الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق الحرية والسلام في العراق يمر عبر كردستان- القسم الثاني

خالد يونس خالد

2004 / 6 / 24
القضية الكردية


ماذا يمكن أن يحدث إذا تكرر السيناريو الإيراني في العراق وكردستان؟
عندما كان يعيش آية الله الخميني في منفاه بجنوب العراق بين كربلاء والنجف الأشرف في ظل حماية النظام العراقي المنهار، كان مثال الهدوء والسلام والوئام إلى درجة أن النظام العراقي البائد كان يتركه في صومعته الهادئة بينما كان صدام يحصد رؤوس رجال الدين الشيعة من المعارضين العراقيين . ولم يكن آية الله الخميني يتحرك ساكنا لأنه كان يفكر تفكيرا كان يتجاوز حدود العراق . كانت إيران همه الأول، لينطلق فيثأر من العراق بعد تصفية شاه إيران وتصفية الكرد واللليبراليين الإيرانيين تحت مظلة الديمقراطية الإيرانية.
عمت إيران الشاه في أوائل عام 1979 مظاهرات عارمة من قبل كافة القوى الإيرانية من فرس وكرد وأذربيجانيين وتركمان وبلوج وعرب وأرمن. وضغط النظام الشاهنشاهي آنذاك على النظام العراقي البائد بطرد آية الله الخميني من العراق، حيث كان يربط النظام الإيراني البائد علاقات جيدة مع نظام البعث العراقي طبقا لإتفاقية الجزائر لعام 1975 والتي بموجبها إنهارت الثورة الكردية بين 1961-1975 والتي كان يقودها الراحل البارزاني الأب مصطفى. طُرد آية الله الخميني من العراق إلى فرنسا، ومن هناك كان الخميني يصدر الأوامر بتنظيم المظاهرات وقرع طبول الحرب ضد الشاه محمد رضا بهلوي وسلطته الفردية. وكان الخميني يبعث بأشرطة مسجلة بصوته لتحريض الجماهير الإيرانية بكل طوائفها وإتجاهاتها السياسية لعزل الشاه وإسقاط نظامه. واستخدم الخميني أسلوب ناجع لجذب الجماهير إلى خيمته الدينية، وهو أسلوب الإقناع بأن الحرية قادمة وأن الشعوب الإيرانية ستعيش في أجواء ديمقراطية. كما وعد الخميني كافة الشعوب الإيرانية بحقها في التمتع بحقوقها. واتذكر جيدا وانا اسمع كاسيت من هذه الكاسيتات المسجلة وهي منظمة وموجهة بشكل مبرمج للتأثير الديماجوجي الفعال على الجماهير التي كانت ترزح تحت نير الإستبداد الشاهنشاهي. فوعد الخميني الشعب الكردي بحقه في الحرية والحقوق القومية كما وعد الليبراليين والراديكاليين العلمانيين بالمشاركة في السلطة الديمقراطية المرتقبة بعد سقوط الشاه. نعم وعدهم بحكم إيران ديمقراطي تعددي ، كما وعد الشعوب الإيرانية كلها بمجئ عهد التحرر بعيدا عن السلطوية الوحيدة الجانب. إستطاع الخميني بعقله الديني الوحيد الجانب أن يدفع العقول التي تفكر تفكيرا متعددة الجوانب أن تنخرط تحت لوائه الديني الشمولي. وكانت الجماهير تواقة للحرية والديمقراطية، ويبدو بأنها كانت تفكر بالخلاص من سلطة الشاه كخطوة أولى ، والمواجهة مع السلطة الدينية كخطوة ثانية. بينما كان الخميني يفكر بتنظيم الجماهير لإسقاط الشاه كخطوة أولى، ومواجهة الكرد واللبراليين والشيوعيين والراديكاليين في المراحل التالية. وكانت النتيجة أن إنتصر العقل الديني الذي إستخدم العنف لأنه عقل يريد إحتكار الحقيقة لنفسها، وتكفير الآخرين في حالة عصيانهم، تحت مظلة الديمقراطية.
كانت الخطوة الثانية لآية الله العظمى الخميني بعد نجاح ثورة الشعوب الإيرانية، وأكرر هنا بأنها كانت ثورة الشعوب الإيرانية التي ساهمت فيها الفرس والكرد والأذربيجانيين والبلوج والعرب الأرمن والتركمان ، وليست ثورة إسلامية كما يحلو للبعض أن يسموها ، فتْحْ الأبواب أمام كافة العناصر الإيرانية بالمشاركة في السلطة الجديدة لكشف أقنعتها لغرض تصفيتها لاحقا. وعد الخميني الشعب الكردي في كردستان الشرقية بحقوقهم القومية، وبدأت المفاوضات مع القيادات الكردية وخاصة الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني بزعامة عبد الرحمن قاسملو. واصبح قاسملو عضوا في لجنة الدستور الإيراني الجديد. وفسح الخميني المجال أمام الراديكاليين واللبراليين الإيرانيين، فانتُخب السيد بني صدر وهو من الليبراليين أول رئيس للجمهورية الإيرانية، وحصل على حوالي ثمانية ملايين صوت بدعم من الخميني شخصيا. كما أصبح السيد بازركان الراديكالي أول رئيس للوزراء ، وأصبح الليبرالي قطب زادة أول وزير للخارجية. وأعطى فرصة للقوى السياسية أن تتحرك وتزيح الستار عن جميع أسرارها في الوقت الذي كان النظام الجديد يعبأ القوة للمرحلة الثالثة بتصفية المعارضة والعلمانيين.

ضرب المعارضة الإيرانية والحركة التحررية الكردستانية بأسم الديمقراطية في إيران
بدأت الحرب العراقية الإيرانية بدخول القوات العراقية إيران وإحتلال عشرات الكيلومترات من الأراضي الإيرانية في 22 أيلول/سبتمبر عام 1980، وبهذه الحرب تمكن الخميني نسبيا أن يوحد كافة القوى الإيرانية خلف قيادته لمواجهة العدوان العراقي البعثي. ونجح إلى حد كبير في ذلك، ووقفت سوريا الدولة العربية الجارة للعراق إلى جانب إيران بإعتبار أن قادة سوريا من العلويين الشيعة، وهو مذهب أو مدرسة من المدارس الشيعية التي تلتقي مع المدرسة الإيرانية الإمامية الإثناعشرية، وإن كانت تختلف معها في الجزئيات.
أصبح آية الله الخميني رمز من رموز ثورة الشعوب الإيرانية. ونجح الخميني في خطته المحكمة التي تكمن إستراتيجيتها بتصفية كافة الأطراف تدريجيا طبقا لعقلية ستالين حين كان يقول بضرورة التعاون مع الفئة الرابعة لتصفية الثالثة، ومع الفئة الثانية لتصفية الرابعة فتنفرد لك الفئة الثانية لتصفيتها. فقام بضرب مجاهدي خلق، والعمل على تصفية أعوان رئيس الجمهورية بني صدر إلا أن طيارا إيرانيا نجح بإنقاذه وهربه بطائرته إلى فرنسا بعد أن قص الرجل شواربه ليموه سلطات الأمن، لأنه كان معروفا بشواربة الأنيقة. وتم تصفية رئيس الوزراء بازركان، وكذلك تصفية وزير الخارجية قطب زادة ، وضرب كافة القوى الراديكالية والليبرالية بحجة معاداتها للثورة. وتحولت ثورة الشعوب الإيرانية تدريجيا إلى حركة مذهبية شيعية.
جاءت المرحلة الرابعة وهي مرحلة ضرب الحركة التحررية الكردستانية في كردستان إيران. والمعروف أن االكرد في إيران مسلمون وينتمون للمذهب السني. وتشكلت محكمة خاصة ترأَسها آية الله الخلخالي، وأصدر أوامر بتكفير الكرد وإعدام المعارضين، وشملت الإعدامات عددا كبيرا من الأطفال دون سن البلوغ بسبب حملهم السلاح من اجل حقوقهم القومية والديمقراطية. وأصدرت القيادة الإيرانية الدينية في ظل الديمقراطية تحت العمامة خطة جديدة مفادها إعطاء الكرد حق الإختيار بين حَلين لا ثالث لهما. إما الحكم الذاتي وإما الإسلام. فإذا إختار الكرد الحكم الذاتي فذلك يعني أنهم خارجون عن الإسلام ويجب تصفيتهم. وإذا ما إختاروا الإسلام فذلك يعني أن الكل مسلم، ولا حقوق قومية وديمقراطية للكرد. طريقان إثنان للتصفية، الأولى جسدية والثانية فكريد . إنها الديمقراطية من طراز جديد ، ديمقراطية العمامة التي تبيع مروجوها صكوك الغفران إلى الجنة ، أو صكوك التكفير إلى النار . إنها ديمقراطية الإسلام السياسي المذهبي ، والإسلام برئ من الظلم والإستبداد والقهر .
الخطوة اللاحقة كانت ملاحقة المعارضين الكرد خارج إيران فقُتل السيد عبد الرحمن قاسملو زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني واحد أبرز المثقفين الكرد في الإشتراكية الدولية، في فينا عاصمة النمسا مع ثلاثة من رفاقه عام 1989 على أيدي المخابرات الإيرانية الدينية. كما قُتل خليفته الذي أُنتُخب سكرتيرا عاما للحزب الديمقراطي الكردستاني الإيراني السيد صادق شرف الدين كندي في برلين عام 1994، والحبل على الجرار. في هذه الأجواء إستمرت العملية الديمقراطية تحت العمامة، حيت الإنتخابات البرلمانية حسب الأصول، وإنتخاب رئيس الجمهورية في مسرحيات هزلية ، يُدلي الناخب بصوته حرا ، ومتى ماوضع بطاقة التصويت في الصندوق رجع عبدا كما قال المفكر الفرنسي (جان جاك روسو ) صاحب نظرية العقد الإجتماعي وأحد أبرز منظري الديمقراطية . فسمعنا ونسمع بأن السيد خاتمي مثلا شبه ليبرالي وأن فلان كذا وكذا ، والناس في كسل عقلي أو أن الناس لا يعلمون الحقيقة. بل أنهم يعلمون لكنهم لا يتكلمون .

مخاطر تكرار مأساة الكرد في العراق كما كانت في إيران بأسم الديمقراطية
كل متتبع للأحداث في إيران ، ومقارنتها بالأحداث التي تجري في العراق اليوم يفهم بجلاء بأن المستقبل الذي ينتظر العراقيين العلمانيين من سنة وشيعة والكرد في كردستان العراق قد لا يكون أفضل من المستقبل الذي نراه اليوم لأمثالهم في إيران بأسم الديمقراطية. فالديمقراطية كانت سلاحا ديماجوجيا إستخدمه أية الله الخميني وجماعته بأسم الدين والجنة والنار لتصفية المعارضين من بين الشعوب الأيرانية.
أية الله السيستاني والشيخ المراهق مقتدى الصدر يطبقان تكتيك أية الله الخميني وهو تكتيك تنظيم المظاهرات الجماهيرية ضد كل خطة لا تنسجم مع أفكارهما . إنها مظاهرات على غرار المظاهرات الخمينية في إيران . فأية الله السيستاني وافق على توقيع القوى الشيعية على قانون إدارة الدولة للمرحلة الإنتقالية في العراق في أذار 2004 ، ثم ما لبث أن تراجع هو وعبد العزيز الحكيم وعناصر شيعية أخرى لأنه يعطي ضمان للشعب الكردي بموجب المادة (61) برفض أي دستور قد لا يضمن للشعب الكردي حقوقه . والكرد ليسوا أغبياء لتجاهل هذه الخطوة الخطيرة التي هي بداية الحرب على الشعب الكردي بأسم الديمقراطية .
من جانب آخر نجد بأن مقتدى الصدر يصرح علنا بأنه ضد الفدرالية للعراق ، وأنه سيجعل ساقية الدم تسير في كردستان بعد إنسحاب القوات الأمريكية . فماذا هيأت القيادات الكردستانية النائمة في ظل هذه الأوضاع الخطيرة التي تنكشف خطوط المسرحية الديمقراطية فيما إذا سيطرت عقلية مذهبية وحيدة الجانب بغض النظر فيما إذا كانت سنة أو شيعة.
النقطة الأكثر خطورة هو إستعداد بعض القوى المذهبية بالتعاون مع عصابات البعث العراقي لضرب الشعب الكردي والمتحررين الليبراليين العراقيين واليساريين ، تماما كما حدث في إيران حين تعاونت القيادة الإيرانية مع كوريا الشمالية وإسرائيل بشراء السلاح لمقاومة الجيش العراقي الصدامي المعتدي. وقد كشفت الوثائق كيف أن قوى البعث العراقي إخترقت صفوف جيش المهدي أنصار مقتدى الصدر ، وأعلنوا الجهاد ، بالمفهوم الديماجوجي للكلمة ، لضرب العراق والشعب الكردي . وللتاريخ نقرأ معا الوثيقة التالية لنتأكد تعاون مقتدى الصدر مع الإرهابيين وأعداء الحرية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما مدى خشية تل أبيب من إصدار المحكمة قرار باعتقال نتنياهو وغ


.. الجزء الثاني - أخبار الصباح | الأمم المتحدة تعلق مساعداتها إ




.. أطفال فلسطينيون يطلقون صرخات جوع في ظل اشتداد المجاعة شمال ق


.. الأمم المتحدة: نحو نصف مليون من أهالي قطاع غزة يواجهون جوعا




.. شبح المجاعة.. نصف مليون شخص يعانون الجوع الكارثي | #غرفة_الأ