الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السير الى الوراء

ناظر عبد الحق

2009 / 12 / 31
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


السير الى الوراء
(قناة صفا مثلا)
وان كنت ممن لايحبذون إقحام أقلامهم في مناكفات وجدل أحسب إنه لن يؤدي إلا الى تكريس الخلاف وتوسيع شقة الاختلاف مع مايمثله ذلك من تجسيد مثالي للخواء الفكري والثقافي وهدر للوقت الذي نحن بأمس الحاجة اليه لمعالجة الازمات والمآزق التي يعانينها انساننا في الدول المتخلفة لاسيما تلك المتعلقة ببنيته الثقافية وآليات تفاعله ومعالجته للقضايا والظواهر التي تواجهه في محيطه وطبيعة قرآءته لتلك التي لايكون بتماس مباشر معها وكيفية التعاطي معها وفقا لتلك القراءة .
أعود فأقول رغم انني من بين هؤلاء الذين يفضلون ان يراقبوا – ولو باهتمام- لعبة قالوا وقلنا ودعوى امتلاك الحق المطلق لدى كل طرف دون ان يدور بخلدي طرفة عين ان اصفق لهذا الفريق او اصفّر لذاك , إلا أن الذي دفعني – وأكاد أقول دعّني – الى ذلك ماتعرضه بعض الفضائيات الاسلامية من برامج صيرّها التوظيف السياسي منابر تعتمد المعيار الكمي للسان ضيفها لا المعيار النوعي المعتمد على الاحاطة والفهم والتخطئة والتصويب العلميين بل ان القدح المعلى لدى هذه البرامج لللسان الكمي المتسم بكثرة الكلام وان كان غير ذي فائدة، وكثرة الادلة المساقة لاثبات المطلوب وان لم يكن لها صلة بالموضوع المطلوب اثباته، واستعراض الطبقات العالية للصوت وان كانت تزعج اسماع المتلقين، والافراط بالايماء وان كان دليلا على ضعف البيان – كما يقال- من اجل ان يتوهم المشاهد في نهاية البرامج ان ماقالوه هو الحق وان الاخر لانصيب له منه .
وقد سلك القائمين على تلك القنوات – سنية كانت أم شيعية – عندما خططوا لجر المتلقي المختلف الى ساحتهم واضافته كرقم الى قطيعهم طريقين احدهما تفكيك الركائز الاساسية للمذهب المخالف وهدمها وبالتالي فلن يجد الآخر المختلف من بد الا تغيير معتقده والوقوع في الشباك التي اعدت له مسبقا وبخاصة اذا اخذنا بنظر الاعتبار استحالة – او لااقل صعوبة- تغيير دينه برمته في ظل التلويح بسكين الردة المنتجة في الارض بعد انقطاع انتاج السماء بوفاة النبي (ص) ، والطريق الآخر هو إغرائه بملامسة المذهب المنافس لحقيقة الدين المحمدي الذي يمثل الوصول اليه غاية سامية للمسلمين بعدما عمي عليهم الطريق اليه كنتيجة طبيعية للتنافس السياسي والتناحر المذهبي اللذان يوظفان الاية او الرواية طبقا للمصلحة السياسية أو المذهبية وكذلك كثرة الوضع والكذب في الروايات والتزوير المتعمد وغير المتعمد الفاضح للتاريخ ، لكن هؤلاء – المعدون لهذه البرامج- غفلوا عن الغريزة الفطرية للكائنات الاجتماعية والتي يتربع الانسان في اعلى سلمها وهي ان الاحساس بالخطر يدفع المجموعة تلقائيا الى التكاتف والتلاحم والتمسك بشدة بوحدتها متجاوزة كل الخلافات والاختلافات الاخرى مهما كانت كبيرة والتي لن تصل الى الخوف من تهديد الوجود لاسيما وان الشيعة والسنة يشعرون ان هذه الدعوات والبرامج لاتهدد متعقداتهم ومذاهبهم فحسب بل تهدد وجودهم السياسي والاجتماعي والثقافي وكذلك فان هذه البرامج قد تحولت الى ورش لانتاج التطرف المذهبي والاقصاء الديني ويكفي كدليل على ذلك النظر الى شريط الرسائل القصيرة في هذه القنوات - قناة صفا المصرية مثلا - لترى مدى الخوف من جهة والتطرف والتعسف في اصدار الاحكام على الآخر من جهة اخرى والذى افضى الى نتائج عكسية تماما لما خططت له تلك القنوات فضلا عما نشاهده في مجتمعاتنا الاسلامية بشقيها السني والشيعي من تخندق وتخندق مقابل وتنامٍ في الكراهية وفقدان متبادل للثقة .
ولذا فان استمرار هذه القنوات على ذات الوتيرة والتوجه سيؤدي الى مزيد من تدعيم وحدة الطرف المراد تشتيته لتسهل استمالته اضافة الى صيرورتها مؤسسات لانتاج المتطرفين الذين يؤمنون بفكر قائم على تخطئة الاخر وتكفيره اياً كان مذهبه او دينه منطلقة من وهم احتكارها للحقيقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -السيد رئيسي قال أنه في حال استمرار الإبادة في غزة فإن على ا


.. 251-Al-Baqarah




.. 252-Al-Baqarah


.. 253-Al-Baqarah




.. 254-Al-Baqarah