 12 / 22
الادب والفن


قدّمت فرقة ليزابوستروفيه الفرنسية عرضَين في دمشق بتاريخ 10-10-2009 في ساحة المسكية أمام الجامع الأموي، بدعوة من المركز الثقافي الفرنسي. وهي الجولة الثانية لها في العالم العربي بعد بيروت، وقبل عمّان.
يعتمد عرض (تجوال لعب بالعلب) على المتعة البصرية مما يُقدَّم من حركةٍ أساسُها ألعاب الخفة والإضحاك، كما يستند بشكل كبير إلى التفاعل الحي المباشر مع الجمهور، ويشركُه في العرض كأن يقوم أحدُ المؤدين بتوزيع الخبز على الحضور، أو يلبّس سترتَه لأحد الحاضرين ثم يستردها.
يتكون العرض من تسعة مشاهد لحالات متقاربة يقوم بعضها على فكرة التنافس الطفولي كما في مشهد الصناديق-العلب، ومشهد شرب القهوة ومشهد المكانس. والمشهد عموماً بسيط درامياً، تتكرر بعض حركاته. وهنالك نمطية مألوفة في الكوميديا الصامتة، إذ أكثر ما يذكّرُنا بعروض تشارلي شابلن، خاصةً في مشهد الملابس الملتصقة بالمؤدي، مع رشاقةٍ ومهارةٍ وأداءٍ حركيٍّ ملفت أحياناً كما في مشهد العلب.
ويكاد يكون مشهد الخبز أكثرَ المشاهد مسرحةً ودراميةً، من خلال تعامل الممثل مع قطعة الخبز.
الشخصيات في العرض متشابهة، عبيطة بسيطة تتسم بالغباءِ المضحك لكن المدروس، والارتباكِ الذي تشوبُه مهارة الأداء الذي يشبه الأداء الكرتوني أحياناً. وبالعموم ليس هنالك حبكة درامية في المشهد الواحد، ولا ترابط درامي بين المشاهد. والحالات المقدَّمة متقاربة، يربط فيما بينها عنصر الإضحاك والمرح والدعابة.
هذا العرض الذي ينتمي إلى فنون الشارع أو ما يسمى بالسيرك الحديث، اعتمد على أدوات بسيطة مثل العصا والمكنسة وفناجين القهوة وزجاجة الماء وقطعة الخبز وعلب وخشبات وسترة...

وكانت الفرقة قد قدمت لعرضِها في اللقاء الصحفي، بأنه عرضٌ للضحك ولا يريد أن يدخل في مسائل سياسية أو نقد أو اتهام من أي نوع كان لأي جهة كانت، وهم يعتقدون أن الناس بحاجة إلى الضحك، ولهذا يتعاملون مع أفكار بسيطة جداً من الحياة اليومية ويلفتون انتباه المشاهد إلى أنّ شيئاً ما يحدث.
ويقولون إنه ليس لديهم نص مكتوب بل خطة للعمل، ويقبل العرض الارتجالَ والمفاجأةَ كل مرة، وبالعموم فإن العرض هو حصيلة ما يقدمه كل شخص في الفرقة، من إضافة أفكار أو ارتجالات، ويستند كثيراً إلى تجارب وعروض سابقة شاهدتها الفرقة. قدِمَ مؤدّوه من مهن ومهارات متعددة مثل السيرك والمسرح والرقص.
و(تجوال لعب بالعلب) يُعرض منذ خمس سنوات، وعُرِض حتى الآن حوالي 250 مرة.
ولعل من الأشياء الجميلة في الفرقة هو عازف الأوكروديون الذي يعزف بشكل حيّ مرافقاً المؤدين، فمرةً يأخذ دور الممثل فيتدخل في العرض، وأحياناً يشبه دوره الراوي، ويكون دليل الجمهور ليلحقوه في حركته إن رغبوا بمتابعة العرض. والموسيقا التي قدمها وبعيداً عن جمالها وحميميتها (فالسات شعبية تراثية غالباً)، فقد لعبت دوراً درامياً في معظم المشاهد، إذ حضرت في الانفعالات والمفاجآت والتذكير، والتنبيه... وجاءت أحياناً منسجمة مع إيقاع حركة المؤدين، وتكررت أحياناً أخرى خاصة عند اقتراب نهاية المشهد، للدلالة على ذلك.
الملفت في عرض الشارع هذا هو الجمهور، الذي كان متشوقاً متحمساً متفاعلاً وفضولياً، يطلق بعض التعليقات المتحمسة، أو يحاول أن يقترح على المؤدي ما يساعده. الكثير من الحاضرين كانوا يصورون العرض بالهواتف النقالة بشكل ملفت ويتابعون العرض من خلال شاشات هواتفهم!! وهو جمهور متغير جزئياً، إذ إن جمهور المشهد الأول هو الأوسع، وفي كل مشهد يأتي ناس جدد ويغادر آخرون. وهو كما عروض الشارع عادةً جمهورٌ متنوعٌ للغاية، بين مارّةٍ من زوّارِ سوق الحميدية وسائحين وجمهور مسرح، وأطفال وشباب صغار وشباب كبار، جمهورٌ بالمحصلة العامة غير محدد المعالم بدقة. والمؤسف في الأمر هو التناقص التدريجي في عدد المتفرجات الإناث، وذلك بسبب المضايقات من "دفش" وارتطام، والتصاق وتحرُّش، وعدم احترام للصفوف الخلفية مما حال دون تمكنها من الرؤية، وعدم تجاوب من تبقّى من الجمهور (شباب تحت سن 18 بشكل أساسي)، مع طلبات القائمين على العمل لدرجة عدم إفساح مكان للمؤدين. وساهم في تلك الفوضى تنقُّل الفرقة من موقع إلى آخر تسع مرات ضمن ساحة المسكية، (برأيي دون مبرر درامي، إذ لم تُستثمر الفروقات بين المواقع، باستثناء مشهد شرب القهوة أمام المقهى في الساحة)، فهذا التنقل أساء بسبب الاضطرار إلى الركض والدفع لتحصيل مكان للفرجة واضطرار الصفوف الخلفية إلى الطلب بإلحاح من الصفوف الأمامية أن تجلس على الأرض وعدم تجاوب الثانية مع الطلب... وهذا يعود إلى الافتقاد إلى تقاليد فرجة وثقافة تلقٍّ لدى الجمهور. وبالنهاية فإن هذه التجربة مهمة، فمن جهة من أجل مشاهدة فن السيرك المعاصر، ومن جهة أخرى لمتابعة عرض شارع، وهو فنّ ليس له حضور فعليّ في سورية، ولعل الارتباك الذي حدث أثناء الفرجة قد يزول تدريجياً حين تكثر مثل هذا العروض وعروض أخرى تنتمي إلى فنون الشارع.
فرقة ليزابوستروفيه تضمّ كلاً من مارتن شفيتزكي (مؤسس الفرقة عام 1997)، يورغ مولر، جيل ريمي، جيف فوري، والموسيقي مارسيل درو.
جريدة شرفات








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض


.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب




.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع


.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة




.. فلاشلايت... ما الفرق بين المسرح والسينما والستاند أب؟