الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما دخل تركيا بتمتع الكورد في العراق بالتمتع بالحكم الذاتي

عوني الداوودي

2004 / 6 / 21
القضية الكردية


بقيت تركيا الكمالية تحارب وتحوك المؤامرات ضد الشعب الكوردي في العراق على مدى العقود الماضية من يوم تأسيس الدولة العراقية الحديثة عام 1921 إلى يومنا هذا، ووقفت حائلاً في فترات ومراحل عديدة في توصل قيادات الثورة الكوردية مع أنظمة الحكم المتعاقبة في العراق لاي صيغة حل لهذه القضية الملتهبة في العراق، ولم تتدخر تركيا وسعاً ولم تترك مناسبة منذ عام 1991 للتدخل في الشأن الكوردي ومحاولة تأليب الرأي العام العراقي والدولي والاقليمي ضد تطلعات الكورد المشروعة، لا سيما من خلال الأجتماعات الدورية لوزراء خارجية الدول التي تتقاسم كوردستان على مدى السنوات الماضية .
أن تركيا تعتبر الكورد من أخطر العناصر الفعالة لتهديد أمنها القومي المبني على نظرية تفوق العنصر التركي العنصري، ولهذا هي متخوفة ومرعوبة حتى من ذكر أسم الكورد فكانت تطلق عليهم " أتراك الجبال " . وقد أشرنا في مقالات سابقة على عجز السياسين والعسكريين الاتراك قراءة المتغيرات الحاصلة في المنطقة والعالم بعد أنهيار المعسكر الأشتراكي بقيادة الأتحاد السوفيتي، وكنت في قرارة نفسي دائماً أشفق وأرثي الحالة التي تعيشها تركيا في محاولتها المحمومة لأيقاف عجلة التاريخ .
فالعقلية العسكرية التركية هي وريثة السلطنة العثمانية الأستبدادية أضافة إلى مفاهيم أتاتورك العنصرية لم تتغير قيد أنملة فيما يتعلق بالقضية الكوردية سواء في كوردستان الشمالية " كوردستان تركيا " أو في باقي الأجزاء الأخرى . فما الذي حصل بأن تتنازل تركيا عن مفاهيمها الكمالية بين ليلة وضحاها وتبدي هذا الكرم الحاتمي، وتبادر بأرسال الوفود إلى كوردستان العراق والموافقة سراً بقبولها تمتع الكورد بالحكم الذاتي في العراق، وعلى الرغم من تحفظاتنا على هذه العبارة المتعلقة " بقبول تركيا بالحكم الذاتي !!! " لكنني أراها خطوة جيدة في إعادة الرشد إلى السياسيين والعسكريين الأتراك !!! ويجب تشجيعها ولو جاءت متأخرة جداً، سواء على الصعيد الداخلي بسماحها لبث برامج باللغة الكوردية في القناة الرسمية التركية أو بأطلاق سراح النواب الكورد ، ليلى زانا ورفاقها، مع العلم بأن النواب الكورد مكثوا ما يقارب العشرة سنوات في السجون التركية وضربت تركيا بعرض الحائط كل المناشدات والمبادرات من مختلف المنظمات الانساينة الاوربية وغيرها وطلب أكثر من برلمان أوربي بذلك، مع العلم بأنه لم يتبقى من مدة المحكومية سوى سنة واحدة .
لا اكشف سراً ولا آتي بشئ جديد، أن قلنا بأن كل ما أقدمت عليه تركيا لم يكن بدافع حسن نية أو تغيير في عقليتها الأتاتوركية بل هي فقط لأجل قبولها في النادي الأوربي الغني الذي تسيل لعاب تركيا لها للأنظمام
والالتصاق بالجسد الأوربي ولو ذيلاً .
فعلى الصعيد الكوردي العراقي ما الذي تستطيع فعله تركيا بعد تفاهم واتفاق العراقيين على مختلف مشاربهم بترتيب البيت العراقي ورفع الغبن الذي لحق بالشعب الكوردي وغيرهم، والتصديق على الفدرالية، وفتح صفحة جديدة من العلاقات بين مختلف أبناء الشعب العراقي، وبناء عراق ديمقراطي فدرالي تعددي موحد، أن موافقة تركيا من عدمه لا يقدم ولا يؤخر في شئ، وأذنا أردنا الدقة حقاً فتركيا هي المحتاجة فعلاً إلى بناء علاقات جيدة مع الكورد والحكومة العراقية المقبلة بالنظر للموارد المالية التي ستجنيها من وراء هذه العلاقة بحكم الطريق البري الذي يربط بين البلدين وأنبوب نفط جيهان الذي يمتد من كركوك إلى الموانئ التركية، علماً بأن هناك خيارات أخرى للعراقيين في هذا المجال أن أبدت تركيا مواقف غير مسؤولة في هذا الاتجاه ، وما المساعي التركية في شئ إلا من أجل الحفاظ على ماء الوجه . لم تتعلم تركيا أبداً من دروس التاريخ ولم تتعض، فبينما هي تلهث سراً لأرضاء الكورد العراقيين نراها في المقابل تصرح علناً بأن سياساتها لم تتغير أتجاه المطالب الكوردية كما طالعتنا وسائل الأعلام على لسان رئيس وزرائها طيب رجب أردوغان، فالمراقب للشأن التركي يقف في حيرة من أمره حقاً بين هذين الموقفين المتناقضين وهذه السياسة البالية التي كانت ديدن الإمبراطوريات الهرمة التي شاخت وولت إلى غير رجعة، وأن دلت هذه السياسة على شئ أنما يدل على المكابرة والنزعة العنصرية التفوقية التي لم تتحرر منه العقليات والنخب التركية بعد .
فإن أرادت تركيا حقاً أن تثبت حسن نيتها، وأنها رمت بالارث الكمالي الاتاتوركي إلى مزبلة التاريخ وأنها لن تعد صالحة لهذا العصر، عليها أولاً وقبل كل شئ أيجاد لغة للتفاهم مع العشرين مليون كوردي في كوردستان الشمالية " كوردستان تركيا " وأصدار عفو شامل عن السياسيين والوطنيين الكورد والبيشمركة والدخول فوراً معهم في مفاوضات للتوصل إلى حل مرض لجميع الأطراف ، والكف عن تحريض الولايات المتحدة الأمريكية لضرب بيشمركة حزب العمال الكوردستاني، وأعتبارهم مناضلين ثوريين دافعوا عن قضية مقدسة، وليسوا أرهابيين كما تحلو لها أطلاق ذلك .
وعلى الصعيد العراقي الكف عن تحريض منظمة ما يسمى بالجبهة القومية التركمانية ضد الكورد ومحاولة رمي العصي في العجلة، والكف عن أطلاق التصريحات النارية فيما يتعلق بمدينة كركوك الكوردستانية ..... ومن جانب آخر فتح الأجواء التركية أمام الملاحة الجوية التي تنطلق من كوردستان العراق لاسباب تجارية أو سياحية، وسحب قواتها المؤلفة من ألفين عسكري وستين دبابة من كوردستان العراق ، وسحب جنودها الخمسين من مختلف الرتب وضباط الارتباط من كركوك بحجة حماية القاعدة الجوية بتواطوء مع القوات الامريكية، ويعرف أهالي كركوك جيداً الدور الخبيث التي تلعبه هذه القوات في كركوك لدق الأسفين بين عناصرها المختلفة ، كما ولأثبات حسن النية أيضاً يجب عليها فوراً التوقف عن المضايقات التي تمارسها عناصر مخابراتها للمواطنين الكورد ذهاباً وأياباً على الحدود العراقية التركية " إبراهيم الخليل " والتفتيش ومصادرة الكتب والصور والجرائد ووصلت احياناً إلى مصادرة حتى الصور الشخصية وأشرطة الفديو وكاسيتات الاغاني والسي دي وغيرها من أمور تتناقض بشكل صارخ مع أدعاءاتها بالديمقراطية والتحظر. هناك استحقاقات كثيرة على الحكومة التركية تطبيقها كي تقبل حقاً في النادي الأوربي . والقضاء على الفساد الإداري والسرقات من قبل رجالات الدولة للمال العام وعدم تسويق مشاكلها وأزماتها الداخلية إلى دول الجوار، ومن ثم الجلوس على مائدة المفاوضات مع العراق وسوريا لتقسيم المياه وتوزيع الحصص العادلة حسب المواثيق الدولية .
وأن مجرد تصريح تركيا سراً أو علناً بقبول الحكم الذاتي الكوردي في العراق هو مهزلة بحد ذاته ونسف لكل أدعاءاتها الإعلامية في التحول الجدي نحو الديمقراطية الحقيقة وفتح صفحة جديدة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فلسطيني يصنع المنظفات يدويا لتلبية احتياجات سكان رفح والنازح


.. ??مراسلة الجزيرة: آلاف الإسرائيليين يتظاهرون أمام وزارة الدف




.. -لتضامنهم مع غزة-.. كتابة عبارات شكر لطلاب الجامعات الأميركي


.. برنامج الأغذية العالمي: الشاحنات التي تدخل غزة ليست كافية




.. كاميرا العربية ترصد نقل قوارب المهاجرين غير الشرعيين عبر الق