الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حركة -اللاعنف السياسي- الكوردية -1

جان كورد

2010 / 1 / 5
القضية الكردية


(1)

ظلّت الحركة السياسية الكوردية "السورية" على نهجها السلمي الديموقراطي منذ تأسيسها كأوّل حزب سياسي قومي للشعب الكوردي في سوريا في النصف الثاني من خمسينات القرن الماضي، والتزمت باللاعنف السياسي رغم كل السياسات الطائشة وأقول الدنيئة أيضاً، التي مورست بحقها وحق شعبها، ليس في ظلّ النظامين الناصري والبعثي العروبيين فحسب، وانما في الفترة القصيرة من الحياة الديموقراطية بين حكم النظامين المذكورين أيضاً، وأعني فترة "حكومة الانفصال"، فمشروع الاحصاء الاستثنائي، الذي جرّد به من حق المواطنة مئات الألوف من المواطنين الكورد السوريين دون غيرهم من أبناء الجزيرة، قد بدأ في عام 1962، حيث كان هناك برلمان "ديموقراطي!" في سوريا.
وإن اختيار نهج "اللاعنف السياسي" للحراك السياسي الوطني الكوردي لم يكن نتيجة ضعف وهزال، فالشعب الكوردي كان أقوى مما هو عليه الآن من عدة وجوه، وحركته السياسية كان موحّدة في بدايتها وكانت تتمتّع بدعم وتأييد مختلف فئات الشعب الكوردي، ولم يكن لأي نظام حاكم في البلاد شبكات عنكبوتية قوية بين الكورد كما هو الحال الآن، والظروف العامة في البلاد وحولها كانت تشجّع على اختيار نهج آخر، ولكن الحركة سارت، رغم المشاريع الخطيرة المطبّقة حيال شعبها ورغم حملات الاعتقالات الكبيرة والتعذيب الوحشي، على طريق "اللاعنف السياسي"، وتمسّكت به كمشروع لا انفكاك عنه، حتى صار معروفاً لدى القاصي والداني بأن الحراك الكوردي السوري سياسي سلمي حضاري، ولكن نعت أحزابه المنظّمة ب"الديموقراطية" لايتلاءم حقيقة مع واقع هذه التنظيمات مع الأسف، وفي ذلك اجحاف بحق الديموقراطية، فبقاء الأمناء العامين أجيالاً على رأس تنظيماتهم الحزبية التي لم تحقق أياً من أهدافها المعلنة يفضح "الديموقراطية الحزبية الكوردية" بشكل صارخ...إلاّ أن الاتجاه العام، والمناهج النظرية والمطالب السياسية، تصب كلها في طاحونة "الديموقراطية"، وهي في بعض مجالات ممارساتها أقرب إلى الديموقراطية من كثير من الأحزاب السورية الأخرى... ولذا نقول ببعض التحفّظ أنها حركة سياسية سلمية ديموقراطية.
ورغم كل الاختلافات الفكرية والسياسية والنزاعات الشخصية القوية بين الفصائل الكوردية المنشقة على بعضها ورموزها، فإن أحداً قبل ظهور حزب العمال الكوردستاني منذ ثمانينات القرن الماضي في سوريا لم يستخدم لهجة العنف ضد الآخر المعارض بين صفوف الحراك الكوردي السوري أبداً...كانت هناك خصومات عنيفة في التنظيم السياسي الكوردي السوري، ولكنه لم يقع أبداً في أخطاء فادحة كما وقع فيها الأخوة في جنوب كوردستان أو شمالها أو شرقها، وأعني خطأ بل "جريمة" الاقتتال الداخلي، الذي أضاع كثيراً من الفرص وأهدر أموال الشعب وأراق دماء شبابنا وأضّر بقضيتنا القومية العادلة، وأجبر بعض الفصائل الكبرى من حركتنا التحررية الوطنية لأن تضع رأسها تحت ابط الدول التي تقتسم وطننا وتضطّهد أمتنا...
بظهور حزب العمال الكوردستاني وتقديسه المطلق لشخصية زعيمه الأوحد، السيد عبد الله اوجلان، ورفضه أي نقد لسلوك تنظيماته، حدثت أفعال وارتكبت حوادث شنيعة في سائر المناطق الكوردية، قيل أنها كانت فردية، ولم يكن لهذا الحزب أي دور أو هدف من ارتكابها، ولكن الحقائق على الأرض تثبت بأن هذا الحزب أثار الذعر في صفوف المواطنين الكورد في حين تودد إلى الدوائر المجرمة للنظام، تلك التي كانت ولاتزال تهدد الوجود القومي الكوردي وتمارس الفساد في المنطقة الكوردية وتنشر الرعب، ومع الأسف فإن مؤيدي هذا الحزب ومناصريه لم يعترفوا إلى الآن بتلك الأخطاء والأفعال الشنيعة، التي لامجال للتطرّق إلى تفاصيلها اليوم، إلاّ أن من انفصلوا عنه وعن نهج زعيمه أوجلان قد تطرّقوا إلى ذلك مشكورين، ومنهم من دفع حياته ببسالة ثمناً لإظهار الحقيقة...
وأملنا كبير في أن لا يتأثّر المسار السلمي، الكوردي السوري، سلباً بما حدث في تلك الفترة القصيرة العمرمن تاريخ نضال حركتنا، وأن تستمر المسيرة السلمية لشعبنا المطالب بحقه القومي العادل ضمن وحدة البلاد السورية، رغم كل المحاولات المغرضة التي خدمت النظام وأضرّت بالشعب الكوردي آنذاك، والتي جرت وتمّت لاثارة البلبلة واختلاق ردود الأفعال ضمن الوسط السياسي الكوردي، بذرائع كوردستانية وثورية تم التخلّي عنها جميعاً باختطاف زعيم حزب العمال الكوردستاني في أواخر القرن الماضي، هذا الزعيم الذي تحوّل فجأة من صقر كوردستان المحارب إلى حمامة للسلام، فهاهي دعواته للتخلّي جهاراً عن "التنظيم السرّي المحظور" والمقصود به "منظومة المجتمع الكوردستاني" البديلة عن حزب العمال وللالتزام بالعمل السياسي الديموقراطي السلمي دعوات يومية صارخة...
هذا في داخل البلاد، أمّا في خارجها فقد كان الحراك الكوردي السوري سلمياً وديموقراطياً وهادفاً، ومتقيّداً بالقوانين المرعية بصدد الفعاليات والنشاطات الديموقراطية في بلدان العالم المختلفة، وذلك لأن الكورد يعتبرون أنفسهم ضيوفاً منتشرين على شكل جاليات عديدة في هذه البلدان ، مع أن جزءاً منهم قد صار مواطناً يتمتّع بكل حقوق المواطنة فيها، بل منهم من وُلِدَ في هذه البلدان، وتربّى فيها ودرس في مدارسها، فالكورد السوريون يحافظون في نضالهم السياسي على الود والقانون أينما كانوا، ولا يضرّون بسمعتهم كناشطين ديموقراطيين، مهما ظهرت أمامهم تحديات وعوائق، أمّا بعض الأخطاء المرتكبة في ظروف استثنائية معيّنة من قبل هذا أو ذاك من شبابنا فإنها لا تغيّر من حقيقة أن الحراك الكوردي السوري في العالم الخارجي يسير ضمن حدود القوانين ويتقيّد بشروط اللعبة الديموقراطية.
ولكن في الفترة الأخيرة تصدر أصوات ممن أضرّوا سابقاً بصورة الحركة الكوردية في أوروبا تدعو الناشطين الكورد السوريين إلى استخدام الأقنعة في مظاهراتهم، ويحاول هؤلاء تسويق دعوتهم هذه على أنها "الحل الوحيد" لمشاركات جماهيرية واسعة في النشاط العملي، وهم يعلمون جيداُ بأن هذا الأسلوب غير قانوني، وبخاصة في العالم الحر الديموقراطي، وأن مثل هذا التوجه يقود بعض الجهلة إلى ارتكاب حماقات غير محمودة العواقب أثناء المظاهرات، ويضّر بسمعة الكوردي الشهم الذي لا يخفي مطالبه وصراحة مواقفه ولا يحتاج إلى اخفاء وجهه لأنه لا يخجل من المطالبة بحقه...
لذا أحذّر الاخوة والأخوات من مسؤولي سائر التنظيمات الكوردية السورية وجمعياتنا المختلفة في خارج البلاد من الأخذ بهذا الرأي الذي لاندري من الطارح الحقيقي وراءه، وأن يشرحوا للكورد -أينما كانوا- خطورة هذا النهج المشكوك في أمره، الذي يبدو وكأنه دعوة صريحة لتخريب سمعة الكورد وتشويه صورتهم السياسية في العالم...وعلينا أن نتعلّم من أخطاء غيرنا ممن سبقوا إلى ممارسة سياسات خاطئة في الشارع الأوربي، فأضرّوا بقضيتهم وبأنفسهم ضرراً بليغاً...
أمّا بالنسبة إلى دعوات "الكفاح المسلّح في غرب كوردستان"، التي صدرت من قبل، وبخاصة منذ انتفاضة آذار المجيدة لعام 2004، والتي تصدر مجدداً، فآمل أن نتطرّق إليها في مقال آخر في القريب العاجل إن شاء الله.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ما آخر المواقف الإسرائيلية بشأن صفقة تبادل الأسرى؟


.. لغياب الأدلة.. الأمم المتحدة تغلق قضايا ضد موظفي أونروا




.. اعتقال حاخامات وناشطين في احتجاجات على حدود غزة


.. الأمم المتحدة: إزالة دمار الحرب في غزة يتطلب 14 سنة من العمل




.. السودان.. مدينة الفاشر بين فكي الصراع والمجاعة