الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تساؤلات فتاة محجبة رغمآ عنها

نارت اسماعيل

2009 / 12 / 27
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات


نسرين طالبة سنة أولى في جامعة دمشق، من أسرة متوسطة، ارتدت الحجاب منذ سنتين بعد ضغوط من قبل أهلها ورفيقاتها وزميلات الحلقة الدينية التي كانت تذهب إليها والموجودة في عمارة قريبة من بيتها، في الحقيقة لم تحضر نسرين دروسآ كثيرة في هذه الحلقة، فبعد فترة بدأت تشعر بالملل والضيق من هذه الجماعة الكئيبة وبدأت تدريجيآ تبتعد عنهم لأنها بطبعها إنسانة مرحة مقبلة على الحياة تضحك لأقل الأسباب وتحب الملابس المبهجة، هذه الصفات غير متناسبة مع الصفات المطلوبة عند تلك الجماعات التي تدرب أفرادها على الجدية الزائدة وارتداء ملابس قاتمة شبه موحدة والزهد في الحياة.
صارت تتساءل : هل يحتاج المرء إلى هذه الدروس لكي يتعلم دينه؟ هل الدين صعب إلى هذه الدرجة ؟ ألا أستطيع تعلم ديني لوحدي؟ هل هو أصعب من دروس الفيزياء والكيمياء و الرياضيات؟ أنا متعلمة ومتفوقة في دراستي، إذن لماذا لا أتعلم تعاليم الدين لوحدي؟
هل يحتاج الخالق الى وسيط بيني و بينه؟ وما أدراني إذا كان هؤلاء الناس يعلموني الدين الصحيح؟
كانت كلما ذهبت الى أحد هذه الدروس خرجت مكتئبة خائفة غير واثقة من نفسها من كثرة الحديث عن عذاب القبر والجحيم والأهوال التي يلقاها الناس يوم القيامة، كانوا يشعرونها بأن الرب صعب الارضاء مهما فعل الإنسان
تتساءل نسرين: هل من المعقول أن يضع الرب الناس في النار ويتفنن بإحراقهم ؟ أليس هو الذي خلق الناس جميعآ، السيء منهم والجيد ؟
كانت في قرارة نفسها تدرك أن الرب لا بد أن يكون لطيفآ رائعآ يحب الناس ويساعدهم، ومقتنعة أن الله لن يضعها في النار لأنها ضحكت ضحكة بريئة في الشارع، أو لأنها ارتدت ملابس جميلة، أو حتى لو تخلفت في بعض المرات عن أداء الصلاة .
تتساءل أيضآ: هل معقول أن الله سيعاقبني لأنني دخلت إلى الحمام برجلي اليمنى بدلآ من اليسرى؟ أو لأنني تناولت الطعام بيدي اليسرى بدلآ من اليمنى؟
كيف سيتطور المجتمع إذا كان نصف طاقات الناس مهدورآ بمحاولة التصرف في كل لحظة بالشكل الصحيح بدون أية أخطاء؟
لم يتركوا لنا شيئآ لكي نكتشفه بأنفسنا، أعطونا كل الحلول، قتلوا الخيال والإبداع والتأمل والرغبة بالإكتشاف.
من أكثر المتع في الحياة هي تعلم الإنسان من أخطائه، هذه النقلات الصغيرة في حياة الإنسان هي التي تجعله يشعر بالتطور والنضج وعندما ينقل هذه الخبرات المكتسبة إلى أولاده على شكل نصائح، عندها سوف يشعر بأن له مكان ودور في هذه الحياة.
لماذا لا أستطيع اختيار ملابسي لوحدي؟ لماذا لا يضع أهلي ثقتهم في؟ أنا مجتهدة في دراستي وحققت لأبي حلمه بأن يرى أحد أبنائه في الجامعة وفي كلية محترمة
بالمقابل أخي الفاشل يستطيع أن يفعل ما يشاء ، لا يسألوه لماذا تأخرت؟ لماذا تلبس هذا؟ ومع من كنت تتحدث في الهاتف؟
مافائدة هذه الخرقة التي أضعها على رأسي؟ علمونا أنها لكي لانفتن الشباب
ولكن الشباب مفتونون بي حتى وأنا محجبة و يجدون أن الحجاب يزيدني جمالا، إذن ما الفائدة منه؟ هل هو هويتي ؟ يجب أن أحملها معي أينما ذهبت، هل هو سلاح أشهره بوجه الشباب؟ وكأنني أقول لهم : لا أحد يقترب مني، انتبهوا أنا محجبة، لا تتجاوزوا حدودكم.
لقد زرعوا فينا منذ صغرنا بأن الفتاة المحجبة فتاة شريفة
هل أصبح غير شريفة إذا نزعت الحجاب؟ هل صديقتي رشا غير شريفة لأنها غير محجبة؟ إنها أشرف فتاة عرفتها.
هل كل المحجبات شريفات؟ هل أصبح الشرف قماشه توضع على الرأس؟ هل تصبح الفتاة العاهرة شريفة اذا ارتدت الحجاب؟
أسئلة كثيرة تدور وتدور في رأسها.
زرعوا فينا أن الرجال ذئاب بشرية ليس لها هدف إلا افتراس الفتيات في الشوارع وأن الحجاب سوف يحمينا من تلك الذئاب.
لماذا لم يزرعوا فينا أن هؤلاء هم أخوتنا وأصدقاؤنا وأولاد بلدنا؟ لماذا لم يزرعوا فينا روح المحبة والصداقة الحقيقية والتآلف ما بين الناس؟ لماذا لم يزرعوا فينا أن نحب حتى من هم مختلفون عنا بآرائهم؟
لماذا لا أستطيع السماح لفادي زميلي في الكلية بالتحدث إلي؟ هو شاب لطيف خلوق، أشعر بنظراته تلاحقني وهو ينتظر أقل إشارة مني.
لماذا لا أستطيع الجلوس معه على مقعد في حديقة الجامعة لنتحدث عن دروسنا وزملائنا وأشياء أخرى؟
لماذا لايستطيع أن يهديني وردة؟
لماذا لا يستطيع الإتصال بي للسؤال عن برنامج الدراسة؟
لماذا لا أستطيع تلبية دعوة رشا لحفلة عيد ميلادها مثل بقية زملائنا في الكلية؟
بدأ أهلي يلمحون لتزويجي من خالد إبن خالتي ذلك الملتحي المعقد، كيف سأحتمل العيش معه ومع أمه المنقبة؟ سوف يتم تسليمي له لكي يكمل مابدأه أهلي، لن تكون هناك فترة راحة، لن يرتاح أهلي إلا إذا سلموا بضاعتهم إلى غيرهم، الفتاة بالنسبة لهم هم على القلب، إنها مثل القنبلة الموقوتة كل واحد يرميها على الآخر يريد أن يتخلص منها قبل أن تنفجر.
سوف يقوم خالد بواجبه على أكمل وجه، فقد تم تدريبه بشكل جيد، سوف يحصي علي أنفاسي ويراقب حركاتي وسكناتي.
يا ربي، كيف يمكنني أن أعيش حياتي كلها كسيرة القلب مهضومة الحقوق؟ مراقبة، متهمة طوال الوقت؟
لماذا خلقتني يا ربي؟ لماذا تجبرنا أن نعيش هذه الحياة الكئيبة؟ لماذا لا يكون لنا الإختيار أن نعيش أو لا نعيش؟
أريد أن أرتاح، تعبت من هذه الحياة. ولا أريد جنتك يا ربي، إنها مصممة لمتعة الرجال فقط وهي لا تغريني أبدآ.
لماذا لم تخلقني فراشة تعيش شهرآ أو شهرين ثم تموت، لا جنة ولا نار، لا أنكر ولا نكير؟

لماذا أنت مستيقظة؟ لماذا لم تنامي حتى الآن؟ يوقظها صوت أمها من أحلام يقظتها
دمعتان صغيرتان تنسابان على وسادتها قبل أن تستسلم للنوم

ملاحظة: المقال مقتبس بتصرف من رواية كتبتها منذ سنة ولم يتسنى لي نشرها










التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - حجاب العقل والضمير
متفرج ( 2009 / 12 / 27 - 19:33 )
معك كل الحق فى كل التساؤلات التى طرحتيها يا سيدتى....وسيتبقى حلاه مجتمعاتنا بنفس السوء طالما لم نصرخ ونناقش كل تساؤلاتنا بصوت مرتفع لتختفى خفافيش الظلام وننزع حجاب العقل والضمير ...ويتم التعامل مع المرأة علىكونها نصف المجتمع وشريكه وعضو اساسى فى جميع الاتجاهات بعيدا عن كل الافكار الوهابيه والانغلاقيه


2 - حجاب ونقاب
evelen ( 2009 / 12 / 27 - 20:42 )
كل مايشغل المسلمين الان هو ارتداء الحجاب او النقاب وايهما عادة ام عبادة واصبحوا يقيسوا عفة المراة ودرجتهابقدر تغطيتها لجسدها بل اصبحت المراة نفسها تدافع عن نقابها فحجاب العقل ولافكار الوهابيه والانغلاقيه تمكنت من عقل جميع افراد المجتمع-


3 - تحية
إبراهيم جركس ( 2009 / 12 / 27 - 20:52 )
تحية طيبة أخي نارت
مقالة رائعة بحق وجميلة
أثبت من خلال مكقالاتك الرائعة أنك كاتب وروائي من الطراز الممتاز
أرجو أن ترى روايتك النور حتى يتسنى لنا قرائتها والاطلاع عليها
أشكرك


4 - قمع المرأة لاينفع
أبو هزاع ( 2009 / 12 / 27 - 21:31 )
قمع المرأة لاينفع ولايقدم. التربية والتعليم الخاطئ هو أول المآسي...مع تحيتي


5 - ولكنها ليست رواية
ريم محمود ( 2009 / 12 / 27 - 22:48 )
هذه ليست رواية اخي العزيز !
انها حقائق نسمعها مئات المرات ان لم تكن بالالاف .
انها مأساة اجيال من الارواح البريئة ويقولون لنا
ان عادة الوأد جرمت وحرمت واصبحت من تأريخ الجاهلية !!
فماذا نسمي هذا الوأد المنظم ؟
احتفال سنوي , ام مهرجان ثقافي !!!
كل الذي جاء في هذه الصفحة الغراء هي
من اقتباسات حية لملايين من البراءة الطاهرة
المدنسة بجبروت جهل الطغاة وتعنتهم . .
ودمت لنا قلما وضاحا


6 - ردود
نارت ( 2009 / 12 / 27 - 23:03 )
الأخ متفرج أشكرك على مشاركتك وعلى تفكيرك المتنور العقلاني
الأخ أو الأخت ايفلين شكرآ على تعليقك نعم من المؤسف أن المرأة هي التي تدافع عن الحجاب والسبب برأيي عمليات غسيل الدماغ التي تتعرض لها منذ طفولتها
الأخوين والصديقين العزيزين ابراهيم جركس وأبو هزاع أشكركما جزيل الشكر على تشجيعكما المستمر وأفكاركما النيرة وبانتظار مقالاتكم الجميلة
تحياتي الصادقة للجميع


7 - كل عام وأنت بخير
Nana Ameen ( 2009 / 12 / 27 - 23:49 )
.عزيزتي نارت ابدعت في هذا المقال؛ قصة جميلة؛ واقعية ونسبة كبيرة حقيقية


8 - ردود جديدية
نارت اسماعيل ( 2009 / 12 / 28 - 07:21 )
الأخت ريم محمود أشكرك وأحييك على تعليقاتك القوية التي تكتبينها هنا وهناك والتي أتابعها
الأخت نانا أمين أشكرك على مرورك وتشجيعك تقبلي تحياتي الصادقة


9 - مقال يتحدث عن مأساة كل محجبة
ام محمد ( 2009 / 12 / 28 - 09:43 )
شكرًا لك سيد نارت على هذه القصة الحقيقية التي هي تشبه قصة أكثر فتيات عالمنا المتخلف ولديك اسلوب راق وجميل في عرض الفكرة
اشكرك والى المزيد


10 - الأخت أم محمد
نارت اسماعيل ( 2009 / 12 / 28 - 14:23 )
الأخت أم محمد والتي اكتشفت حقيقة داليا علي ونحن عنها بغافلين، تحية طيبة أنا ألاحظ أن نشاطك يزداد شيئآ فشيئآ وتعليقاتك في الحوار المتمدن تزداد عددآ وتألقآ
تقبلي تحياتي وشكري


11 - الشكر لك اخي نارت
ام محمد ( 2009 / 12 / 28 - 21:30 )
اتحياتي الصادقة لك وشكرك على ردك الراقي فعلا في الفترة الأخيرة ضاعفت الوقت المخصص لي لقراءة مقالات موقع الحوار وخصوصا مع زيادة عدد الكتاب المتميزين والذين يفتحون طريق النور للعقل حتى يهتدي في الظلام
شكرا لك وإلى المزيد


12 - أقلام خيرة
الحكيم البابلي ( 2009 / 12 / 29 - 03:54 )
العزيز نارت
ارجو المعذرة ... تأخرتُ في تقديم تعليقي
أنت واحد من الكتاب الذين أحرص على أن أقرأ لهم ، لأن الكتابة الأدبية وإسلوبها الرائع قليل في هذا الموقع بعد الغربلة
أحييك ، وأشكرك على الموضوع الذي يلقي الكثير من الأضواء على حياة البنات في الشرق الأوسط ومعاناتهن المريرة الصامتة أغلب الأحيان
تمنياتي لك وللعائلة بالمحبة والصحة والسعادة والأمان في السنة المطلة علينا بعد أيام
تحياتي


13 - أخي الحكيم البابلي
نارت اسماعيل ( 2009 / 12 / 29 - 07:10 )
أود أولآ تقديم تهنئتي لك ولأسرتك الكريمة بمناسبة عيد الميلاد ورأس السنة متمنيآ أن تقضي معهم ومع أصدقائك أجمل الأيام وأحلى اللحظات، كما أشكرك كثيرآ على مرورك المتواصل على مقالاتي وتشجيعك لي
تحياتي الصادقة

اخر الافلام

.. المشاركة دارين عزام


.. ديمة أبو اسماعيل إحدى المشاركات




.. ?ول مرة في السعودية.. عرض لم?بس السباحة النسائية في جزيرة أم


.. خطة عمل موسعة وتغيرات مهمة في مخرجات ختام مؤتمر المرأة السور




.. حرائر السويداء بعيداً عن الدم حراكنا سلمي