الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حينما راح جذع النخلة يئن لفراق النبي

حامد حمودي عباس

2009 / 12 / 30
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


وانا احمل اثقالي وأوزار اختياري لأن أكون من أمة تصر على الاحتفاظ باحزانها ، وحينما كنت ، ورغما عني ، أستمع الى صوت مذياع سيارة الاجره وهو يطلق على الركاب رصاصات صوت نشاز ، ليعلمهم كيف هو السلوك مع البقال والزوجة وسبل مضغ الطعام ، ويتفقه على راحته ، وهو الشيخ الجليل ، في صدم عقول العباد كما يشاء وكيف يشاء ، حتى أنني كدت اتقيأ مما رماني به ذلك الصوت حينما أصر على أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قد غير مجلس خطابته المعتاد من جذع نخلة الى منبر صنعه له احد الصحابة ، فما كان من ذلك الجذع الا وان أطلق أناته وبصوت مسموع مشفقا على نفسه من ترك الرسول له .. و لم يكن بد لي إلا الاشتراك في صرخة ( اللهم صلي على نبينا الكريم ) مع بقية الركاب خشية من ان يكون مصيري الى ما لا يقيني شر العواقب .

لقد ذكرني ذلك الصوت المتشنج ، بما رواه للحضور أحد الشيوخ في احدى مجالس العزاء الحسينية في العراق وهو يقول عبر مكبرات الصوت ، بأن الامام علي بن ابي طالب عندما هم بضرب خصمه مرحب في معركة الخندق ، صاح الجليل ياجبرئيل إقبض على يد الامام مخافة ان تبلغ الضربة قرن الثور فتميل الارض بسكانها .. وتذكرت كيف هب الناس وأجسادهم ترتجف ووجوههم تكسوها ملامح الرعب وهم يصرخون .. الله أكبر .

ما يحيرني فعلا هو أن ردود الفعل المضادة لكل منطلق فكري يراد من خلاله تشذيب الحياة العربية من بواعث التخلف ، تبدو وعلى الدوام جاهزة للانقضاض وبلا رحمه ، لتعبث بالارض وما عليها بحجة حماية ماء الوجه والحفاظ على الكرامه .. فما إن يتجرأ المرء على أن يسلك سبيل الاستفهام فقط عن ماهية أن يفرض عليه مفهوم يأخذه قسرا للقناعة بغير المعقول ، حتى ينبري له الغيارى على سمعة الامة ودينها وأعرافها وحرصهم عليها من الردى ، فيكيلون له شتى مظالم التجني والقذف الرخيص وكيل التهم جزافا وبلا ادنى حياء ولا رويه .. وإلا فما معنى أن يفرض علي مثلا أن أصدق حكاية أنين جذع النخلة وبصوت مسموع ، كون أن النبي الكريم قد غير مجلسه الى مجلس آخر أكثر راحة ؟ ! .. وما فائدة أن يفرض أحد المفوضين بالحديث باسم الدين على الناس ، حقائق تقول بان الارض ترتكز على قرن ثور وستميل بسكانها جراء ضربة الامام علي لخصمه مرحب ؟ ! .. ثم .. ما جدوى أساسا أن يسمح لهؤلاء من حملة الادمغة المستنسخة عن أسفل درجة من درجات الكائنات المتحركه ، بأن يقتحموا حياة غيرهم من البشر وممن هم اعلى منهم مكانة في سلم الخلق ، ليكرروا على مسامعهم ليل نهار بأن النملة لا زالت تتحدث وان الهدهد ما زال بمقدوره أن يحمل الرسائل ؟! .

لم تنتهي مظالمي مع صوت الشيخ في سيارة الاجرة عند هذا الحد ، بل كان قد حز رقبتي وهو يصرخ بكل ما لديه من قدرة على الزعيق .. ( اخي المؤمن .. اختي المؤمنه .. ارجوكم .. أتوسل اليكم .. بان لا تسلكوا سبيل الضلال وتحتفلوا باعياد العام الجديد ) .. وكان بودي ان أمد رقبتي في جهاز الراديو لامسك بخناق ذلك المدعي بالمعرفة لاستفهم منه عن سبب وجيه واحد لتحريم الاحتفال بنهاية عام وولادة عام آخر .. ما الضير في ان نخترق عنوة ركامات ما صنعناه لامتنا من أحزان لنفرح بعيد واحد فقط هو من صنع انفسنا ؟؟ .. لماذا لا نبتكر الاعياد مقابل ان نبتكر الاحزان ؟؟ .. الا يكفينا كل ذلك الكم المهول من العويل والحان المقابر وترانيم امهات اليتامى وحشرجة الاصوات المنطلقة من أعماق النفوس الجائعة لكل فرح حيث ضاع الفرح كله ؟؟ .. أين الحرام في ان نبتسم ونحب ونغني ونألف بعضنا بعضا في حدائق الارض ، بدلا من أن نهرول لنغازل اشباح الموتى في المقابر ؟؟ .. اليس في خلق الارض وما عليها من حياة حكمة كما يدعون ، وان ذلك لم يأتي عبثا بدليل ان الله لم يغفل ان يخلق الورد والندى وجمال الطبيعة وضفاف البحار وما فيها من مرجان ملون ليتحف بها الناظرين من خلقه ؟؟ .. أم أن ذلك كان للعرض فقط لا غير ؟؟

إنها مصيبة لا تقربها مصيبة تلك التي باتت تدك فينا ارواحنا في كل لحظه ، وعذابات لا تقربها عذابات تلك التي يسلطها علينا من أبيحت لهم وسائل الاعلام والمنابر العامة وحتى اسطح المنازل ، ليصرخوا فينا ليل نهار أن موتوا وانتم أحياء .. احفروا قبوركم واسلخوا جلودكم ودسوا رؤوسكم في تراب الارض ، لا تغنوا ولا تسفر نساؤكم ولا تسمعوا غير اصوات النحيب ، ولا تتحفكم غير الغربان السوداء ، تباكوا وتجهموا ولا تتحاوروا بغير انواع النكاح واصناف الطبيخ ، وليكن همكم الاعلى هو النبش في سير الماضين والتنكر لكل ماهو قادم ، إذ ليس من قادم الا بقدرة قدر محتوم لا يستحق التفكير وحتى التأمل .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - ألحسين لم يقتل بالسيف
عباس علي ( 2009 / 12 / 30 - 10:27 )
في أحدى مجالس العزاء - في موسم عاشوراء- سمعت بأذني ما لم أكن اصدقه من أصدق الناس لو كانت هذه الحكاية قد نقلت الي نقلا ... أرتفعت درجات الحماسة عن السيد القاريء ليقول : لقد كذبوا علينا وقالوا أن الحسين قد قتل بالسيف .... كلا وألف كلا فالحسين لم يقتل بالسيف وهل يجرأ أحد أن يستل سيفه بوجه الحسسسسين ... فالحسين لم يقتل بالسيف وأنما أنتل بالكهرباء .. ومنها جاءءءءءت كلمة كربلاء .... فكربلاء أصلها كهرباء


2 - مساء الخير
حازم ( 2009 / 12 / 30 - 12:23 )
كم اشفق على عقول تحجرت من ابناء جلدتي
اسلوب رائع لسرد الحقائق المؤسفة استمر اخي حامد - في انتظار المزيد من المشاعل على طريق التحرر - ويسعد مساكم


3 - عزيزى الكاتب
أبو لهب المصرى ( 2009 / 12 / 30 - 12:40 )
شكرا على مقالتك العظيمة
كل ما فيها جميل والأجمل عبارة :
-لماذا لا نبتكر الاعياد مقابل ان نبتكر الاحزان ؟؟-
فعلا يا استاذ حامد
نحن نتفنن فى صناعة الأحزان !!!
تحياتى
كل سنة وأنت طيب


4 - بسبب قتل الحسين
أبو صلاح ( 2009 / 12 / 30 - 13:05 )
يُقال أن جيش يزيد بن معاوية قد قتل الحسين و عائلته.
ألا لعنة على يزيد و على من قتل الحسين.
لقد تورطنا نحن ، و لحد الآن، بهذا المقتل. لو كان يزيد و جماعته قد تركوا الحسين على قيد الحياة لكنا اليوم فرحين بحياتنا. هذا الكلام يصح إذا كان المستفادون من مقتل الحسين لا يجدون مقتل شخص آخر يبكون عليه و يلطمون.
الحسين انچـتل و إحنه ابتليــــنه


5 - ايامكم سعيده
حامد حمودي عباس ( 2009 / 12 / 30 - 13:09 )
يسعد مساكم احبائي واخواني عباس علي ، حازم ، ، ابو لهب المصري .. ولنحتفل جميعا بقدوم العام الجديد ونحن نحمل أبهى مشاعر الفرح والحب والتمتع بجمال ما يتاح لنا من جمال .. مع خالص الود


6 - فقهاء السوء
عراقي ( 2009 / 12 / 30 - 14:14 )
كل عام وانت بخير , اسأل فقهاء السوء وعلى رأسهم القرضاوي : من صنع ملابسكم وفراشكم وسياراتكم و الفياغرا التي يحمد المسلم ربه ليلا ونهارا من اجلها؟ اليس الكفار؟ فلماذا تستخدمونها ياترى؟ ها نسيت , فرشاة الاسان التي تخترق فم المسلم والادوية التي تخترق بطنه وال ... الذي يغلف .... عندما ...... زوجته . احترامي


7 - دمتم سعداء
حامد حمودي عباس ( 2009 / 12 / 30 - 14:31 )
اخوتي الاعزاء ابو صلاح .. و عراقي .. لتمتد ايديكم بكل حب لتصافحوا العالم وانتم تحملون مشاعل الاحتفال بالعام الجديد ، ولتكن كل بقاع الارض هي الوطن ولتبقى الابتسامة على وجوه الجميع علامة من علامات السلام وتوفر العيش الكريم لابناء البشر .. دمتم سعداء

اخر الافلام

.. المحكمة العليا الإسرائيلية تبدأ النظر في تجنيد -اليهود المتش


.. الشرطة الإسرائيلية تعتدي على اليهود الحريديم بعد خروجهم في ت




.. 86-Ali-Imran


.. 87-Ali-Imran




.. 93-Ali-Imran