الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذا الله؟

ابراهيم هيبة

2009 / 12 / 23
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


نحن نؤمن بالله لأن الحياة ليست سعيدة؛ إذ لو كانت الحياة كلها ورودا وزهورا لأصبح الله كائنا من الدرجة الثانية أو الثالثة. ولكن لأننا نعيش في عالم يحتكره الحزن والغبن، سنكون دائما في حاجة ماسة إلى الكائن الأول. عندما يتخلى عنك الأقرباء والأصدقاء، وتجد نفسك في حالة من الهجران المطلق، ينبثق الله كحد أقصى لذلك الهجران وكمبرر للحوار؛ فحينما يبلغ منك الأرق مبلغا، بينما البشرية تغط في نوم عميق، بمن تستغيث سوى الله؟ إن الواحد منا لا يتحمل العزلة إلا عندما تكون في حدود المعقول، أما عندما تبلغ هذه العزلة مستويات جحيمية فإننا نتطلع تلقائيا بأعيننا إلى السماء بحثا عن من يؤازرنا.
عندما يخبو نور الحياة يصعد نجم الله. فلولا تمزقات الجسد وانهيارات الحب وعدم الرضا الذي يحيط بالكائن من كل جانب، لما كان للدين وجود ولغدا الله مجرد نظرية لا تشغل إلا عقول الفلاسفة . لا يظهر الله إلا في حياة مضطربة؛ والشخص الذي يتمتع بصحة جيدة ومزاج محايد لا يمكن أبدا أن يؤمن به؛ إنه صرخة يطلقها المرضى وأمل يتشبث به أولئك الذين ظلمتهم الحياة. قال لي، ذات مرة، رجل ثري حينما تغير النظام السياسي في بلده من نظام ليبرالي إلى نظام شيوعي:"عندما جردتني الدولة من كل ممتلكاتي اكتشفت الله." لا شيء يمكن أن نعلّق به على ما قاله هذا الرجل سوى القول بأن الله هو ذاك الشيء الوحيد الذي يتبقى لنا عندما نفقد كل شيء.
لا يمكن أن تؤمن بالله إلا إذا كانت تتوفر فيك الشروط التالية: أن تكون متفائلا، محبا للاستقرار، وتسلم بوجود شيء اسمه الحقيقة. أما إذا كنت متشائما وشكاكا، فانك لن ترى في الله إلا خطأ من أخطاء القلب البشري.










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - الله هو الباقي عز وجل
عبد الله بوفيم ( 2009 / 12 / 25 - 09:59 )
بعض ما قلت في مقالك- الله هو ذاك الشيء الوحيد الذي يتبقى لنا عندما نفقد كل شيء
صحيح ما قلت, وصحيح أن المرء عندما يكون مسرورا ينسى الله عز وجل, ولكن عندما يزول السرور, يتذكره من جديد ويدعوه في السر والعلن, وكذلك سيكون الأمر يوم ينتهي كل شيء, سيبقى الله عز وجل فردا صمد, ولن يكون للمأمورين بالعبادة من سبيل غير الجزاء بالجنة أو النار
القوة والمنعة, لا يحتاجها المرء إلا عندما يكون في حاجة إليها, وعدم احتياجه إليها لا يعني أنها كانت غائبة, ومنعدمة, بل كان هو وحده منشغلا عنها
المرء أحيانا لا يحتاج إخوته ولا يجد نفسه في أمس الحاجة إليهم إلا عندما يظلم أو يعتدى عليه, يومها يدرك قيمة الاخوة والآخوة, وعندما يكون في أمان ام وهناء, فانه لا يدرك قيمة الأخوة


2 - تعليق
محمد لفته محل ( 2011 / 12 / 8 - 11:23 )
هذه النظرية الاختزالية للرب غير صحيحة مطلقا، فالايمان بالرب لا يرتبط بالاساس بالعلاقة الشخصية بين الفرد والاله الا عند الفلاسفة، وانما الناس تعبد هذا الاله بالوراثة والعادة والتلقين، والايمان به والصلاة له جزء من الانتماء مع الجماعة وخضوع لايحائاتها وتأثيراتها، ولا يهم ان شكك او آمن هذا الفرد بالرب، يجب عليه ان يندمج مع الجماعة أما السعادة والحزن فتأثيرها على علاقة الانسان بالرب فهي الشكر له اذا كان سعيدا، والتوسل والالتزام والدعاء اذا كان في مشكلة دون ان تنقطع ابدا الصلاة، مع الشكر لصديقي الطموح.

اخر الافلام

.. العائلات المسيحية الأرثوذكسية في غزة تحيي عيد الفصح وسط أجوا


.. مسيحيو مصر يحتفلون بعيد القيامة في أجواء عائلية ودينية




.. نبض فرنسا: مسلمون يغادرون البلاد، ظاهرة عابرة أو واقع جديد؟


.. محاضر في الشؤؤون المسيحية: لا أحد يملك حصرية الفكرة




.. مؤسسة حياة كريمة تشارك الأقباط فرحتهم بعيد القيامة في الغربي