الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاديان والقوميات حافظت عليها البشريه .. ليس حبا بها بل كرها لغيرها !!

زيد ميشو

2010 / 1 / 3
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني


ثقيلة على السمع بعض الشيء تلك الكلمات ، إلا إننا لو أخذنا خطوات جادة للتفكير بها ومقارنتها مع الواقع المعاش ، وقراءة سريعة للتاريخ ، لتيقنّا بأنها صحيحة لنسبة معينة لاأعتقد بأنها ضئيلة .
يقول الموحدون بأن الله واحد ، وهو خالق الجميع دون إستثناء ، ومع ذلك فإننا نلاحظ بأن لكل مؤمن إسلوب لإيمانه . وإن كان الله واحد في نظرهم ، إلا إن هذا الواحد نسبّت له طرق مختلفة بالإيمان ، كلٌ حسب تعاليمه الدينية ، وتلك التعاليم نفسها خاضعة لتفاسير عدة ومختلفة ، وبحسب إجتهاد المرجع ، أو قد يكون المؤمن مرجع لنفسه . وفي كل دين يوجد مجموعة مذاهب تختلف تعاليمها وتفاسيرها من مذهب إلى آخر ، وتختلف كذلك الإجتهادات في المذهب الواحد ، والكلمة المشتركة لكل ذلك هو الإختلاف والإختلاف فقط .
والجميع في الدين الواحد مفترقين ، والأديان بالأساس مفترقة ، بل متناحرة ومتقاتلة وفي سباق دائم في لعبة جر الحبل ، والفائز هو من يسحب أكبر عدد لميدانه .
ولو قسمنا البشرية إلى 100 ، وقطّعنا المئة إلى ثلاثة أديان موحدة وبالتساوي ، وكل ثلث قسم إلى عشرة مذاهب ، لكانت النتيجة ، ثلث يلغي ثلثين ، وكل عشرة من الثلث تلغي التسعة والثلثين الأخرين ، والله في هذه اللعبة الدينية سينحاز الله إلى مايقارب الـ 3.3 من البشر والباقي سيداسون بأقدام ملائكته ، ويتبوّل عليهم الشياطين ، والكلمة التي تختصر هذا القسم هي التفرقة .
أتذكر عندما كنا صغاراً لم نكن نلعب لنلهو بل لننتصر ، ومن يخسر يحقد على الرابح ، ومن يربح يضحك على الخاسر ، فتثور براكين الغضب ومن ثم تتقاذف حمم الهجاء بدءً من تشبيه واحدهم للآخر بأنواع شتى من الحيوانات ، وصولاً إلى شتم الأهل والعشيرة ، وعند ذاك يأتي وقت ثورة الحجارة .
أما مع جيلي ، فكنا وبإندفاعنا وتهوّرنا نشمل كل من في السماء بكم هائل من المسبات التي لاحصر لها ولاحساب ، وهذه كانت واحدة من مفاخراتنا الكثيرة .
هذه كانت بداية التعنصر والتحزب ، لعبتي ولعبتك ، فريقي وفريقك ، لابل كنا نتشاجر أنا وصديقي وعد على عبد الحليم حافظ وفريد الأطرش ، فقد كنت من محبي عبد الحليم ، ولاأعرف إلى الآن هل كان إعجابي به نكايةً بوعد أم بنوعية الغناء وصوت المطرب ، وذلك عندما لم أتجاوز الثالثة عشر من عمري .
أما تشجيع فريق كرة قدم معين وذم الفرق الأخرى وبالقلم العريض ، فهذا كان من أهم اسباب الإقتتال الجماعي ، إنما لم تكن تتم تلك الحروب تحت راية دينية معينة كما في لبنان التي يتشاجر مشجعي الفرق كون أغلبية فرقهم خاضعه لطوائفها ، وكذلك لم يكن قتالنا لأسباب إحتقار شعب لشعب آخر كما في الأردن بين فريقي الفيصلي والوحدات ، فجمهور هذين الناديين يشتم إسم الفريق الآخر بقصد شتم دولتي الأردن ( الفيصلي ) وفلسطين ( الوحدات ) .
وإن أصبحت المعارك حامية الوطيس ، فسيبادر " الفزاعة " من أفواج التدخل السريع من الأخوة والأقرباء والمناصرين ، ويلوح في الأفق بوادر العداء والذي قد يصبح أبدي إن لم يكن أزلي ، وعندئذ ستكون المحصلة في القسم الثالث من المقال هو الحقد والكراهية والنتيجة شجار ومعارك .
نفس إسلوب اللعب هذا تحول فيما بعد إلى ديني ودينك ، وطائفتي وطائفتك ، وحزبي وحزبك ، إلا إنها لم تعد لعبة بريئة ، بل أصبحت قضية ، وأي قضية ؟ قضية فقد من أجلها الشفافية في التعامل ، وفقدت فيها حرية مجتمعات ، وهدرت دماءً طاهرة ، قضية من أجلها مورس الإضطهاد ، وزاد عدد المتسلطين وتضاعفت نسبة الجهل ، وأيضاً لاأعرف إلى الان هل محبة الشخص لدينه نتيجة قناعة أم خوف من ما يسميها بالعظائم والمقدسات ، أو قد تكون نكاية بالأديان الأخرى ، والله الواحد يتفرج من علياءه مستغرباً وحائراً بخليقته .
فهل الكلمات التي تدل على الإيمان والتي يكررها المؤمنون ، وتظهر في ملامح وجوههم علاماته ، وُلِد نتيجة قناعة ؟ إن كان الجواب نعم ، فأي قناعة تلك التي تسببت هذا الإختلاف وبالحقد والكراهية وتفاقم المشاكل لحد الحروب ؟ وبقتل أبرياء ؟ وتسببت بسلب الحقوق ؟ وحكمت على الآخر المختلف أقسى الأحكام ؟ وجرّم وحرّم البلايين ، وأخضعوا لمحاكم تعسفية ، وتحت ذريعة الدين وذريعة الله الذي نسّب له هذا الدين .
فإن كان ايمان السواد الأعظم من الدينيين نتيجة قناعة ، فهي قناعة واحدة لاغير ، قناعة الكره بأتباع الدين الآخر .
يقول صديقي باسل " الإنسان صادق في أنانيته فقط ، بينما الكلب أصدق منه في محبة غيره " . كلا أيها الصديق العزيز ، الإنسان صادق في حقده أيضاً ، وفي غرائزه التي يفقد السيطرة أمامها ، وفي حزنه بالخسارة التي تصيبه في لعبة يمارسها أو يشجعها ، وصادق في كرهه للفائز ، وفي ساديته على من يتمكن منهم ويقوى عليهم .
الإنسان صادق في كل ماهو غير إنساني ، فمتى سيكون صادقاً بإنسانيته ؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - إدارة الأنانيات
عبد القادر أنيس ( 2010 / 1 / 3 - 09:52 )
تقديري أن العيب لا يكمن في الأنانية بحد ذاتها، بل في الكيفية التي نتعامل بها مع أنانياتنا.
المجتمعات المتحضرة خاصة اللبرالية اهتدت إلى الديمقراطية في إدارة أنانياتها دون إقصاء. لا سبيل فيها لمحاربة التمايز الطبقي والديني والسياسي بالعنف بل سعت إلى إدارة هذه الاختلافات بطرق سلمية يحتكم فيها الخصوم إلى العقل وإلى العلم وإلى الشعب، مع احتفاظ الخاسر بحقه في الوجود وفي التطلع إلى تغيير الكفة لصالحه مستقبلا مستقبلا.
الأديان وكل الأديولوجيات التي تزعم لنفسها امتلاك الحقيقة وحدها مارست القمع لمنع المختلف من الوجود بله التعبير عن النفس متترسة بالحق الإلهي المزعوم.
التجربة الديمقراطية اللبرالية العلمانية وحدها إلى حد الآن تمكنت من وضع منظومة من الأفكار والقيم وأساليب الإدارة كفيلة بتسيير الأنانيات البشرية بطرق سلمية. لقد اهتدى الناس هناك إلى هذه الطرق الذكية بعد صراعات دامية غبية دامت مئات السنين. وعليه فالمطلوب ليس نفي أنانية الإنسان فهذا يبدو مستحيلا، بل المطلوب هو الاعتراف بها وتسييرها في ظل موازين قوى متكافئة.
تحياتي على معالجتك الهامة


2 - أعطي وأشعر بما تشاء
زيد ميشو ( 2010 / 1 / 3 - 22:29 )
الأستاذ عبد القادر
بالحقيقة هذه كانت المرة الأولى التي أقرأبها عن أهمية الأنانية وأقتنع
بالفعل ، تسخير الأنانية لما فيه صالح المجتمع أمر إيجابي ،
صدقني لاأعرف كيف أنهي ردي ، لكني أقول لك شكراً فمازلت أفكر بالذي كتبته


3 - الله والاديان
فارس اردوان ميشو ( 2010 / 1 / 3 - 23:06 )
الاخ العزيز زيد
ثلاثة من الاديان تقول عن نفسها انها سماوية اى ان مصدرها الله واحد عرشه في السماء وعند قراءة هذه الاديان بتمعن نجد ان كل دين يؤمن بالله مختلف عن الاخر
البشرية حافطت على الاديان لحاجتها اليها وعندما تنتفي الحاجة ستتركها
شكراً وتحياتي


4 - سلاح الأديان
زيد ميشو ( 2010 / 1 / 4 - 00:29 )

العزيز فارس أردوان ميشو
وأن جاء طرحي على شكل تعميم ، إلا إنني بالتأكيد لاأقصد ذلك
فقد تكلمت عن شريحة معينة ، وقد يكون هناك من هم بحاجة للأديان سيتركوها
متى ماأنتفت الحاجة لها ، وهناك أيضاً مؤمنين حقيقةً ، وإن كانوا قلة
وبكل الأحوال ، فبدل أن تكون الأديان مصدر تعايش أصبحت مصدر حروب
وبدل أن يتسلح المؤمنون بالحب ، تسلحوا بالبغض والحقد
و

اخر الافلام

.. مستوطنون يقتحمون المسجد الأقصى بحماية من قوات الاحتلال


.. لايوجد دين بلا أساطير




.. تفاصيل أكثر حول أعمال العنف التي اتسمت بالطائفية في قرية الف


.. سوناك يطالب بحماية الطلاب اليهود من الاحتجاجات المؤيدة للفلس




.. مستوطنون يقتحمون بلدة كفل حارس شمال سلفيت بالضفة الغربية